السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المشهد المصري... الرابحون والخاسرون

المشهد المصري... الرابحون والخاسرون
9 يوليو 2013 22:28
آرون ديفيد ميلر نائب رئيس «المبادرة الجديدة» وباحث بمركز وودرو ويلسون الدولي تطرح التطورات الأخيرة في مصر سؤالاً مهماً هو: من الفائز ومن الخاسر؟ مصر البلد يمثل قصة تتوالى فصولها منذ خمسة آلاف عام ولذلك قد يكون من المبكر للغاية تقديم تنبؤات محددة في اللحظة الراهنة. ولكن دعونا نقول إنه لا يوجد في مصر الآن فائزون صريحون. ولكن هناك أطرافا أدت بشكل أفضل من الأطراف الأخرى يمكن لنا أن نطلق عليها «فائزون مع التحفظ» أما الخاسرون فمن السهل التعرف عليهم. الفائزون مع التحفظ: المجلس الأعلى للقوات المسلحة، دعونا هنا ننسب الفضل لأهله. فوسط خلل الأداء وانعدام الكفاءة اللذين يبدو أنهما يسودان المنطقة، أثبت الجيش المصري أنه يعرف حقاً كيف يقوم بتغيير سريع، وخال من الدماء نسبياً، وبمتابعة قوية، وصارمة، وفعالة بشكل واضح. رد «الإخوان» على ذلك بتظاهرات شوارع ضخمة تحولت إلى عنف. ولكن ليس من الواضح ما إذا كانوا سيستطيعون الاستمرار في هذا التحدي للجيش أم لا. إلا أن الواضح والمؤكد أن ذلك على أقل تقدير قد وضع القوتين الأقل ديمقراطية في البلاد على طريق الصدام، مع وقوف الشعب وراء الجيش. ففي الحقيقة أن الجيش يتمتع بمساندة وتشجيع من الغالبية العظمى ممن خرجوا إلى الشوارع في الأيام الماضية. ولكن دعونا لا نخدع أنفسنا هنا: فدعم تغيير سريع شيء، وإدارة مرحلة انتقالية للديمقراطية شيء آخر وتجربة المجلس العسكري السابق بقيادة طنطاوي في إدارة المرحلة الانتقالية عقب تنحي مبارك، والتي اتسمت بعدم الكفاءة وارتكاب العديد من الأخطاء والانتهاكات تثبت ذلك. وهذه المرة جلب المجلس العسكري على نفسه مهمة أكثر صعوبة بكثير، فقيادة تحول آخر نحو الديمقراطية مع تحقيق الحكم الرشيد في الوقت نفسه، قد تكون مهمة مستحيلة. يرجع ذلك لأن التوقعات مرتفعة جداً وتتمثل في: إعادة الاقتصاد إلى المسار السليم، واستعادة الأمن، مع الاهتمام في الوقت نفسه بحقوق الإنسان وحكم القانون، وقيادة حركة انتقالية تستطيع صياغة دستور موثوق به وقانون انتخابي جديد، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة. ومن المفروض أن يقوم بكل ذلك: حكومة مؤقتة يقودها قاض لين الطباع سيكون مضطراً إلى التنافس مع معارضة علمانية وليبرالية منقسمة وغير منظمة، ومؤيدين غاضبين لجماعة «الإخوان»، وبيروقراطية مصرية قوية وغير ديمقراطية متخلفة عن نظام مبارك وتريد المحافظة على أوضاعها. وفي الواقع أن التحدي الحقيقي أن الجيش لا يرغب في إدارة البلاد. ومن الذي يرغب في ذلك؟ ولكن الجيش مضطر على أقل تقدير على أن يظل هو القوة المهيمنة إلى أن يتم تكوين بنية موثوق بها بشكل أكبر؟ وحتى إذا لم يكن العسكريون راغبين في الحكم، فإنهم سيظلون مسيطرين على سياسة الأمن القومي وميزانيتهم الخاصة غير الخاضعة للمراقبة والمزايا الاقتصادية والمالية التي يتمتعون بها. ولنا أن نتخيل شكل الديمقراطية التي يمكن أن توجد على ضوء هذه الحقائق كلها. السؤال: هل ستثبت الحقائق الجديدة أنها أفضل من القديمة؟ وهل ستجلب المزيد من الرخاء والمزيد من الأمن وشبه حياة ديمقراطية؟ في الوقت الراهن ليس هناك وسيلة لمعرفة ذلك. التطورات الأخيرة في مصر أحبطت التوقع الذي كان سائدا عقب «الربيع العربي» وهو أن الأحزاب الإسلامية المعتدلة ستكون قادرة على المشاركة في العملية السياسية الديمقراطية التي كان من المفترض أن تحل محل السياسات السلطوية السابقة وتستطيع إذا لعبت وفقاً للقواعد من الوصول للسلطة عبر صناديق الانتخابات. ولا بد أن بشار الأسد يبتسم ابتسامة شماتة في الوقت الراهن، فالتطورات الدراماتيكية التي تتم في مصر ستكون سبباً مهما للغاية في صرف الأنظار بعيداً عن الاهتمام بالحرب الأهلية في سوريا. فكلما كان المجتمع الدولي أكثر انشغالا بالمأزق وحالات الفوضى التي تسود في أماكن أخرى، كلما قل تركيزه على ما يفعله هو في سوريا. هناك سبب آخر يدعو الأسد لأن يفرح بما يحدث في مصر، وهو أن الجيش في مصر ومعه الرأي العام يهاجمان «الإخوان»، وهم أنفسهم المتطرفون والإرهابيون الذي ظل يقول إنهم كانوا السبب الحقيقي وراء الانتفاضة ضد حكمه. علاوة على ذلك يقود تحرك المجلس العسكري في مصر ضد «الإخوان» يقود إلى المزيد من الراديكالية في صفوف المعارضة السورية، وهو وضع أفضل كثيراً لآلة الدعاية الخاصة بالنظام السوري. أما الخاسرون، فهم مرسي و«الإخوان». استطيع القول إن دور مرسي قد انتهي في الحياة السياسة المصرية، وسيكون الجيش كريماً إذا سمح لـ«الإخوان» بالعودة من خلال عملية مصالحة، والقيام بدور خلال المرحلة الانتقالية. ولكن هل سيقبل مرسي و«الإخوان» بدور أقل في بنية الحكم القادمة؟ سنحلم إذا اعتقدنا أننا قد شهدنا نهاية «الإخوان»، ويجب علينا ألا ننسى أن مصر هي البلد الذي نشأ فيه «الإخوان»، وأنهم قادرون على إعادة تنظيم أنفسهم وممارسة السياسة. حماس: لا شك أن ما تعرض له مرسي والإخوان المسلمون في مصر سيؤثر على «حماس» وهي فرع «الإخوان» في غزة في مواجهة منافستها التقليدية «فتح»، وخصوصاً أن هناك أوقاتا عصيبة ستنتظر الإسلاميين في غزة مستقبلا، ولكن تلك الصعاب، لن تكون كافية لدفعها لتخفيف موقفها بشأن الشراكة مع «فتح». الولايات المتحدة: في الوقت الذي تكافح فيه واشنطن للقيام برد فعل سليم تجاه تحرك المجلس العسكري في مصر، فإنها عاجزة عن إيجاد التوازن الدقيق بين حماية مصالحها والدفاع عن قيمها. المستقبل: إذا أراد الشعب المصري أن يربح، فإنه سيكون بحاجة لثلاثة أشياء ليست لديه في الوقت الراهن: قادة يعملون فقط من أجل مصلحة البلاد. مؤسسات شرعية استيعابية وقابلة للمحاسبة، وآلية ما قادرة على احتواء السجالات الحادة والانقسامية بحيث لا تتسرب حدتها إلى الشوارع وتشل البلاد. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©