الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الفيسبوك» وحدود «التدخل» الروسي!

4 نوفمبر 2017 23:13
أظهرت نشرات إعلانية روسية على موقع «فيسبوك» أن الحملة الدعائية الروسية في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016 لم تكن تهدف إلى تفضيل دونالد ترامب على هيلاري كلينتون، بل ربما كان الهدف منها السخرية من أميركا واستفزازها، بحسب رأي بعض المنتقدين، وقد بدت تلك الحملة وكأنها مرآة أصابها كسر، ولكنها أيضاً كانت دقيقة للغاية في تصوير الأشياء بحيث تتطابق مع آخر التحليلات السياسية. وهذه الحقيقة الجديدة تتناقض مع توقعات سابقة لمجتمع المخابرات الأميركي، وقد ورد في بيان صادر عن دوائر المخابرات الأميركية نشر في شهر يناير الماضي: «توقعنا أن يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد وجه أمراً بالتأثير على الانتخابات الرئاسية لعام 2016 في الولايات المتحدة». وجاء في فقرة أخرى من البيان: «إن أهداف روسيا كانت تتركز على تقويض القناعات السائدة لدى عامة الناس بالعملية الديمقراطية التي تقودها الولايات المتحدة، وتشويه سمعة وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، والتشويش على قدراتها الانتخابية والرئاسية. وما لبثنا أن توصلنا إلى نتيجة تفيد بأن بوتين والحكومة الروسية كانا يفضلان فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب بشكل واضح». وفي أغلب الحالات، كانت الحملات الدعائية الروسية على موقع «فيسبوك» تستهدف هيلاري كلينتون قبل انطلاق الحملة الانتخابية، ولكنها تحولت للهجوم على ترامب بعد الانتخابات مباشرة، وكانت هذه الحملة الدعائية تستهدف المرشحَين معاً وعلى نحو متساوٍ. وجاء رد وكالات المخابرات الأميركية على هذا الطرح بالقول إنه ليس في وسعك التدخل في الانتخابات بعد أن يكون الناخبون قد أدلوا بأصواتهم، ولهذا السبب يمكن القول إن التحيّز الروسي ضد كلينتون قد صنع فارقاً في النتيجة. وحتى يومنا هذا، يعتقد أكفأ الخبراء الروس بالاستخدام السياسي لشبكة مواقع التواصل الاجتماعي، أن من المستحيل استخدامها لتغيير نتائج الانتخابات في بلد مثل أميركا، ثم إن الحملة الروسية لم تكن مرتبطة بتوقيت الانتخابات الأميركية لأنها حملة دائمة وستتواصل ما دام الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا قائماً. ووفقاً لهذا المعنى، فإن من الممكن القول إنه لا يوجد اختلاف بين تأثير روسيا على الحملة الانتخابية في أوكرانيا وتأثيرها على الحملة الرئاسية في أميركا. وقد كنت أكتب وأكرر لأكثر من عام لتأكيد أن هدف الكرملين في الانتخابات الأميركية ليس تفضيل أحد المرشحَين على الآخر. وعلى رغم أن بوتين لم يخفِ كرهه الشخصي لهيلاري كلينتون، فإنه لم يكن أيضاً في موقف يمكن أن يشعر عنده بالثقة المطلقة في ترامب، ولم أجد أحداً من ذوي الرتب العالية في روسيا يرى أن بوتين يمكن أن يفعل شيئاً كهذا، وربما كان الهدف الأساسي من الحملة الروسية هو توسيع شقة الخلافات القائمة بين الأميركيين وتقويض ثقتهم في مؤسساتهم السياسية والدستورية. ولكن، كيف يمكن أن يحدث هذا في بلد عظيم يمتلك أضخم الصناديق المالية وأفضل صحافة محترفة في العالم، بالإضافة إلى نظام من المؤسسات الدستورية التي يحلم بامتلاك نظير لها الكثير من دول العالم. أليس حريّاً ببلد كهذا أن يتجاهل حملات التشكيك؟ ولا تكمن المشكلة مع «فيسبوك» و«تويتر» في أن بوسعك أن تدفع ثمن الإعلان السياسي فيهما بعملة الروبل فقط، بل أيضاً في أن نسبة كبيرة من أصحاب الحسابات على الموقعين يسمون أنفسهم «مستخدمين»، ولكنهم في الحقيقة أشخاص افتراضيون لا وجود لهم على أرض الواقع. وقد اعتاد المشرعون في الولايات المتحدة تجاهل هذه القضية خوفاً من استثارة غضب الشركات التكنولوجية، ولا زالت بعض الأصوات تسمع حول هذه القضايا خلال جلسات الاستماع التي تنعقد حول الموضوع. ويمكن القول أيضاً إن مشكلة السياسة في أميركا أعمق بكثير، مما يظن مروّجو أخبار التدخل الروسي، فهي أمة منقسمة على نفسها بشكل كبير، وليست الحملات الدعائية الروسية هي التي خلقت هذه الانقسامات على رغم أن الروس شعروا بالسعادة عندما قرؤوا ما كتبته عنهم الصحافة الأميركية، وكيف استخدموهم في دعاياتهم الانتخابية، وحان الوقت أيضاً لتعمل الولايات المتحدة على تسخير مواردها الضخمة للقبض على الجواسيس، المفترضين، إن كانوا بالفعل قد تدخلوا في الانتخابات الرئاسية، أو شاركوا في مؤامرات ضدها. * محلل سياسي روسي مقيم في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©