فريد وير
موسكو
يوم الاثنين قبل الماضي، قال بوتين إن المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي «إدوارد سنودن» مرحب بإقامته في روسيا، بشرط أن يتوقف عن تسريب طوفان المعلومات التي تسبب ضرراً بالغاً بعلاقة روسيا مع دول مثل الصين، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة.
وأضاف بوتين مشيراً لـ«سنودن»:«إذا أراد أن يذهب لمكان أو بلد آخر يقبله فبمقدوره ذلك، وإذا كان يريد أن يبقى هنا فلا مانع من ذلك، ولكن يوجد هناك شرط واحد من جانبنا، وهو أنه يتوجب عليه إيقاف محاولاته الرامية للإضرار بشركائنا في الولايات المتحدة- وأنا أقول هذا الكلام بصرف النظر عن أن البعض قد يستغربون صدوره منى أنا شخصياً».
وقد جاءت تلك الملاحظات من الرئيس الروسي، وسط تكهنات عديدة بأن «سنودن»، الذي ظل محتجزاً في منطقة الترانزيت في مطار «شيريميتيفو» لفترة زادت عن أسبوع، قد تقدم بالفعل بطلب للحصول على اللجوء السياسي في روسيا.
وطبقاً لصحيفة «لوس أنجلوس تايمز»، فإن «سنودن» تقابل مع مسؤولي وزارة الخارجية الروسية صباح الاثنين قبل الماضي وسلمهم قائمة بـ15 دولة سيكون راغباً في اللجوء إليها إذا لم تقبل روسيا طلبه باللجوء السياسي إليها.
وذكرت «لوس أنجلوس تايمز»، أن مسؤولاً في الخارجية الروسية، رفض الإفصاح عن هويته قد علق على طلب «سنودن» بقوله:«لقد كان ذلك اجراء يائساً من جانبه بعد أن تبرأت الإكوادور من الوثائق التي تقدم بها لتوفير حماية له».
وأضاف المسؤول لما سبق قوله:«في تلك الوثائق أكد «سنودن» مرة أخرى أنه ليس خائناً، وفسر الأعمال التي قام بها بأنها نابعة عن رغبة في تفتيح عيون العالم على الانتهاكات الصارخة، التي ترتكبها الوكالات السرية الأميركية، ليس فقط ضد المواطن الأميركي وإنما أيضاً ضد مواطني الاتحاد الأوروبي وحلفائهم في الناتو».
وعلى الرغم من أن السلطات الروسية لم تفصح عن أسماء الدول التي قال «سنودن» إنه يرغب في اللجوء إليها، إلا أن صحيفة نيويورك تايمز نقلت عن مسؤول لم تذكر اسمه يعمل في مصلحة الهجرة الروسية قوله إن سنودن قد تقدم رسمياً بطلب للحصول على اللجوء السياسي في روسيا مساء الأحد قبل الماضي، وأكدت وكالات أنباء عالمية أخرى هذا النبأ.
ولكن وكالة الأنباء الروسية الرسمية «رايا- نوفوستي» أنكرت النبأ، وقالت على لسان مسؤول في الهجرة لم تفصح عن هويته «الأنباء المتعلقة بقيام «سنودن» بطلب اللجوء السياسي لروسيا غير صحيحة».
مع ذلك اتبعت الوكالة ذلك التقرير الذي نفت فيه تقدم «سنودن» بطلب للجوء السياسي، بتقرير آخر يحمل في طياته إشارات مختلطة.
وجاءت تعليقات بوتين وسط كل ذلك القدر من عدم اليقين، دون أن تحمل في طياتها سوى القليل جداً من التوضيحات الإضافية. من ذلك على سبيل المثال ما قاله بوتين «إن روسيا لا تسلم أبداً أي شخص، لأي جهة ولا تخطط لذلك».
كان هذا من ضمن ما قاله بوتين في تصريحه الذي كرر فيه إدعاءه السابق بأن أجهزة الاستخبارات الروسية لا تعمل مع المتعهد السابق في وكالة الأمن الأميركية، على عكس كل الإشاعات التي تلمح إلى عكس ذلك.
وأضاف بوتين في تصريحه «إذا كان- سنودن- ينظر إلى نفسه كناشط لحقوق الإنسان ومقاتل من أجل الحرية يسعى للحصول على حقوق الأفراد، فمعنى ذلك أنه لا ينوي التوقف عما يقوم به، ولذلك يتعين عليه أن يختار لنفسه دولة ينتقل إليها... أما السؤال الخاص بمتى يحدث ذلـك، فأنا لا أعرف الإجابة عنه، لسوء الحظ».
يشار إلى أن عدداً من الشخصيات الروسية البارزة قد ناشدت الكريملن قبول لجوء «سنودن» لأسباب إنسانية، ولأنه قام بما لم يكن من الممكن أن يقوم به شخص واحد وهو تمزيق القناع الذي كانت الولايات المتحدة تضعه على وجهها كدولة ديمقراطية وحرة لا يرقى إليها أي شك، وهو ادعاء كان يجده الكثير من الروس مثيراً للسأم والغيظ.
وعلى الرغم من أن شبكة التلفزة الإخبارية التابعة للكريملن والناطقة باللغة الإنجليزية «آرتي« لديها علاقات وثيقة مع «جوليان أسانج» مؤسس «ويكيليكس»، الذي أجرى عدة لقاءات مع المحطة العام الماضي.
إلا أنـه يبـدو من غير المرجـح، مع ذلك، أن تهتم روسيا، وهي دولـة مغلقـة ذات نظـام أمني صارم ولديها برنامج تجسس محلي ضخم على شعبها، باحتضان قضية «سنودن» الخاصة بالشفافية العالمية الكاملة علناً.
ومن هنا، فإن شرط بوتين الذي ينص على أن «سنودن» يجب أن يعمل على إيقاف تسريب المزيد من المعلومات، إذا أراد أن يحصل على اللجوء في روسيا، قد يكون -في جوهـره- أكثر مـن تعاطـف عضــو سابـق فـي جهاز الاستخبارات السوفيتية القديم (كي. جي. بي)، وهو بوتين نفسه- مع وكالة الأمن القومي الأميركي.
الاحتمال الأكبر أن بوتين عندما وضع ذلك الشرط كان يضع التداعيات المحلية التي يمكن أن تترتب على إقدامه على القبول باحتضان شخص مثل «سنودن» من قبل روسيا نصب عينيه.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة
«كريستيان ساينس مونيتور»
عدد اليوم
