الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الجناح الجزائري.. عبق الصحراء فــــي «زايد التراثي»

الجناح الجزائري.. عبق الصحراء فــــي «زايد التراثي»
21 ديسمبر 2016 22:48
أشرف جمعة (أبوظبي) يحفل الجناح الجزائري في مهرجان الشيخ زايد التراثي 2016 في منطقة الوثبة بالعاصمة أبوظبي، الذي يحمل شعار «تراثنا هويتنا.. زايد قدوتنا» بتنويعات تراثية عميقة، تظهر بجلاء عراقة الموروث الشعبي لهذه الدولة، وهو ما يسجل لحظة فارقة في المهرجان، حيث التماسّ مع أشكال التراث بين الدول على الرغم من احتفاظ كل واحدة منها بما يميزها عن الأخرى، واللافت في الجناح الجزائري أنه حوى أشكالاً مختلفة من الصناعات التقليدية والمهن الحرفية والالتحام بالماضي في خيمة الحاضر، فأبدعت أصابع المهرة في الغزل والتشكيل بالنحاس والرسم وحياكة الملابس وصناعة السلال من سعف النخيل والتزيين بالرمال، والتي تعبر عن ماضي الآباء والأجداد، فاتسعت رقعة الجمال في محيط مهرجان زايد التراثي الذي يبعث الألفة في نفوس الجميع بإبداعات التراث الإنساني بخيوطه البهيجة ولغته التي تنسج واحة ظليلة من المودة على أرض الإمارات العامرة بكل جماليات الموروث الشعبي. بدت الفرحة واضحة على مشرف الجناح الجزائري في مهرجان زايد التراثي، عبدالله القراوي، لإقبال الجمهور من كل الجنسيات على الحرفيين والصناع في الجناح، ويقول: إن المهرجان حلقة وصل بين شعوب الأرض فهو احتفالية كبرى على أرض عربية تقدِّر قيمة الجمال وتحتفي بالموروثات الشعبية للدول في نسيج إنساني معبر، لافتاً إلى أن الجناح الجزائري منذ بداية المهرجان يحفل بتنوع الحرف والصناعات، ويتميز الصناع بالحس الفني والحرفية العالية وروح الإبداع، فضلاً عن أنهم وضعوا في أذهانهم أنهم يمثلون الجزائر بكل تراثها العريق في المهرجان الذي اكتسب شهرة عالمية، وأصبح واحداً من أهم المهرجانات في العالم التي تحتفي بالموروثات القديمة للشعوب. البيئة الجزائرية ويشير القراوي إلى أن الجناح الجزائري يحتوي على المنتجات التقليدية، إذ تم اختيار نحو 32 حرفياً يمثلون معظم ولايات الجزائر، إذ يعرضون منتجاتهم من الخزف الفني والملابس التقليدية من الوبر وغيرها، وكذلك السلال المصنوعة من سعف النخيل والخيزران والتطريز التقليدي على الملابس وفن الترميل والتشكيل بالنحاس والمنتجات الجلدية والسجاد والحلي التقليدي والنسيج بوجه عام والرسم على السيراميك والفخار، فضلاً عن منتجات من زيت الزيتون وغيرها من الصناعات التي تعبر عن البيئة الجزائرية في الماضي، ويوضح أن جميع الحرفيين الذين حضروا المهرجان منذ انطلاقه اكتسبوا مهنهم بالوراثة وتعلموها في كنف الأسرة جيلاً بعد جيل وهو ما يرسم بدقة حركة تطور الصناعات التقليدية في الجزائر، ويؤكد مدى الحفاظ على موروثات الآباء والأجداد في صورة معبرة جعلت لجناح الجزائر في المهرجان شكلاً مختلفاً عن غيره من الأجنحة الأخرى. سروج جلدية تفنن عمار مختار في إبراز لون آخر من الصناعات التقليدية في الجزائر، حيث عرض مجموعة من سروج الخيول المصنوعة من جلد البقر تتميز بمتانتها وقوتها وأشكالها المختلفة، ويوضح أنه يصنع السروج منذ مرحلة مبكرة من العمر، وحرص على أن يعرض للجمهور سروجاً للسباقات وأخرى عادية لكون سروج السباقات تختلف، حيث إنها تتميز بخفة الوزن حتى لا تكون حملاً على الفرس والفارس في الوقت نفسه وأيضاً هذه السروج الخفيفة تستخدم في المناسبات الشعبية وفي الاحتفالات بوجه عام، ويرى أن عالم الصناعات الجلدية زاخر بالفن وهو ما جعله ينتج أحزمة جلدية للجمهور وجرابات للسيوف والخناجر والبنادق القديمة وكراسيّ مستوحاة من الماضي تتميز بقربها الشديد من الأرض، وتأخذ النسق القديم الذي كانت عليه في الماضي. غزل على نول على نوله كان يعمل بدأب بن عيسى شكري الذي تخصص في صناعة الأغطية والملابس والأقمشة والسجاد التي تصنع بطرق تقليدية، وأمام دكانه في الجناح الجزائري واصل غزله على النول وبتأنٍّ، وأوضح أنه يستخدم الأقطان الطبيعية بأشكالها المختلفة في تشكيل السجاد التقليدي الذي لا يضاهيه شيء، ويؤكد أن اليد التي تصنع بنفسها تبتكر وتبدع، إذ إنه لا يرى في الآلات الحديثة القدرة على إنتاج سجاد يضاهي الذي يصنع باليد، ويلفت إلى أنه يمتلك أدوات حديثة في صناعة السجاد لكنه يحب العمل على النول الذي يوصله إلى مرحلة الإبداع، لافتاً إلى المهرجانات التراثية هي بوابة الماضي الجميل. قطع ومجسمات يشعر أحمد بيداري صانع الأساور التقليدية الفضية، أنه يتعامل مع القطع والمجسمات المختلفة بروح الفن الخالص، مشيراً إلى أنه يعمل على تشكيل الفضة بصورة يدوية، ويعرض في الجناح الجزائري ملاعق وأساور للعنق وعلاّقات كبيرة على شكل مثلثات وعقود وأساور، ويؤكد أنه يعمل في هذه المهنة منذ أن كان عمره 14 عاماً، وأنه ورث هذه المهنة عن أسرته، وأنه يعمل على تطوير نفسه من خلال الاطلاع على الأشكال الفضية القديمة التي كانت تلبس في الصدر وفي اليد والأقدام، فضلاً عن صناعة السيوف التقليدية. اسم طفلة ووقفت الطفلة آمنة المهيري -5 سنوات- أمام الفنان محمد شغوني لكي يكتب لها اسمها على ورقة بخط الثلث الجلي، مبينة أنها شعرت بالإبهار أمام هذه الخطوط التي يجيدها هذا الفنان الجزائري والذي يجلس مع عوالمه الخاصة في الفن، وترى المهيري أن الجناح الجزائري يتميز بالثراء الشديد والجاذبية أيضاً حيث جاءت مع أسرتها من أجل الاستمتاع بكل ما تعرضه الأجنحة في مهرجان الشيخ زايد التراثي وتشير إلى أن شغوني استقبلها بترحاب ورسم لها خطوط اسمها بحرفية وجمال، وأنها ستحتفظ بهذه الورقة كذكرى من أبناء الجزائر الذين يقدرون قيمة الفن ويحافظون على الموروث الشعبي حتى في الخطوط العربية. وأوضح محمد شغوني أنه درس الفنون الجميلة وتخصص فيها حتى أصبح «خزافاً» يشكل خطوطه ورسومه على الخزف وهو ما أكسبه حساسية، خاصة في التعامل مع الأواني التي يرسم عليها أشكالاً جمالية، معبّرة وكذلك على بعض القطع التذكارية والهدايا والأشكال المختلفة، ويلفت إلى أنه يعيش حالة خاصة مع الفن في مهرجان الشيخ زايد التراثي الذي جمع الشعوب على كلمة التراث وحقق منظومة القيم من خلال موروثات قديمة تعبر عن حضارات الشعوب وتاريخها العريق. أشجار الخيزران من شجر الخيزران الذي يعد من أسرع النباتات الخشبية نمواً جلس موالد سقيان في أحد الدكاكين الخاصة بالجناح الجزائري يصنع السلال التقليدية، ويواصل تشكيلها بحرفية تامة، ويبين أنه تخصص في هذا الفن منذ صغره، وهو ما جعله يمتلك فنياته ويتقن طرقه في صناعة الكثير من الأثاث المنزلي، ويرى أن شجرة الخيزران هي الاسم الأكثر شيوعاً من ألف نوع من أنواع الأخشاب العملاقة ذات الجذوع شبه الخشبية، وهو ما جعله يستخدمها في صنع بعض أشكال الزينة وأدوات الشاي والقهوة والأطباق الخاصة بحفظ الخبز والفاكهة ولعب أطفال وأدوات للزينة، حيث استطاع أن يصنع دراجة نارية من الخيزران وكذلك سلال وصناديق وحقائب، ويؤكد أن مهرجان الشيخ زايد التراثي عبّر عن ثقافات الشعوب، وأتاح للزوار فرصة التعرف إلى الموروثات القديمة، ويرى أن الإقبال الشديد على فعاليات المهرجان كبير جداً، وهو ما أعطى زخماً في ظل حضور جميع الأعمار. العودة إلى الطبيعة الاتجاه إلى الطبيعة واستثمار عناصرها النافعة كان هو هدف نوارة عباس في الجناح الجزائري التي تميزت في استخدام الزيوت الطبيعية وتشكيلها بما يفيد الأسرة بوجه عام. وتؤكد أنها وُلدت في بيئة خصبة تعتمد على المكونات النافعة في الحياة واستثمار هبات الطبيعة، وهو ما يمنح أفراد المجتمع صحة ونضارة وجمالاً، مبينة أنها تستخدم زيت الزيتون والزيوت النباتية في صناعة الصابون والعطور الزيتونية التي تجمعها من مخلفات الزيتون نفسه، إذ تضعها في أكياس فتخرج منها رائحة منعشة. وترى أن هذه الأكياس من الممكن وضعها في السيارات وفي خزائن الملابس وفوق المكاتب وفي الأماكن المفتوحة في البيوت، إذ تنبعث منها رائحة أخاذة. وتلفت نوارة إلى أنها حازت عن هذه العطور جائزة في الجزائر، لأنها هي صاحبة الفكرة، حيث إن مخلفات ثمار الزيتون كانت تُلقى في سلال القمامة ولم يكن أحد يلتفت إلى أهميتها لكنها فكرت في أنه من الممكن أن تجربها كنوع من العطر فاكتشفت أنها وقعت على كنز ثمين. صوف الغنم لفت انتباه زوار الجناح الجزائري في مهرجان الشيخ زايد التراثي وجود منتجات مصنوعة من صوف الغنم برعت في تشكيلها الحرفية «عرباوي فاطيمة» التي شاركت في دكان واحد مع الحرفية «العزيب صافية»، وعلى الرغم من نقاط التماس بينهما في الصنعة إلا أن كلاً منهما تمثلان مدرستين مختلفتين في الحياة سواء في الإطار التقليدي والمعاصرة بشكل نسبي. وتشير عرباوي إلى أنها تدرك أهمية صوف الغنم ومن ثم استخدامه في صناعات تراثية عريقة وهو ما ساعدها على صنع شالات من صوف الغنم الطبيعي وملابس تقليدية تمثل الزي الجزائري للنساء وكلها مصنوعة بطريقة يدوية، وتؤكد «العزيب صافية» أن الجناح الجزائري يضم مجموعة من الحرفيين الذين لا يستخدمون الآلات الحديثة في الفن، وهو ما يؤكد الالتزام بالماضي وبالأسلوب المتبع به في جميع الحرف اليدوية التي لا تزال تحتفظ بتألقها الخاص وجاذبيتها بين الناس، لافتةً إلى أن عائلتها تميزت في صنع وحياكة ملابس من صوف الغنم منذ أكثر من 100 عام، ولذا فهي سعيدة جداً بأنها تواصل السير على نهج الآباء والأجداد وأن مشاركتها في مهرجان الشيخ زايد التراثي له عبق خاص وجمال آخر. لوحات رملية استخدام الرمل بحرفية في تلوين اللوحات لتصبح صورة مطابقة للواقع حرفة أتقنها رشيد صغير بجناح الجزائر، حيث استطاع أن يبهر زوار المهرجان بقدرته العالية على تشكيل لوحات رملية ذات طابع تقليدي معبر، ويبين أنه يرسم لوحته أولاً بأقلام الرصاص ويبرز معالمها ثم يبدأ بتلوين الأجزاء البارزة، وقد قضى في هذا الميدان من الفن أعواماً طويلة حتى أصبح متميزاً في عمل لوحات من الرمل، ويوضح أنه يستخدم أنواعاً كثيرة من الرمال الناعمة والمحببة وبألوان مختلفة حيث اللون الأسود والأحمر والأصفر والبني، مؤكداً أنه يعمل بجدية أولاً من أجل تشكيل خلفية اللوحة واختيار اللون المناسب، ويوضح أنه يختار في الغالب موضوعات تعبر عن البيئة البدوية وسكان «الطوارق» والذين يركبون الجمال في الصحراء، حيث إنهم في ذلك العهد القديم كانوا لا يجدون وسيلة أخرى سوى الجمال ويتنقلون بها ويضعون عليها أمتعتهم وهو ما جعل لسفينة الصحراء آنذاك أهمية كبيرة بالنسبة إلى هؤلاء السكان، ويلفت إلى أنه يرسم أيضاً لوحات تعبر عن الفروسية بأشكال مختلفة، حيث الخيول العربية الأصيلة بشكلها المتميز والفوارس الذين يعتلون صهواتها في شموخ، ويرى أن المهرجان علامة فارقة في سجل المهرجانات التراثية في العالم. صابون الطين الأخضر تقول نوارة عباس: إنها صَنعت من الزيت الطبيعي صابون الطين الأخضر الذي يساعد البشرة الدهنية على استعادة تألقها، ويقاوم في الوقت نفسه حبوب الشباب، وصابوناً آخر للبشرة المصابة بالصدفية والأكزيما، وصابوناً لبشرة الرضع من زيت الزيتون الخالص، وصابوناً جزائرياً تقليدياً عبارة عن كريم. وتؤكد أنها تعلمت سر خلطته من جدتها التي كانت تهيئ عجينته بطريقة معينة، كما أنها تعتز بأنها صنعت شمعاً من مخلفات شمع النحل، وينثر عند احتراقه رائحةً عطرة، وتوضح أنها تؤيد العودة إلى الطبيعة الغنية بكل ألوان الجمال، وأكدت أن مهرجان الشيخ زايد التراثي لمحة من الأصالة، وحدث مهم على الصعيد العالمي. صورة زايد في مدخل الجناح الجزائري، كانت أصابع الفنان الساحلي الجزائري تشكل بحرفية تامة بعض الظلال والألوان، بعد أن اتضحت معالم لوحته عن المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وحرص على أن يجعل صورة حكيم العرب إلى جوار جامع الشيخ زايد الكبير، وفي هذه اللحظة كان زوار المهرجان يلتفون حول هذا الفنان الجزائري الذي عبر عن حبه للإمارات بصورة كبيرة عندما قرر رسم هذه اللوحة التي تخطف القلوب. ويقول الساحلي الجزائري: منذ ما يقرب من شهرين اهتديت بعد تفكير عميق إلى أن أشرع في رسم صورة معبرة لزايد الخير أخوض بها المهرجان، وبدأت الرسم في الجزائر وانتهيت منها في الإمارات، مشيراً إلى أنه تفاجأ حين عرض اللوحة في المهرجان أن الكثير من الجمهور الإماراتي يريد شراءها والاحتفاظ بها ونظراً للإقبال الشديد عليها فقد قرر طرحها في نهاية المهرجان أمام الجميع ليفوز أحدهم بها، كما أنه يعترف بأنه تحفز لرسم لوحة أخرى يعمل على إنجازها قبل انتهاء المهرجان إجلالاً لزايد حكيم العرب الذي يحبه الجميع ويقدره. ويؤكد الساحلي الجزائري أنه يجيد الرسم على السيراميك، حيث يشكله بالطين ثم يضيف الألوان ويرسم أيضاً على الخزف القديم وتتشكل في النهاية لديه علب للاستخدام المنزلي، كما أنه يشكل أيضاً لوحات من آيات القرآن الكريم يمكن أن توضع في المساجد، ويفتخر بأنه ورث هذه المهنة عن أجداده، حيث إنه من الجيل الثالث الذي تعلم هذه الحرفة في الأسرة. عَلم الإمارات في مشهد معبر يجسد المحبة العارمة لدولة الإمارات، جلست نادية عمي موسى على نول داخل أحد الدكاكين في مهرجان الشيخ زايد التراثي، تنسج علم الإمارات، لافتة إلى أنها تحب هذا البلد الآمن المضياف الذي أعطى أبهى صورة للعطاء الإنساني، فضلاً عن أنه يحتفي بشكل خاص بالموروث الإنساني العريق. وتشير إلى أنها بعد الانتهاء من نسج علم الإمارات على نولها سوف تهديه إلى إدارة المهرجان كنوع من الهدية والتعبير عن الشكر والتقدير للمشاركة في هذا المهرجان المهم الذي يحمل اسم زايد الخير، طيب الله ثراه، وترى أن المهرجان نجح في إيصال رسالة الموروث الشعبي إلى كل الشعوب، وأنها سعيدة جداً لكونها ضمن الجناح الجزائري في هذا المهرجان. نحاسيات نحاسيات «دربال نجم الدين» لها شكل آخر في الجناح الجزائري، حيث قدم عرضاً لمجموعة من القطع التي تعبر عن الماضي الجميل في ورشته الخاصة التي صمم نقوشها بدقة. ويورد أنه يتعامل مع النحاس بشكل فني خالص، وهو ما أتاح له عرض مجموعة من الأطباق النحاسية ذات الأشكال التقليدية، وكذلك المزهريات بلونها الأصفر الباهر، وفوانيس وأباريق ومكحلة، وقطع مضيئة، وطاولات وقدور ومهراس، وتفنن أيضاً في صنع المباخر والمرايا التي تحفها أطر النحاس، والشمعدانات. ويشير إلى أنه استمتع بالمشاركة ضمن الجناح الجزائري في مهرجان الشيخ زايد التراثي الذي تحول إلى تظاهرة في حب الموروث الشعبي الأصيل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©