الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رمزي مصطفى: كتابة الخط العربي ترتبط بالإيمان

رمزي مصطفى: كتابة الخط العربي ترتبط بالإيمان
6 يوليو 2015 19:45
مجدي عثمان (القاهرة) منذ أواخر الأربعينيات من القرن الماضي أصبحت الكتابات العربية مادة يؤلف منها عدد من الفنانين التشكيليين تكويناتهم الفنية، مستعيرين من المدرسة التجريدية أسس بنائها المعتمد على اللاواقع المرئي، وربما دفعهم لذلك أن أشكال الخط العربي استقرت داخل وجدان الأمة العربية عبر الزمن، وأصبحت عنصراً أساساً في بنائها الثقافي والروحي، وأن ذلك نوع من الاحتفاظ بأصالة الفن المعاصر. صبغة صوفية الفنان التشكيلي رمزي مصطفى بدأ التجريب على تلك الفكرة منذ الستينيات، محاولاً إيجاد صبغة صوفية وروحية على أعماله من خلال عناصر الخط العربي الموظفة معنوياً وروحياً، إضافة إلى قيمتها التشكيلية، وفي بعض الأعمال يختار لفظ الجلالة «الله» مفرداً ومكرراً كعنصر رئيس ووحيد في تنوعات عدة بشكل تلقائي، يشبه التسبيح، حيث لا تجد غير «الله» في اللوحة فتحس أنك تسمع اسمه وتردده كما لو كنت في حضرة ذكر. ولد الفنان رمزي مصطفى لشيخ تعلم في الأزهر الشريف وكان يتاجر في القطن والأُرز، ويتحدث الفرنسية بطلاقة، من محافظة الدقهلية ولتلك النشأة الريفية طقوس عامة، أهمها أنه يستوجب عليه أن يدخل «مكتباً»، أي أن يتعلم ويحفظ القرآن الكريم في كُتاب القرية، وهو ما وجده ممتعاً، وقربه من الإحساس بعظمة الخالق وارتباطه بلفظ الجلالة. مشاعره الداخلية وقال إنه وهو يكتب لفظ الجلالة، الغالب على أعماله الحروفية، إنما يحس بأنه يذكر الله، وأن تلك الأعمال يصورها من أجله ولا يفكر وقتها في المتلقي، كما يجد متعة أن يطبق مشاعره الداخلية على لوحة التصوير، ويختار ألوان رسمها وخاصة الأخضر والأحمر، وأنه يهتم بشكل الكتابة أكثر من مضامينها. ويوضح أن كتابة الحرف العربي ترتبط بإحساسك الداخلي، وأن ذلك هو ما يوجد الفرق بين أن يستخدم الفنان الخط في أعمال تجريدية ناتجة عن ذاتية خاصة به، وتواجده في حالة من الإبداع، غير أن يكون الخط مرتبطاً بالمعمار الذي يقيم فيه الفنان باعتبار أنه جزء مكمل لهذا البناء، كما أن الأمر يختلف عند التصدي لكتابة المصحف الشريف، فحينما تكتبه بخطك دون أن تكون دارساً لقواعد الخط العربي، فسوف تكون العلاقات التشكيلية بين الحروف والجمل أكثر تواجداً وحيوية عن تناوله بأيدي خطاط محترف يتعامل مع الكتابة كأداء يحترم ويساير القاعدة على حساب بعض الجماليات الأخرى، موضحاً أنك حين تشرع في كتابة خطاب تبدأه بـ «بسم الله الرحمن الرحيم» فإنها تختلف عن نفس البسملة الموجودة في المصحف الشريف، كونها أفضل تعبيراً وأهدأ نفساً، كما أن كتابة لفظ الجلالة «الله» بخط عمودي أو مائل على السطر يتعلق بشخصية كاتبه، حيث تشعر أن بالكلمة حياة ودفئاً باعتبارها جزءاً تلقائياً واضحاً مرتبطاً بالعواطف والفكر. احترام المقدسات وأضاف أنه إذا كنا قد درسنا الخطوط المختلفة بقواعدها أثناء الدراسة الأكاديمية، فإن الفنان التشكيلي لا يجرؤ على التفكير في كتابة المصحف الشريف، فالمقدسات لها جلالها واحترمها، خاصة أن المصحف يحتاج في كتابته إلى وضوح الجمل لتسهيل القراءة، فالسلوك الحركي جزء من حياتي لا يمكن إغفاله عن الكتابة، لذلك يعد ما يكتب باليد وثيقة توضح الفوارق بين الأفراد، كما خلقنا الله عليها لإحداث التعددية والتنوع. ذاتية السلوك وأوضح رمزي أن كتابة الخط العربي ترتبط بالشعور الإيماني داخل الإنسان، بالإضافة إلى ذاتية السلوك العقلي والحسي، مما يمكن من خلاله تحديد أو وصف شخصية الكاتب، حتى إذا كان خطاطاً محترفاً يسير على قاعدة ثابتة، يمكن للعاطفة أن تتغلب عليها، فإذا استطعت أن ترسم مقلداً الصورة الفوتوغرافية، فسيكون هناك اختلاف واضح من فنان إلى آخر، فالله خلق الناس مختلفين، بل أنه ليس هناك شكل في الطبيعة متساو أو مكرر على الإطلاق، فلا تجد شجرة تماثل أخرى أو أوراق نفس الشجرة، وكذلك أصوات البشر، فجمال الوجود يكمن في الاختلاف، ذلك الذي يعطي لكل فرد تميزه، فيجلب عليه السعادة، التي هي رغبة شخصية لكل إنسان، لذلك فكل فعل يكون بصمة له، موضحاً أن هناك طرقاً حديثة للكشف عن صور المجرمين من خلال خطوط أيديهم، حيث يستطيعون رسم صورته بتحويل هذا الخط إلى خطوط تشكيلية تحدد ملامحهم تماماً، وكانت له تجربة خاصة في بحثه لنيل درجة الدكتوراه من خلال تحويل النص الأدبي أو الكلمات إلى صور، وكان أمراً جديداً في ذلك الوقت، بينما أصبح الآن يمكن بالتكنولوجيا الحديثة أن تحول الصورة إلى نقاط ثم حروف ثم إلى جمل مكتوبة. أسلوب معين وأشار إلى أن استخدام أسلوب معين في الكتابة يلغي الذاتية، وبالتالي الخصوصية، فيصبح الكل متشابها، كما أن المحتوى الذي سوف يوضع فيه الخط يجعله مرتبطاً به من حيث الشكل والأداء، فالكتابات على جدار جامع يختلف عن الموجودة في مخطوط، وأن الكُتاب الكبار يفضلون الكتابة اليدوية، بينما لا يتعاطفون مع الكتابة الآلية، حيث إن الأولى تعطي نوعاً من المعايشة الحقيقية أثناء الكتابة، وهو يماثل التسبيح ونبض القلب، ولذلك كانت الكتابة شديدة الاتصال بالإنسان، وربما اللغة العربية هي أكثر اللغات التي يتضح فيها ذلك، معتقداً أن الكتابة لها، هو نوع من التثبيت المؤقت. الدكتوراة الثالثة ويقول إن الصوت لديه له دائماً صورة، وتلك الخبرة اكتسبها بعد سفره إلى الولايات المتحدة الأميركية لنيل درجة الدكتوراة الثالثة، حين وجد أن اللون له حياة ومعنى، وأكثر تعبيراً عن الكلمة، حيث لا يوجد شيء في الكون غير ملون، وبالتالي فاللون عنصر أساس بدرجاته واختلافاته في تكوين طبيعتك، مما جعله يشعر بأنه يترجم الكلام، وأنه استخدم ذلك المنهج في الديكور المسرحي. وأوضح أن فترة الستينيات والسبعينيات شهدت نزعة قومية وطنية، سعت إلى إنتاج فن عربي قومي، وتلمس الفنانون ذلك من خلال الخط العربي، إلا أنه قد برز في تلك الحركة من قاموا بدراسة الخط لكنها لم تستمر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©