الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الخليج

الخليج
24 يوليو 2014 14:33
عبير زيتون ــ ساسي جبيل آراء من الخليج تبحث عن نقطة توازن بين شأنين متصلين المشكلة في الكيفية وليست في المكان هنا بعض الآراء، التي تأتي في هذا السياق: حدود السياسة يقول منصور النقيدان (مدير مركز المسبار للدراسات والبحوث): نحن قبل أقل من أسبوع تابعنا بيان الإعلان عن تأسيس مجلس حكماء المسلمين من أبوظبي، كلهم عن بكرة أبيهم رجال دين، ووظيفتهم أن يتوسطوا في حل النزاعات التي قد تكون جذورها دينية أو طائفية أو عرقية، ولكنها في الحقيقة خلافات واحتراب سياسي. فكيف يمكن ذلك مع تصور منعهم من الخوض في السياسة؟! هذا القرار يصعب تطبيقه في أي بلد مسلم حالياً، إذا أمسك الفقهاء أو خطباء المساجد عن الخوض في الحرب التي تجري الآن على غزة، وامتنعوا عن إدانة العدوان الإسرائيلي، ولكن في نهاية الخطبة يقوم الخطيب بالدعاء على المعارضين السياسيين، فإنه يكون قد خاض في السياسة. إذا امتنع الفقيه عن إدانة ما يجري في العراق من قبل حكومة المالكي، ولكنه لا يتردد عن أن يفتي بوجوب السمع والطاعة للحكم المصري الجديد، فقد خاض في السياسة. إذا التزم عالم الدين الرسمي الكف عن الخوض في السياسة فيما لا يتوافق مع توجهات البلد السياسية، ولكنه لا يتردد عن إصدار الفتاوى بتضليل من يخالف فلسفة الحكم في البلد نفسه فقد خاض في السياسة. هذه المشكلة تبدو غائبة عن السياسيين في العالم الإسلامي، الذين يفكرون أحياناً بتحجيم الدور المتعاظم للمطاوعة، ولكنهم يلجأون إليهم في الأزمات. أيضاً فإن هذه القرارات تلزم فقط رجال الدين الذين جرى الاعتراف بهم من قبل الدولة من علماء دين وخطباء ووعاظ من دون غيرهم، فكيف يمكن التحكم والسيطرة على من ليس ضمن هذه الدائرة، وهم الغالبية العظمى من المشتغلين بالعلم والعلماء الذين كونوا أنفسهم خارج المحاضن التقليدية، أو الذين يُعَدُّون طلاَب علم، أو من المتطفلين عليه، الذين يجدون جمهورهم على الشبكة العنكبوتية وليس في الجوامع والجامعات. في هذا اللحظة التاريخية يبدو هذا قراراً شبه مستحيل، لأنه يصعب محاسبة كل رجل دين دس أنفه في السياسة، لو أصدر فقيه سعودي فتوى تدين النظام في ميانمار بسبب اضطهاد المسلمين لأصبح هذا خوضاً في السياسة. ولو أن فقيهاً من الإمارات انتقد قمع السنة في إيران لأصبح هذا خوضاً في السياسة. انخراط رجال الدين في السياسة يتعاظم كل يوم حول العالم، وهذا نراه اليوم في العالم الغربي، لأنهم أصبحوا مثل غيرهم من اللاعبين، جزءاً من المشكلة وجزءاً من الحل. إن التدمير الذي حاق بالعالم الإسلامي من تدخل العلماء في الشأن الاجتماعي والثقافي والتربوي والفكري هو أعظم بكثير من كوارثهم في مجال السياسة، لأنهم عبر هذه المجالات التي لوثوها استطاعوا في النهاية أن يؤثروا سياسياً ويتسببوا بالفتن، ولهذا يبدو أن أفضل الخيارات هو إيجاد مؤسسات دينية على غرار الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، مؤسسة دينية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالقيادة السياسية وبمصالح البلد وأمنه تدعم قراراته وتهيئة المجتمع لتقبل التحولات. المؤهلات والانتماءات ويقول تركي الدخيل، (كاتب واعلامي وباحث وصاحب مؤسسة مدارك للنشر): قرار الملك المغربي محمد السادس بعدم استخدام المنبر الديني في السياسة قرار رائد، وهو من الأهمية بمكان، بحيث يعتبر مترجماً للواقع، إذ ليس من الدين والعقل والانصاف أن يستعمل الدين لتحقيق مآرب سياسية دنيوية، فهل يعقل مثلاً أن تظهر قوائم أو أحزاب منصوح بانتخابها أو تزكيتها من قبل رجال دين، يستعملون المقدس في التأثير على الآخرين؟ في هذه الحال لا يصبح هناك تكافؤ فرص، ويصبح الضابط ليس المؤهلات أو القدرات الكامنة في الشخص ذاته، بل يكون الضابط هو الميول والانتماءات الآيديولوجية، المشكلة تكمن في أن رجل الدين عندما يخوض في السياسة سيخوض في أوحالها، وبالتالي سيقوم بتدنيس الدين الذي يحمله، وهذا ما لا نرضاه للدين، لذلك لابد من استبعاد رجل الدين من العملية السياسية. النقطة الثانية التي أود الإشارة إليها في هذا الإطار هي المتمثلة في أن في السياسة صعوداً وهبوطاً، بحسب ما تمليه وقائع الحال، ونحن لا نرضى أن يكون الدين في صعود ونزول، وهذا من العناصر المهمة، إذ أن الدين ثابت، والسياسة كلها قائمة على التحول، حتى أن عدداً من الباحثين والعلماء يذهبون إلى القول (إن الثابت الوحيد في السياسة هو التحول، لذلك لابد لرجل الدين ألا يخوض الغمار السياسي». العودة إلى حضن المجتمع ويذهب الكاتب السعودي، محمد زايد الألمعي، إلى القول «إنه لابد من استعادة المؤسسات المجتمعية لدورها، لتعود إلى حضن المجتمع، لأنها أساساً مؤسسات مجتمع وليست مجتمعات حكم أو سلطة، وهذا ما هو معروف في علم الاجتماع السياسي». فعلى المجتمع أن يختار السياق الطبيعي لمؤسساته، لأن هذه المؤسسات حين تمارس السياسة تفقد تصنيفها الاجتماعي، لذلك عليها أن تعود إلى موقعها الطبيعي، فالفتوى مثلاً هي مؤسسة غير حكومية، ويجب ألا تكون مؤسسة سياسية، لذلك يجب ألا تكون المؤسسة المجتمعية مؤسسة سياسية، والتفريق بينهما ضروري. إن الجمعيات والأندية والنقابات هي مؤسسات مجتمع وليست مؤسسات دولة، والحقيقة أننا ورثنا عن العثمانيين هذا التداخل، حيث قمعت مؤسسة الإفتاء حين سلمت رجال الدين حصصاً في أجهزة الدولة، وأعتقد أنه لو أعيد تأهيل المجتمع دينياً وقبلياً وطائفياً من خلال ممارسة هذه الجهات لدور اجتماعي صرف وتكف عن ممارسة السياسة، فذلك أجدى لها، فالمؤسسة السياسية مؤسسة تقنية اشتراكية، ولا يمكنها أن تكون رهينة فئة أو جماعة باسم الدين، وهكذا يتحقق لرجل الدين دوره في إطار مكانه الطبيعي، بعيداً عن السياسة. إن المشكلة الأساسية تنبع من أن في مرحلة من المراحل كانت فلسفة الدولة طاغية، وتشكلت عشوائياً إلى حد أن رجال الدين منحوا مجالاً واسعاً في الشأن السياسي، ففي المملكة العربية السعودية مثلاً كان دورهم تعليم البنات والقضاء وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تقوم في الوقت نفسه بدور تشريعي وتنفيذي وقضائي، والآن تمت مراجعة الأمور شيئاً فشيئاً، مما خلص السياسة من سيطرتهم باسم الدين على مؤسسات الدولة. أجرأ قرار يرى الباحث والخبير الدولي السعودي، أحمد عدنان، أن المطلوب من رجال الدين اليوم أن يبادروا هم أنفسهم بالتمييز بين ما هو ديني وما هو سياسي، والاعتراف بحرية الفرد وحقه في أن يكون محوراً للحياة العامة التي يكون الدين أحد معطياتها وليس مهيمناً عليها. واعتبر قرار ملك المغرب محمد السادس شجاعاً وجريئاً بل هو أشجع وأجرأ قرار يتخذه حاكم عربي في هذا الإطار في القرنين العشرين والواحد والعشرين، إضافة إلى قرارات الزعيم التونسي الحبيب بورقيبة العلمانية والتنويرية في تونس. خطورة المسلّمات ويقول المفكر العماني، صادق جواد سليمان: على المجتمع نفسه أن يصوغ قراراته عن طريق الوسائل المتاحة، فقرار المنع هو ما يقره المجتمع، إن من طبيعة الدين أنه يعمل وفق مسلمات في ذهن ممارسيه، وهنا تكمن الخطورة، إن ما في الدين لا يجوز أن يخوض غمار الأحزاب والمؤسسات المدنية، وحتى وإن حصل ذلك، فلا بد أن يكون بإجماع الأمة، وليس وفق رؤية أحزاب دينية معينة، أو جماعة تقول بفرض نمطها الديني ورؤيتها للواقع، فالمجتمع هو الذي يحدد سياقاته وفق ما يريده، والسياسة مشاركة، لكن يجب ألا تخضع إلى جهة أو رؤية ثابتة لا يختارها الناس في حياتهم كنسق سياسي، بل إن المشاركة تقتضي أن نعمل وفق صياغة قرارات عن طريق الوسائل المتاحة كالعملية الانتخابية أو الديموقراطية أو النظم السائد بها العمل في كل مجتمع، فالسياسة في نهاية المطاف ليست رأياً فقط، وإنما هي رأي تدعمه الإمكانية. تجارب فاشلة وأكد الدكتور زكريا المحرمي، الكاتب والباحث العماني، أن من حق الإنسان ممارسة السياسة، وهذا أمر لا دخل فيه للدين في شيء، ويجب على المشتغل بالدين ألا يستخدم هذا العمل الفقهي، ولا يوظف علاقته بالدين، ومكانته بين الناس، في هذا الإطار، ومن أجل مصالح شخصية وحزبية ضيقة، فمصلحة الأمة والوطن هي الأولى. إن في التاريخ الإسلامي، وفي واقعنا، تجارب فاشلة عدة في ممارسة رجال الدين للسياسة، سواء من خلال فقيه السلطان الذي يعمل على تطويع المنظومة خدمة لبعض السياسيين أو من خلال الإسلاميين السياسيين المعاصرين سواء في إيران أو من خلال الإخوان المسلمين، وهؤلاء استخدموا الدين للوصول إلى سدة الحكم بدعم من رجال الدين. ففكرة إصلاح المجتمع تنبع أساساً من خلال تهيئة بنية ثقافية واجتماعية تستطيع احتضان أي إصلاح. أما النموذج الثالث فهو المتمثل في حكم الفقيه المنقطع عن المجتمع، وهؤلاء اعتمدوا على الفلسفة الكنسية القائلة بـ(ما لله لله وما لقيصر لقيصر)، فهم لا يهتمون الا بسلامتهم الشخصية وسلامتهم وطمأنينتهم الروحية وأمنهم، وهؤلاء من المتصوفة الذين يظنون أنهم بذلك يصلحون المجتمع. وأرى أن النموذج الأفضل للعلاقة هو العقلانية، التي للأسف لم نصل إلى تحقيقها اليوم بشكل حاسم، ومن هنا يجب الارتقاء بالطرح الديني ليكون عقلانياً، ليمارس السياسة تحت إشراف الأمة وممثليها من مجتمع مدني وبرلمان، وما إلى ذلك من المؤسسات. إن قرار ملك المغرب صائب وتجربة يجب أن نتعظ منها، فتحقيق النجاح لا يبنى على الاجتهادات وإنما يبنى على التجارب التي لابد من الاستفادة منها، ولا بأس من تعميم التجربة المغربية في الوطن العربي. قواسم مشتركة ويقول الكاتب والباحث العماني، علي سليمان الرواحي: «أن تأتي متأخراً، خير من ألا تصل أبداً، ربما تلخص المقولة الدارجة هذا الأمر الى حد بعيد، فهذا القرار جاء في وقت مناسب جداً حتى وإن كان متأخراً، يتم فيه توظيف الدين في المجالات السياسية لدرجة مفزعة ومخيفة، وهو ما يهدد وحدة المجتمعات وتعايشها ضمن فضاءات مشتركة تجمع بينها أكثر مما تفرق». من الضروري أن يتحول الدين الى شأن شخصي، لا يشترك في الفضاءات العمومية التي تبحث عن القواسم المشتركة، فهو بهذا المعنى يتحول الى مسألة روحية، ووجدانية، وليس الى قضية سياسية يتم من خلالها المزايدة على الإيمان، والتقوى، لكنها أشياء قابلة للقياس، كما نفعل عادة في المسائل الفيزيائية والمحسوسة. الاسلام السياسي ويذهب حبيب الصايغ رئيس اتحاد كتاب وأدباء الامارات إلى أن الخوض في مثل هذه المسائل يملي علينا الانطلاق من النتائج المتوقعة في ضوء النتائج التي رأيناها بأم أعيننا وعايناها على أرض الواقع في مختلف البلدان العربية، فالخلط بين الدين والسياسة أدى إلى ما نعرفه اليوم بالاسلام السياسي، وما نراه من تيارات تكفيرية ظلامية ومتشددة ومتطرفة. إن القرار الملكي المغربي الذي اتخذ مؤخرا يأتي ليؤكد أن المغرب تفطنت إلى أن هذه التنظيمات تمارس الدين والسياسة بشكل مزدوج وهو أمر مفروض، ونحن في دولة الامارات العربية المتحدة انتبهنا إلى ذلك مبكرا، ويجب الاستمرار في المراقبة الإيجابية للمساجد ومراكز تحفيظ القرآن، وعلينا أن نكون يقظين إزاء ذلك، فهذه الظواهر التي نعاني منها في العالمين العربي والاسلامي اليوم والمتجسمة في داعش وأخواتها والقاعدة وما لف لفهما نشأت في مراكز تحفيظ القرآن ومن هناك امتدت الخلايا، وهو ما وقفنا عنده في الامارات من خلال محاكمات تنظيم الاخوان والخلية الارهابية إذ إن كثيرا منهم نشأ وترعرع في جمعية الاصلاح منذ صباهم المبكر وكثيرين من الذين نعرفهم يقولون أنهم ترددوا على الجمعية وتم استقطابهم منذ أن كان عمرهم 10 سنوات لكن أسرنا انتبهت إلى الامر فخلصتنا من براثنهم وأدمغتهم، وهكذا فإن تربية الأبناء ومتابعتهم هي من أحدثت الفرق في حياة كثير من المواطنين الذين أعرفهم عن قرب. ويضيف الصايغ: إن الخلط بين الدين والسياسة أدى إلى القتل على الهوية والتكفير والتقسيم والى محاربة الحداثة والتحديث مما يقود المجتمعات الى الجهل والتخلف. ولنا في تجربة الاخوان المسلمين المثال الذي يقيم الدليل على الفشل الذريع، ففي سنة واحدة وصلوا فيها الى الحكم في ظروف غامضة سلبوا الحقوق وسرقوا ثورة المستضعفين وسرقوا مصر الفكرة والمشروع والابداع ولو تركوا لكانوا تمسكوا بالحكم إلى الأبد معيدين التفويض الى الله وكل جماعة ترى انها مسلمة والبقية كفرة. أدوات تحريض ويقول الدكتور عتيق جكة المنصوري، مدير مركز جامعة الإمارات للسياسة العامة والقيادة: إن تقنين عمل أئمة المساجد وخطباء الجمعة، أمر صائب وضروري على النحو الذي أعلنه ملك المغرب محمد السادس، حتى وإن تأخر كثيرا. فمنابر المساجد هي ملك للمسلمين ولا يجوز تجييرها خدمة لهذه الفئة أو تلك. بات من المؤكد أنه عندما تستولي فئة على مسجد من المساجد، فإنها تحول منبره من خاصية التنوير والدعوة إلى الأخلاق الحميدة بين المسلمين، إلى بوق سياسي مقيت. وهذا ما تحفل به خطب بعض رجال الدين المسيسين، الذي ينطلقون في رؤاهم ودعاواهم من مصالح ذاتية قصيرة المدى، تقوم على قاعدة غلبة فئة قليلة على المجتمع ككل. إن الابتعاد عن القضايا السياسية يعود بالفائدة على المجتمعات، ومن شأنه أن يساعد في دعم الاستقرار المطلوب أن يكون مشهدا مستمرا في بلداننا. ولقد لاحظنا في الزمن القريب، كيف أن أحدهم قد انتحل صفة «خليفة المسلمين» واعتلى المنبر لكي يروّج لنفسه، ولما يعتقد به، وهو الذي أقام «سلطته» بالحديد والنار. إن أخطر ما تحمله المنابر في المساجد هو عندما تتحول إلى أدوات تحريض ضد الحكومات، وضد المخالفين بالرأي، والنيل من الشخصيات العامة وتوجيه التهديدات لها. دار عبادة يقول مشعل النامي الكاتب الصحفي والباحث السياسي الكويتي: المسجد في الإسلام هو دار عبادة ودار للترابط الاجتماعي عبر اجتماع المسلمين بمختلف أطيافهم سواسية وفي صف واحد، وكان المسجد في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم بمثابة مجلس الشورى، حيث كان يجمع أهل الحل والعقد لمشاورتهم وكان بمثابة وسيلة إعلام حيث تتم منه إصدار البيانات الهامة. ويجب أن يحافظ المسجد اليوم على دوره الاجتماعي ولا مانع أن يمارس المسجد دوره التوعوي سياسيا بما لا يخالف السنة ومنهج الصحابة رضوان الله عليهم وشريطة ألا يثير الفتن بين المسلمين حيث إن الفتن من أعظم المفاسد، وقد جاء الإسلام لدرء المفاسد وتقليلها وجلب المصالح وتكثيرها، وإذا تم اختيار خطباء أكفاء يحملون من العلم الشرعي ما يمكنهم من تقدير المصالح من المفاسد فإنهم سيمارسون الدور التوعوي المطلوب منهم سواء كان سياسيا أم غيره. دور توعوي ويقول الدكتور سلمان عبد الله الحبيب، الكاتب والناشط الاجتماعي الكويتي: دور العبادة جزء من نسيج المجتمع وبإمكانها المشاركة السياسية والتعبير داخل أسوار المؤسسة الدينية ولكن يجب أن تكون الخطابات السياسية عقلانية لا عاطفية وأن تكون توعوية لا تحريضية وأن تكون إنسانية أخلاقية لا تتحيز لطائفة أو مجموعة تمثل اتجاهها وبهذا تكون دور العبادة مشاركة لمؤسسات الجتمع المدني في قضايا الوطن بما يخدم الإنسانية والانتماء الوطني لا أن يكون الخطاب متحيزاً مثيراً للفتن وإلا فمن حق السلطة السياسية اتخاذ الإجراء المناسب لأي اختراق للوحدة الوطنية ويسعى للتفرقة والعنصرية والطائفية والإرهاب باسم الدين وهذا يتعلق بكل مؤسسات المجتمع التي يهمها الإنسان والوطن بعيداً عن الانتماءات والاتجاهات الفكرية أو الدينية. رسالة المسجد أما الكاتب حمد الحمد، فيقول: السؤال المطروح هو هل هناك عقلانية في أن تدور الأحاديث السياسية والفكرية داخل دور العبادة، وهل يتوجب فصل الدين عن السياسية؟ الإجابة من طرفي هي، ما هو الدين، هل هو القرآن والسنة كما هو متعارف عليه أم أننا نتحدث عن الفكر الديني، لأن الفكر الديني يجب ألا يكون هو الدين المُتعارف عليه، كون الفكر الديني هو اجتهادات علماء على مر العصور، واجتهادات قد تكون متضاربة فهل الفكر السلفي هو نفس فكر الإخوان، أو فكر المذهب الشيعي أو أية فرق إسلامية أخرى، أو فتاوى العلماء المختلفة هي دين، طبعا لا هناك اختلافات وإشكالية. أما قضية فصل الدين عن السياسية فهذا قد اتضحت معالمه في الغرب وكذلك الشرق حيث فُصلت الكنيسة عن الدولة، لماذا لأن الدين أخلاقيات راقية، لكن السياسة هي مجاراة الواقع واتباع كل الأساليب وحتى عدم الشفافية أو الكذب من أجل مصالح شخصية أو حتى قومية، لهذا لا يمكن أن يتعايش الدين أو الفكر الديني مع السياسة تحت سقف واحد، لو تم ذلك لحدث صدام وتعارض وتعطيل مصالح. لا نوافق أن نُقحم الفكر الديني أو السياسي داخل دور العبادة، لأن هناك الكثير من الأمور المُختلف عليها، ولو تم إقحام ذلك لحدث نزاع داخل دور العبادة، كما حدث في الكويت مؤخرا عندما تحدث خطيب صلاة الجمعة وهو مصري الجنسية عما يحدث في مصر من تطورات سياسية، فما كان من المصلين وأغلبهم من نفس الجنسية، أن اختلفوا معه وحدث شجار وتلاسن داخل وخارج المسجد بسبب تلك الخطبة، وتدخل رجال الأمن، وتم اتخاذ قرار رسمي بوقف الخطيب عن الخطابة لكونه خالف ميثاق المسجد وتم إبعاده عن البلاد. ما نود قوله أن المسجد في عالمنا العربي والإسلامي أصبح بعيدا عن الواقع، ويعيش في عزلة وعالم ماضوي ولا يقوم برسالته، وهنا لا نتحدث على أن يُقحم نفسه في السياسة والفكر الديني، إنما أن يتعيش مع الأمور الحياتية الأخرى وهنا يقوم بدوره ورسالته كما تقوم الجهات الأخرى من مدارس وجامعات وجمعيات نفع عام وأجهزة إعلام. المساجد مدارس ويقول الكاتب الصحفي البحريني غسان الشهابي: هناك رأي شائع في الأوساط العربية، و»العلمانية» منها على الخصوص، بأن تجري ممارسة الدين في نطاقه، أي العلاقات بين الفرد وربه، في الوقت الذي يذهب الدينيون، والإسلامويون منهم خصوصاً، إلى أن الإسلام دين ودنيا، أي أنه ينظم جميع شؤون الحياة. وبعيداً عمّا يقوله الطرفان، فإن علة النقاش الديني ليست في المكان (المساجد)، وإنما في الكيفية. بمعنى أن المساجد كانت في الأساس مدارس، وتطورت إلى جامعات، وفيها تعقد حِلَق العلم، وكانت أعمدة المساجد في العواصم الإسلامية الكبرى، عبارة عن مدارس متجاورة. وقيل أنه عندما كان يلقي شيخ الدين دروس الفقه على مذهبه، كان يُستمع له من قبل شيخ الدين الآخر عند العمود المجاور له، وكانت تحدث مناوشات، وانتصارات للرأي بين الطرفين، وقد يتطور الأمر إلى التشابك بالأيدي عندما لا يُجدي التلاسن. هذا يقودنا إلى أن أجواء الحوار وآدابه هي الأهم، لأننا نرى اليوم أسوأ أنواع النقاش الديني وأكثرها استنهاضاً للفتنة، تلك التي تجرى عبر قنوات فضائية وما أكثرها، وليست في المساجد، وتأثيرها أعمّ بكثير من جملة من المتحلقين حول شيخ معين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©