الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

صناعة السيارات تترقب التحالف الثلاثي

صناعة السيارات تترقب التحالف الثلاثي
13 يوليو 2006 01:17
إعداد - عدنان عضيمة: قبل الحديث عن أخبار اندماج شركات صناعة السيارات ببعضها البعض أو شراء بعضها لأصول شركة أخرى، من الضروري الإشارة إلى واقع الظروف الاقتصادية الحقيقية التي تعيشها صناعة السيارات ذاتها· ففيما كانت أعمالها ونشاطاتها قبل بضع سنوات تكاد تسير وفق إيقاع ثابت ومفهوم وجدت نفسها الآن فوق رمال متحركة لا يمكن تجنب الغرق فيها إلا لمن يجيد اللعب على عدة حبال في وقت واحد· وتجمعت سلسلة من الظروف من أهمها تزايد حدة المنافسة بين صنّاع السيارات، لتفرض على الشركات تقصير دورات تطوير وتصميم الموديلات الجديدة، وهذا ما جعل هذه الصناعة تبدو وكأنها سباق للأرانب، لا بقاء فيه لمن لا يجيد الجري بطريقة متوازنة ومن دون توقف· وبهذا أصبح المبدأ الذي يسود الأسواق: إما أن تتطور بسرعة الصاروخ أو تخرج من السوق· ويتطلب الالتزام بهذا المبدأ القاسي تخصيص المبالغ الضخمة لتغطية نفقات التطوير المستمر للموديلات التي تصنعها كل شركة· ولم يكن في وسع أي من الشركات العالمية المتخصصة أن تخسر جولة واحدة في هذا السباق لأن من شأن الفشل في تطوير واحدة فحسب من السيارات أن يقود الشركة إلى خسائر فادحة بالإضافة إلى ما سيلحق بسمعتها من ضرر في الأسواق· معطيات جديدة علاوة على ذلك، فإن الارتفاع الكبير والمستقر في أسعار النفط الخام كتب له أن يغيّر توجهات مشتري السيارات أنفسهم ما فرض على الأسواق معادلات جديدة لم تكن بعض الشركات مهيأة للتعامل معها· وعندما كان سعر الجالون (4 لترات) من البنزين في الولايات المتحدة قبل عشر سنوات أقل من دولار واحد كانت لزبائن السيارات نظرة مختلفة عن تلك التي ينظرون بها اليوم حول السيارات التي تنسجم مع إمكاناتهم وبعد أن تجاوز سعر الجالون 5 دولارات· وفيما كانت سيارات الدفع الرباعي وعربات البيك آب تلقى في الولايات المتحدة نفس الرواج الذي تلقاه ألواح الشوكولاتة وسندويتشات الهمبورجر، فقد أخذ أعداد زبائنها في التقلص السريع بعد أن أجبرتهم الظروف على البحث عن سيارات الجيب، فما الذي يمكن أن ينتظر شركة لصناعة السيارات كانت قد رسمت سياساتها على الأسس القديمة عندما آثرت التخصص في صناعة رباعيات الدفع والبيك آب النهمة للوقود؟· وبعد كل هذا وذاك، تأتي الحملة المتصاعدة على (السيارات غير الصديقة للبيئة) لتزيد من ارتباك صنّاع السيارات· وكتب لهذا الموضوع أن يتحوّل بسرعة عجيبة من قضية خلافية بين المؤسسات القانونية وصنّاع السيارات إلى مطالبة شعبية بسبب الانتشار السريع للثقافة البيئية· واتضحت هذه الظاهرة على أرض الواقع عندما بدأ الكثير من المستهلكين يضعون شرط الصداقة مع البيئة ضمن أولويات الخصائص التي يبحثون عنها في السيارات الجديدة· وإذا ما استثنينا بعض صنّاع السيارات اليابانيين وعلى رأسهم تويوتا، يمكن القول إن معظم الشركات العالمية وجدت نفسها في مأزق كبير· وبدأت الأخبار حول تراجع المبيعات والخسائر وانخفاض عوائد كبريات الشركات العالمية الرائدة في هذه الصناعة بما فيها جنرال موتورز وفورد· التحالف هو الحل وفي الوقت الذي تمر فيه جنرال موتورز الأميركية ورينو الفرنسية بعملية إعادة هيكلة مؤلمة انتهت نيسان اليابانية مؤخراً فقط من عملية إصلاح شاملة حققت نجاحاً كبيراً يعزى فضله لمنقذ الشركات العالمية الشهير كارلوس غصن· وسبق لشركة ''رينو'' أن وجدت لنفسها حلاً معقولاً عندما أسست ائتلافاً مع شركة نيسان بعد أن اشترت أكثر من نصف أسهمها· وحققت من ذلك مجموعة فوائد ربما كان من أهمها أن أصبح كارولوس غصن رئيساً لمجلس إدارتها· وكان من الطبيعي أن يفكر رئيس مجلس إدارة شركة جنرال موتورز ريتشارد فاجونر، وكارلوس غصن رئيس مجلس إدارة شركتي رينو ونيسان والذي يحظى بسمعة طيبة عندما يتعلق الأمر بإصلاح شركة خاسرة بإقامة ائتلاف شراكة بين الشركات الثلاث· وبمجرد تسرب هذه الأخبار إلى وكالات الأنباء، ارتفعت أصوات بعض المشككين في صفقة القرن من خلال تصريح كبار المحللين الاقتصاديين الأميركيين بأنهم لا يعتقدون أن في وسع شركة (رينو) الفرنسية أن تلعب دور المنقذ لجنرال موتورز المتعثرة بعد أن أخفقت في اقتحام السوق الأميركية ذاته· ومنيت جنرال موتورز التي تصارع بشدة لكي تظل تحتفظ بمكانتها كأكبر شركة لتصنيع السيارات في العالم بخسائر بلغت 10,6 مليار دولار في عام 2005 فيما انخفضت حصتها في السوق الأميركية إلى 26,5 في المئة، وهي أدنى نسبة منذ 80 عاماً· ولطالما كان الشك يحوّم على كل التحالفات التي تعقد بين ضفتي الأطلسي ففي العام الماضي اضطرت جنرال موتورز إلى أن تدفع لشركة فيات الإيطالية المتعثرة ملياري دولار لم تكن تمتلكها لتجنب اندماج بين الشركتين سبق أن اتفقتا عليه في السابق· يضاف إلى ذلك ما يراه المحللون من أن النموذج الاجتماعي لأوروبا فيما يتعلق بقوانين العمل، لن يساعد بقدر ما سيضر بجهود إعادة الهيكلة التي تبذلها جنرال موتورز خاصة في الوقت الذي يمكن أن تدفع فيه عدم قدرة رينو على خفض قوة العمالة بها نقابات العمال في جنرال موتورز إلى الاعتراض على عمليات جديدة لتسريح العمال· عودة المنقذ وفيما اتضح تشكك فاجونر في جدوى هذا الائتلاف، أبدى كارلوس غصن تفاؤله بهذه الصفقة· وربما يمكن للمرء أن يتنبأ بنتائج هذا التطور من خلال الوصف الذي أطلقته مجلة ''بيزنس ويك'' على غصن بأنه ''أستاذ مهمة إنقاذ الشركات''· ويقاوم غصن (52 عاماً) بشدة معظم المواقف التي ترى أن هذه الشراكة فكرة سيئة· وبصفته رئيساً لمجلس إدارة رينو ونيسان فهو يرأس بالفعل إحدى أضخم الشراكات الناجحة في عالم السيارات بالرغم من البعد الجغرافي الشاسع الذي يفصل بين الشركتين· ومنذ توليه مهمة قيادة نيسان في أبريل من عام 1999 حيث كانت تبلغ ديونها الصافية 12,2 مليار دولار حول غصن الشركة اليابانية إلى أكثر الشركات العالمية تحقيقا للربحية عن طريق سلسلة من الإجراءات الصارمة لخفض النفقات وخطة واضحة للتعافي لاقت دعماً كاملاً من نقابات العمال في الشركة· ويتناقض نموذجه في العمل بشدة مع أسلوب فاجونر الذي تبنى اتجاهاً متدرّجاً لإعادة الهيكلة رآه بعض مستثمري جنرال موتورز بطيئا للغاية· وكان الملياردير الأميركي كيرك كيركوريان، الذي تمتلك شركته الاستثمارية تراسيندا كورب 9,9 بالمئة من جنرال موتورز، أول من أثار هذه الضجة في 30 يونيو الماضي عندما أرسلت شركته خطابا إلى فاجونر تحثه فيه على المضي قدما في تنفيذ صفقة الشراكة· وقال كيركوريان الذي التقى غصن في وقت سابق من الشهر الحالي إن رينو ونيسان ''منفتحتان على الفكرة''· ويأمل كيركوريان في أن يضغط غصن على جنرال موتورز التي تتخذ من ديترويت مقراً لها للإسراع بخطواتها لإعادة الهيكلة مما أثار مخاوف بعض المراقبين الذين يقولون إن إدخال مثل هذه الثقافة الأجنبية تعد دلالة أخرى على أن شركات صناعة السيارات الأميركية الثلاثة الكبرى بدأت تفقد مكانتها· شكوك وبالرغم من كل هذا، أبقى بعض المحللين على شكهم بأن يكون غصن هو الذي يمتلك العصا السحرية· وبدأت جنرال موتورز بالفعل بتحسين أدائها دون مساعدة خارجية حيث شرع فاجونر في تنفيذ برنامج إعادة الهيكلة الخاص به· وقد وافق 35 ألف عامل في فروع الشركة في أميركا الشمالية بشكل مفاجئ على الحصول مكافآت للتقاعد المبكر أو التعويضات ما يتيح للشركة استكمال خططها لخفض الوظائف وإغلاق 12 مصنعا بحلول 2008 قبل عام من الموعد الذي سبق تحديده من قبل· كما توصلت جنرال موتورز لاتفاق مع نقابات العمال على خفض تكاليف الرعاية الصحية والمعاشات مما سيوفر على الشركة في النهاية عشرة مليارات دولار سنوياً· وبعد كل هذه العثرات التي مرت بها جنرال موتورز فلقد ارتفعت القيمة السوقية لسهمها بنسبة 8,6 بالمئة في 30 يونيو الماضي عندما نشرت أخبار الشراكة المنتظرة للمرة الأولى بين العمالقة الثلاثة· وتتركز الأنظار الآن على اجتماع بين غصن وفاجونر في 14 يوليو الجاري مع انطلاق الجولة الأولى من المباحثات حول عقد هذه الشراكة· ورحب الملياردير الأميركي كيرك كيركوريان، صاحب النسبة الكبيرة في أسهم شركة جنرال موتورز الأميركية، بقرار الشركة الدخول في مفاوضات مع شركتي رينو ونيسان المنافستين لجنرال موتورز معتبرا ذلك ''خطوة أولى جيدة''· وأعرب اتحاد العاملين في قطاع السيارات الأميركية عن مخاوفه من أن يؤدي هذا التحالف إلى فقدان المزيد من الوظائف في قطاع صناعة السيارات في الولايات المتحدة الأميركية· وكان مجلس إدارة شركة جنرال موتورز المتعسرة قد أعطى الضوء الأخضر لريك فاجونير للشروع في مفاوضات مع شركتي رينو الفرنسية ونيسان اليابانية اللتين حققتا نجاحا ملحوظا في السنوات الأخيرة منذ بدء التعاون فيما بينهما· ومن المنتظر أن يبدأ فاجونير مفاوضاته مع كارلوس غصن في الرابع عشر من يوليو الجاري (غداً الجمعة)· وكان كيركوريان حثّ جنرال موتورز على اتخاذ هذه الخطوة من أجل إصلاح الشركة منتقدا تباطؤ أصحاب القرار فيها باتخاذ موقف حاسم من أجل الخروج بها من موقفها الصعب· كما انتقد كيركوريان بشكل غير مباشر تفويض فاجونير بالقيام بهذه المفاوضات قائلا إن مثل هذه الفرصة الفريدة تحتاج لتشكيل لجنة تابعة لمجلس الإدارة تحصل على استشارات مالية وقانونية مستقلة· وتهدف شركة جنرال موتورز بدخولها في مفاوضات مع مجموعة رينو نيسان إلى تأمين نفسها ضد الشكاوى المحتملة لبعض كبار المساهمين فيها إن لم توافق على إطلاق هذه المفاوضات· ---------------------- --------------------
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©