أن تصنع المستقبل وأنت تقف على بِساط اليوم، نهجٌ استثنائي لا يملكه سوى الطامحين للقمة. قبل أن نلجَ أعتاب نوفمبر ونسماته المعتدلة، مغلقين ملفات أكتوبر وما حملته من مبادراتٍ تطويرية بارزة وموجاتٍ حارّة من الآلامِ بفعل إرهاب أسود يطل بوجهه القبيح بين الحين والآخر في ربوع منطقتنا، تشرق السعودية بإطلالة تنمويّة متفردة تسرّ الناظرين وتُطرِبُ السامعين، مجتمعٌ جديد وفريد وهواءٌ رقميّ ومستقبلٌ ذكيّ وفكرٌ رياديّ ينسجُ خيوطه من رؤية 2030، ويرى كنوز المملكة في رأس مالها البشري وثرواتها الطبيعية وموقعها الجغرافي، لينطلق مشروع «نيوم» حيثُ مياه البحر الهادئة ويرسم لوحة أمل تتجاوز المكان والزمان.
مشروعٌ استثنائي رفعتِ المملكة عنه الستار، ودقت أوتاده شمالَ غربِ المملكة على مساحة 26.500 كم2، وعلى امتداد 468 كم من ساحل البحر الأحمر وخليج العقبة اللذين يشكّلان شرياناً اقتصادياً بارزاً تمرّ منه 10% من الحركة التجارية العالمية، ويمكن لـ70% من سكان العالم بلوغ هذه الوِجهة خلال 8 ساعاتٍ.
على تلك المساحات الشاسعة، التي تتقاسم أراضي حدودية مع مصر والأردن، آفاق بلا حدود، وانتقالٌ نوعي بأسلوب حياة المواطن ومستواه الفكري، ليس تعالياً على الماضي وإنما تصالح مع الحاضر وعناق للمستقبل، عبر التركيز على 9 قطاعات استثمارية حيوية أهمها الطاقة والتنقل، والتقنيات الحيوية والغذاء، والعلوم التقنية والرقمية، والتصنيع والترفيه، وتجلِب إليها استثمارات ضخمة من كبريات الشركات العالمية ليبدأ المشروع التنموي الاستباقي «نيوم» من حيث يفكّر أن ينتهي الآخرون.
هناك، حيثُ نقطة التقاء المملكة بأفريقيا، وآسيا بأوروبا وأميركا، ووسط جبالٍ يصل ارتفاعها 2500م، نترقّب ميلاد أهمّ العواصم الاقتصادية الحضارية العالمية بميزانية تأسيسية تبلغُ 500 مليار دولار، لتدخل السعودية بهذه القاطرة التنموية حقبة الثورة الصناعية الرابعة بالاستثمار في الإنسان والمكان والمستقبل المستدام.
بهذا المشروع العملاق انتقلت رؤية بلاد الحرمين 2030 من التمنيات والطموحات إلى واقع عنوانه واحة حضارية استشرافية، تترجم تلك الرؤية الحداثية بعمقها العربي والإسلامي عبر قوة استثمارية رائدة ومحور ربط القارات والحضارات لمجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح.
Emad.Hussein@alittihad.ae
عدد اليوم
