السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قبض المهر شرط زفاف الزوجة «عرفاً»

قبض المهر شرط زفاف الزوجة «عرفاً»
25 يوليو 2014 22:20
العرف مصطلح شرعي من مصطلحات أصول الفقه الإسلامي وهو ما تعارفه الناس وساروا عليه من قول أو فعل أو ترك ويسمى العادة وهو عرف عملي مثل تعارف الناس البيع بالتعاطي من غير صيغة لفظية وعرف قولي مثل تعارفهم إطلاق الولد على الذكر دون الأنثى وتعارفهم على أن لا يطلقوا لفظ اللحم على السمك والعرف يأتي من تعارف الناس على اختلاف طبقاتهم عامتهم وخاصتهم بخلاف الإجماع فإنه يتكون من اتفاق المجتهدين والعلماء خاصة ولا دخل للعامة في تكوينه. ويقول الدكتور عبدالله سعيد- أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: جمهور العلماء يعتبرون العرف حجة شرعية يرجع إليها ويحتج بها واستدل العلماء على أن العرف حجة بأدلة كثيرة منها قوله تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)، «سورة الأعراف: الآية 199»، والأمر بالعرف هنا وهو ما تعارفه الناس من الخير وفسروه بالمعروف وهو ضد المنكر وكل ما تعرفه النفس من الخير وتطمئن إليه وهو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله والتقرب إليه والإحسان إلى الناس وكل ما ندب إليه ونهي عنه من المحسنات والمقبحات وهو من الصفات الغالية أي أمر معروف بين الناس إذ رأوه لا ينكرونه. وهو أيضاً حسن الصحبة مع الأهــل وغيرهم والمنكر ضد ذلك جميعه وجاء الأمر به في هذه السورة ليثبت أن العرف أو المعروف أحد أركان الآداب الدينية والتشـريع الإسلامي وهو مبني على اعتبار عادات الأمة الحسنة وما تتواطأ عليه من الأمور النافعة في مصالحها. ومن الأدلة على حجية العرف في الشريعة الإسلامية قوله - صلى الله عليه وسلم: «ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن» يدل هذا الحديث على أن الأمر الذي يجري عليه عرف المسلمين ويرونه حسناً يكون عند الله تعالى حسناً ومعمولاً به وثبت أن الرسول- صلى الله عليه وسلم - قال لهند زوجة أبي سفيان حينما اشتكت إليه بخل زوجها عليها بالنفقة قال لها: «خذي من مال أبي سفيان ما يكفيك ويكفي ولدك بالمعروف» والمعروف هنا مقصود به العرف. والقرآن الكريم قيد طاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالمعروف في عقد مبايعته للنساء وقال عز وجل في ســورة الممتحنة: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، «سورة الممتحنة: الآية 12»، وتعارف الناس على أمر من الأمور دليل على أن العمل به فيه مصلحة لهم أو رفع الحرج عنهم والمصلحة ورفع الحرج كلاهما نوع من أنواع المصلحة وقد أقر الإسلام كثيراً من الأمور التي تعارف عليها الناس قبل الإسلام لما فيها من المصلحة كاعتبار الكفاءة في الزواج وفرض الدية على العاقلة وغير ذلك مما هو معروف في الفقه الإسلامي وهذا يدل على أن الشرع اعتبر العرف وأقر الناس عليه. شروط للعمل بالعرف ووضع العلماء شروطاً للعمل بالعرف في الشريعة الإسلامية منها ألا يناقض نصاً قطعياً، فلا عبرة بعرف يخالف نصاً شرعياً لأنه يكون في هذه الحالة عرفا فاسدا مثل تعارف الناس على التعامل بالربا لأن ذلك يخالف صريح القرآن في قوله تعالى: (. . . وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا . . . )، «سورة البقرة: الآية 257»، أما إذا كان النص ظنيا فإن العرف يخصصه كما خصص علماء الحنفية والمالكية عموم قوله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ . . . )، «سورة البقرة: الآية 223»، فأخرجوا من العام من عرفهن عدم الرضاع وأن يكون العرف في جميع الحوادث أو غالباً أي يجري في أكثرها فلا عبرة بالعرف غير الغالب. والعرف نوعان: عرف صحيح وعرف فاسد، فالعرف الصحيح هو ما تعارف الناس عليه ولا يخالف دليلاً شرعياً ولا يحل محرماً ولا يبطل واجباً كتعارف الناس عقد الاستصناع وتعارفهم تقسيم المهر إلى مقدم ومؤخر وتعارفهم أن الزوجة لا تزف إلى زوجها إلا إذا قبضت جزءاً من مهرها وتعارفهم أن ما يقدمه الخاطب إلى خطيبته من حلي وثياب هو هدية لا من المهر وأما العرف الفاسد، فهو ما تعارف عليه الناس، ولكنه يخالف الشرع أو يحل المحرم أو يبطل الواجب مثل تعارف الناس على كثير من المنكرات في الموالد والمآتم وتعارفهم على أكل الربا وعقود المقامرة. (القاهرة - الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©