في وقت تشهد فيه دول أميركا اللاتينية أكبر معدلات النمو في نشر النطاق العريض لخدمات الانترنت، تحاول المؤسسات الإعلامية العريقة تجنّب تداعيات التكنولوجيا الرقمية التي لحقت بالصحف الأميركية الشمالية وأوروبا وهزت أوضاعها المالية قبل ان تعود وتلتقط أنفاسها بالاندماج التدريجي في السوق الرقمي، وفي هذا السياق وبناء على طلب الفاعلين في هذا القطاع قررت الجمعية العالمية للصحف وناشرو الأخبار عقد أول مؤتمراتها للإعلام الرقمي المخصصة لأميركا اللاتينية في 30 و31 أكتوبر القادم في بوجوتا في كولومبيا ليكون إطارا لتبادل الأفكار وأفضل الممارسات بين أهم المؤسسات الإخبارية في الاقليم وبعض أصحاب التجارب الناجحة في الاندماج الرقمي في باقي دول العالم.
أبوظبي (الاتحاد) - في بيان وصلنا بالبريد الإلكتروني قال فينست بيراين، رئيس مجلس إدارة الجمعية المنظمة أن أميركا اللاتينية ترسم حالياً مسارها الرقمي الخاص وتعيش هذا التحول بشكل متشارع «ونعتقد أن الإعلام الرقمي الأميركي اللاتيني سوف يساهم بهذه العملية، من خلال المساعدة على حفز الإبداع في أوساط قطاع نشر الأخبار في أدق مرحلة يمر بها حالياً».
ازدهار النشر الرقمي
وتفيد دراسة لمؤسسة «بريس واتر هوس كوبرز»، أن النشر الرقمي في أميركا اللاتينية يشهد حالياً ازدهارا في وقت ينتظر فيه أن تعرف أكبر نمو في إيصال النطاق العريض لخدمة الانترنت في العالم بنسبة 5.5 زيادة سنوية (بين عامي 2012 إلى 2016)، كما يقدر فيه نمو الإعلانات الرقمية بمتوسط 15.9 % خلال السنوات الخمس القادمة. وتضم لائحة المتحدثين في المؤتمر المرتقب ممثلون لشركات إعلامية بارزة من المنطقة أمثال جون رويز رئيس مجلس الادارة لمجموعة صحفية كبرى في كولمبيا وهي مجموعة «كازا اديتوريال أل تمبو»، وجاستون روبتبيرج، مدير تحرير غرفة أخبار المتعددة الوسائط في صحيفة «لا ناشيون» الأرجنتينية كما تضم أصحاب تجارة رقمية بارزة من الخارج مثل وروب جريمشاو، مدير تحرير موقع «فايننشال تايمز» وماتيو سكيبينسكس نائب رئيس « «برس2 « في الولايات المتحدة.
بدائل مفيدة للمستقبل»
وتعتبر مؤتمرات « الإعلام الرقمي» التي تنظمها الجمعية العالمية للصحف وناشرو الأخبار مرجعا في صناعة نشر الأخبار ويحضرها مئات من المندوبين المعنيين حول العالم كما يحصل في مؤتمر الإعلام الرقمي الخاص في أوروبا والمؤتمرات الأخرى التي تعقد منذ بضعة سنوات في آسيا والهند مما جعلها من أكثر المنصات الأعمال الدولية المتخصصة في التحول الرقمي في صناعة الأخبار والنشر.
وقال مارسيلو ريتش، مدير مشاريع وعمليات الصحافة في مجموعة «آر بي اس» الإعلامية البرازيلية وممثل أميركا اللاتينية في الجمعية العالمية، أن مؤتمر بوجوتا يهدف لعرض وتقديم مبادرات «ليست فقط مُلهمة ومبتكرة، ولكن صالحة للاستعمال أيضاً، ويكاد يكون من المستحيل ألا تنتهي هذه التظاهرات دون تحديد بضعة بدائل مفيدة للمستقبل».
وعن التجارب الملهمة يعرض جريمشاو لحالة صحيفة فايننشال تايمز وتحولها الرقمي الناجح، وكيف تمكنت الصحيفة عبر آليات عمل جديدة وأنواع منتجات وخدمات إخبارية مبتكرة أن تربح نسبة مساهمة إيراداتها المالية من النسخة الرقمية إلى 50% من إجمالي وارداتها.
نموذج تحول لاتيني
وتمثل مجموعة «كازا اديتوريال أل تمبو» الكولومبية نموذجا عن أحوال المجموعات الإعلامية العريقة في أميركا اللاتينية، التي تبحث عن أفضل الحلول لمواجهة التحولات الرقمية. وفي مقابلة صحفية مع موقع متخصص بالإعلام أوضح جون رويز رئيس مجلس العمليات الصحفية في المجموعة، أن معدل الصحيفة الرئيسية التي تصدرها، وهي صحيفة «أل تمبو» يبلغ 225 ألف نسخة يوميا في أيام الأسبوع وأكثر من 400 ألف في يوم الأحد، كما تملك المجموعة العديد من المطبوعات الصحفية التي تشكل نشاطها الرئيسي، منها صحيفة «بورتوفوليو» البارزة في الأخبارالمالية والاقتصادية، وصحيفة مجانية بدأت في الصدور قبل أربع سنوات، وتعتبر صحف المجموعة الثانية من حيث أسعار الصحف الرخيصة أو ما يسمى هناك بالصحف الشعبية، كما لديها عددا من المجلات العامة والمتخصصة. وإلى جانب ذلك تملك المجموعة شبكة منصات على الانترنت بعضها يختص بالأخبار والمعلومات وبعضها ينشط في التجارة الالكترونية والإعلانات المبوبة التي تستقطب 21 مليون زائر خاص شهريا مما يجعلها المرجع في أعمال الانترنت في كولومبيا. وتملك المجموعة أيضاً شبكة تلفزيون محلية هي الثالثة من حيث عدد المشاهدين في مدينة بوجوتا حيث تتنافس مع شبكة وطنيتين.
استخدام الأجهزة الذكية
وقال رويز إنه مع الانتشار المطرد في استخدام الانترنت بدأت صحف أميركا اللاتينية تمر بتجربة مشاكل صحف الولايات المتحدة من حيث التوزيع وإيرادات الإعلانات ولكنه يلفت إلى أن مؤشرات هذه المشاكل لم تصل بعد إلى مرحلة دراماتيكية رغم ظهور بعض المؤشرات على ذلك في وقت تنشغل فيه هذه الصحف وتحتار بين نظام الوصول المدفوع أو استمرار الدخول المجاني إلى المحتويات في وقت يصبح فيه بيع الاشتراك بالنسخ المطبوعة أكثر فأكثر صعوبة، «وتضطر الصحف التقليدية لتقديم هدايا أو ما شابه من إغراءات من أجل المحافظة على العدد الحالي نفسه للمشتركين.
ويراهن رويز على المؤتمر القادم كفرصة لرؤية كيف تجري الأمر وكيف أثر الانترنت على قطاع الأخبار المطبوع في دول أخرى «من أجل تحضير أنفسنا بشكل أفضل ومسبق، حتى لا نعاني كما عانت المجموعات الإعلامية الأخرى في الدول الأخرى. كما نسعى لمعرفة أفضل الطرق في استخدام الأجهزة الذكية المحمولة مع الأخذ في الاعتبار محدودية الشاشة وكيفية الاستفادة منها إعلانيا، مع توجه لاستخدام الهواتف كنموذج ملحق لما نقدمه على الانترنت أكثر مما هو كمشروع أعمال بذاته».
عدد اليوم
