الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التسوق الرمضاني.. ماراثون يربك الأسر وينعش الحركة التجارية

التسوق الرمضاني.. ماراثون يربك الأسر وينعش الحركة التجارية
8 يوليو 2013 00:14
منظر يتكرر قبل رمضان بيوم أو لحظة الإعلان عن تحري رؤية هلال رمضان، حيث تكتظ الأسواق والمحلات بالمشترين، والكل يتسابق على سلع ومواد غذائية وضعت تحت مسمى “عروض رمضان”، حيث التهافت غير المبرر على جميع المواد الاستهلاكية التي نراها تنفد من على الرفوف وتتركها في حالة يرِثى لها، بينما حين يلتفت نظرك لركن آخر، ترى كل أسرة تدفع بعدد (2-4) عربات “التسوق” تحتوي على مختلف المواد الغذائية، وكأن تلك المواد سوف تنفد ولن تتوافر مرة أخرى، ناهيك عمن ينتظر عند “الكاشير” لساعات طوال من أجل الانتهاء من دفع فاتورة مشترياته، فالجميع يشتري ويشتري ويخزن. ما يدعونا إلى التساؤل.. لماذا مع اقتراب شهر رمضان المبارك يصاب كثير من الناس بما يمكن تسميته “هوس الشراء”؟. (أبوظبي) - شهر رمضان من شهور الخير والتواصل والرحمة، وقدومه يسبب حالة من الازدحام الشديد لا مثيل ولا يتوقف هذا الزحام في مكان معين، وإنما يشمل جميع الأماكن، حيث نجد الأسواق مزدحمة، وكذلك الجمعيات التعاونية هي الأخرى لا تهدأ خلال هذا الشهر، وعليه فإن شهر رمضان يسبب حالة طوارئ لا تشهدها الأسواق خلال الأشهر الأخرى طوال العام، وأغلب الناس يذهبون إلى الأسواق من أجل شراء المواد الغذائية التي يحتاجون إليها في هذا الشهر الكريم، وعلى الرغم من أن المنطق يُفترض أن يكون حجم المصروف اليومي في رمضان أقل بكثير من حجم المصاريف في الأشهر الأخرى، حيث يقل عدد الوجبات في الشهر الكريم، إلا أن نزعة الاستهلاك تتضاعف في شهر الصوم والعبادة، ويزيد جشع التجار في غلاء الأسعار في ظل غياب وانعدام الرقابة. ارتفاع الأسعار بالاقتراب من صفية حمدان “ربة بيت”، والتي كانت بصحبة بناتها المنشغلات بوضع بعض المواد الغذائية التي دونت في ورقة بيضاء، وتبدو في حالة استنفار للانتهاء من شراء المواد الغذائية، ترى أن الشراء قبل قدوم الشهر الفضيل بعدة أيام أفضل منه في يوم لحظة الإعلان عن رؤية الهلال، والسبب كما تقول صفية “إن الوضع في الجمعيات ينقلب رأسا على عقب، فالجميع يتدافع للشراء بلا وعي، يشتري ما يريده وما لا يريده، المهم يملأ عربة التسوق بكل ما لذ وطاب من المأكولات، حتى أن الرفوف تئن من خلوها من جميع المواد الغذائية وكأن الجميع مقبل على مجاعة”. وحول الشراء المبالغ فيه رفضت صفية ذلك، مبدية أسفها لما حدث لصديقتها العام الماضي، والتي اشترت كميات طائلة من المواد الغذائية لم تستخدمها بعد شهر رمضان، وتعرّض بعضها للتلف، ووجهت اللوم لوسائل الإعلام التي تطلق شائعات ارتفاع الأسعار في شهر رمضان، ما يجعل الأسر تتهافت على الشراء من دون وعي. فرصة كبيرة بينما عفراء هارون (33 عاما)، في البداية اعترفت بشرائها كميات كبيرة من المواد الغذائية لرمضان، وقالت: أنا وصديقتي دائماً ما نسمع عن ارتفاع الأسعار في شهر رمضان، ونسعى لشراء مستلزمات الشهر الكريم، وأحرص دائماً على شراء كميات إضافية من المستلزمات الغذائية قبل ارتفاع سعرها في الشهر الفضيل، ودائماً ما أبحث عن العروض حتى أستفيد من انخفاض الأسعار، وأشعر بأن هذه العروض ميزة كبيرة وفرصة، ولذا أجدني أشتري كميات كبيرة من السلع المختلفة. موضحة أن كثرة عزومات الأسر في هذا الشهر، يجعل لديها رغبة في أن تصبح دعوتها للإفطار لائقة بها وبزوجها. عروض وهمية من جانبه، أثار فيصل البلوشي “رب أسرة”، نقطة تدور في ذهن قلة من الناس وهي “وهمية” في بعض عروض رمضان الشرائية، حيث قال إن لبعض التجار سياسة يتبعونها كل عام قبل شهر رمضان وفي بعض المواسم ليرموا بشباكهم على المستهلك. واستطرد مفسرا ذلك بكون التجار يعمدون إلى عرض سلع بتخفيضات وهمية، وإن ركزنا فيها وحسبناها بالحسبة المنطقية سنكتشف أن السعر لم يتغير وأن الشيء الوحيد الذي اختلف هو إضافة ملعقة أو كوب شاي إلى حزمة معكرونة أو حزمة صلصة طماطم. وأضاف: “الأخطر من ذلك كثرة البضائع مجهولة الهوية لا يعرف لها “رأس من ساس”، وللوهلة الأولى تظنها بضاعتك التي ألفتها إلا أنها لا تتعدى سلعا مقلدة وأخرى مستوردة بأرخص الأسعار خاصة لتلبية هوس الشراء في هذا الموسم المهم”. حُمى الشراء ويلفت جمعه المنصوري إلى أن معظم المستهلكين قبل رمضان يعكفون على شراء السلع بطريقة قد تكون عاطفية وحماسية استعداداً للشهر الفضيل، وفي خضم حمى الشراء يغيب عن أذهان الكثيرين الوعي اللازم عند الشراء، إذ قد لا يفرقون بين ما هو ضروري وما هو غير ضروري، وقد يكون هاجس الخشية من نفاد السلع من عوامل الحماس في تكديس العديد من الأطعمة في المنازل من دون استخدامها فعلا لينتهي المطاف إلى انتهاء فترة صلاحيتها والإلقاء بها في أقرب سلة للمهملات. وأضاف المنصوري “حول التنزيلات التي تعلن عنها المحلات التجارية من خلال تجارب الكثيرين ماهي إلا حيلة لبعض المحلات للمتسوق لأن يصرف. ولمعرفة القائمين على الدعايات والإعلانات أن المرأة غالبا ما تنجذب لتلك الإعلانات وخاصة إن كانت تحمل شعار “عروض رمضان”، معتقدة أن السلع أرخص من التي توجد على الأرفف وما هي إلا حيلة لشراء مواد غذائية أكثر ولدفع فاتورة الشراء والتي تصل في أحيان كثيرة إلى أكثر من 3000 درهم أو أكثر حسب عدد أفراد الأسرة ومدى استهلاك المواد الغذائية. أما خليل عبدالله “موظف”، فقد اشتكى من خلال زيارته لعدد من الجمعيات، من التفاوت الكبير في الأسعار بين متجر وآخر في بعض السلع التموينية، مما يزيد من معاناة المواطن ويثقل ميزانية الشهر الكريم عليه، لافتًا إلى أن هذا التفاوت قد يصل إلى فارق بـما نسبته (30 -40) في المائة من قيمة السلعة الغذائية، ودعا خليل الجهات المعنية للقيام بجولات ميدانية لمتابعة الأسعار، والتقليل من حجم التفاوت غير المبرر. ومتابعة البضائع المنتهية الصلاحية أو التي أوشكت على الانتهاء التي يتم الترويج لها في المتاجر الكبرى على أنها عروض ترويجية، وهي في الأصل فقدت قيمتها الغذائية، في حين يدفع المستهلك في مقابلها أموالًا بدلا من إتلافها. ويذكر سالم الفهد وجهه نظره تجاه هذه الظاهرة، منها ما يتعلق “بثقافة المستهلك” حيث إنه يعتقد اعتقاداً جازماً بأنه من الضروري أن يشتري كافة السلع مع بداية شهر رمضان المبارك، ويعتبر هذا في بعض المجتمعات من العادات التي يلتزم بها، كما أن العروض التي تقدم من بعض المحلات في هذا الشهر الفضيل تكون سبباً في هذا الهوس الشرائي اعتقاداً من المستهلك بأن هذه فرصة مناسبة للشراء لوجود بعض التخفيضات في بعض السلع، وبالتالي يشتري كميات كبيرة أحيانا تتجاوز حاجته الفعلية، فالإعلانات المرئية والمقروءة حول التخفيضات في شهر رمضان تجعل المستهلك في حالة ولع بالشراء لأنه يعتبر ذلك فرصة كبيرة له. حيل وتلاعب بدوره، أشار خبير اقتصادي إلى أن تدافع وزحمة المستهلكين لشراء احتياجات رمضان، والخوف من رفع الأسعار يشجع التجار على استغلال هذه المواسم وذلك لهدفين رئيسيين، الأول هو رفع الأسعار، والثاني تسويق البضائع التي شارف تاريخ صلاحيتها على الانتهاء، أو البضائع المتكدسة وغير المرغوب فيها، وذلك من خلال العروض التجارية التي لا تخلو من الحيل والتلاعب، إلا من رحم ربي». وأوضح «المواسم فرصة لتسويق البضائع وزيادة حجم المبيعات من خلال الترويج لها، وإغراء المستهلكين بالشراء بطرق مختلفة، ومنها الإعلانات التجارية، والعروض، وأسلوب عرض البضائع، وغيرها من طرق الجذب التي تغري المستهلك لشراء أكثر من أجل الحصول على هدية العروض سواء سيارة أو هدايا قيمة». وعند سؤاله عن ماهية العروض ومدى جديتها، قال إن بعض التجار يقدمون عروضاً على منتجات بسعر أقل إلا أنه في المقابل قد تجد زيادة في أسعار منتجات أخرى، مؤكداً أن التاجر لا يخسر فهو يعلم جيداً عقلية المستهلك ويتعامل معها بكل ذكاء. مسؤولية المرأة يتهم أحد المتسوقين أن المرأة هي المسؤول الأول عن الإسراف في شهر رمضان، إذ يقول: “هناك تدافع وتسابق بينهن، حتى لو كان عدد أفراد الأسرة لا يتجاوز الشخصين أو الثلاثة، وهذه الظاهرة تجعلنا نتساءل دائماً: هل هناك من يفتش مطابخنا؟ هل هناك من يسألنا عما اشترينا في رمضان؟ هذا هو الشيء الغريب والحقيقة هذه الظاهرة قد تكون لها مسببات، إما أنها تأتي من التقليد أو تأتي من الاعتقاد السيئ بأن شهر الخيرات هو شهر الأكل، والشيء المؤسف حقاً أن زوجاتنا يكدسن النعم والخيرات في المنازل فيأتي الشهر وينتهي وهن لا يستخدمن منها سوى القليل، بل وتنتهي مدة صلاحيتها أحياناً”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©