الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشخصية الحازمة أقدر على التواصل اجتماعياً وامتصاص التوتر مهنياً

الشخصية الحازمة أقدر على التواصل اجتماعياً وامتصاص التوتر مهنياً
10 يوليو 2011 21:40
التحلي بصفة الحزم والحسم يُساعد على إدارة التوتر والغضب وتحسين مهارات حل المشاكل والتغلب على المصاعب. ويَعتبر العديد من أطباء وعلماء النفس أن الشخص الواثق بنفسه والأقدر على الحسم هو أمهر من غيره في التواصل. والاتصاف بالحزم والحسم يعني تعبير الشخص عن رأيه بفعالية والدفاع عن وجهة النظر التي يقتنع بها، مع احترام حق الآخرين في الدفاع عن آرائهم ومعتقداتهم. وتُساعد هذه الصفة أيضاً على تعزيز الاعتزاز بالنفس وكسب احترام الآخرين، وهذا يؤدي بدوره إلى حُسن إدارة التوتر، خُصُوصاً إن كان الشخص يتحمل الكثير من الأعباء والمسؤوليات في حياته الشخصية أو المهنية أو كليهما. بعض الناس تُلازمهم صفة الحزم والحسم بشكل طبيعي بحيث تبدو جزءاً لا يتجزأ من شخصياتهم دون تكلف أو عناء. لكن هذا الأمر لا ينطبق على الجميع، بل إن الغالبية العُظمى من بني البشر لا يتسمون بهذه الصفة. وإذا كُنت أحد هؤلاء، فيمكنك تعلم كيف تكتسب هذه وتُصبح واحداً من مجتمع الحازمين والحاسمين. وتقوم صفة الحزم والحسم على الاحترام المتبادل، ولذلك فهي نمط تواصلي فعال وديبلوماسي. فكون الشخص حازماً وحاسماً يجعله شخصاً يحترم نفسه باعتباره يسعى للدفاع عن اهتماماته والتعبير بحرية عن آرائه ومشاعره. كما يجعله يبدو واعياً بحقوق الآخرين ومستعداً للعمل على حل المشكلات والأزمات والتغلب على الصعوبات. وطبعاً، لا يتعلق الأمر بما يقوله فقط ويُرسله للآخرين من رسائل لفظية، بل إن الأهم هو طريقة حديثه وإرساله لهذه الرسائل. فالتواصل بحسم وحزم هو سلوك مباشر ومحترم. والإتيان به يمنح الشخص فرصةً أفضل لإرسال رسائله بنجاح. وإذا كُنت تتواصل بطريقة سلبية جداً أو عدائية جداً، فإن رسالتك تضيع وتضل وجهتَها المقصودة لأنك قطعت عليها الطريق بقطعك ذاك الخيط الرفيع والرقيق الذي يفصل بين الحسم والحزم من جهة، والعُدوانية والدفاعية من جهة أخرى. الحزم مُقابل السلبية إذا كانت السلبية تطغى على نمط سُلوكك، فإن ذلك يجعلك تبدُو خجُولاً أو سهل الانقياد والانصياع والخنوع. وشخصية من هذا النوع تلُوك بشكل متكرر عبارات من قبيل «سأفعل أي شيء يحظى بقبول واتفاق أفراد المجموعة»، أو «سأفعل أي شيء ترونه مناسباً»، وذلك اعتقاداً أن رداً كهذا سيُجنبها الوقوع في مشاكل أو خلافات. لكن العديد من الأطباء النفسانيين وعلماء الاجتماع يعتبرون جواباً كهذا مشكلةً في الشخصية، فهو يُرسل رسالةً مفادُها أن أفكارك ومشاعرك ليست بنفس أهمية وقيمة أفكار الآخرين ومشاعرهم، وهو ما يعني أنك لا تحترم نفسك، وتفقد من ثم احترام الآخرين لك. ومجملاً، عندما تكون سلبياً جداً، فإنك تُعطي للآخرين ضوءاً أخضر لتجاُهل رغباتك وحاجاتك. وإليك هذا المثال: إذا أجبت بـ»نعم» حين يطلُب منك أحد زُملائك أن تقوم بمهمة أو تُنفذ مشروعاً ما، علماً أن جدول أعمالك مليء ومُشبع بالمهام والتكاليف والمسؤوليات، وأن عملك لساعات إضافية يعني أنك ستُلغي مشوارك العائلي الأسبوعي وتحرم ابنتك من متعة مرافقتك لها لممارسة هوايتها المفضلة بناد أو حديقة، أو مُشاهدة فيلم كرتوني في السينما. وقد يكون دافعك الشخصي من وراء الموافقة هو أن تنعم بسلام وراحة بال، لكن جوابك على جميع الطلبات بقول «نعم» يُسمم في الواقع حياتك الاجتماعية ويُقوض علاقاتك بالآخرين على المدى المتوسط. بل أسوأ من ذلك، فقد يُسبب لك أزمةً نفسيةً داخليةً تجعلك غير قادر على الصمود طويلاً نظراً لأنك تضع دوماً أفراد أُسرتك في درجة ثانية بعد عملك. ويمكن للأزمات النفسية الداخلية الناجمة عن السُلوك السلبي أن تقود إلى زيادة التوتر والاستياء وسُرعة الغضب وتقمُص دور الضحية بشكل دائم والرغبة في الإفراط في الانتقام. الحزم مقابل العُدوانية إذا أخذنا الوجه الآخر للعملة ونظرنا إلى صفة «العُدوانية»، فإن ذلك يعني أن الشخص يتبنى نمطاً سُلُوكياً مختلفاً عن الأول ومُناقضاً له بشكل كبير. فصفة العُدوانية تجعل الشخص يبدو متنمراً على من حواليه، مُتجاهلاً لرغباتهم وحاجاتهم ولآرائهم. كما تجعله يبدُو متكبراً ويضع نفسه مع زُمرة المنزهين والمعصومين من الخطأ. ويميل الأشخاص العُدوانيون جداً إلى التلذُذ بإحراج الآخرين وإذلالهم أو إهانتهم والسخرية منهم كلما سنحت لهم الفرصة، كما يتجاوز عنفهم اللفظي إلى إيذاء نفسي، وبدني أحياناً. ويعتقد بعض هؤلاء أن صفة «العُدوانية» تُخول لهم الحصول على كل ما يرغبون فيه. لكن واقع الحال يقول إن لكل شيء ثمن. فالشخص العدائي والعُدواني يدفع الآخرين إلى عدم الثقة به وعدم احترامه، ويدفع الآخرين إلى مُحاولة تجنبه استياءً من سلوكاته أو التصدي لرُعونة تنمره وعُدوانيته بعُدوانية أشد. العُدوانية السلبية السُلوك العُدواني السلبي يعني تواصلُك مع الآخرين بطريقة بعُدوانية مُقنَعة. أي أنك تُظهر نفسك حمَلاً وديعاً وتُضمر في داخلك مخالب ذئب مفترس، فتُجيب بالإيجاب وتكون عازماً في قرارة نفسك على الرفض. وقد يكون العُدواني السلبي ساخراً مُتهكماً، أو قد يشتكي على الآخرين من وراء ظهورهم. وقد يتبنى الشخص نمط العُدوانية السلبية بسبب عدم شعوره بالارتياح الذي جناه من تحليه بالمصارحة والتعبير عن رغباته ومشاعره بحرية وتجرُد. وإذا كان السلوك العُدواني السلبي يُحقق لصاحبه مكاسب ظاهرية آنية، فإنه يضُر بعلاقاته مع مُرور الوقت، ويعزله عن المُحيطين به ويدعه يفقد احترامهم. كما يُعرقل وصوله إلى مراميه ومقاصده وتحقيق أهدافه. ويُعد الحزم صفةً إيجابيةً ونمطاً تواصُلياً سليماً وصحياً. فهو يعود على المتصف به بالكثير من الفوائد والمنافع. كما ينأى به عن التعرض لاحتقار الآخرين أو استغلالهم، ويُبعده عن الوقوع ضحيةً لمؤامراتهم المحتملة. صفة مُكتسبة التصرف بحزم يُعين صاحبه على تعزيز ثقته بنفسه واعتزازه بذاته، وإدراك مشاعره، وكسب احترام الآخرين، وتحسين مهاراته التواصُلية، وخلق وضعيات تضمن له تحقيق مصلحته ومصالح الآخرين، وتحسين مهاراته في صناعة القرار، ونسْج علاقات صادقة، وتحقيق رضا مهني أفضل. وتُشير بعض الدراسات إلى أن التدرُب على اكتساب صفة الحزم يُمكنها مساعدة الشخص على التغلب على مشاكله البدنية والنفسية من قبيل الاكتئاب وفقدان الشهية أو اضطراب الأكل بشراهة والرُهاب الاجتماعي والفُصام. ويتبنى الناس أنماطاً سُلُوكيةً مختلفةً في التواصل تبعاً لخلفياتهم الاجتماعية وتجاربهم الشخصية في الحياة. وقد تتجذر صفة ما في شخصية الإنسان وتسري فيه كما يسري الدم في عُروقه لدرجة أنه يكون أحياناً غير واع بها وبآثارها السيئة على شخصيته وعلاقاته. ويميل غالبية الناس بطبعهم إلى الركون إلى نمط التواصل الذي تعودوه وألفوه منذ صغرهم. ولكن إذا أردت أن تُغير نمطك التواصُلي، فيمكنك تعلم التواصل بطُرق أفضل وأكثر فعاليةً. ينبغي لكل شخص أن يتذكر أن التدرُب على اكتساب صفة الحزم تحتاج إلى وقت ومُمارسة. فإذا قضيت سنوات في لَجْم لسانك وكبح نفسك عن التعبير عما يختلج ويعتلج داخلها من مشاعر وأفكار، فاكتسابك صفة الحزم لا يُمكن أن يحدث بين عشية وضُحاها، بل تحتاج إلى وقت أكثر. وإذا تحولت صفة «سرعة الغضب» فيك إلى «عُدوانية»، فقد تحتاج إلى تعلم بعض تقنيات وفنون إدارة الغضب. وإذا شعرت أنك لا تُحرز تقدُماً في اكتساب صفة الحزم على الرغم من الجهود التي تبذُلها، ففكر جدياً في تلقي دورات نظامية في البرمجة اللغوية العصبية حول الحزم. وإذا كانت قضايا الغضب أو التوتر أو الضغط أو الخوف تقع في طريق اكتسابك لصفة الحزم، فيُفضل أن تلجأ إلى مُعالج نفساني مُتخصص، فالأمر يستحق تخصيص بضع حصص علاجية للتغلب على العراقيل الموجودة. وعندما يكتسب الشخص صفة الحزم، يُصبح أقدر على التعبير عن مشاعره الحقيقية ورغباته وحاجاته بشكل أسرع وأيسر من أي وقت مضى، وينجح في تحقيق ذاته واكتساب احترام نفسه واحترام الآخرين، وفوق هذا وذاك تحقيق أهدافه على مستوى حياته الشخصية والمهنية. عن موقع «mayoclinic.com” ترجمة: هشام أحناش
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©