الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كرزاي وواشنطن: عتبٌ قبل الانسحاب!

كرزاي وواشنطن: عتبٌ قبل الانسحاب!
10 يوليو 2011 23:00
في وقت يستعد فيه القادة العسكريون الأميركيون لسحب 10 آلاف جندي من أفغانستان بنهاية هذا العام، تستدعي عملية خفض عديد القوات اهتماماً جديداً بحجم المشاكل التي تواجه إدارة الرئيس الأفغاني حامد كرزاي. فخلال جزء كبير من ولايته الثانية، والتي عرفت انطلاقة صعبة في 2009 مع انتخابات شابتها عمليات تزوير، وجد كرزاي نفسه ينتقل من أزمة إلى أخرى. لكن الأسابيع الأخيرة عرفت تضافراً غير مألوف لمشاكل معقدة، ومستفحلة منذ وقت طويل في بعض الحالات؛ إذ يوجد الرئيس اليوم في مواجهة متصاعدة مع المشرعين الأفغان بسبب محاولته تنحية العشرات من أعضاء البرلمان بناءً على حكم ما يقول الخصوم إنها محكمة أنشئت بشكل غير قانوني. كما أن الفضيحة التي تحيط بـ"بنك كابول"، الذي يعد أكبر مؤسسة مالية خاصة في البلاد، تسببت في تقليص المساعدات الدولية بشكل كبير. فاليوم، يكثف الخصوم السياسيون من اتهامات تفيد بأن كرزاي ينوي تعديل الدستور الأفغاني على نحو يسمح له بالترشح لولاية ثالثة في عام 2014. وبالتوازي مع ذلك، كثفت حركة "طالبان" ومجموعات أخرى متمردة، حملةَ هجمات عبر البلاد، حتى في الوقت الذي يضاعف فيه الرئيس دعواته لها من أجل الانخراط في محادثات سلام. ويحذر دبلوماسيون غربيون ومراقبون آخرون من أن هذه الصعوبات يمكن أن تطرح تحدياً كبيراً لقدرة كرزاي على الحكم. وعلاوة على ذلك، فإن الغرب يأمل أن يسلم المسؤوليات الأمنية للقوات الأفغانية خلال ولاية كرزاي الحالية، وهي فترة حساسة جداً سيكون التحالف خلالها في حاجة ماسة إلى قيادة فعالة من إدارته. ذلك أنه بينما يحل الصيف في البلاد، فإن تغيرات كبيرة تلوح في الجيش الأميركي والهرم الدبلوماسي؛ حيث من المنتظر أن يُستبدلَ الجنرالُ ديفيد بترايوس، الذي رُشح لرئاسة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه"، باعتباره قائد القوات الأميركية وقوات التحالف في أفغانستان، بالجنرال جون آلن، بينما يحل السفير المخضرم ريان كروكر محل السفير المنصرف كارل إيكنبيري. والجدير بالذكر هنا أن كلا من بترايوس وإيكنبيري بذلا جهوداً هامة لنسج علاقة قوية مع الزعيم الأفغاني، لكن كليهما لم يحققا سوى نجاح محدود في هذا الصدد؛ حيث عرفت الأشهر الأخيرة تصاعداً للانتقادات الموجهة للغربيين من قبل كرزاي، ومن ذلك الإشارة إلى أن قوات الناتو تواجه خطر أن يُنظر إليها من قبل الأفغان باعتبارها جيشاً محتلاً. بعض إحباطات إيكنبيري المكظومة تم التعبير عنها صراحة على نحو غير مألوف أمام الجمهور، في كلمة ألقاها على الطلبة الشهر الماضي بمدينة هيرات الواقعة غرب البلاد، عندما أطلق هجوماً من الواضح أنه يستهدف كرزاي وإن لم يشر إليه بالاسم، حيث قال السفير الأميركي: "علي أن أقول إنني أجد بعض التصريحات التي تصدر عن بعض زعمائكم مؤلمة وغير مناسبة"، مضيفا: "عندما يسمع الأميركيون الذين يعملون في بلدكم ويدفعون ثمناً باهظاً من حيث الأرواح والأموال، أنهم هنا فقط من أجل صيانة مصالحهم الخاصة، ويُشبّهون بأعداء وحشيين للشعب الأفغاني... فإنهم يصابون بالحيرة ويضيقون ذرعاً بجهودنا هنا". هذا الانتقاد النادر أبرزَ عملية التوازن التي يعتقد كرزاي على ما يبدو أن عليه أن يسعى لتحقيقها عندما يتعلق الأمر بالحضور الضخم للقوات الغربية في بلد يفخر بمقاومة الأجانب. فمن جهة، يرغب الرئيس الأفغاني في الانضمام إلى غضب الجمهور مما يُنظر إليه على أنه استعمال مفرط للقوة من جانب قوات حلف الناتو، وبخاصة عندما تكون هناك إصابات في صفوف المدنيين. غير أن حجم اعتماد حكومته على القوات الغربية يتضح بشكل دوري، مثلما كان عليه الحال خلال هجوم الأسبوع الماضي على فندق إنتركونتيننتل الفخم في كابول، والذي نفذ بشكل منسق من قبل "طالبان" وأحد فروعها، "شبكة حقاني"، مسفراً عن مقتل 19 شخصاً على الأقل. والتقييمات الخاصة من قبل المسؤولين الغربيين لرد الشرطة الأفغانية، أشارت إلى أنه لولا تدخل قوات الناتو ومروحياته، لكان المهاجمون نفذوا عملية حصار مطول ربما، ولكانوا احتجزوا رهائن وأعدموا أجانب. ذلك أنه بعد الهجوم، قامت قوات الناتو بملاحقة وقتل قائد شبكة حقاني الذي ساهم في التخطيط للهجوم الذي وُصف من قبل متحدث باسم جهاز استخبارات كرزاي باعتباره نتج عن "ثغرة" في الإجراءات الأمنية. ورغم اعتراف الرئيس الأميركي أوباما بحدوث اتصالات أميركية مع شخصيات متحالفة مع "طالبان" باعتباره مقدمة لمفاوضات ممكنة، إلا أن تصريحات كرزاي حول "طالبان" تتميز بغياب الانسجام؛ ذلك أنه يشير باستمرار إلى المتمردين باعتبارهم إخوانا ومواطنين، داعياً إياهم للانخراط في الحياة السياسية لأفغانستان. لكن الأرقام القياسية للوفيات المدنية الناجمة عن هجمات المتمردين ترغمه، مثلما فعل الأسبوع الماضي، على التنديد بوحشية "أعداء الشعب"، في إشارة إلى المتمردين. ولعل إحدى خصائص كرزاي هي ميله إلى تلافي المشاكل إلى أن تتضخم وتصبح غير قابلة للإدارة؛ ذلك أن فضيحة بنك كابول بدأت قبل أشهر عدة، وتم تفويت الفرصة لحلها. ففضيحة البنك قد تكون خطيرة نظراً لحجم تداعياتها، وذلك على اعتبار أن خسارة الثقة الدولية وثقة المستثمرين في القطاع المصرفي، يمكن أن تكون كارثية بالنسبة للنظام المالي الفتي للبلاد، لاسيما أن المحققين يلمحون إلى أن بنكاً كبيرا آخر يواجه متاعب أيضاً. لورا كينج كابول - أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©