فاز بكأس العالم كلاعب عام ،1974 ثم فاز كمدير فني عام ،1990 ولكنه لم يحمله كرئيس للجنة الألمانية المنظمة لمونديال ،2006 غير أن ذلك لم يمنع الألمان من أن ينظروا إلى نجمهم المحبوب القيصر فرانز بيكنباور على أنه أسطورة، ويغفرون له أية أخطاء، بل هم مقتنعون بأنه أشبه بالكيميائي القادر على تحويل أي شيء يلمسه إلى ذهب·
منذ 9 يونيو الماضي وهو ينتقل بطائرة هليوكبتر من طراز أوجوستا 109 مزودة بمحركين توربينيين يسمحان لها ببلوغ سرعة قدرها 330 كم في الساعة·· وحضر بالفعل 46 مباراة من الـ 64 مباراة بما فيها مباراة تحديد المركز الثالث، والمباراة النهائية بين ايطاليا وفرنسا والتي طوق فيها أعناق لاعبي إيطاليا بالميداليات الذهبية، ولاعبي فرنسا بالميداليات الفضية·
دائم الابتسام
وقد رصدت عيون صحفيي صحيفة الايكيب الفرنسية، ومراسليها في ألمانيا تحركات القيصر على امتداد البطولة فقالت: في المقصورة الرسمية تراه متألقاً يشع نشاطاً وحيوية، ويصافح أيادي علية القوم والمسؤولين الرسميين، ويتعامل بلطف وود مع الجميع· وفي يوم الافتتاح في استاد مدينة ميونيخ ظل واقفاً لأكثر من ساعة أمام المدخل المخصص للشخصيات المهمة، ولم يبد أي سأم أو ضجر أو تعب، وإنما كان دائم الابتسام·
وبعد الفوز الغالي للألمان على منتخب الأرجنتين في دور الثمانية ملأت الصحافة الألمانية الشعبية صفحاتها بصور عناقه الحاد والتلقائي للمستشارة أنجيلا ميركل، وكانت نفس هذه الصحافة الألمانية قد أبدت دهشتها لقدرة بيكنباور على التواجد في أكثر من مكان، كما لو كان يملك موهبة خاصة في هذا الاتجاه، أو ربما - حسبما تساءلت هذه الصحف - كان له ''دوبلير'' يستخدمه ليحل محله في أكثر من مكان· وكان تعليق رئيس تحرير صحيفة ''كيكر'' الألمانية على ذلك أن قال: فرانز هكذا دائماً·· لا يستطيع أن يقدم أداء نص نص، وإنما يستثمر جهده دائماً بنسبة مائة في المائة ولا يقل عن ذلك أبداً·
مضيف رائع
والرحلات المكوكية التي كان يقوم بها بيكنباور بين الاستادات المختلفة لم تصبه بالتعب أبداً لأنه كان يفعل ذلك وهو في منتهى السعادة على حد قول ماركوس هوفل الملحق الصحفي الذي كان يرافقه دائماً· وعن ذلك يقول كارل هاينز رومينيجي رئيس مجلس ادارة نادي بايرن ميونيخ: فرانز لم يعد شاباً يافعاً فهو في الستين من عمره ولكنه يشعر بأنه شاب جداً وهذا هو الأهم· أما بيرتي فوجتس صديقه وزميله في المنتخب الألماني الذي فاز بمونديال 1974 فيقول: فرانز ظاهرة لا تتكرر، وهو يحصد ثمار عمله وتعبه، ولقد قاتل سنوات طويلة من أجل أن يكون كأس العالم عيداً كبيراً·· واليوم نستطيع أن نقول إنه نجح على كافة المستويات·
ويصفه نائب رئيس اللجنة المنظمة لمونديال ألمانيا فولفجانج نايرسباخ بأنه مضيف رائع وأنه يجسد النموذج الرائع والمرآة المشرفة لألمانيا وأكبر دليل على ذلك طريقة استقباله للناس وحرارته كإنسان·
ويضيف فولفجانج: نجاح فرانز لم يدهشني مطلقاً وإن كان ما قام به وصنعه فريد من نوعه·· لقد عرفته لاعباً ومدرباً ومديراً فنياً، ولكن دوره كسفير يمثل بالنسبة له ضمانة نجاح، وكل لحظة أمضيتها إلى جواره كانت تمثل لي فرحة لا حدود لها·
تاجر السعادة
أما أوتمار هاتيزفيلد أحد أشهر الفنيين المتخصصين في البلاد، فيقول عن بيكنباور: فرانز بيكنباور كامل في تنظيم هذه البطولة على الأراضي الألمانية·· واذا كنا قد حضرنا وشاهدنا كأس عالم رائعة بدون تجاوزات، وفي ظروف مزاجية ممتازة للجميع، فذلك بفضله·· إنها كأس العالم الخاصة به·
ويعاود رومينيجي التذكير بأنه ما كان يمكن لألمانيا أن تحصل أبداً على تنظيم هذه البطولة بدون فرانز·· فبفضله تملك ألمانيا أجمل استادات العالم·· إنه أهم شخصية كروية في ألمانيا وربما الأهم على مستوى أوروبا·· إنه رجل رائع وأنا معجب به·
والحقيقة أن ألمانيا كلها تشارك رومينيجي هذا الرأي ويعتبرون فرانز بيكنباور هو تاجر السعادة أو بمعنى أدق حامل السعادة لهم جميعاً وهم على اقتناع كامل بأنه قادر على قلب أي موقف أو وضع سلبي إلى ايجابي، وقادر فعلاً على أن يحول أي شيء إلى ذهب كما لو كان كيميائياً بارعاً·
توقيت الزواج تكريم للأم
ورغم أن بيكنباور أصبح جداً منذ فترة، إلا أنه انتهز فرصة كأس العالم لكي يتزوج للمرة الثالثة في حفل ضيق ومحدود على المقربين منه·· حدث ذلك يوم 23 يونيو الماضي في الساعة الثانية عشرة والنصف ظهراً بمقاطعة أوبرندورف بالنمسا·· غاب بيكنباور عن حضور مباراتين لكي يتزوج من صديقته هايدي بورميستر (39 سنة)·
وكان هذا الزواج وتوقيته مفاجأة للكثيرين، إلا أن بيكنباور فسر ما حدث ببساطة شديدة عندما قال إنه يتزوج في نفس يوم مولد والدته كنوع من التكريم لها بعد أن كانت قد توفيت في شهر يناير الماضي عن عمر يناهز 92 سنة· ورغم الخصوصية الشديدة لحفل الزواج إلا أن ذلك لم يمنع صحيفة ''بيلد'' الألمانية من أن تلتقط أولى الصور للزوجين الكبيرين وهما يبتسمان ويبدوان كعاشقين صغيرين، بل وأكدت الصحيفة في عددها الصادر يوم 24 يونيو الماضي أن بيكنباور وعروسه هايدي سعيدان· لقد أسهم القيصر بيكنباور بقوة في نجاح تنظيم بلاده لأهم حدث كروي عالمي، وسمح لبلاده بأن تمحو الصورة السلبية القديمة التي التصقت بها·· وبفضله تعلم الألمان من جديد كيف يهللون ويبتهجون دون أية محاذير·· إنها النهاية الرائعة لنجم كروي جميل كانت أهم صفاته وهو لاعب الكفاءة والجدارة والكبرياء·
ملك الرحلات الجوية
فيما بين طهران يوم 2 اكتوبر 2005 وسيدني في 27 مارس ،2006 قام بيكنباور بزيارة الـ 31 دولة التي تأهلت منتخباتها للمونديال الألماني وقطع خلال هذه الزيارات 132 ألفا و276 كيلومتراً أي ما يعادل الدوران حول العالم ثلاث مرات وكان يعلق على ذلك بقوله: لقد كانت تجربة فريدة في نوعها ولم أشأ تحت أي ظرف أو ذريعة أن أفوِّتها· وخلال كأس العالم نفسها، فيما بين 9 يونيو و9 يوليو، حلق القيصر في سماء ألمانيا لمسافة 30 ألف كيلومتر بالطائرة الهليوكبتر·· من استاد إلى آخر لكي يشاهد 46 مباراة من 64 مباراة، وهذا في حد ذاته يمثل تكلفة قدرها 156 ألفا و600 يورو· ويقول بيكنباور بعد عناء وتعب وجهد شهور طويلة·· لا أعتاد النظر خلفي·· لقد أمضيت لحظات طيبة جداً وبانتهاء كأس العالم، فإنني قد أغادر المجموعة الشمسية كلها وأذهب إلى المريخ!!
عدد اليوم
