السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لاهور آخر عواصم المغول.. عامرة بالمعابد الضخمة والأسواق والبساتين

لاهور آخر عواصم المغول.. عامرة بالمعابد الضخمة والأسواق والبساتين
26 يوليو 2014 20:00
تنقل أباطرة المغول بين عدة عواصم لدولتهم شملت دلهي وأجرا وفتح بور سيكري وشاه جهان أباد وكانت مدينة لاهور في البنجاب «باكستان حالياً» آخر مدن الهند التي دخلت قائمة العواصم المغولية في شبه القارة الهندية وذلك بعد أن اتخذ منها أورانكزيب «1658 - 1707م» حاضرة لدولته. ولاهور عاصمة إقليم البنجاب هي اليوم المدينة الثانية في دولة باكستان وتعتبر العاصمة الثقافية للبلاد، حيث تحتضن شركات الإنتاج السينمائي ويطبع بها 80 في المئة من الكتب في البلاد وهي بتعداد سكانها القريب من 10 ملايين نسمة تعد واحدة من أكثر مدن جنوب آسيا ازدحاماً. والمدينة في الأصل من المدن التي نشأت قبل دخول الإسلام لشبه القارة الهندية وتروي الأساطير التي يتناقلها سكانها شفويا أن مشيدها هو لافا أو لوه ابن راما وسيتا حسب أساطير الراميتان وقد ورد اسمها لأول مرة في كتاب حدود العالم «982م»، وقد ترجم هذا الكتاب إلى الانجليزية وطبع لأول مرة في العام 1927م ويشير مؤلف هذا الكتاب إلى لاهور باعتبارها شهر أي مدينة بالفارسية عامرة بالمعابد الضخمة والأسواق الكبيرة والبساتين وأنها زودت بسور من الطين لحماية مناطق الأسواق بها. عاصمة عصر الشاهات وكانت لاهور عاصمة لإقليم البنجاب خلال عصر الشاهات في القرن 11م وظلت تحتفظ بأهميتها تلك خلال حكم الغزنويين في القرن السادس الهجري «12م» وفي عهد الدولة الغورية «12 - 13م»، وفي عصر أباطرة المغول أيضاً، حيث بلغت ذروة نضجها المعماري والحضاري. بدأت لاهور في الازدهار عندما حاصرها محمود الغزنوي واستولى عليها بعد معركة عنيفة في العام 1021م وقد عين بها أميرا لإدارتها وهو مالك إياز أول الحكام المسلمين للمدينة وقد اهتم هذا الوالي التركي الأصل بتعمير المدينة وتجديد أسوارها وأضاف لعمرانها بعض المعالم الجديدة مثل البوابات الجديدة فضلا عن تشييده لقلعة لاهور خلال ثلاث سنوات «1037 - 1040م» على أنقاض القلعة القديمة ولمالك أياز مقبرة تشاهد بقايا إلى اليوم في منطقة رانج محل التجارية. أزهى عصورها بعد سقوط الدولة الغزنوية وقعت لاهور تحت سيطرة الأمراء الأتراك الذين حكموا سلطنة دلهي وشهدت أحد أزهى عصورها خلال حكم قطب الدين أيبك المملوكي حتى صارت تعرف باسم غزنه الهند وذلك بعد أن تحولت لمركز علمي وثقافي يجتمع فيه الشعراء والعلماء من كاشغر وبخارى وسمرقند والعراق وخراسان. وخلال عصر أباطرة المغول «1524 - 1752م» وصلت لاهور لأوج مجدها المعماري بفضل عمائرهم وحدائقهم التي عمروا بها المدينة حتى صارت تشتهر كحديقة للمغول. وقد بدأ الإمبراطور جهانكير سلسلة العمائر بالمدينة بتشييده لقلعة لاهور الضخمة والقائمة إلى اليوم وله أيضاً مقبرته الشهيرة التي دفن بها وإلى جواره زوجته الأثيرة نور جهان. واصل الإمبراطور شاه جهان الذي ولد بمدينة لاهور العناية بتلك المدينة فزاد في قلعتها بعض المباني وأنشأ حديقة شالامار أو شاليمار والتي تعد اليوم من أشهر المعالم السياحية في لاهور، وقد اتبع في تنظيمها طريقة بناء شاه باغ حديقة باب الشهيرة بالاعتماد على تقسيمها لأربعة مربعات مع إحاطتها بثلاث شرفات وينظر المستشرقون لمثل تلك الحدائق المغولية باعتبارها محاولة لتمثيل الجنة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم. مسجد باديشاه أما أورانكزيب الذي حول عاصمة الدولة المغولية إلى لاهور فقد شيد بها أضخم وأهم الآثار الإسلامية بها وهو مسجدها الجامع المعروف باسم جامع أو مسجد باديشاه ثم بوابة عالم كيري على مقربة من القلعة. وبعد أن ضعفت الدولة المغولية انحسر نفوذها عن لاهور في القرن 18م وتعرضت المدينة لغزوات متتالية تعاقبت معها عدة دول على حكمها ففي عام 1739م هاجمها القائد التركي نادر شاه حاكم دولة الإشاريين في إيران واحتلها ضمن ما احتله من مناطق شمال الهند بعد انتصاره على السلطان المغولي محمد شاه في معركة كارنال، ولكن قوات نادر شاه سرعان ما تعرضت لهزيمة عسكرية واضطرت للانسحاب من لاهور وبلوشستان في عام 1747م وسيطرت دولة دوراني التي أسسها أحمد شاه عبدلي في أفغانستان وبعد حروب متكررة مع ملوك المهراتا الهندوس سقطت لاهور في قبضتهم في عام 1758م. وخلال الفترة من 1820م إلى 1849م أصبحت لاهور عاصمة لدولة السيخ قبل أن تقع في قبضة البريطانيين الذين حاولوا تقليد المغول في العناية بعمارتها. مسجد وزير خان ومن أشهر معالم لاهور التي تعود لعصر أباطرة المغول وبالتحديد لفترة حكم شاه جهان مسجد وزير خان ويعتبره علماء الآثار بمثابة شامة على وجنات لاهور. وزير خان هو الحاكم الذي عينه شاه جهان لحكم البنجاب من عاصمته الإقليمية لاهور، وذلك بعد أن عمل لفترة طويلة كطبيب خاص للإمبراطور وقد عني هذا الوالي ببناء هذا المسجد الذي بدأ في تشييده العام 1634م وظلّت أعمال البناء جارية فيه إلى أن افتتح للصلاة بعد سبع سنوات في العام 1641م. يقع مسجد وزير خان داخل المدينة القديمة ويمكن الوصول إليه عبر بوابة دلهي في أسوارها القديمة وهو يمثل الطراز الهندي في المساجد، كما استقر في عهد شاه جهان فبعد الدخول من البوابة الرئيسية المعقودة يجد الزائر نفسه في صحن فسيح تتوسطه بركة ماء للوضوء وتحيط بهذا الصحن من ثلاث جهات ظلات للصلاة من رواق واحد معقود أما في جهة القبلة فهناك بيت الصلاة المؤلف من قاعة وسطى صغيرة مغطاة بقبة ولها مدخل مهيب على الصحن ينتهي إلى المحراب بينما هناك قاعتان فسيحتان للصلاة على جانبيها، وكما هو الحال في مسجد دلهي الجامع توجد مئذنتان بطرفي واجهة إيوانات القبلة وهما مشيدتان بالحجر والبدن فيهما مثمن الأضلاع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©