التجارة عبر الإنترنت شطارة

لم تعد تقتصر خدمات شبكة الإنترنت على تقديم المعلومة والمعرفة عبر عالم افتراضي، فقد تحولت في جزء منها إلى عالم واقعي حقيقي يتواصل عبره الناس ويلتقون، بخاصة حين تتقاطع مصالحهم وهواياتهم وتطلعاتهم· وباتت منتديات الإنترنت -النسائية بشكل خاص - تحقق التواصل لعضواتها، وتمنحهن فرصة استثنائية لتحسين أوضاعهن الاقتصادية وتأمين مصدر دخل لهن، فضلاً عن تشجيع مواهبهن في الأشغال اليدوية والمهن التي يمكن إنجازها داخل بيوتهن، وقضاء أوقات فراغهن في ممارسة هوايات تدر عليهن مالاً· وتكفي نظرة على ''النت'' للعثور على عدة منتديات نسائية محلية وخليجية (حواء 2000 بنت الإمارات، عالم حواء، صبايا) بل وتجد فيها أقساما تجارية قائمة بذاتها، تعرض فيها العضوات المنتسبات إليها، إنتاجهن من شتى السلع التي ينجزنها بأياديهن مثل (حلوى، ثياب داخلية، عباءات، صابون، عطورات) أو يروجن لبضائع يشترينها من تجار الجملة، ليبعنها الى عضوات المنتدى بعد تحقيق ربح محدد (مناشف، شراشف، أدوات منزلية)، أو يسوقن لبضائع يجلبنها معهن من أسفارهن (ثياب سهرة، شعر مستعار، مكياج، كريمات لشد الوجه وتنظيف وتفتيح البشرة) أو يعرضن لقطع متوفرة لديهن سبق أن استعملنها (ساعات ونظارات وحقائب ذات ماركات عالمية، وعقود وأقراط وأساور تراثية)· وبين شهر وآخر ترتفع وتيرة النشاط وتدخل قائمة جديدة من المعروضات، مثل (بيع أرقام متميزة لهواتف نقالة، سيارات، أجهزة كمبيوتر، هواتف) إضافة إلى ابتكارات وسلع جديدة تتصل بالعلاقة الزوجية الحميمة! تتم عملية البيع، عبر الخطوة الأولى المتمثلة بكتابة موضوع تعلن صاحبته عن السلعة المتوفرة لديها، موضحة إن كانت من صنع يدها أو مقتناة، وتحدد ثمنها وتعرض صور القطعة، وتستخدم جميع العضوات أساليب المنافسة المشروعة والترويج لسلعهن، فمنهن من تعرض على العضوات تسهيلات تتعلق بالسعر، ومنهن من تقدم مع بضاعتها هدية مجاناً، ومنهن من تبيع بالتقسيط، ومنهن من تقوم بتوصيل البضاعة دون مقابل مادي، فلا تعدمن بذلك وسيلة بيع منتجاتهن· الطريف في الأمر أن بعضهن لا تكتفين بالبيع والعائد المادي، بل تكتبن مواضيع في المنتدى تطلبن خلالها شهادات من العضوات ''الزبونات'' كنوع من الإفادة أو الشهادة على طريقة بيعهن وتعاملهن والتزامهن بتسليم البضائع وحجم التسهيلات التي تقدمنها· بالمثل لا تعدم العضوات التاجرات الوسيلة في كشف وفضح من لا تلتزم بالسداد، ومن تتهرب من تسلم البضاعة، بل يقمن عليها مقاطعة تصل في بعض الحالات إلى المطالبة باعتذار مكتوب، أو الفصل من المنتدى· ومع أن إدارات تلك المنتديات تسمح للعضوات التاجرات استخدام كافة الوسائل والعبارات الإعلانية الدعائية داخل المواضيع المكتوبة، فإنها بدورها تتابع تحرير العبارات أو الصور غير اللائقة، وتنتهج مبدأ ''الحلال والحرام'' في كل ما يتصل بعملية العرض والتسويق والبيع والاستلام والسداد· هكذا، تؤكد العضوات التاجرات أن الإنترنت سبيلهن إلى المشاركة في التنمية الاقتصادية، خاصة لمن ليس لديها عمل رسمي، فمنهن من يعملن في وظائف حكومية أو خاصة، ومنهن ربات بيوت وطالبات وغير متعلمات، تقدم لهن تلك المنتديات وسيلة لتوسيع العلاقات العمومية وتحسين أوضاعهن المادية، وتشجيع الاستقلالية الاقتصادية· وتساعد في خلق تحالفات تجارية جديدة وشبكات تواصل بين النسوة، فضلاً عن اكتسابهن للمرونة والانفتاح في التفكير والإصغاء، وامتلاك رؤية اقتصادية على المدى الطويل·