1
قلقٌ وحلمٌ تاهَ عنهُ المرفأُ
قلبٌ على نبضاتِهِ يتوكأُ
زمنٌ تجاذبَهُ الدروبُ بحيْرةٍ
والكلُّ خلفَ توجسٍ يتهيأُ
ولدَ بن سلطانٍ سلامةُ أمهُ
في الحصنِ كان المبتدا والمنشأُ
2
مذْ كان طفلاً شفَّ بالأسرارِ
ومضى يرتلُ شهقةَ الأنوارِ
أوحتْ له الكلماتُ أبصرَ كنْهها
ومضى خطاهُ تفيض بالإصرارِ
فكأنه يسعى ليدركَ سرَّهُ
ببصيرةٍ شفَّتْ عن الأبصارِ
3
ومضى يسائلُ كلَّ شيءٍ حولَهُ
حتى يُتمَّ مع المعارفِ قولَهُ
هو بالسؤالِ رأى وأيقن ما رأى
بصفائه كلُّ الرؤى تصفو لهُ
فبكلِّه اغترفَ المعارفَ عاشقاً
فكأنَّما العرفانُ يلبسُ كلَّهُ
4
عرفَ ابنُ خمسٍ في السؤالِ خطابا
ومضى يقلِّبُ أسطراً وكتابا
ماشاء يغترفُ المعارفَ قلبهُ
والعقلُ شفَّ عن الحجابِ حجابا
فكأنه لبس السحابَ عباءةً
نسج الحروفَ كما يشاءُ سحابا
5
قال (المطاوع) ما عرفتُ سواهُ
صار الكتابُ هواءهُ وهواهُ
فكأنه عرف السبيلَ إلى العلى
أن يصطفي من حكمةٍ رؤياهُ
ليكونَ في المعنى مشارفَ سرِّه
ويصوغَ من خلفِ الرؤى معناهُ
6
ابنُ الثمانية اصطفاهُ يُتمهُ
فاستدرجتْ ملحَ التصبرِ أمُهُ
ومضى يرتِّبُ في الوجودِ وجودَهُ
حتى يوافيهِ بعزمٍ حلمُهُ
حمل الكتابَ لكي يضيء طريقَهُ
فأصابَ أسرارَ المسافةِ سهمهُ
7
قالتْ سلامةُ أمهُ يازايدُ
كنْ أنتَ نفسكَ فالقيادةُ قائدُ
كنْ شاهداً واسمعْ لقلبك دائماً
فالقلب إن ضلتْ رؤاكَ الشاهدُ
إملأ سلالك من نخيلٍ طيبٍ
واجعل يقينكَ ما يشاءُ الواحدُ
8
نادى رؤاهُ قالَ ياكلماتُ
أنت الحياةُ ولا سواكِ حياةُ
أنت السبيلُ لكي أرى مالا يُرى
ولكي تفيضَ من المحبةِ ذاتُ
كوني حروفاً مثقلاتٍ بالندى
حتى تُبللَ بالندى الأوقاتُ
9
في (العين) شبَّ وطافَ كيف يشاءُ
وتشكلتْ في سره الأسماءُ
حتى سقى أحلامَهُ فتفتحتْ
وتنفستْ في وجدهِ الأشياءُ
أوحى له الترحالُ كشفَ جهاتِهِ
فمضى ليكتنف الضياءَ ضياءُ
10
قال: المعارفُ لا تهيءُ إلى البشرْ
إلا إذا كشفوا إشاراتِ الصورْ
فالماءُ تلبسه عذوبةُ مائه
إما جرى وجداً على مدِّ النظرْ
والمرءُ لا تصفو رسائلُ بوحه
إلا إذا عرف السبيلَ إلى السفرْ
11
طافَ البلادَ بشرقها وبغربها
في بُعدِها شفَّ الرؤى وبقربِها
زرع الدروبَ بحبه فسعت له
أنَّى سعى تهمي سحائبُ حبها
شهدَ المسافاتِ التي شهدتْ له
فبقلبه عرف البلادَ بقلبها
12
في (العين) رتَّبَ سحرها ترتيبا
حتى بدتْ طيبا يعانق طيبا
فكأنها نهضتْ بعين بهائها
كي ترتدي ثوب البهاء قشيبا
بالحب أيقظها لتدرك حلمَها
وبدا لها حلمُ الوصول قريبا
13
نهجَ السبيلَ بحكمةِ الإيمانِ
وبنزعة الإنسانِ للإنسانِ
لم يكتنزْ حلماً لذات وجوده
بل كان في أحلامهِ المتفاني
فكأنه لبس المحبةَ بردةً
ليفيضَ في سرٍّ من العرفانِ
14
ولأنه حمل البلاد بقلبه
بَصرَ البعيدَ لكي يفيء لقربه
هاءت ( أبو ظبي ) له بزمامها
فمضى يرتِّبُ دربها في دربه
حتى رأت فيه تصوف عاشقٍ
في حبها فاستغرقت في حبهِ
15
ألقى بصائرَه على الصحراءِ
فرأى إماراتٍ بعين الماءِ
أوحى بأنَّ الرملَ يعرف بعضهُ
والنخلُ أكمامٌ من الأضواءِ
فلِمَ التفرقُ قالها متأملاً
ببصيرةٍ في صبغةِ الأشياءِ
16
قال: اتحادٌ بالقلوب يمدُّنا
أنَّى نشدُّ بقوةٍ ويشدُّنا
فلنكتملْ بمحبةٍ حتى نرى
سبلَ الحياة ليصطفينا وجدُنا
مدُّوا القلوب لتستوي صحراؤنا
حلماً ومن نبض الجدود تمدُنا
17
سبعٌ إماراتٌ توَّدَ حلمُها
وانزاح عنها بالمحبةِ عتمُها
فبعزم زايدَ رتَّبتْ أحلامها
حتى تَوَحَّدَ بالتآلف عزمُها
عزم الرجال إذا استوى في حكمةٍ
عرف السبيلَ إلى البصيرةِ سهمُه
18
في الحكمِ كان مشاوراً وحكيما
ومفكرا ، متأملا، وعليما
فاق الخياَل بحِلمه وبحمله
فبقلبه صار الجميع حليما
قال: الشعوبُ أمانةٌ في عنقنا
فأحبَّ شعبكَ كي تكونَ عظيما
19
منهاجه دينٌ حنيفٌ قيمُ
عدلٌ وإنصافٌ وقلبٌ يحكمُ
فمن اتقى بالناس خالقه سعى
بيقينه نحو الرؤى لا يُهزمُ
هو قائدٌ وأبٌ يسوسُ رعيةً
شيخٌ بأعرافِ الجدودِ ، معلِّمُ
20
كلماتُه تسعُ البساطة والندى
والبحر كان مع البساطة موردا
أبوابه مفتوحةٌ أبدا ولن
تتواربَ الأبواب أو أن توصدا
لم يتخذ بالحكم صورةَ غيره
هو ذاته أمسى مثالا يُقتدى
21
قال: التعاونُ ياخليجُ سبيلُ
حتى يهيءَ إلى النخيلِ نخيلُ
فإذا الأشقاءُ استجابوا كلُّهم
والحبُّ في ذاكَ اللقاءِ دليلُ
قالَ : اهتدينا بالهدى لوجودنا
وجميعنا يا أخوتي مسؤولُ
22
في همِّهِ أن يَسعدَ الإنسانُ
كي يستوي في ذاته البنيانُ
فهو الذي صبغ الفؤادَ بصبغةٍ
في كنهها يُستبصرُ القرآنُ
وجْدٌ يلفُ الناس في أحوالهم
فإذا السياسةُ كنهها الوجدانُ
23
قال: الخليجُ إذا تآلفَ بينهُ
أَمِنَ الذين تربصوهُ وأمنَهُ
وبأمنهِ أمْنُ العروبةِ يستوي
فكأنها في ذاته وكأنَهُ
لا يستوي حلم الضعيف بضعفه
إن القوي الحلمُ يسكنُ عينه
24
قال: الشبابُ عمادُنا كي نرتقي
هم جذوةُ الرؤيا وعينُ المنطقِ
هم عيننا إمَّا نرى ويقيننا
في رحلة الزمن المخيف المُقلقِ
فبهم نجوزُ المجدَ في أسراره
ونفيض حلما في مدار المشرقِ
25
قال: الهويةُ أن نعي ماضينا
في حاضر حتى يكون مبينا
فنرى بعين الوجد حلما قادما
يسعى ليصبح في القلوب يقينا
إن الزمان إذا تجادلَ سرهُ
في سرِّنا كشفَ المسافة فينا
26
قال: الحضارةُ سرُّها المكنونُ
أن نبنيَ الإنسانَ حيث يكونُ
وبأن نحاور غيرنا بعزيمةٍ
وبياننا في الآخرِ التبيينُ
فيقيننا الإسلامُ دينُ محبةٍ
دون المحبةِ لايكونُ الدين
27
قال: السلامُ سبيلنا للعالمِ
بتعارفٍ وتحاورٍ وتفاهمِ
هذي البسيطةُ للجميعِ تضمهم
كي يحلموا أبدا بحلمٍ قادمِ
يا أرضُ يا أرضَ السلام سلامنا
كوني فضاء للحمامِ الحالمِ
28
هذي فصولُ من فضائل زايدِ
شفَّت بنبض محبة متزايدِ
هو لم يغبْ سيظل فينا حاضراً
وحضوره في كل حلم رائدِ
فالمرء أعمالٌ تُخَلِّدُ ذكرَهُ
طوبى لزايدَ في المقام الخالدِ
عدد اليوم
