الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أحمد أمين المدني.. رحلة معرفية من دبي إلى كمبردج

أحمد أمين المدني.. رحلة معرفية من دبي إلى كمبردج
24 يوليو 2014 00:34
انطلق الإماراتيون منذ منتصف القرن الماضي إلى الدراسة في العديد من المعاهد والجامعات خارج الدولة، وكانت رحلة التحصيل عادة إلى بغداد أو البحرين أو الكويت، وبعد أن يحصلوا على الشهادات العلمية يعودون إلى بلدانهم، إلا أن أحمد أمين المدني يعتبر من القلائل الذين شذوا عن القاعدة، حيث ساعده تفوقه العلمي ونباهته على أن يصل إلى حد التدريس ببغداد وهو الذي قصدها طالباً، ولعل تميز المدني وسعة اطلاعه وحرصه الكبير على النهل من معين المعرفة شرقاً وغرباً بوّأه المكانة العلمية الرفيعة. ولد الشاعر أحمد أمين المدني في العام 1931 بدبي وتخرج في كلية الشريعة بجامعة بغداد سنة 1958 قبل أن يحصل على الدكتوراه من جامعة كمبردج ببريطانيا، وواصل أثناء ذلك دراسته للغة الفرنسية والحضارة في السوربون بجامعة باريس، وعمل مدرساً ببغداد وإمارة الشارقة، كما عمل مذيعاً ومحرراً ومقدماً للبرامج في إذاعة (صوت الساحل) بالشارقة، وأميناً للمكتبة العامة التابعة لبلدية إمارة دبي، ومديراً للسكرتارية بوزارة الدفاع الاتحادية من سنة 1972 إلى العام 1978 قبل أن يتفرغ لأعماله الفكرية والأدبية. نشر أبحاثه وأشعاره في مختلف الصحف والمجلات العربية منذ الخمسينيات. من دواوينه الشعرية المنشورة: «حصاد السنين» (1968)، «أشرعة وأمواج» (1973 )، «عاشق لأنفاس الرياحين» (1990). ومن مؤلفاته الفكرية والنقدية: «التركيب الاجتماعي الديني»، و»الشعر الشعبي في الإمارات»، و»دراسة في الأدب الأندلسي»، و»دراسة في الفلسفة». لقد اجتمع في الرجل تميزه الفكري واطلاعه على أمهات الكتب في رحلته المعرفية، وحسه الإبداعي المرهف وهو الذي كتب الشعر في فترة متقدمة من حياته، ونشر إبداعه ومقالاته في العديد من المجلات المهمة في المشرق والمغرب العربي، مما رفع من صيته وجعله واحدا من المبادرين الأوائل في الانتشار عربيا. عرفت قصائده ونثرياته لدى النقّاد برقة العبارة وصفاء اللغة وأهمية الطرح، وقد تأثرت طروحاته الفكرية بمسيرته التي نهل فيها من الشرق والغرب، واستطاع أن يترك عددا من الأعمال الأدبية المتناثرة هنا وهناك والتي جمعت بعد 11 عاما من وفاته في مؤلف واحد بفضل جهود نجله وعدد من أصدقاء الراحل الذين كانوا يملكون بعض المخطوطات التي تعود اليه. التقى المدني بالمؤرخ الكبير أرنولد توينبي أكثر من مرة في جامعة كمبردج البريطانية، وكذلك الشاعر ت. س. ايليوت، والفيلسوف برتراند راسل، والناقد فورستر، والشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السياب والذي قال عنه: «بدر شاكر السياب كان صديقي الحميم، وقد التقيته للمرة الأولى في العام 1949، كان التقاء في مكتبة متواضعة في البصرة يتردد عليها شعراء البصرة والكويت في ذلك الوقت، وصاحب هذه المكتبة شاعر اسمه هشام الجواهري، وبعد الدراسة الجامعية في بريطانيا عاد أحمد أمين المدني إلى الإمارات العربية المتحدة، ودخل ميدان العمل فتنقل بين عديد من المهام الوظيفية كما سبق أن أشرنا إلى ذلك، لكن المرض الذي ألم به منذ العام 1976 لم يتح له المواصلة في مجال الوظيفة ما ألزمه بيته، وفسح له المجال للتفرغ للنشاط الفكري والأدبي الذي أخذ الكثير من وقته وجهده حتى فارق الحياة في العام 1995 بعد مسيرة حافلة بالعطاء والتميز حلق خلالها في الكثير من الفضاءات خارج الإمارات وداخلها. ومن قصائد الشاعر نقتطف هذه الأبيات التي كتبها المدني في فترات مختلفة من حياته، إذ يقول في قصيدته «نهاية حب»: تمرَّ بقربي. . . على الدرب يطويكَ صمتُ الغريب. . . وفي مقلتيك سكون العدمْ كأن لم ينورِّ حياتك حبِّي زماناً غريقاً بأحلى نغمْ ولم أك يوماً على شفتيك لحوناً. . . تموج بشوقي إليك تمنيت لو أننا قد رجعنا غداً، ورآنا شحوب الهلالْ وراء سكون التلال غريقين في شوقنا نُناغي النياسم حلما كما ينشد في أشواق دامعة وفي «أشواق دامعة!» يقول المدني: لاتدعْني. . في انتظاري. . طاوياً جرحي. . وآلام انكساري في جموع الناس أمضي حاملاً حبي وبُغضي. . . كيف ترضى بانهياري. الغيوم الرُّبْدُ تسبحْ عَبْرَ صمت الأفق تسبحْ. . كيف أقضي اليوم. . وحدي في فراغ عبر وجدي. . . ودروب الليل بالأمطار تجري. . كلما ذرّ فلق حاملاً. . للكون ألوانَ الشفق ملءُ روحي أملٌ أن أسمعا صوتَك الحالمَ يجري. . وادعا. يبهجُ القلبَ ويشجي الأضلعا. . سوف تنساب لحون. . في ارتعاشات من الحب الحنونْ حول أشواق فؤادي الحائرِ أغنيات من فيوض الخاطر. . رحل الشاعر أحمد أمين مدني بعد مسيرة حافلة بالعطاء الأدبي والفكري تركها مبثوثة في كتب كثيرة أرخت لمسيرة مبدع إماراتي متميز قدم الكثير، وكان من الرواد المؤسسين للعمل الثقافي في الإمارات قبل أن تتأسس دولة الاتحاد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©