الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

كذبة صدقناها·· أم صدق نحاول تكذيبه (2-2)

11 يوليو 2006 01:20
التفسير التآمري أصاب العقل العربي بالهذيان القاهرة - محمد عز العرب: يقع الباحثون العرب عادة في إشكالية الانحياز والتطرف عندما يتصدون لرصد ظاهرة وتوصيف حدث فهم بين فريقين لا ثالث لهما أحدهما ينفي الظاهرة ويبذل في سبيل نفيه لها كل جهد والآخر يثبتها ويبذل في سبيل ذلك نفس الجهد وقد وقع الباحثون في نفس الفخ خلال ندوة بالقاهرة وهم يرصدون ظاهرة سموها نظرية المؤامرة أو التفسير التآمري للأحداث فقد وقع هؤلاء الباحثون في فخ تصديق ظاهرة افترضوها هم وليس لها وجود ملموس في الواقع وهي نظرية المؤامرة كما استدرجهم التفكير الاستباقي الى المغالاة في نفي وجود المؤامرة في كل الأحداث والقضايا وكان ينبغي عليهم الاحتياط والحذر في النفي القاطع وعدم الوقوع في فخ اعتبار التفسير التآمري كارثة او وباء او خللاً في العقلية العربية فذلك تعميم يأباه التفكير العلمي السديد فكيف تعامل الباحثون مع فرضية سموها نظرية المؤامرة أو التفسير التآمري؟ لم يكتف الباحثون في ندوة ''نظرية المؤامرة'' بتحذيرنا من وباء التفسير التآمري للأحداث بل راحوا يبحثون عن أنماط للتفسير التآمري مثل نمط الاستهداف من الخارج والاختراق من الداخل والاستدراج باستدعاء أحداث التاريخ وتركيبها على الواقع المعاش ثم نمط المستفيد من المؤامرة وهو محصور عادة في الولايات المتحدة وإسرائيل ثم نمط التشكيك في دوافع وأهداف خفية وراء عمليات إرهابية أو اتفاقيات اقتصادية وهناك نمط يسميه الباحثون الهذيان وهو نمط شعبي في التفسير التآمري للوقائع· ويرى الباحث صبحي عسيلة أن حالة التفكير بالمؤامرة موجودة في العالم أجمع، لكن الفارق بين العرب والعالم أن أصحاب الخرافات والنظريات التآمرية سائدون لدى العرب وهامشيون في البلاد الاخرى، وبلغت درجة السيادة لهذا الفكر عندالعرب أنها باتت حاكمة للتفكير العام، وتجذر نمط ''المستفيد'' التآمري في العقل العربي· فالمستفيد الأول من كل المصائب والكوارث التي تحدث للعرب والمسلمين هو أميركا وإسرائيل· وأوضح أن نمط المستفيد في التحليلات التآمرية العربية يعتمد على قالب تحليلي جاهز يصلح للتطبيق على كل الحالات، والتفكير بتلك الطريقة لا يتصور وجود أكثر من مستفيد من وقوع بعض الجرائم بحيث يسود ارتباك تحليلي واسع يؤدي إلى توزيع الاتهامات، ويتيح فرصة للانحياز أوالصور المسبقة· وأوضحت هناء عبيد -باحثة بمركز الأهرام للدراسات- أن نظرية المؤامرة ليست لصيقة بثقافة بعينها، وإنما هي ظاهرة عالمية، والبرامج التليفزيونية التي تتناول ظواهر غامضة تحظى بأكبر قدر من الاهتمام والمشاهدة، والسبب الرئيسي وراء شعبية الصحافة الصفراء وانتشارها هو نظريات المؤامرة التي تشكل العمود الفقري لسياساتها التحريرية وتعكس قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في التسعينات مدى الولع الشعبي بفكر المؤامرة· وأكدت أن التفكير التآمري في الثقافة العربية يغلب عليه نمط ''البارانويا'' وهو مزيج من الاعتقاد بالعظمة والاستثناء والاستهداف والاضطهاد وأن المؤامرة في الفكر العربي منبعها ''التفرد التاريخي والتعالي القومي''· وقالت إن الفكر العربي ينظر إلى التاريخ من ذهنية الاضطهاد، ويشترك في ذلك تيارات فكرية شديدة التباين مثل الإسلاميين والعروبيين وأنصار الفكر الاشتراكي، فضلاً عن السواد الأعظم من الرأي العام العربي· الاختراق وقال محمد فايز فرحات -سكرتير تحرير مجلة ''كراسات استراتيجية''- إن الاختراق هو أحد أنماط التفكير التآمري في المنطقة العربية ويعني استهداف جماعة سياسية أو فكرية أو ثقافية أو دينية من قبل جهة معادية بقصد تغيير سياساتها ومواقفها من خلال تشويشها أو ايقاع الفتنة داخلها أو استدراجها إلى نقاط مشبوهة أو دفعها لاتخاذ مواقف مغامرة تسيء إلى سمعتها· وذكر أن أصحاب التفكير التآمري طرحوا قائمة واسعة من حالات الاختراق للمجتمعات العربية، تشمل اختراق الصحافة والإعلام من الخارج الأجنبي، والنموذج الأبرز هو حالة اختراق الصحافة العراقية من خلال دفع رواتب ومكافات لعدد من الصحفيين بهدف تحسين صورة الاحتلال الاميركي· كما أن هناك تصوراً لدى اصحاب التفكير التآمري بأن هناك ''اختراقاً'' للمؤسسات التعليمية من خلال الضغط المستمر على الحكومات العربية لتغيير المناهج الدراسية· واشار إلى أن احدى المقولات الرئيسية لمروجي نمط الاختراق التآمري في العالم العربي أن الاختراق يتم بمعرفة النظم السياسية العربية وليس من ورائها، وتحت غطاء قانوني· وأوضح سعيد عكاشة - رئيس وحدة الدراسات بالمنظمة العربية لمناهضة التمييز- أن نمط ''الاستدراج'' ظهر في العقل العربي في أعقاب حرب يونيو ،1967 وكان ملحوظاً في الخطاب الرسمي ولقي قبولاً وترحيباً واسعاً لدى الجمهور، مشيراً إلى أن من استخدموا تعبير المؤامرة ومفردات التواطؤ والاستدراج لوصف هذه الحرب كانوا اثنين من أكثر الشخصيات تأثيراً في عقل ووجدان العرب وهما الرئيس الراحل جمال عبدالناصر من خلال مواقفه وخطبه حتى رحيله عام 1970 والكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل من خلال مقالاته الشهيرة ''بصراحة'' وكتبه وأحاديثه التليفزيونية· وشبه التفكير التآمري بـ''الاسطورة'' حيث لا يمكن هدمه والقضاء عليه بمجرد الكشف عن هشاشة بنائه وتناقضاته الداخلية، فكما أن الاسطورة تبقى طالما بقيت وظيفتها، فإن التفكير التآمري سيبقى قوياً طالما بقيت الأمة مصرة على تجاهل السؤال الصحيح في مواجهة الأزمات: ما الخطأ الذي ارتكبناه؟ وقال هاني نسيرة -باحث في الشؤون السياسية- إن التفكير التآمري غالب في أجنحة الفكر الايديولوجي العربي المختلفة التي تستشعر خطراً داهماً على الهوية· ويعد نمط ''التشكيك'' أبرز أنماط التفكير التآمري لاعتماده لغة شبه علمية وغير جازمة غالباً، تعتمد آلية الترجيح والاستدلال أو الانسحاب تاركاً المساحة لنظرية المؤامرة· وأشار د· جمال عبدالجواد -رئيس وحدة العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات- إلى أن نمط ''الاستهداف'' يشهد ذيوعاً كبيراً في الفكر العربي، وهو ما يظهر في عبارات عديدة مثل ''نحن مستهدفون'' واحد مصادر الاستهداف يكمن في الاخفاقات العربية المتكررة والهزائم المتتالية· وعلى الرغم من أن الاخفاقات قد تؤدي إلى سقوط النظم والنخب خاصة في أعقاب الهزائم العسكرية الكبرى كتلك التي حدثت عام 1967 فإن حالة التوحد التي حدثت بين الشعوب والنخب المهزومة بسبب القيادة الكاريزمية والهيمنة الايديولوجية ساهمت في الاعتقاد بنمط الاستهداف كتفسير وتبرير للاخفاق العربي· وقال د· محمد عبدالسلام إن هناك فكرة متسلطة على العقل الجمعي العربي وهي أن الامة مستهدفة من القوى الخارجية ولن يسمح لها بتجاوز حد معين من التطور· التشكيك··والاتجاه المعاكس وفي محور ''تطبيقات التفكير التآمري في المنطقة العربية'' أوضحت إيمان مرعي -باحثة- أن الفكر العربي تسوده نظرية المؤامرة في الكثير من أدبياته وتحليلات مفكريه للأحداث وأصبح هناك سبب جاهز لكل هزيمة ومشكلة· وأكدت أن نظرية المؤامرة تفسر الأحداث بطريقة انتقائية منحازة بعد وقوع الحدث الأمر الذي يتطلب انتاج خطاب علمي محايد تنتهجه مراكز الابحاث والدراسات بعيداً عن التطرف الذي أصبح السمة الملازمة لمؤيدي نظرية المؤامرة أو منتقديها· وسلط الباحث حسام حسن الضوء على حجم انتشار التفكير التآمري في نماذج من البرامج الحوارية في فضائيتي ''الجزيرة'' و''العربية''· وحدد عشرة برامج حوارية في الفضائيتين هي: ''الاتجاه المعاكس'' و''أكثر من رأي'' و''بلا حدود'' و''منبر الجزيرة'' و''من واشنطن'' في قناة الجزيرة· ''تحت الضوء'' و''بالمرصاد'' و''نقطة نظام'' و''بالعربي'' و''عبر المحيط'' في قناة العربية· واحتل برنامج ''منبر الجزيرة'' المرتبة الأولى بين برامج القناة من حيث انتشار التفكير التآمري بنسبة 92,9 في المئة يليه برنامج ''الاتجاه المعاكس'' 83,3 في المئة ثم برنامج ''أكثر من رأي'' 80 في المئة وبرنامج ''بلا حدود'' 40 في المئة وبرنامج ''من واشنطن'' 4,8 في المئة· وفي برامج قناة ''العربية'' بالمرصاد جاء في المرتبة الاولى من حيث انتشار الفكر التآمري بنسبة 39,9 في المئة يليه برنامج ''بالعربي'' 35,5 في المئة ثم برنامج ''تحت الضوء'' 32 في المئة وبرنامج ''نقطة نظام'' 19,2 و''عبر المحيط'' 10,7 في المئة، ونسبة الفكر التآمري في برامج قناة العربية لم تتجاوز 40 في المئة في حين زادت ثلاثة برامج في قناة الجزيرة على 80 في المئة· وأوضح الباحث أن نمط ''التشكيك'' يحتل المرتبة الأولى من الأنماط الستة في برامج الجزيرة ''اكثر من 60 في المئة'' يليه الاستدراج والمستفيد والاختراق والاستهداف والهذيان، في حين تنتشر اربعة أنماط في برامج ''العربية'' هي الاستدراج والتشكيك والمستفيد والاختراق· وأشار محمد عز -باحث في الشؤون السياسية- إلى انتشار التفكير التآمري في الصحف المصرية، القومية والحزبية والمستقلة، وأصبحت نظرية المؤامرة احد التفسيرات الشائعة لكل ما يواجه الدول العربية من دون النظر إلى الأسباب· واوضح أن دراسته التحليلية لعينة من مقالات الرأي والأعمدة في صحف ''الأهرام'' و''الوفد'' و''الأسبوع'' خلال عام 2004 وشملت 282 مادة إعلامية· أظهرت أن التفكير التآمري في الصحف المصرية يستخدم من جانب التيار السلفي الذي يبدو مناوئاً لكل ما هو آخر، ويفسر هذا التيار كل أزمات المجتمعات العربية والاسلامية بوجود ''آخر''، وأن اسرائيل والولايات المتحدة يجسدان الصورة الأبرز للعدو المتآمر· وذكر ان نسبة التفكير التآمري في مقالات الرأي والأعمدة في ''الاهرام'' بلغت 46,6 في المئة وفي ''الوفد'' 69 وفي ''الاسبوع'' 90,6 في المئة، وبلغ اجمالي المقالات والأعمدة ''''182 تحبذ التفكير التآمري بنسبة 64,5 في المئة، في حين بلغ اجمالي مقالات الرأي والأعمدة التي تستبعد نظرية المؤامرة ''100 مقالة'' بنسبة 35,5 في المئة· وأوضح أن أكثر أنماط التفكير التآمري في مقالات الرأي والأعمدة في الصحف المصرية هو الاستهداف بنسبة 61,5 في المئه يليه الاختراق27 في المئة والاستدراج 5,5 في المئة والمستفيد 5 في المئة والتشكيك 1 في المئة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©