الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أبو العاص بن الربيع.. صهر النبي

أبو العاص بن الربيع.. صهر النبي
24 يوليو 2014 13:59
نشأ أبو العاص بن الربيع محبا للتجارة، وكان الناس يدفعون إليه بأموالهم ليتاجر لهم بها، لما عرفوا من صدقه وأمانته، وكانت خالته والنبي يقدرانه، وعندما كبرت زينب كبرى بنات النبي، تزوجها ابن خالتها أبو العاص، لم يمض على زواجهما إلا سنوات قليلة حتى بُعث النبي بدين الهدى والحق، وكان أول من آمن به زوجته خديجة، وبناته زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، غير أن صهره أبا العاص، كره أن يفارق دين آبائه وأجداده. ولما اشتد النزاع بين الرسول وبين قريش، قال البعض لأبي العاص: فارق صاحبتك «زوجتك» يا أبا العاص، وردها إلى بيت أبيها، ونحن نزوجك أي امرأة تشاء من كرائم عقيلات قريش. فقال: لا والله إني لا أفارق صاحبتي، وما أحب أن لي بها نساء الدنيا جميعاً. أبو العاص أسير وعندما هاجر الرسول إلى المدينة، وخرجت بعدها قريش لقتاله في بدر اضطر أبو العاص للخروج معهم اضطراراً، وانتهت المعركة بانتصار المسلمين ووقع أبو العاص أسيرا في أيدي المسلمين، وفرض النبي عليه الصلاة والسلام على الأسرى فدية يفتدون بها أنفسهم من الأسر، وجعلها تتراوح بين ألف درهم وأربعة آلاف حسب منزلة الأسير في قومه وغناه. وبدأت الرسل تروح وتغدو بين مكة والمدينة حاملة من الأموال ما تفتدي به أسراها، فبعثت زينب رسولها إلى المدينة يحمل فدية زوجها أبي العاص، وجعلت فيها قلاده كانت أهدتها لها أمها السيدة خديجة يوم زفتها إليه. ولما رأى الرسول القلادة رق لابنته أشد الرقة، ثم التفت إلى أصحابه وقال: «إن زينب بعثت بهذا المال لافتداء أبي العاص، فإن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا». فقالوا: نعم، ونعمة عين يا رسول الله. غير أن النبي - عليه الصلاة والسلام - اشترط على أبي العاص قبل إطلاق سراحه أن يسير إليه ابنته زينب من غير إبطاء. فما كاد أبو العاص يبلغ مكة حتى بادر إلى الوفاء بعهده، فأمر زوجته بالاستعداد للرحيل، وأخبرها بأن رسل أبيها ينتظرونها غير بعيد عن مكة، وأعد لها زادها وراحلتها، وندب أخاه عمرو بن الربيع لمصاحبتها وتسليمها لمرافقيها يدا بيد. وأقام أبو العاص في مكه بعد فراق زوجته زمنا، حتى إذا كان قبيل الفتح بقليل، خرج إلى الشام في تجارة له، فلما قفل راجعاً إلى مكة ومعه عيره التي بلغت مئة بعير، ورجاله الذين نيفوا على مئة وسبعين رجلا، برزت له سرية من سرايا الرسول قريبا من المدينة، فأخذت العير وأسرت الرجال، ولكن أبا العاص أفلت منها فلم تظفر به. فلما حل الليل استتر أبو العاص بجنح الظلام، ودخل المدينة خائفاً يترقب، ومضى حتى وصل إلى زينب، واستجار بها فأجارته. ولما خرج الرسول صلوات الله وسلامه عليه لصلاة الفجر، واستوى قائماً في المحراب، وكبر للإحرام وكبر الناس بتكبيره، صرخت زينب من صفوف النساء، وقالت: أيها الناس، أنا زينب بنت محمد، وقد أجرت أبا العاص فأجيروه. فلما سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصلاة، التفت إلى الناس وقال: «هل سمعتم ما سمعت؟». قالوا: نعم يا رسول الله. قال: «والذي نفسي بيده ما علمت بشيء من ذلك حتى سمعت ما سمعتموه، وإنه يجير من المسلمين أدناهم»، ثم انصرف إلى بيته وقال لابنته: «أكرمي مثوى أبي العاص، واعلمي أنك لا تحلين له». ثم دعا رجال السرية التي أخذت العير وأسرت الرجال وقال لهم: «إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم، وقد أخذتم ماله، فإن تحسنوا وتردوا عليه الذي له، كان ما نحب، وإن أبيتم فهو فيء الله الذي أفاء عليكم، وأنتم به أحق». فقالوا: بل نرد عليه ماله يا رسول الله. فلما جاء لأخذه قالوا له: يا أبا العاص، إنك في شرف من قريش، وأنت ابن عم رسول الله وصهره، فهل لك أن تسلم، ونحن ننزل لك عن هذا المال كله فتنعم بما معك من أموال أهل مكة وتبقى معنا في المدينة؟. فقال: بئس ما دعوتموني أن أبدأ ديني الجديد بغدرة. إسلام أبوالعاص ومضى أبو العاص بالعير وما عليها إلى مكة فلما بلغها أدى لكل ذي حق حقه، ثم قال: يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه؟. قالوا: لا وجزاك الله عنا خيراً، فقد وجدناك وفياً كريماً. قال: أما وإني قد وفيت لكم حقوقكم، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والله ما منعني من الإسلام عند محمد في المدينة إلا خوفي أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم، فلما أداها الله إليكم، وفرغت ذمتي منها أسلمت. وخرج أبو العاص حتى قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأكرم وفادته ورد إليه زوجته، وقد أثنى عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم- وقال عنه: «حدثني فصدقني، ووعدني فوفى لي».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©