الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بدون رقابة ·· توابل تجارية وأفكار جانحة

بدون رقابة ·· توابل تجارية وأفكار جانحة
18 فبراير 2009 22:55
يتناول الفيلم السينمائي الجديد ''بدون رقابة'' قضية شديدة الاثارة في مجتمعاتنا العربية ولعلها المرة الأولى التي يخصص فيها فيلم مصري كل هذه المساحة لموضوع ''المثليين'' وكأنهم شريحة موجودة وأصبحت ظاهرة· رغم ان الواقع يؤكد ان هؤلاء يمارسون سلوكهم المرضي في الخفاء حيث يجرم المجتمع بكل طوائفه تلك السلوكيات ويزدري من تحوم حوله الشبهة· يسبق تترات فيلم ''بدون رقابة'' رقصة للفنانة علا غانم في احد الملاهي وهي تمتد لعدة دقائق تثير الملل، وبعدها نتعرف على صناع هذا الفيلم حيث القصة لأربعة من طلاب معهد السينما، امين جمال وعبدالله حسن واكرم برديسي وخالد أبو بكر والاخراج لهاني جرجس فوزي في أولى تجاربه كمخرج، والبطولة لأحمد فهمي ودوللي شاهين وعلا غانم وباسم سمرة ونبيل عيسى والمطربة اللبنانية ماريا وإدوارد وراندا البحيري وحسن حسني وعايدة عبدالعزيز وريم هلال ومروة عبدالمنعم وسارة بسام· يستعرض الفيلم نماذج غريبة من الشباب ويقدمهم على انهم طلاب جامعيين ونجد علا غانم (شيرين) تعيش في شقة بمفردها ولديها إمكانيات مادية تسمح لها بأن تشتري ما تشاء من مخدرات وتغدق على صديقاتها الملابس والأموال، كذلك المطرب أحمد فهمي الذي اختار ان يسكن بمفرده في شقة الأسرة القديمة التي تحمل رقم 77 ويشير لها كل أبطال الفيلم باعتبارها ''وكر الملذات''، ونجد أحمد فهمي الطالب بكلية الحقوق يصطحب زميلته الجامعية دوللي شاهين الى شقته وفي الفراش تطلب منه نقودا وبعض المخدرات ثم تطلب مفاتيح سيارته، وعندما يسألها وماذا تقولين لوالدك؟ ترد: لم يعد يسأل· وبمجرد ان تغادر الشقة وتصعد الى السيارة فإذا بها تواعد شابا آخر ينتظرها اسفل العمارة وتدعوه ليركب معها وعلى الفور تسأله عن مخدرات ونقود وبمجرد حصولها على النقود تطلب منه النزول من السيارة خشية ان يراه والدها معها· أما أدوارد فهو ينتمي الى أسرة فقيرة ووالده حسن حسني الذي يعمل ليل نهار ليوفر الحد الادنى من متطلبات الحياة ووالدته عايدة عبدالعزيز وله شقيق عمره لا يتجاوز عشر سنوات! وتربطه علاقة حب مع زميلته المحجبة (راندا البحيري) التي تنتمي الى نفس الشريحة الاجتماعية البسيطة وتعاني قهر والدها وشدته وسعيه لان يزوجها من أي شخص لا يكلفه شئيا ويرشح لها عريسا يعمل ''مبلطا'' في احدى دول الخليج· أما نبيل عيسى فهو لا يختلف عن زملائه حيث يعاني اهمال اسرته وقسوة والده ويحتال على اسرته ليحصل على ما يلزمه من نفقات باهظة تجعله يساير زملاءه في الملاهي والمخدرات ومرافقة الفتيات·· نماذج غير طبيعية اجتمعت لتوحي بان الاحداث تعكس ان الجامعة عبارة عن هؤلاء الشباب المرضى المحبطين حتى ان بعض الطلاب الذين يظهرون بشكل عابر يعيشون نفس الحياة الضائعة بل ان رجال الأمن في الجامعة يسمحون للطلاب بتدخين المخدرات مقابل حصولهم على بعضها· أي مجتمع هذا؟ واين هؤلاء الفتيات؟ وتمضي الاحداث بشكل مفتعل وكأن المخرج أراد ان يضع كل ما في خياله من قصص الفساد والشذوذ والضياع ويصل الى أقصى ما يستطيع ليحقق العمل مع ما يحمله من عنوان ''بدون رقابة'' الاثارة الواجبة· وحتى الشاب الملتزم الفنان باسم سمرة الذي يلجأ اليه الجميع للاستعانة بملخصاته ومذكراته في ايام الامتحانات يتردد على الشقة التي تحمل رقم 77 ويبدو وكأنه يحلم بالانخراط في هذا العالم الذي يعلن رفضه له ويلمح الى صديقه إدوارد بأن فتاته المحجبة راندا البحيري ربما تخفي هي الأخرى سلوكيات لا يعرفها فالكل فاسد وتائه وساقط في المخدرات والشذوذ وبلا هدف أو مستقبل· أما المفاجأة فهي المطربة اللبنانية (ماريا) التي ظهرت في دور طالبة ثانوي ويعجب بها أحمد فهمي ويحاول الحصول على موعد منها ولانها بريئة ونظيفة من الداخل كما يصفها، يسعى خلفها ويجذبه اليها هذا النقاء وكأنه عملة نادرة، وبالطبع تخضع الفتاة البريئة الساذجة لمحاولاته وتنشأ بينهما علاقة حب وتبدأ لقاءات الحبيبين في الحدائق والأماكن العامة· والطريف ان هذه البريئة الخجولة ترتدي في لقاءاتها مع حبيبها ما يشبه المايوه البكيني وأحيانا فساتين سهرة تكشف كل ما يمكن، حتى وهي تستذكر دروسها لابد ان تكون بالشورت الساخن والبادي ستومك القصيرة·· مشاهد رقص شرقي ساخن جدا أدتها ببراعة ريم هلال ودوللي شاهين ودور مختلف لمروة عبدالمنعم تتحرر فيه من أدوار البنت البريئة الى الفتاة المعقدة التي تتلصص على زميلاتها وتشجعهن على الانخراط في الفساد، ولا مانع من ان تجلب لصديقتها الشاذة شيرين أو علا غانم فتيات من أجل الحصول على قطعة ملابس فاخرة أو بعض المال وتناول الطعام الفاخر· مهما كان واقع الشباب الجامعي مليئا بنماذج فاسدة وضائعة فان المجتمع يختلف تماما عن تلك الصور الخيالية المريضة التي امتلأ بها الفيلم واستغرق في تفاصيلها المخرج بوعي وقصد وبهدف واضح هو انه لم ينس لحظة انه منتج يتوجه للسواد الاعظم من جمهور سينما اجازة نصف العام واغلبهم طلاب الثانوي والجامعات· رغم ان المخرج نجح في ان يتجاوز المعقول الى اللامعقول في كثير من التفاصيل والمشاهد مثل مشهد مطاردة علا غانم للفتاة الجميلة سارة بسام في إحدى دورات المياه بالجامعة، فإنه لم يجد ما ينقذه من كل تلك المهازل الا اللجوء لاقتباس نهاية أحد أروع الافلام المصرية ''إحنا التلامذة'' لينهي الفيلم بالقبض على الطلبة الآثمين ويوجه الإدانة الى الأسر التي أهملت رعاية ابنائها وهكذا يخرج الجمهور المراهق وهو سعيد بإن كل هؤلاء الشباب الضائعين لهم كل الحق وهم ضحايا الأهل والظروف· من الصعب تقييم النواحي الفنية في الفيلم لان اي جهد فني موصوم بالافكار المشوهة والرؤية المضللة التي منحها المخرج هاني جرجس فوزي مبررات غير منطقية، ورغم اعتماده على اسماء معظمها تبحث عن فرصة للتواجد على الشريط السينمائي، فإنه استعان بمدير تصوير متميز د· هشام سري ومنحه صورا مضيئة مليئة بلمساته الرائعة في استخدام الاضاءة والظلال، وبرع مهندس الديكور نهاد بهجت كعادته في تقديم أجواء صادقة معبرة عن أماكن التصوير المتباينة·· وحاول المونتير أحمد عبدالغني أن يخفض من وطأة الملل الذي يصيب المتابع للاحداث فنجح احيانا واخفق مرات، ويبدو ان تعليمات المخرج كانت أقوى خاصة في مشاهد الرقص والغناء واستعراض اجساد الفتيات العاريات تقريبا· وجاء أداء علا غانم متسقا مع قناعتها بانها تقدم شخصية تتحدى بها الجميع وتكشف المسكوت عنه، أما احمد فهمي فهو لا يتمتع بحضور ورغم ذلك تطور اداؤه عن تجاربه السابقة في ''خليج نعمة'' وبدا اكثر ثقة في الحركة والتعامل مع الكاميرا· وجاءت ماريا مفاجأة فهي نموذج للفتاة البريئة الساذجة كما يروج الحوار طوال الاحداث ولكنها استطاعت ان تعزز ثقة الجميع بأنها ماريا وليست الشخصية التي تجسدها· اما اسلوبها في الكلام والاداء فهو لا يختلف اطلاقا عن ادائها في ''إلعب إلعب'' ولا يمكن معرفة الاسباب التي جعلت نجوما كبار في قامة أحمد راتب وعايدة عبدالعزيز بكل تاريخها الفني المشرف ان يقبلا ان يحلا ضيوف شرف على هذا الفيلم بأدوار مسطحة ولا تليق بهم، كذلك الحال مع رجاء الجداوي وسيف عبدالرحمن· وبقي ان السيناريو الذي صاغه أربعة من طلاب معهد السينما يؤكد ان الجيل الجديد من السينمائيين مطالب بالتنازل والتوجه مباشرة لتلبية طلبات المنتج حتى يحصل على فرصة ولو على حساب المنطق من خلال سيناريو مغزول بكل التوابل التجارية الممكنة والملغوم بأقصى الافكار جنوحا· المشاهد العاطفية منعت عرض بعض الأفلام سكينة اصنيب دخلت الأعمال السينمائية المغربية في مواجهة مع الرقابة بسبب احتوائها على مشاهد ساخنة ومثيرة، حتى أن بعضها منع من العرض الجماهيري مثل فيلم ''لحظة ظلام'' للمخرج المخضرم نبيل عيوش، فقد أثار الفيلم ردود أفعال قوية حتى من داخل الوسط الفني، وهوجم الفيلم من قبل العديد من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني واستأثر الحديث عنه باهتمام وسائل الاعلام على مدى عدة شهور، وبسببه تقدمت عدة أحزاب من بينها حزب ''العدالة والتنمية'' الاسلامي بطلبات إحاطة وأسئلة لوزيري الثقافة والاعلام، وأثار جدلا ومعارك ساخنة في البرلمان المغربي بين دعاة التجديد والمحافظين· واحتوى الفيلم على مشاهدة ساخنة ومنع من البث في القناتين المغربيتين ومن النزول إلى صالات العرض واضطر مخرجه نبيل عيوش الى تقديمه ضمن عروض خاصة في مقر شركته قبل أن يشاهده المغاربة على قناة ''آرتي'' الفرنسية· ويعتبر فيلم ''حب في الدار البيضاء'' للمخرج عبد القادر لقطع بطولة منى فتو ومحمد زهير، أول فيلم مغربي استخدم مشاهد ساخنة في تاريخ السينما المغربية، ورغم قلة هذه المشاهد وسطحيتها إلا أنها كانت كافية لجذب انتباه باقي المخرجين وصناع السينما الى عنصر كان غائبا عن أعمالهم لأسباب دينية واجتماعية· وتوالت بعد ذلك الأفلام التي وظفت الاغراء والمشاهد الساخنة دون الحاجة الدرامية إليها فاعتمد أغلب المخرجين من خلال مقاربتهم لظواهر اجتماعية وسياسية بأعمال سينمائية على توظيف هذا الجانب، فطفت على السطح في فترة قصيرة الكثير من الأفلام اتسمت بالجرأة الكبيرة مثل فيلم ''الدار البيضاء ليلا'' للمخرج مصطفى الدرقاوي الذي وصف حياة الليل في مدينة الدار البيضاء من خلال قصة راقصة اختير فتاة لا يتجاوز عمرها 14 عاما لأداء دورها، وتضمن الفيلم بعض اللقطات الساخنة، وأثار جدلا واسعا بسبب بطلته الصغيرة سميرة نور، حيث اتهم المخرج باستغلال جسدها لأنها ظهرت طيلة مدة الفيلم وهي ترتدي بدلة رقص· وتسبب توظيف هذه المشاهد العاطفية الجريئة في اثارة النقاد والوسط الاعلامي ضد صناع السينما وبينما دافع المخرجون عن أفلامهم التي احتوت على هذه المشاهد عاد المخرج عبد القادر لقطع بفيلم قوي اعتبره النقاد سابقا لأوانه هو فيلم ''الباب المسدود'' الذي تناول موضوع الشذوذ الجنسي· ثم جاء فيلم ''ماروك'' للمخرجة ليلى المراكشي الذي تضمن مشاهد عاطفية قوية بين شاب يهودي وفتاة مسلمة مما أثار حفيظة النقاد واتهموا المخرجة بالعمالة لاسرائيل· وتسبب ظهور هذا النوع من الأفلام في انتشار ظاهرة البطلات المبتدئات وهن الفتيات اللاتي أسندت لهن أدوار البطولة في هذه الأفلام بعد عزوف الممثلات عن أداء دور البطولة حرصا على جماهيريتهن، فمنحت أدوار البطولة المطلقة لفتيات لا يمتلكن موهبة التمثيل، امكانياتهن تنحصر في الشكل وتنفيذ أوامر المخرج، ومن هذه الأعمال التي استعان مخرجوها بوجوه جديدة فيلم ''حب بلا فيزا'' لنجيب الصفريوي و''قصة حب'' لحكيم النوري· ورغم تأثر المخرجين المغاربة بأشكال الانفتاح والجرأة في الأفلام الغربية والأوروبية على وجه الخصوص إلا أن انشغالهم بالمواضيع السياسية والاجتماعية فضلا عن تأثير الرقابة الفكرية والمالية على أعمالهم تسبب في انحصار المشاهد الساخنة عنها· وتراكمت اجتهادات المخرجين المغاربة وأطلوا على المشاهد بعدة أعمال كل منها عالج موضوع العلاقات العاطفية بطريقة مختلفة وبواقعية شديدة، وتناولوها من شتى الزوايا دون إغفال العنصر العاطفي، لكن أغلبهم اتهم باقحام مشاهد ساخنة في الأفلام بهدف الاثارة فقط، فعانت أعمالهم من قهر الرقابة وضغط التقاليد ومنع بعضها من العرض الجماهيري· ويرى النقاد أن المشاهد العاطفية حاضرة في السينما المغربية الناشئة بقوة لكن بتوظيف فني مختلف يخدم الفكرة والبناء العام للقصة ويعتمد على استعمال تقنيات إيحائية لا تصدم المشاهد ولا تثير حفيظة الرقابة، ووجد النقاد أن السينمائيين المغاربة بدأوا يبتعدون عن التوظيف المجاني غير الوظيفي للجنس في أعمالهم بعدما كانت أغلب الأفلام تستعرض العري وتقدم نماذج مبتذلة من أعمال عالمية لاستقطاب الجمهور· وتأثرت الأعمال السينمائية المغربية بالمدارس الأوروبية، ونتج عن هذا الاحتكاك أفلام تمثل لحظة متقدمة في توظيف المشاهد الساخنة مثل ''دم الآخر'' للمخرج محمد لطفي، و''حادة'' لمحمد أبو الوقار، و''في بيت أبي'' لفاطمة الجبلي الوزاني، و''شفاه الصمت'' لحسن بنجلون، تلتها مجموعة من الأعمال التي تضمنت مشاهد منطلقة ومتحررة مثل ''مكتوب'' لنبيل عيوش، و''العيون الجافة'' لنرجس النجار، و''علي ربيعة والآخرون'' لأحمد بولان، و''قفطان الحب'' لمومن السحيمي، وأخيرا ''حجاب الحب'' لعزيز السالمي·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©