الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكم الخمر ينسحب على المخدرات بالقياس الشرعي

حكم الخمر ينسحب على المخدرات بالقياس الشرعي
25 يوليو 2014 02:48
لكل عصر مشكلاته وحاجاته المتجددة ونوازله المتغيرة التي لم يرد فيها نص معين في القرآن والسنة فلابد لهذه النوازل من دليل شرعي حتى لا تخلو واقعة من الوقائع من دليل يوضح حكم الله تعالى، لذلك اهتم العلماء قديما بوضع قواعد مستنبطة من الكتاب والسنة لتحقيق هذا الهدف سموها «أصول الفقه» تبين المصادر الشرعية التي تستقى منها الأحكام لكل ما هو واقع فعلا أو متوقع حتى تكون الشريعة صالحة لكل زمان ومكان ومحققة مصالح العباد في المعاش والمعاد، ومن بين هذه المصطلحات «القياس الشرعي»، الذي استند عليه الفقهاء في الكثير من الأحكام ومنها أن حكم الخمر ينسحب على المخدرات. القياس الشرعييقول الدكتور شعبان محمد إسماعيل - أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر: من مصطلحات أصول الفقه «القياس الشرعي» وله عند علماء الأصول تعريفات عدة خلاصتها أنه إلحاق واقعة لا نص على حكمها بواقعة أخرى فيها نص شرعي لاشتراك الواقعتين في علة الحكم وبيان ذلك أن الأحكام الشرعية التي وردت بها النصوص قائمة على علل وأسباب شرعت لأجلها ومرجعها إلى تحقيق مصالح الناس من جلب المنافع ودفع المفاسد فكل حكم شرعه الله تعالى إنما هو لجلب منفعة أو دفع مفسدة وأرشد إلى عدة وسائل يتوصل بها إلى معرفة علل الأحكام وأسبابها حتى يمكن إلحاق ما يستجد في حياة الناس بما ورد به النص الشرعي، وبذلك تتسع الشريعة لمواجهة كل ما هو جديد من دون إضافة أو تصرف في النص الشرعي. ومن الأمثلة التي توضح ذلك ما جاء في تحريم الخمر من القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة والعلة في تحريمها هي الإسكار الذي يترتب عليه الكثير من المفاسد ومنها ما يعود على نفس الإنسان وعقله وعرضه وماله وقبل ذلك دينه وعلاقته بالله تعالى وبالمجتمع وقد جاء في القرآن الكريم ما يدل على هذه المفاسد في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ*إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)، «سورة المائدة: الآيتان 90 -91». وقد استنبط العلماء هذه العلل المنصوص عليها فوجدوها تتحقق في كثير مما توصل إليه العقل البشري غير المتدين فقاسوا على الخمر كل ما يؤدي إلى ما تؤدي إليه الخمر وأعطوه نفس الحكم من كل مسكر أو مخدر أو مفتر سواء كان عن طريق الفم أو الأنف أو الحقن أو غير ذلك من الوسائل التي تقضي على النفس الإنسانية ومقوماتها وعلى المجتمع المسلم وصرفه عن المهمة التي من أجلها أسكنه الله تعالى هذه البسيطة من عمارة الأرض والاستفادة من خيراتها في ظل منهج الله تعالى وعبادته كما قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)، «سورة الذاريات الآيات 56 - 58». أمثلة دالة ومن الأمثلة الدالة على أن القياس الشرعي حجة ودليل يستند إليه في إثبات حكم لواقعة لم يرد فيها نص من الكتاب أو السنة على نص آخر ثبت له دليل صحيح لوجود العلة التي من أجلها شرع الحكم في كل من المنصوص عليه والذي يسمى المقيس عليه والذي ليس فيه لوجود العلة أيضاً: أن الشريعة حرمت قاتل مورثه من الميراث لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ليس للقاتل من الميراث شيء» والعلة في ذلك أن القاتل استعجل موت مورثه فيعاقب على ذلك بحرمان من الميراث حتى يحرم المجرم من الاستفادة من إجرامه وقد وضع الفقهاء قاعدة شرعية استنبطوها من الحديث الشريف فقالوا: من استعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه. حرمان الوارث القاتل وبذلك يكون حرمان الوارث القاتل من الإرث بالنص الوارد في الحديث ويكون حرمان الموصى له القاتل من الوصية وحرمان الموقوف عليه القاتل للواقف من الاستحقاق من الوقف بالقياس لوجود العلة في كل منهما حتى لا يتخذ القتل العمد والعدوان وسيلة لاستعجال الشيء قبل أوانه فيرد عليه قصده الشيء ويعاقب كل منهما بالحرمان. وحرم الرسول - صلى الله عليه وسلم - خطبة المسلم على خطبة أخيه كما حرم أن يبتاع أحد على بيع أخيه، فقال: «لا يبيع بعضكم على بيع بعض ولا يخطب على خطبته» والعلة هي إيذاء الخاطب أو المشتري الأول وإثارة حقده وتوريث عداوته وهذا المعنى ينطبق أيضاً في استئجار الأخ على استئجار أخيه فيحرم قياساً على تحريم الخطبة على الخطبة والبيع على البيع فالتسوية بين الواقعتين في الحكم يتحقق بالقياس. وبذلك تظهر أهمية القياس في الشريعة الإسلامية وأنه من القواعد التي تثبت صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان ومحققة لمصالح العباد في العاجل والآجل وأن المسلمين ليسوا في حاجة إلى النظريات المستوردة من الشرق أو الغرب فلديهم شرع الله تعالى الذي استوعب كل ما تحتاج إليه البشرية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©