الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نهج جديد

21 ديسمبر 2016 22:28
«الجروح صارخة، كنت أودُّ أن أكون البشير، ولكن الشر مستطير، فآثرت أن أكون النذير، انهضوا أيها العرب، فعِّلوا مشروع التكامل البنَّاء، لماذا لا نخرج ببديل مبني على دليل؟! لماذا لا نطرح فكرَ نهجٍ جديد بالعلم والعمل والرأي السديد لنكتب منه للوطن نشيدًا»؛ تلك معمارية لاستنهاض الأمة من الواقع الأليم إلى الحلم الجميل، شكَّل ملامحها بلبناتِ الإنسانية الفكرية التنويرية العروبية المتفردة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، رئيس مؤسسة الفكر العربي، في افتتاحية مؤتمر استثنائي مكاناً وزماناً وحضوراً وموضوعاً وشعاراً، وهو المؤتمر السنوي لمؤسسة الفكر العربي «فكر 15» بشراكة مع الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي واحتضنته العاصمة أبوظبي على مدار ثلاثة أيام. ترتبك الكلمات في وصف جمالية ينابيع الطاقة الإيجابية المتدفِّقة والمعرفة الفكرية التشاركية في هذا المؤتمر، وما تضمَّنه من أطروحات عميقة هي الأولى من نوعها من حيث رصد تجربتَيْن في التكامل والتنمية هما: تجربة دول مجلس التعاون الخليجي بعد وصول قطارها إلى المحطة 35، والتجربة الإماراتية في عيدها 45 عبر ذاكرة مؤسسية أرشيفها عامر بإنجازات تعكس فكر المؤسسين والقادة الملهمين الاستباقيين. ثلاث لوحات إبداعية زيَّنت جدارية هذا المحفل: اللوحة الأولى، حرص رئيس مؤسسة الفكر العربي على الحضور الآسر لكل الجلسات سعياً منه لتقديم قدوة نادرة في شغف أصحاب الرسالة بمشروعهم الحضاري، وهذا يجيب عن سؤال محوري: كيف لمؤسسة خاصة لم يتجاوز عمرها ستة عشر عاماً أن تحقق هذا الأثر الملموس في النفوس والتوجهات الحكومية العربية؟ وكيف استطاعت إنتاج هذه الإصدارات وتشييد صروح شامخة من جوائز الإبداع ومبادرات راهنت على العقل العربي فكراً وإبداعاً، وبلغت بنتائجها ما لم تحققه مؤسسات إقليمية تقادمت بعد أن تخاصمت مع التقدم؟ اللوحة الثانية، يجسدها تقرير أصدرته المؤسسة وهو «الثقافة والتكامل الثقافي في دول مجلس التعاون» يقع في ثلاثة أبوابٍ و32 فصلاً وبلغت صفحاته 765 صفحة، وهو عمل موسوعي ثقافي بانورامي وهو الأول من نوعه في رصد وتوثيق واقع السياسات والصناعات الثقافية التكاملية الخليجية واستلهام ثوابت الهوية الخليجية النابعة من التاريخ والعادات والموروث الثقافي، ليكون بحق تقريراً شاملاً ومعبراً عن خصوصية الوجدان والمشهد الثقافي بصورة غير مسبوقة، ومنصة معرفية ثريَّة في التعريف بنموذج تنموي تكاملي ودعوة للاستثمار في المُنتَج الثقافي الخليجي، وكما ذكر المفكِّر الكويتي محمد الرميحي: «الخليج ليس نفطاً»، بل ثقافة وحضارة. اللوحة الثالثة، تشكلت من 203 مشاركين و23 مجموعة عمل في جلسة تفاعلية للتباحث في إجابات مرتبطة بتحديات الإعلام والبحث العلمي، تُبهرك النتائج التي أعلنتها المؤسسة في اليوم الختامي، وأهمها أن أكثر من 90% من المشاركين أكدوا على أن إنتاجية جامعاتنا من البحث العلمي لا تلبي احتياجات مجتمعاتنا، وأكثر من 80% يرون أن الإعلام الرقمي لا يقدم الحقائق العلمية؛ لتكون نتائج تلك الجلسة خريطة متكاملة تحتضن مجتمع المعرفة، والتكامل الرقمي الذكي، وتعظيم الاستفادة من رأس المال الاجتماعي العربي المبدع. لقد شخَّص المؤتمر بإتقان الجراح الغائرة في جسد الوحدة العربية، وقدم حلولاً جمعية ونهجاً جديداً نحو صحوة الضمير ونهضة الفكر والعمل المؤسسي الثقافي التكاملي بعروبة أصيلة تجمع الشتات على أسسٍ من التسامح والقبول، وتقديم فكر بديل يواجه أزمات الفضاء العربي الممتد من المحيط إلى الخليج برؤية متحدين في الطموح والتكامل عملاً بقوله تعالى: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً)، «سورة المؤمنون: الآية 52». الدكتور - عماد الدين حسين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©