الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

وليمة النفط السوداني تشعل الصراعات المحلية والدولية

14 يوليو 2006 23:56
الخرطوم ـ ''خاص'': بمساحته وثرواته الضخمة جداً، التي تشمل النفط واليورانيوم والمياه والأراضي الزراعية، دفع السودان الدول الكبرى إلى التهافت على هذه الثروات، وتوظيف عشرات مليارات الدولارات وتسليط الأقمار الاصطناعية لتحديد مكامن هذه الثروات ومواقعها وأحجامها، وعقد الاتفاقيات الكبرى للتنقيب عنها في مناطق متعددة· الأقمار الاصطناعية كشفت عن امتلاك السودان كميات هائلة من النفط واليورانيوم، وهذان العنصران يشكلان أهم مصادر الطاقة والقوة في هذا العصر، لذلك اتجهت أنظار القوى الكبرى إلى السودان، ووضعت كل منها لنفسها استراتيجية خاصة للاستفادة مما يمتلكه السودان من هذين العنصرين، خصوصاً النفط، الذي يقال إنه يساوي احتياطي السعودية· استراتيجية الولايات المتحدة الأميركية قامت على أساس الاحتفاظ بالنفط السوداني كاحتياطي في باطن الأرض، حتى يأتي الأوان لنقل معدات الحفر الأميركية إلى السودان ويبدأ في استغلال الذهب الأسود من جوف الأرض· لذلك فإن عين الولايات المتحدة تتركز على ما يجري في السودان ولا تتوانى عن التدخل في الشأن السوداني بالكيفية والقدر الذي ترى واشنطن أنه يحافظ على مصالحها حتى لو كان يهدد مصالح ومستقبل السودانيين· أما استراتيجية الصين فتقوم على أساس ''خير البر عاجله'' فما دام النفط قد ظهر في السودان، إذا فليكن ''وجبة غداء'' للصينيين قبل أن يصبح ''وجبة عشاء'' للأميركيين· لذلك أرسل الصينيون 19 شركة نفطية إلى السودان، ما بين شركات تعمل في مجال التنقيب وشركات تعمل في مجال الاستخراج وشركات تعمل في مجال التكرير إلخ·· آلاف الصينيين من خبراء ورجال أعمال توجهوا إلى السودان، وشعارهم المثل الصيني القديم: ''المسافات البعيدة لا تفرق بين الأصدقاء الحقيقيين''·· يوماً بعد يوم أصبحت الصين من أكبر المستثمرين في السودان، ومعظم استثماراتها تتركز في قطاع النفط· بعد ذلك، وصلت إلى السودان شركات نفطية من اليابان، والهند، وماليزيا، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والسويد، ومصر، والسعودية، وقطر، والإمارات، انتشرت هذه الشركات في طول السودان وعرضه، بعد اكتشاف انه لا تخلو ولاية واحدة من ولايات السودان من النفط، فبدأ الإنتاج يزيد، وأصبح السودان دولة مصدرة للنفظ منذ عام ·1999 هكذا فشلت خطة الولايات المتحدة في الاحتفاظ بالنفط السوداني كاحتياطي في باطن الأرض· الأكثر من ذلك أن شركات النفط الأميركية لم تحظ بشيء يذكر من وليمة النفط السودانية حتى الآن، وذلك بسبب قرار العقوبات الأميركية الذي فرضته واشنطن على السودان ومنع هذه الشركات من إبرام أي تعاقدات مع الحكومة السودانية· لذلك بدأت الولايات المتحدة في رسم استراتيجية جديدة للتعامل مع الشأن السوداني، وهذه الاستراتيجية أشبه بخيار ''شمشون''، الذي قرر: إما أن يحصل على النفط السوداني أو أن يشعل فيه النار· دولة مصدرة للنفط النتيجة هي أن السودان أصبح دولة مصدرة للنفط، كان ذلك بالضبط في تمام الساعة الواحدة والنصف من صباح يوم الأربعاء الأول من سبتمبر عام ،1999 عندما غادرت ميناء ''بشائر'' السوداني إلى سنغافورة الباخرة ''ثيوتيكوس'' محملة بــ 615 ألف برميل من النفط السوداني ''خام مزيج النيل''! ثم تفجر النفط السوداني في حقول ''أبوجابرة'' و''شارف'' و''عدارييل'' و''هجليج'' وغيرها حتى وصل إنتاج السودان من النفط في يوليو عام 2002 إلى أكثر من 220 ألف برميل يومياً ثم وصل الرقم إلى نصف مليون برميل يومياً عام ·2005 وزير الطاقة السوداني د· عوض أحمد الجاز أعرب عن تفاؤله في أن يصل هذا الرقم إلى مليون برميل يومياً بنهاية عام ،2006 وهذا يجعل السودان يقفز إلى المرتبة الرابعة أو الخامسة بين الدول الأفريقية المصدرة للنفط· توقعات عوض الجاز بناها على أساس الدراسات الجيولوجية التي قامت بها الشركات الأجنبية العاملة في السودان والتي أكدت وجود تراكيب جيولوجية حاملة للنفط والغاز تنتشر في مختلف مناطق السودان، شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً ووسطاً، مؤكدة بذلك أن إنتاج السودان من النفط سوف يتزايد بشكل مطرد في السنوات القليلة المقبلة، وأن لديه احتياطياً يقدر بمليار برميل! بدأت عائدات تصدير النفط السوداني تصب أيضاً في خزانة الخرطوم اعتباراً من منتصف عام ،1999 وأخذت تزداد حتى أصبحت تشكل 35 في المئة من ايرادات الدولة، فتبدل حال السودانيين، إذ تراجعت نسبة التضخم إلى 16 في المئة فقط عام ،2004 بعد أن وصلت إلى 463 في المئة عام ·1997 وأصبح السودان يحقق معدل نمو وصل إلى 6 في المئة سنوياً، وتوقعت له بعض الدوائر الاقتصادية أن يصبح قريباً ''السابع'' بين الدول العشر الأسرع نمواً في العالم متقدماً على الصين التي تضعها التوقعات في المرتبة التاسعة· وصرح د· صابر محمد الحسن، محافظ البنك المركزي أن هذا الجنيه الجديد سيبدأ تداوله اعتباراً من شهر يوليو الجاري· ظهور هذه الكميات الضخمة من الثروة النفطية في السودان ضاعف من التركيز الدولي على هذه المنطقة، وخصوصاً من قبل الولايات المتحدة التي بدأت تحاول بمختلف الوسائل الحصول على حصة الأسد من الذهب الأسود وإبعاد ما أمكن من الشركات الأوروبية وخصوصاً الفرنسية، والصينية، والهندية، والروسية، والآسيوية، والأفريقية·· لذلك فإن ضخامة الثروات السودانية المكتشفة والمتوقع اكتشافها وضعت السودان في دائرة الخطر وفي قلب ومحور التجاذبات والصراعات الدولية· أورينت برس
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©