الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

استغلال المنابر

استغلال المنابر
24 يوليو 2014 14:31
يمنع على كل قيّم ديني ممارسة أي نشاط سياسي أو نقابي أو اتخاذ أي موقف يكتسي صبغة سياسية أو نقابية من المرسوم الملكي المغربي لتنظيم عمل القيمين الدينيين يدل المرسوم الذي أصدره العاهل المغربي الملك محمد السادس، ويقرر فيه تنظيم مهام القيّمين الدينيين وتحديد وضعياتهم، بما يمنع تدخلهم في الشؤون السياسية خصوصاً الخطباء من بينهم.. يدل هذا المرسوم، على وضعية حساسة نشأت خلال عقدين أو ثلاثة مضت، على الساحة العربية والإسلامية بشكل عام. النموذج المغربي بتداعياته، والقرارات الملكية بضبطه، هو نموذج خارق للحدود الوطنية والإقليمية، وإن تمظهر داخل كل بلد بلبوس محلي. لقد شهدنا، وما زلنا، على امتداد المنابر (والشاشات) أصواتا تجدف أحياناً، وترمي الناس بشرر الكلام في أحيان أخرى، وتهرف بما لا تعرف حينما يحلو لها، وتطلق أحكام الفسوق والكفر والإلحاد، على كل مخالف بالرأي أو بالفعل في أي شأن من شؤون الحياة. قوّالو الغيّ هؤلاء، يمتلكون ما لا يملكه غيرهم للرد عليهم. هم أسياد المنابر، يعتلونها بحناجرهم وخناجرهم المسمومة، يبثون عبرها رياح الفتنة، ويذرون قرنها بين العباد وفي أرجاء البلاد، ويجتمعون بها على أعناق المسلمين. إنهم موقظو الفتنة، الذين لعنهم الرسول (ص)، ودعواتهم معاول للهدم، وكلماتهم حراب تدمي الأجساد، يتترسون بأفكار صاغوها على مقاس أحقادهم، يرمون بها الأنفس التي أمر الله عزّ وجلّ بصونها، بتهم تقطع بسببها الرؤوس، وتسلخ الجلود، وتؤكل الأكباد. عن خطر هؤلاء القائم والداهم، كانت انتباهة العاهل المغربي، بقراره الذي منع فيه أئمة المساجد وخطباء الجمعة من التدخل في الشؤون السياسية. وقد حمل المرسوم الملكي عنوان «ظهير شريف رقم 1,14,104 صادر في 20 من رجب 1435 (20 مايو 2014) في شأن تنظيم مهام القيمين الدينيين وتحديد وضعياتهم». ويأتي هذا المرسوم لتنفيذ الخطة التي أعلنها الملك «لإعادة هيكلة الحقل الديني، وتجديد خطابه بتنقية مضامينه من كل الشوائب، وتحسين أساليب الأداء، وتطوير طرق التبليغ في إرشاد المواطنين في قضايا دينهم ودنياهم. ولتقديم الإسلام على صورته الحقيقية وبخصائصه المتميزة كقيم تضمن الوحدة وترسخ الأخلاق الفاضلة، وكرسالة عالمية تدعو إلى المحبة والأخوة والتسامح واليسر» ويعلن أن الهدف من هذا التنظيم هو تنظيم مهام القيمين الدينيين «لما لها من حميد الأثر في صيانة ثوابت الأمة وبناء مجتمع متراص متضامن، متمسك بمقوماته الروحية ومتفتح على روح العصر بعيداً عن كل تعصب أو غلو أو تطرف». ولهذا الغرض يوضع القيّمون الدينيون تحت رعاية الملك شخصياً، وتحدد مهامهم والأماكن المخصصة لإقامة شعائر الدين الإسلامي، على اعتبار أنهم موظفون حكوميون، وبالتالي فإنه «يتعين على كل قيّم ديني، في جميع الأحوال وطيلة مزاولته لمهامه، التحلي بصفات الوقار والاستقامة والمروءة التي تقتضيها المهام الموكولة إليه، ويمنع عليه خلال هذه المدة، ممارسة أي نشاط سياسي أو نقابي، أو اتخاذ أي موقف يكتسي صبغة سياسية أو نقابية، أو القيام بأي عمل من شأنه وقف أو عرقلة أداء الشعائر الدينية، أو الإخلال بشروط الطمأنينة والسكينة والتسامح والإخاء، الواجب توافرها في الأماكن المخصصة لإقامة شعائر الدين الإسلامي». ويلزم المرسوم كل قيّم ديني الالتزام بأصول المذهب المالكي، والعقيدة الأشعرية، وثوابت الأمة، وما جرى العمل به بالمغرب. ونظراً لأن هذا المرسوم التنظيمي الصادر عن ملك المغرب، يعتبر منعطفاً نوعياً في شأن تنظيم وتقنين أسس العمل الدعوي، ومنع المتسللين إليه من العبث بالهوية والمصير الوطني، لكل بلد من بلدان العالمين العربي والإسلامي، فإن جريدة «الاتحاد» ارتأت طرحه على بساط النقاش، لسبر مبرراته وغاياته، واستشراف ما يمكن أن يؤدي إليه على صعيد وضع حد لفوضى الفتوى، ودعوات الفتنة، ليس في المغرب فحسب، وإنما على امتداد الجغرافيا العربية والإسلامية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©