الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«كوهين» وتنحية الرؤساء الأميركيين

26 يوليو 2014 00:55
ظل بيل كوهين سيناتوراً أميركياً صاحب نفوذ لثلاث فترات، وشغل أيضاً منصب وزير الدفاع، وهو مفكر يحظى باحترام على المستوى العالمي. ويعتقد كوهين أن لحظته السياسية الحاسمة حدثت قبل أربعة عقود. فعندما كان عضواً «جمهورياً» جديداً في مجلس النواب عن ولاية «مين» يبلغ من العمر 33 عاماً لعب دور الشخصية المحورية في تصويت اللجنة القضائية في مجلس النواب يوم 27 يوليو عام 1974 بشأن توجيه الاتهام للرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون بعدم الأهلية لمنصبه. وكانت تلك واحدة من أهم المداولات في تاريخ الكونجرس. ولسوء الحظ عجزت المداولة أن تصبح نموذجاً يحتذى فيما تلاها. فتوجيه الاتهام لبيل كلينتون بعدم الأهلية للمنصب والدعوات إلى توجيه نفس الاتهام إلى بوش الابن والآن لأوباما تبدو عند المقارنة مع تلك السابقة متهافتة وتافهة. ويتذكر كوهين الآن كفاح الأعضاء حينها كي يتحروا معايير الاتهام بعدم الأهلية الخاص بـ«الجرائم وسوء السلوك». ووفق رواية «أليزابيث دورو» في كتابها: «واشنطن جورنال: التغطية الصحفية لووترجيت وسقوط ريتشارد نيكسون» الصادر في عام 1975، الذي أُعيد نشره أيضاً في الآونة الأخيرة، تعيد ذكريات كوهين إلى الأذهان أن السياسيين الأميركيين بوسعهم أيضاً أن ينتفضوا ويستجيبوا للأزمات الداهمة بشكل ملائم. وقد تجاهل كوهين في عام 1972 نصيحة عدم الذهاب إلى اللجنة القضائية لأنها «لا تفعل أي شيء». وذكر أن المشرّعين في ذلك الوقت لم تكن لديهم سوابق يعتمدون عليها سوى اللجوء إلى القانون الإنجليزي والجهود ذات الطابع السياسي التي أحاطت باتهام الرئيس أندرو جاكسون قبل ما يزيد على ذلك بقرن. وكان هناك أيضاً السجل الكبير من الاتهامات الذي تضمن جلسات استماع بُثت على التلفزيون للجنة الخاصة بـ«ووترجيت» في مجلس الشيوخ. وللاستعداد لمداولات توجيه الاتهام حفظ كوهين عن ظهر قلب الشهادة أمام لجنة مجلس الشيوخ ليقارنها مع جلسات الاستماع أمام لجنته، ومختارات من المحادثات التي تم رصدها من البيت الأبيض. وقال كوهين إنه ومعظم زملائه -بخلاف قلة من المتزلفين لنيكسون في اليمين ومبغضيه في اليسار- قاموا بمهمتهم ودورهم بمنتهى الجدية. وأضاف: «لقد أدركنا أن توجيه الاتهام بعدم الأهلية يتعين أن يكون خطيراً للغاية. . . وأن يستند إلى أساس أصيل من الدستور إذا كان المرء سيزيل، في النهاية، رئيساً انتخبه الشعب للتو». وكانت النتيجة موضع شك حتى شهر يوليو والأجواء متوترة بشكل لا يصدق. وقد أصيب أحد الأعضاء بقرحة نازفة شديدة وآخر فقد صوته. وعندما أثار كوهين القضية أطلق «الجمهوريون» على كوهين في ولايته أوصافاً سلبية كثيرة، وتم تهديد أطفاله. وعملت اللجنة تحت قيادة «بيتر رودينو» بمهارة، مع أنه كان يعتقد من قبل أنه مجرد سياسي يسعى لمصالح جماعته الخاصة. وأعضاء الكتلة المرجحة التي ضمت بضعة «جمهوريين» بينهم كوهين وثلاثة «ديمقراطيين» من الجنوب ركزوا كثيراً على اتهامات تعطيل العدالة، وخاصة أن نيكسون أمر بعملية تغطية على محاولات اختراق قام بها العاملون في الحملة الانتخابية إلى مقرات اللجنة الوطنية للحزب «الديمقراطي» في مبنى «ووترجيت». وركزوا أيضاً على إساءة استخدام السلطة بما في ذلك استخدام وكالة المخابرات المركزية الأميركية «سي. أي. أيه» لأغراض سياسية داخلية، ومحاولة تحريض مصلحة الضرائب على مطاردة الخصوم السياسيين واقتحام مكتب طبيب نفسي للحصول على معلومات تشوه سمعة «دانيال أليسبيرج» الذي سرب ما عرف بأوراق «البنتاجون» الخاصة بحرب فيتنام إلى الصحف. وظل «تشارلز ويجينز»، عضو مجلس النواب «الجمهوري» عن ولاية كاليفورنيا، هو أكبر المدافعين عن الرئيس، وكان من الشخصيات المحورية في هذه المداولات الرائعة والمشحونة. وقد وصفه كوهين بأنه كان «محامياً رائعاً» أجبر المدافعين عن توجيه الاتهام بعدم الأهلية على أن يجعلوا القضية أكثر عمقاً وجوهرية. فعندما قدم كوهين التصويت الفائز والوحيد لـ«الجمهوريين» في قرار يطالب بمزيد من المعلومات، شوهد «ويجينز» وهو يتحدث إليه سراً وقد اعتقد في ذاك الوقت أنه كان يوبّخ كوهين. ولكن في الحقيقة، كما يتذكر كوهين، أن المحامي المخضرم كان ينصح زميله الشاب قائلاً: «بيل تذكر فحسب أن تحتفظ بهدوئك». وفي 27 يوليو قبلت اللجنة توجيه الاتهام للرئيس بموافقة 27 صوتاً مقابل معارضة 11 صوتاً حيث كان كل «الديمقراطيين» و«الجمهوريين» الستة ومن بينهم كوهين ضمن الأغلبية. وبعد ذلك بأسبوع نشرت تسجيلات أخرى أمرت بإحضارها المحكمة وأوضحت تورط الرئيس، وانقلب «ويجينز» ومعظم «الجمهوريين» الآخرين ضد الرئيس الذي استقال في ذلك الوقت مباشرة. فقد ركزت اللجنة حينها على القضايا الأساسية الكبيرة. ورفضت الاستناد إلى اتهام الرئيس بالتهرب من الضرائب أو إصداره أوامر بقصف كمبوديا بشكل غير قانوني. وقد تجاهل من جاؤوا بعده هذه السابقة في التصويت على توجيه الاتهام لكلينتون بعدم الأهلية لكذبه بشأن فضيحة مونيكا لوينسكي، أو اقتراح ضد بوش الابن لخوضه حرب العراق أو توقيعه بيانات لتفسير تشريع! والآن يدعو بعض «الجمهوريين» لاتخاذ إجراءات أيضاً ضد أوباما لإصداره أوامر تنفيذية يعتبرها خصومه غير ملائمة. وفي مقابل هذا يتحسر كوهين قائلاً: «إن المرء ينظر إلى جوهر هذه الاتهامات، ويقول في قرارة نفسه إنها حقاً ليست مهمة». ويتذكر كوهين أنه قبل أربعين عاماً بعد أن اتفقت اللجنة وكان من الواضح أن الرئيس سيترك منصبه لأول مرة، خرج ببساطة من غرفة اللجنة في مبنى «رايبيرن» إلى مقر الكونجرس بمبنى «كابيتول». وكان كل شيء عادياً والعلم يرفرف والسياح يتجولون، ولم يكن هناك جنود في الشوارع. لقد كانت لحظة أميركية حاسمة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©