الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محاربة التطرف.. مسؤولية منْ؟

18 يناير 2015 22:37
إعلان رئيس الوزراء الفرنسي «مانويل فالس» أن فرنسا في حرب «ضد الإرهاب وضد الجهاد وضد التشدد»، لن يكون له تأثير كبير على المعركة ضد الأيديولوجيات المتطرفة. فالملمح المميز للحرب هو أنها استخدام مشروع للقوة القاتلة ضد عدو معروف. وفي هذا الصدد، نجد أن فرنسا في «حالة حرب» إلى جانب الولايات المتحدة منذ 13 عاماً ونصف العام، من حين إلى آخر. وبدءاً من أكتوبر عام 2001، شاركت فرنسا في عمليات «الناتو» في أفغانستان ضد «القاعدة» و«طالبان». وفي عام 2013، شنت فرنسا عملية عسكرية في مالي ضد جماعة تابعة لـ«القاعدة» كانت قد استحوذت على قطاعات كبيرة من البلاد. والعام الماضي انضم البلد الأوروبي إلى تحالف عسكري تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش». وفي ضوء هذا، فمن المستغرب أن تعلن فرنسا «الحرب» رداً على هجوم آثم وصفيق، وإنْ ظل محدوداً إلى حد ما، ارتكبه ثلاثة من مواطنيها ربما بدعم من الآخرين في داخل البلاد وخارجها. والخطوات المحورية التي يتعين على فرنسا اتخاذها لمعالجة التهديد الحالي يتعلق في جميع نواحيه بتوسيع جهود مكافحة الإرهاب داخلياً ولا صلة له إلا قليلاً بأدوات الحرب. فأولًا، يتعين على فرنسا أن تنقح قوانينها لتجعل من أي عمل لدعم المنظمات الإرهابية الأجنبية المعروفة، بما في ذلك القتال أو التدريب معها، جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن لسنوات طويلة. وفي الولايات المتحدة، مثل قانوننا الخاص بـ«الدعم المادي للإرهاب» أداة فاعلة في إضعاف قدرة الإرهابيين المحتملين. والقانون لا يطبق إلا في أعمال معينة لدعم المنظمات الإرهابية. وإذا طبق بشكل ملائم فلن ينتهك الحريات المدنية بمعاقبته الناس على أفكارهم. وتوسيع القوانين الجنائية في هذا الاتجاه يوسع تلقائياً مجال المراقبة المسموح بها ضد الأفراد الذين لهم صلة بالإرهاب. وعندما تكشف هذه الرقابة عن أدلة على اتخاذ أشخاص لخطوات ملموسة لدعم منظمات إرهابية يتعين على فرنسا أن تظهر استعداداً أكبر لاعتقالهم ومحاكمتهم. واتباع نهج أشد صرامة في تطبيق القانون الجنائي سيضعف نشاط بعض الأفراد ويبعث برسالة مفادها أن هذه الأنشطة لن يجري التسامح معها ومن المأمول أن تؤدي إلى ردعهم. وهذه هي الطريقة الوحيدة لتخفيف حدة التهديد الآني الذي تواجهه فرنسا من الإرهاب المُنتج محلياً ومن المقاتلين العائدين إليها. ومن المستحيل بالطبع أن تتصدى فرنسا وحلفاؤها لهذه المشكلة عن طريق اعتقال الأشخاص فحسب. فأكبر تحد يواجه جماعة الدول التي تقف ضد التطرف هو تطوير مجموعة من السياسات لتقليص عدد الأفراد الذين جذبتهم الأيديولوجية الخطيرة لـ «القاعدة»، ومفهوم «الحرب» لا يمكنه أن يشارك هنا في هذه المهمة. ورغم المطالبة الدائمة من الجمهور بأن تفعل الحكومة «شيئاً» للتصدي للتهديدات الأمنية، فهذا التصدي للتشدد ليس مهمة الحكومات الغربية وحدها، بل يجب أن تتصدى له معنا الدول ذات الغالبية المسلمة وجماعات المجتمع المدني والزعماء الدينيون والجاليات المسلمة حول العالم، ونحن قطعنا خطوة مهمة في اتجاه إدراك الحاجة للقيادات الإسلامية في هذه القضية عندما طالبنا بمشاركة الدول الإسلامية في المعركة ضد «داعش»، وبعد مرور أكثر من عقد على هجمات الحادي عشر من سبتمبر، بالكاد بدأنا في تطبيق البرامج التعليمية وغيرها من البرامج المطلوبة لوقف انتشار الأيديولوجية التي نشرها بن لادن، ويتعين تخصيص الوقت والمال وأفضل ما لدينا من عقول لتحديد كيفية عمل هذا بشكل فاعل، وهذا أهم من إعلان جديد للحرب. وها نحن تأخرنا كثيراً في تدشين مسعى عالمي منسق ضد التشدد. لكن يتعين علينا إدراك أن أي درجة من التمويل والبرامج لن يحول دون ظهور أشخاص مثل الأخوين «كواشي»، منفذي هجوم باريس، ما لم يتقلص العنف في الشرق الأوسط، بما في ذلك العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وأيضاً ما لم تتحسن أساليب الحكم في هذه المنطقة وما لم تتحسن الفرص الاقتصادية للمسلمين المنعزلين في الغرب وتتقلص المشاعر المعادية للمسلمين. ويا لها من مهمة صعبة، لكن ما لم تكن هذه الموضوعات هي قائمة أولوياتنا في مكافحة الإرهاب لفترة ما بعد هجوم باريس، فإن زعماءنا سيكونون كمن ينفخ في قربة مثقوبة. ديفيد شانزر * * مدير مركز «تراينجل للإرهاب والأمن الوطني» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©