الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أشكال حروفية تتفاعل بانسيابية بصرية مدهشة

أشكال حروفية تتفاعل بانسيابية بصرية مدهشة
26 يوليو 2014 00:15
يعتبر ملتقى رمضان للخط القرآني، الذي تنظمه وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع في دبي سنوياً في العشر الأواخر من الشهر الفضيل، من أهم الفعاليات الفنية التي ترتقي بخط النسخ الجلي، الذي يتقدم على الثلث الجلي والمحقق في تدوين المصحف الشريف، لما يتميز به من سهولة في القراءة، وجماليات بصرية مدهشة. وبحصيلة ملتقى الدورة السادسة التي بدأت فعالياتها مساء الخميس الماضي في فندق «غراند حياة» بمشاركة ثلاثين خطاطاً وخطاطة، من مختلف البلدان العربية والإسلامية، ينجز كل منهم جزءاً من القرآن الكريم خلال أيام الملتقى، يرتفع مخزون وزارة الثقافة من المخطوطات القرآنية بخط النسخ إلى ست مخطوطات كاملة، وهي مجموعة نادرة، تصر الوزارة على رفدها سنوياً بمخطوطة واحدة إلى ما شاء الله، حسب معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع في كلمته التي ألقاها بافتتاح الملتقى. يشارك في الدورة الحالية لأول مرة سبع خطاطات، من بينهن خطاطة مصرية عربية واحدة هي نبيهة الألفي الرفاعي، بينما الخطاطات الست الأخريات هن تركيات. وكانت هناك محاولة من قبل منظمي الملتقى لتنظيم الدورة السادسة بمشاركة نسائية فقط، إلا أن عدم إقبال النساء على فن خط النسخ بشكل خاص حال دون ذلك، لما يتطلب تدوين القرآن الكريم بهذا الخط من صعوبة ودقة وثبات أعصاب حسب الخطاطة الرفاعي. وتخضع سنوياً للتقييم الأعمال المنجزة في ختام الملتقى، من قبل لجنة تحكيم تشكل من أشهر الخطاطين المشاركين، حيث يتم توزيع الجوائز للمبدعين المميزين، الذين يقدمون إضافات فنية وجمالية على النسخ الجلي المصحفي بامتياز. وقال الخطاط التركي محمد أوزجاي عضو لجنة التحكيم في حديث خاص لـ«الاتحاد» رداً على سؤال حول معايير التحكيم في الملتقى إن اللجنة تعتمد في التحكيم عادة على قواعد فن خط النسخ الكلاسيكي المعروفة، التي يُفترض أن يلتزم بها الخطاط أو الخطاطة، ومن أهمها الالتزام بأوزان الحروف أو مقاييسها بصرياً، «لأن خط النسخ لايقوم بالأساس على أشكال هندسية». وكذلك لابد من تميُز الخط بالانسيابية التي تريح العين. قواعد النسخ وأوضح أوزجاي أن هناك جملة من القواعد الأولية يجب توفرها بخط النسخ، منها ضرورة استخدام الورق «المُقَهَر»، الذي هو عبارة عن ورق حامضي مصقول ببياض البيض، يتيح فرصة كبيرة وسهولة غير عادية للقيام بالتصحيح فيما لو وقعت بعض الأخطاء، من دون أن يترك أثراً يذكر على المخطوطة. بالإضافة إلى كون هذه النوعية من الورق تعطي للأحبار جمالية خاصة، وتجعل المخطوطة تشع برونق بهي أخاذ. كذلك يُشترط على الخطاط أو الخطاطة استخدام الحبر الأسود التقليدي والقلم أو الريشة التقليدية المصنوعة من القصب. وسبق للخطاط أوزجاي أن نظم معارض شخصية عدة في أبوظبي والشارقة عام 2003، وفي مؤسسة العويس الثقافية بدبي عام 2009، والسعودية والكويت وغيرها من البلدان العربية والإسلامية. ويعتبر أوزجاي هو أول خطاط اعتمد ما يسمى «لوحات التسويد» بأحجام كبيرة، تبرز خط النسخ الجلي بجمالية مشهدية فريدة، مستخدما فيها الحبر الأزرق الغامق، بعكس ما كان معروفاً لجهة استخدام الحبر الفيروزي الفاتح. وعن مشاريعه المستقبلية على المستوى الشخصي يقول أوزجاي إنه يعتزم كتابة مخطوطة خاصة به للقرآن الكريم، سيقدم من خلالها مفاجآت عدة يخطط لها منذ الآن. وأنه سيبدأ التنفيذ بالمخطوطة بعد أن يفرغ من كتابة خطوط توسعة الحرم المكي الشريف التي يعمل عليها منذ عامين، وهي عبارة عن آيات قرآنية تزين الجدران الملحقة بالحرم. فوق الوصف أما بخصوص جماليات خط النسخ الجلي فتقول الخطاطة نبيهة الألفي الرفاعي في حديث خاص لـ«الاتحاد» إن اسرار الخط العربي هي فوق الوصف، لأن التفاعل معها يكون بالدرجة الأولى جمالياً من خلال الأحاسيس والمشاعر الذاتية لدى المتلقي، ولا يمكن توصيفها بالكلمات، فهي مزيج من الروحانيات والجماليات الفنية والفلسفية، لذلك ينطوي على صعوبة في التذوق لدى المتلقي العادي. ما يعني أن التفاعل مع خط النسخ الجلي يشترط متلقي يتمتع بحساسية خاصة وخلفية معرفية عميقة. مؤكدة أن الاحتراف والتخصص بخط النسخ يجعلها تشعر أنها مميزة، وأن الله سبحانه وتعالى منحها هذه الخصوصية، بعد أن فك أمام بصيرتها مغاليق هذا الجمال اللامتناهي في هذا الفن الإسلامي العظيم، الذي وصل عدد الخطاطين فيه خلال العصر العباسي نحو سبعين ألف خطاط، وكان من بينهم نساء أشهرهن الخطاطة التي عرفت باسم شهدة، بالإضافة إلى شجرة الدور التي كانت من الخطاطات الشهيرات في عصرها. وتوضح الرفاعي أنها واظبت على فن الخط منذ مشاهدة أول معرض خطي، حينما انتسبت إلى كلية التجارة قبل سنوات عدة، فشعرت بانبهار حبس انفاسها وأخذها إلى عوالم خفية لم تكن تشعر أو تُحس بها من قبل، علما أنها كانت في ذلك الوقت لم تكن تستطيع التمييز بين الخطوط، إلا أن جمالياتها الفنية كانت لها تأثير له وقع يشبه السحر على ذاتها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©