الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خلفان الكندي: الغربة تذهب ببهجة المناسبات وتجرد رمضان من فضاءاته الأسرية

13 أكتوبر 2014 12:06
رغم النجاحات التي حققها الدكتور خلفان سلطان الكندي في سنوات الغربة، من الحصول على أعلى الشهادات العلمية وتبوأ أرقى المناصب الإدارية، إلا أن هذه السنوات الطوال التي وصلت إلى 11 عاماً متوالية حفلت بالكثير من مشاعر الحنين للوطن وافتقاد الأهل والأحبة، خاصة خلال شهر رمضان الكريم، الذي يتميز في منطقتنا العربية بملامح وطقوس مميزة، يصعب أن يوجد مثلها في البلدان الأخرى، أما الأكثر إيلاماً خلال رحلة العلم وتحقيق الذات هو فقد الكندي لأشخاص أحبهم وكان لهم تأثير في حياته، وهم المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ثم الوالد، والوالدة التي توفيت عقب حصوله على الدكتوراه بأربعة أيام، وبالتالي لم تسنح له الفرصة للاستمتاع بأجواء نجاحه حين عاد إلى أرض الوطن. يذكر الكندي، الحاصل على شهادة الدكتوراه في تحليل السياسات العامة من جامعة أركانساس الأميركية، عام 2011، أن أول رمضان قضاه في الغربة كان عام 2001، واتسم بطابع خاص جدا لا يستطيع نسيانه مهما جرت السنين، ويقول: «المناسبات التي نقضيها بعيدا عن الوطن نفقد فيها كثير من الأشياء الجميلة، كما نعيش عادات وتقاليد مختلفة، منها التقاءك بشخصيات من مختلف الأطياف والجنسيات، ونجد لديهم عادات جديدة خاصة بهم اعتادوا على ممارستها في رمضان، ومنها أن بعضهم يهتم بالأكل بشكل مختلف فلا يتناول أطعمة معينة، مثل الأسماك لدى الأخوة من بلاد الشام». رمضان الغربة يقول الكندي: «ما لفت نظري أن الناس في بلدانها الأصلية تسعد أكثر بتناول الإفطار في بيوتها أو بيوت الأهل، ولكن في الخارج، يحرص الطلبة المغتربون خاصة الذين يصطحبون عائلاتهم معهم على الالتقاء في مكان واحد يجمعهم وغالبا ما يكون المسجد، حيث كانت تمر لحظات ما قبل الإفطار جميلة في تلك الأجواء بأن يشارك الشخص في إعداد الطعام مع العائلة، ثم يأخذونه إلى المسجد لتناوله بشكل جماعي مع المسلمين من الجاليات الأخرى، حيث يحول الجميع التقارب والتغلب على الفجوات الفكرية والمكانية الموجودة بين بعض الشعوب، وهذا يجعل الجميع يشعر وكأنه جزء من عائلة واحدة، ويمنحنا مزيد من الشعور بالتقارب مع رفقاء الغربة». ويتابع: «أما بعد الإفطار، يبقى الأطفال في أحد القاعات الملحقة بالمسجد ويلعبون سويا، حتى موعد صلاة العشاء والتراويح ثم العودة إلى البيت مبكرا استعدا ليوم عمل ودراسة صباح اليوم التالي». وعن الشعور بالحنين للوطن الذي يبلغ مداه خلال شهر رمضان وغيره من المناسبات الدينية والوطنية، يؤكد الكندي أن سنوات الغربة كانت صعبة من هذه الناحية لعدم وجود الوالدين والأخوة والأصدقاء وافتقاد الاجتماع اليومي بهم على مائدة الإفطار والسمر بعد صلاة التراويح، وبالتالي مثل هذا الشعور يمثل نقطة ضعف كبيرة يشعرها أي مغترب خلال أيام رمضان، حيث أن الجلوس مع الوالدين والأهل يمنحك أجواء روحانية جميلة، بعكس الحال في الحياة العملية التي ينصرف فيها كل شخص إلى عمله ودراسته ولا يشغل نفسه كثيرا بالآخرين». مشاعر الحنين للتغلب على مشاعر الحنين تلك، يورد الكندي إنه يحرص على أن يقضي يومه بشكل عادي خلال أيام رمضان من حيث الانتظام في الدراسة والتركيز على ما يتعلمه، حتى لا يترك نفسه لمشاعر الحنين التي تكون في كثير من الأحيان مؤلمة على النفس لو ترك الشخص لها العنان. أما أجواء رمضان في الغربة، فلم تكن ملحوظة بشكل قوي إلا في إجازات نهاية الأسبوع، بحسب الكندي، الذي يوضح أنه في تلك الأيام قد يمتد الجلوس مع الأصدقاء والسوالف معهم حتى الثانية عشر مساء وهو وقت متأخر بحسب العادات هناك، وفي تلك الجلسات يكون هناك تعويض ولو بنسبة ضعيفة عن الأجواء الإماراتية، حيث يقضي وقتا أطول مع أعداد أكبر من الجاليات العربية والإسلامية، وهذا بحد ذاته يقلل كثيرا من حدة الشعور بالغربة قياسا إلى أماكن أخرى لا يتواجد فيها عرب ومسلمون. وعن الأكلات الإماراتية، يقول الكندي: إن تجربة الغربة أفادته في تعلم بعض أنواع الأكلات الإماراتية مثل الثريد وغيرها من الأكلات البسيطة، أما باقي الأصناف الرئيسة كانت الزوجة تقوم بها، التي كانت تدرس معه بذات الجامعة ونفس مرحلة الدكتوراه ولكن في تخصص مختلف وهو علوم البيئة، لافتاً إلى وجود الزوجة وعائلته المكونة من أربعة أطفال مثل له أكبر داعم ومحفز على الاستمرار والبقاء في رحلة العمل والنجاح، خاصة وأن الزوجة تمتعت بقدرات كبيرة في مسألة التفهم والدعم خلال رحلة العلم التي بدأت في الولايات المتحدة عام 2001 حين ذهب إلى ولاية أريزونا ومن ثم كاليفورنيا واستطاع الحصول على درجة البكالوريوس في إدارة العدالة الجنائية عام 2004، أتبعها بنيل الماجستير في الإدارة العامة من جامعة أركانساس عام 2007. استعدادات خاصة أما عن الأعياد في الغربة، فيذكر الكندي أنه قضى عددا قياسيا من عيدي الفطر والأضحى في الخارج، خلال بقائه المستمر 11 عاما في الولايات المتحدة حتى حصوله على شهادة الدكتوراه ثم العودة إلى أرض الوطن، ويورد أن العيد في الخارج له استعدادات خاصة نحاول خلالها ممارسة بعض العادات الجميلة التي نقوم بها في الوطن خلال هذه المناسبات، ويوضح «على سبيل المثال نقوم بطلب «كنادير» جديدة للأطفال من الإمارات أو بإحضارها معنا حتى يرتدونها خلال أول أيام العيد، حرصا على تجسيد تراثنا وثقافتنا الإماراتية لدى الأطفال، أما في الجامعة، فكان المحاضرون والدكاترة يتفهمون مناسباتنا الدينية وكانوا متسامحين معنا جدا خلال هذا اليوم، خاصة فيما يتعلق بوقت الدراسة، ويقوم كثير من الأساتذة والزملاء بإرسال تهاني بالعيد، وكان هذا شعور جميل منهم، وكنا أيضا نشاركهم أفراحهم ومناسباتهم بإرسال التهاني لهم». وعن ليلة العيد، يقول الكندي: «في ليلة العيد كان البعض من الشباب المغترب، يقوم بتحضير مسابقات بسيطة وشراء هدايا رمزية للأطفال ونقوم بتوزيعها عليهم حين يجتمعون لتأدية صلاة العيد في المسجد حتى نعوضهم عن شئ من عادات العيد الجميلة التي افتقدوها في بلدهم الأم، وكل هذه الممارسات الجميلة تتم فقط إذا صادف العيد يوم عطلة رسمي هناك، أما إذا كان يوم عادي، نعود بعد الصلاة ونحدد مع أصدقائنا أقرب يوم نحتفل فيه بالعيد سويا ونقوم بترتيب هذه الأنشطة البسيطة للاحتفال بالعيد». وحول ما استفاده من تعدد الثقافات ومعايشته لكثير من أبناء الجنسيات الأخرى خلال رحلة العلم، يؤكد الكندي، أن معايشة الآخرين تمنح الإنسان نوعا من تهذيب النفس، وتعلم احترام العادات لدى الأطراف الأخرى، ما يدرب على تقبل الآراء المختلفة». رمز لوفاء الزوج لزوجته وتتميز روضة تاج محل ليس فقط باستخدام مواد ثمينة في البناء من الرخام والأحجار شبه الكريمة، بل وبزخارفها المنفذة بدقة كبيرة، خاصة تسجيل آيات من القرآن حول عقودها بخط نسخي جميل، وقد جعل أستاذ عيسى باعلا الواجهة الرئيسية 22 قبة صغيرة في إشارة إلى عدد سنوات العمل في تشييدها، وقد قضى شاه جهان السنوات الثماني الأخيرة من حياته محبوساً في قلعة أجرا يطل من نوافذها على تاج محل والدموع بعينيه، ولا عجب بعد ذلك أن يعتبر الهنود تاج محل رمزاً لوفاء الزوج لزوجته. بذرة الإنسان واستنتج العلماء من الأحاديث النبوية حقائق عدة، أن عجب الذنب عنصر أساسي يتخلق ويتكون منه الجنين، وهو لا يبلى، ومنه يركب الخلق يوم القيامة، وأثبتت الدراسات الحديثة، أن بذرة الإنسان، وهي عجب الذنب يجب أن تكون جزءاً حياً محمياً بحماية شديدة لا تؤثر فيه النار أو الضغط أو تغيره الظروف المناخية المختلفة من برد قارس وحرارة عالية وغير ذلك. ويحتوي هذا الجزء على كتاب الحياة أو المادة الوراثيaة المخزن عليها كل المعلومات الخاصة بالإنسان مثل لون العينين والبشرة ونوع ولون الشعر، القلب والأقدام، الدم واللسان وكل ما يتعلق به، وهكذا أرشدتنا السنة النبوية إلى حقائق علمية لم تتمكن العلوم التجريبية من الوصول إلى تفسير شيء منها إلا بعد قرون طويلة. ذبح حلال من المواقف التي يذكرها الكندي والمرتبطة بشهر رمضان في الغربة، حرصه وبعض أصدقائه الإماراتيين على الحصول على الذبائح بأنفسهم مثل الحال في الإمارات، حيث كانوا يذهبون إلى بعض المزارع في ضواحي بعض المدن ثم يقومون بشراء الذبيحة ونحرها بأنفسهم مثل ما كان يفعل الأهل تماماً في الإمارات. مكتسبات الغربة من الأشياء التي تعلمها خلال رحلة الغربة والعلم، يقول الكندي إنه لا توجد لكلمة «مشكلة» وجود في قاموس حياته، وهذا يجعل لديه دوما دافعا لإيحاد حلول لأي موقف يواجهه، بحيث يضع الموقف موضع التحليل وبالأخير قد لا يكون هناك مشكلة من الأساس، وهذا الأسلوب في التفكير كان له انعكاساته الإيجابية على مسيرة حياته. كذلك تعلم الكندي التفاؤل من الغربة، وأصبحت لديه نظرة ثاقبة ومشرقة للمستقبل. رسالة الدكتوراه حول محور رسالته، يقول الكندي «المقصود بالسياسات العامة، في الدكتوراه التي حصلت عليها، التصرفات التي تفصح الدولة عنها سواء بالتجاهل أو بالتصريح، وقد يكون ذلك في الجانب السياسي، الاقتصادي، التعليمي، الصحي وغيرها من المجالات. وعلم تحليل السياسات من العلوم الحديثة التي ظهرت في نهاية خمسينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة، بعد ما مرت بإخفاقات حكومية وإدارية في عديد من المجالات، حيث ظهرت فجوة كبيرة بين ما تطمح الحكومة لتحقيقه وبين المؤسسات العامة الأخرى، كما أن تحليل السياسات العامة مقوّم كبير لكثير من الإجراءات المهمة للدولة من خلال متابعة التنفيذ وتحليل الإجراءات التنفيذية في العمل، وعليه يفيد تحليل السياسة العامة في إيقاف كثير من الإجراءات بسبب عدم الجدوى، أو يدعم كثيرا من التوجهات بسبب وصول التحليل إلى نتائج ندعم من خلالها متخذي القرار».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©