أحمد النجار (دبي)
تتذكر اليمنية الدكتورة مناهل ثابت، أول عربية تنال لقب عبقرية العام ممثلة عن قارة آسيا عام 2013، موقفاً لا يزال حاضراً في ذهنها، عندما وجه إليها أحد المتنمرين في طفولتها عبارة «أنت لن تستطيعي عمل شيء»، معتبرة أن عبارته شكلت رافداً لحماسها وزاداً لإصرارها وقوة إرادتها، وحافزاً ملهماً دراستها في عالم الهندسة المالية والرياضيات الكمية، وتقول إن العبارة أشعلت بداخلها روح التحدي وجعلتها أكثر حماساً لتحقيق أحلامها والإيمان بأن الطموح فضاء رحب، وجبل بلا قمة.
تواضع الكبار
مناهل كانت طفلة توحد، وهي اليوم أذكى نساء العالم، وتفسر ذلك، قائلة: «التوحد أطياف وأنواع ويعد «الأسبرجرز» واحداً منها لكنه أسقط اليوم من قائمة التوحد ليعرف باضطراب «التحدي المجتمعي»، بمعنى أن الذين يعانونه يميلون للعزلة الاجتماعية، وهذا لا يؤثر في مستوى ذكاء الإنسان وقدراته العقلية، فالانعزال الاجتماعي مشكلة بحد ذاته، لأننا مجتمعات تفاعلية».
وتقول «لا أرى نفسي أذكى امرأة في العالم، رغم تصنيفي العالمي في هذا الخصوص، ليقيني أن الذكاء أكبر من أن يقاس، وليقيني أيضاً أن هناك نساء أذكى مني في هذه المعمورة، ربما لم نسمع عنهن، أو لم يتم اكتشافهن أو أن الإعلام لم ينصفهن بعد».
وتصف مناهل رحلة نجاحها في مجالات علمية نادرة وحصولها على ألقاب ومراتب عليا بأنها رحلة صعود إلى جبل دون قمة تعلوه أحجار كبيرة تستند عليها، لكنها تحذر من حبيبات الرمال الصغيرة التي قد تتزحلق عليها، موضحة أن «رحلة الصعود تدعم من هم الأهم بالنسبة لي ومن يُؤْمِنُونَ بي حتى وإن كانت عائلتي فقط، لكني لا أعير انتباهاً إلى صغائر الأمور ولا تهمني السلبيات».
ولا تملك مناهل وصفة معينة لبلوغ القمة، ولا فلسفة خاصة للنجاح، معتبرة أنها حققت طموحاتها وتطلعاتها من خلال قوة الإصرار وقبول التحدي لإثبات الذات. وتقول «زادي في رحلتي دعوات الوالدين ورضاهما، أما أكبر تحد واجهته في حياتها فهو الوقوف أمام المرآة وإقناع التي أمامي أن ما تفعله في حاجة إلى تطوير كل يوم».
وعن نصائحها للمرأة العربية لتصبح متميزة، تقول «على النساء أن يحددن مصادر القوة بداخلهن، وألا ينتظرن الدعم من أي أحد، ويبذلن الجهد والإخلاص في العمل، ويجب أن يدركن جيداً أن الأماني لا تؤخذ بالتمني بل بالاجتهاد والإتقان والمثابرة».
دعم النهوض
عما ينقص المرأة العربية من روافد للنهوض بمستقبلها، تقول مناهل: «لو طلب من أحدهم أن يسمي 10 من العالمات العربيات المسلمات في عصرنا الحالي فسيضطر لأن يبحث عن الإجابة في جوجل لساعات، وقد يعود بخفي حنين، لكن إذا سألته أن يسمي 10 مغنيات عربيّات، ففي أقل من 10 دقائق ستتدفق الأسماء بذاكرته»، فالمسألة تكمن في المنظومة الإعلامية التثقيفية، فالمرأة العربية بحاجة لقدوة تسهم الأجهزة الإعلامية بنشرها، ونشر ثقافة النموذج العلمي للنساء الرائدات في هذه المجالات ليكن هناك قدوة لفتيات المستقبل.
وحول نوع التحديات التي لا تزال تقف حجراً عثرة أمام طموحها، تقول «هي موجودة، وفِي كل مكان وزمان، وإن أعرناها اهتماماً أكثر من النظر إلى ما نصبوا إليه، فقد لا نصل إلى أي مكان أبداً».
وعن الكيفية التي تنظر بها للمستقبل، تقول «أخطط لمستقبلي بعقلانية وروية وموضوعية وأقضي يومي بجد واجتهاد، وأتمنى أن يطول يومي ليكون أكثر من 24 ساعة»، مضيفة «عندما أعجز عن إدارة الوقت، فإنني أتوجه لإدارة نفسي ومهامي بنظام التوازن في كل شيء فهو الحل السحري في نظري».
تقليد مرموق
حصلت الدكتورة مناهل ثابت على جائزة «امتياز حرية لندن»، التي تمنحها محكمة «التشامبرلين» في لندن، نظير مساهماتها العلمية، وذكائها الفريد، وهو تقليد سنوي قديم ومرموق منذ عام 1236، بحضور موري كريج مسؤول المحكمة البريطانية، وفريدريك ترومان مسؤول محافظي المراسيم ورئيس بلاط محكمة لندن، ومن ضمن المشاهير الذين منحوا الامتياز نفسه، ونستون تشرتشل، ومارجريت تاتشر، ونيلسون مانديلا، وبيل جيتس مؤسس شركة مايكروسوفت، والأميرة ديانا والممثل الأميركي الشهير مورجان فريمان.
ملحمة فكرية في «غينيس»
سجلت الدكتورة مناهل ثابت اسمها في موسوعة «غينيس» العالمية، محققة رقماً قياسياً، حيث تمكنت المدربة الدولية، بالتعاون مع منظمة «جيفتد أكاديمي»، التي تعد مناهل نائبة لمجلس إدارتها، من تعليم 1380 طالبة على رسم الخرائط الذهنية في زمن قياسي قدره نصف ساعة، من خلال محاضرة علمية ألقتها عام 2015، واستمرت المحاضرة ساعتين، إلا أنها احتاجت ساعة ونصف للتحقق من صحة ودقة تلك الخرائط، أي أنها استغرقت 4 ثوانٍ فقط لكل خريطة، وهذا يعد زمناً قياسياً سجل في جامعة دار الحكمة بالسعودية.
عدد اليوم
