السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

ميزانيات «فقيرة».. وأحلام كبيرة!

ميزانيات «فقيرة».. وأحلام كبيرة!
20 ديسمبر 2016 21:44
أبوظبي (الاتحاد) كم تصل تكلفة الرياضي للحصول على ميدالية أولمبية؟ عندما تقرأ الأرقام وتكتشف حجم الفارق الكبير بيننا وبينهم، بالتأكيد ستختفي كل علامات الغضب التي تحتل وجوهنا بعد كل دورة أولمبية! فالميدالية التي لا تتعدي كُلفة تصنيعها حاجز الـ600 دولار (2200 درهم) تنفق الدول عليها الملايين من أجل الفوز بها؟ ما تنفقه اللجان الأولمبية في معظم الدول العربية لا يكفى إلا للإعداد للبطولات القارية والإقليمية، أما الألعاب الأولمبية فلها ميزانيات وخطط وبرامج أخرى. تقارير الصحف البريطانية، وكذلك الأميركية عقب نهاية أولمبياد ريو دي جانيرو التي أقيمت في صيف 2016 كانت الأكثر تناولاً لملف تكلفة الميدالية الأولمبية في كل من بريطانيا وأميركا، على الرغم من اختلاف مصادر التمويل في كل منهما، فالتمويل حكومي في المقام الأول ثم شعبي في بريطانيا، ولكنه تمويل تجاري وخاص في أميركا حيث لا تتحمل الحكومة شيئاً، وعلى أي حال تتفاوت كلفة الحصول على الميدالية الأولمبية من بلد إلى آخر، وهو ما يختلف عن كلفة صناعة بطل أولمبي، فالأولى تعني الدعم المالي المباشر خلال 4 سنوات، والثانية تعني ما يتم إنفاقه على البطل الأولمبي منذ بدايات احترافه. صحيفة «ذي إندبندنت» البريطانية أشارت إلى أن ما تم رصده للإنفاق على الفريق الأولمبي البريطاني المشارك في أولمبياد ريو دي جانيرو خلال السنوات الأربع التي سبقت المنافسات وأثناء الدورة بلغ 347 مليون جنيه إسترليني، وبلغت حصيلة الميداليات البريطانية 67 ميدالية، مما يعني أن كلفة الميدالية الواحدة بلغت 5.1 مليون إسترليني وهو ما يعادل 24 مليون درهم تقريباً. بريطانيا حلت في المركز الثاني خلف الولايات المتحدة في جدول الميداليات في مفاجأة من العيار الثقيل متفوقة على القوى التقليدية مثل الصين وروسيا وألمانيا واليابان وفرنسا وكوريا وإيطاليا وأستراليا وغيرها من الدول التي تشتهر بارتفاع حصيلة الميداليات الأولمبية. أما الولايات المتحدة الأميركية فقد بلغت كلفة الحصول على الميدالية الأولمبية فيها 1.160 مليون جنيه إسترليني قياساً بما تم الحصول عليه من ميداليات وما تم إنفاقه في آخر 5 دورات أولمبية وفقاً لتقرير صحيفة «ذي إندبندنت» البريطانية، وهو ما يعادل 5.2 مليون درهم تقريباً، فيما بلغت كلفة الميدالية الأولمبية لأبطال جنوب أفريقيا باعتبارها ممثلاً لدول العالم الثالث 1.226 مليون جنيه إسترليني، وهو ما يعادل 5.6 ملايين درهم تقريباً. وفي أستراليا أشارت صحيفة «ذي أوسترليان» في تقرير لها عمّا سوف يتحمله دافع الضرائب لكي تحصل أستراليا على ميدالية أولمبية، وهي إشارة صريحة إلى أن ميزانية إعداد أبطال أستراليا للمشاركة في الدورات الأولمبية تتكفل بها الحكومة، وقد بلغت هذه الكلفة نحو 12 مليون دولار أسترالي، أي نحو 33 مليون درهم للميدالية الواحدة، فقد أنفقت أستراليا 332 مليون دولار بين دورتي لندن 2012 وريو دي جانيرو 2016، منها 115 مليوناً ذهبت للألعاب والرياضيين الذين لم يحققوا أي ميدالية في الأولمبياد الأخير. هذه الأرقام التي تنفقها بعض الدول العظمي تعكس قيمة وحجم الرياضة في حياة تلك الشعوب على كل المستويات. وعندما نقارن بين هذه الأرقام والأرقام التي أنفقتها بعض الدول العربية سنجد أنفسنا أمام أرقام متواضعة لا تكفي لتحقيق ميدالية في بطولة عربية وليست ألعاب أولمبية. نبدأ من المغرب حيث أنفقت اللجنة الأولمبية المغربية 19 مليون دولار في السنوات الست الأخيرة، ضمنها ميزانية المشاركة في دورتي لندن 2012 وريو 2016. إضافة إلى كلفة المشاركة في الألعاب العربية والشتوية والفرانكوفونية. وأكد نورالدين بن عبدالنبي، أمين صندوق اللجنة الأولمبية المغربية، أنه كان من المفترض صرف 33 مليون دولار، إلا أنه في النهاية تم صرف 55 في المئة من المبلغ الإجمالي الذي رصدته الدولة. وإذا كانت بريطانيا قد أنفقت على بعثتها 347 مليون جنيه إسترليني «ما يعادل مليار و275 مليون درهم»، فإن وزارة الشباب والرياضة المصرية أنفقت 130 مليون جنيه مصري، وهو ما يعادل 13 مليون دولار (47.7 مليون درهم) لإعداد 122 لاعباً ولاعبة للمشاركة في دورة ريو. وكما يقول هشام حطب رئيس اللجنة الأولمبية المصرية، إن تكلفة إعداد أي لاعب للحصول على ميدالية أولمبية لا تقل عن مليون دولار سنوياً، وبحسبة بسيطة فإن تكلفة إعداد كل المشاركين في البعثة المصرية 13 مليون دولار، وهذا المبلغ ميزانية إعداد 3 لاعبين فقط وقد حققنا 3 ميداليات ونحتاج إلى إعداد 117 لاعباً ولاعبة للدورة المقبلة بطوكيو. ومن مصر إلى تونس لا يختلف الحال كثيراً، فالبعثة التونسية التي حصدت 3 ميداليات برونزية عن طريق أسامة الوسلاتي في التايكوندو، ومروى العامري في المصارعة، وإيناس البوبكري في المبارزة، كان يمكن أن يتضاعف هذا الحصاد في حال توافر الإمكانيات المادية. ورغم غياب الأرقام والإحصاءات الرسمية في هذا المجال، فإن بعض المصادر أكدت لنا أن برامج الإعداد السنوية لأسامة الملولي قبل الألعاب الأولمبية قاربت كلفتها نحو مليون و600 ألف دينار، أي ما يعادل تقريباً 650 ألف يورو سنوياً، وحسب نفس المصادر فإن الملولي حصل على دعم سنوي قرابة 10 سنوات، وتحديداً منذ انتقاله من تونس إلى فرنسا ثم الولايات المتحدة الأميركية. كما تم تخصص مبالغ مالية سنوية للبطلة الأولمبية السابقة حبيبة الغريبي وصل إلى أربعة ملايين دينار تونسي خلال أربع سنوات، أي ما يعادل 2 مليون يورو إجمالاً، وطبقاً لبعض التقارير فإن المسؤولي عن الرياضة التونسية يهتمون كثيراً بأبطال النخبة، حيث يتم إبرام «عقود أهداف» معهم، تقتضي ضرورة تحقيق نتائج إيجابية في البطولات العالمية الكبرى والألعاب الأولمبية مقابل حصول هؤلاء الرياضيين على امتيازات مالية سنوية تساعدهم على الاستعداد داخل أو خارج تونس، وتضمن لهم المشاركة في عدة دورات وبطولات تحضيرية، كما تتكفل أحياناً أيضاً بصرف رواتب الجهاز الفني لهؤلاء الرياضيين. وعندما نذهب إلى لبنان نجد الوضع أكثر صعوبة، حيث وصلت ميزانية الإعداد لدورة ريو دي جانيرو الأخيرة 400 ألف دولار منها 350 ألفاً دعماً لـ8 لاعبين جاءت من ميزانيات التضامن الأولمبي وصندوق اللجنة اللبنانية الخاص، وفي النهاية لم تحقق البعثة شيئاً. وهنا في الإمارات توقفتُ أمام قرار مجلس الشارقة الرياضي قبل أيام قليلة، بتحصيص 20 مليون درهم لصناعة بطل أولمبي في 2020، حيث تم تخصيص 5 ملايين درهم لكل سنة حتى موعد الدورة الأولمبية المقبلة في طوكيو، والبداية ستكون بـ7 ألعاب هي: التايكوندو، والقوس والسهم، والرماية، والجودو، وسلاح الشيش سيدات، والتجديف الحديث، والمعاقين. وعقد المجلس اجتماعاً مع محمد الكمالي الأمين العام للجنة الأولمبية الوطنية، من أجل التعاون الكامل في هذا المشروع الحيوي حتى تقطف الرياضة ثماره خلال 4 سنوات، حيث تم تشكيل لجنة من المجلس و«الأولمبية»، تتمثل مهمة اللجنة الأولمبية الوطنية في الإشراف والدعم الفني، فيما يقوم مجلس الشارقة الرياضي بالدعم المالي واختيار الألعاب، وعيَّن المجلس 4 خبراء من أجل تطوير الرياضة في الإمارة الباسمة. ورغم إيجابية الخطوة يبقى السؤال: هل تكفي 5 ملايين درهم لإعداد أبطال أولمبيين في 7 ألعاب سنوياً؟ وهل كل الأرقام والمبالغ التي تنفقها الدول العربية مقارنةً بالولايات المتحدة ودول أوروبا تؤهل أبطالنا للفوز بعشرات الميدالية الذهبية كل أربع سنوات؟ أم أنها مجرد أحلام تتجاوز بكثير حدود واقعنا وميزانياتنا ؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©