الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحديدة تعيش تحت وطأة الإرهاب الحوثي

الحديدة تعيش تحت وطأة الإرهاب الحوثي
22 سبتمبر 2018 00:56

فتاح المحرمي (عدن)

تكشف ممارسات وانتهاكات ميليشيات الحوثي الإيرانية غير الإنسانية في المناطق التي اجتاحتها عسكرياً قبل أن يتم تحريرها وطردها منها بصورة عامة- وعلى امتداد الساحل الغربي، وصولاً إلى أبواب مدينة الحديدة التي صعدت فيها جرائمها من قطع الخدمات الأساسية ونهب الموارد، والانتهاكات بحق الأهالي والشباب والأطفال ورجال الدين الذين رفضوا الانصياع لأوامرهم- عن حقائق عده تؤكد أن ميليشيات الحوثي الوجه الآخر للإجرام والإرهاب الذي يصنف كـ«جرائم حرب» لطالما مارسها الحوثيون منذ الانقلاب.
وبات الوضع الإنساني في مدينة الحديدة مأساوياً للغاية، ويهدد الأهالي بالمجاعة والكوارث البيئية والصحية، وهو الأمر الذي يتطلب تدخلاً عاجلاً لدحر الميليشيات من المدينة وإنقاذ المواطنين الأبرياء الذين يتعرضون لأبشع الانتهاكات، ويجبرون على القتال وتمنع عنهم المساعدات، ليعيشوا حياة كريمة كما هو الحال في المناطق المحررة على امتداد الساحل الغربي، والتي عادت إليها الحياة والاستقرار بصورة أفضل مما كانت عليه في السابق، بفضل جهود التحالف الذي لعبت فيه دولة الإمارات العربية المتحدة دوراً ريادياً.

الجرائم والانتهاكات
صعدت ميليشيات الحوثي الإيرانية من جرائمها وانتهاكاتها بحق أبناء مدينة الحديدة، حيث ذكر المركز الإعلامي لألوية العمالقة أن مليشيات تمارس جرائم بشعة بحق المواطنين، منها إجبار أئمة وخطباء المساجد على تحريض الشباب والتغرير بهم للانضمام إلى صفوفهم، وقامت بالاعتداء على عدد من الخطباء الذين رفضوا الانصياع لهم وسجنهم، وكذلك تجنيد الأطفال والزج بهم في الجبهات، واعتقال وتعذيب الشباب الرافضين للتجنيد الإجباري، بالإضافة الى منع المدنيين من النزوح، واستخدامهم دروعاً بشرية، ويضاف إلى ذلك تحويل المدارس والمساكن والمؤسسات والمنشآت إلى متارس وثكنات ومواقع عسكرية ومستودعات ومخازن للأسلحة، وتفجير واقتحام وإحراق مساكن الأهالي ودور عباده ومقرات حكومية وخاصة، ودور تعليم وجامعات.
وذكرت مصادر محلية أن ميليشيات الحوثي تقوم بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المواطنين الذين يرفضون الانصياع لهم، تصل إلى القتل والاعتقال والتعذيب، كما تقوم بتدمير وهدم المباني الأثرية، ومصادرة وبيع الآثار وتكسيرها، بالإضافة لتفخيخ وتلغيم المرافق الحكومية والخدمية، وتحويل الطرق والأماكن الحيوية والرئيسة والأحياء السكنية والمتنفسات الطبيعية والشوارع إلى حقول وحدائق مزروعة بالألغام والعبوات الناسفة، وتكثيف زراعة الألغام على مداخل مدينة الحديدة وشوارعها.

الورقة الأخيرة للحوثيين
وأكد وزير حقوق الإنسان اليمني الدكتور محمد عسكر، أنه لم يتبق لدى الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران غير الورقة الأخيرة، وهي التمترس خلف المنشآت المدنية والمدنيين، ومنها مواقع المنظمات الدولية الإغاثية، وهي جريمة حرب لطالما مارستها ميليشيا الحوثي منذ بداية الانقلاب.

انعدام الخدمات الأساسية
عملت ميليشيات الحوثي على قطع الخدمات الأساسية في مدينة الحديدة واستحوذت على المشتقات النفطية المخصصة للمحافظة وللمؤسسات الخدمية، وحولتها لمصلحة المجهود الحربي، وهو الأمر الذي تسبب بانعدام الوقود، وتدهور خدمات الكهرباء والصحة والمواصلات، وإصابة المدينة بشلل تام، كما قامت الميليشيات بقطع خدمة الاتصالات والأنترنت عن مدينة الحديدة. ويضاف إلى ذلك، قيام ميليشيات الحوثي بإغلاق المستشفيات والمرافق الصحية في مدينة الحديدة بوجه المواطنين، وتخصيصها لمقاتليهم، وبالتالي حرمان الآلاف من الخدمات الصحية في ظل تردي الوضع الصحي جراء تكدس القمامة وتفجر مياه الصرف الصحي. وتضاعف الميليشيات مأساة الوضع الخدمي من خلال استهداف متعدد الأشكال والأوجه للأعمال والمشاريع الإغاثية والخيرية والخدمية فتحرم الآلاف منها.

وضع صحي يهدد بكارثة
تعيش مدينة الحديدة منذ أسابيع ظروفاً صحية غاية في الصعوبة، إذ تتراكم النفايات في الأحياء السكنية والشوارع، بالإضافة إلى طفح المجاري المستمر وتراجع كبير في الخدمات الطبية، في ظل غياب السلطات المحلية في المدينة والعبث بمخصصاتها المالية، وتحويلها لمصلحة المجهود الحربي. وحذر أطباء في محافظة الحديدة من كارثة صحية، واحتمالات لتفشي الأمراض.
وقالوا إن تكدس النفايات في الشوارع مع غياب النظام الصحي الفعّال سيكون له تأثير بالغ على ظهور كارثة صحية في مدينة الحديدة، وأضافوا أن الحديدة ترزح تحت إهمال صحي وبيئي غير مسبوق، والأمراض المعدية ستفتك بالمدنيين إن لم يتم إنقاذهم، وأشاروا إلى أن أطفال الحديدة مهددون بأمراض وأوبئة تهدد حياتهم ولا بد من وقفة للمنظمات الدولية للحد من استهتار الحوثي بحياة المدنيين.
من جانبه، أوضح المركز الإعلامي لألوية العمالقة أن ميليشيات الحوثي قامت بإغلاق المستشفيات في وجه المرضى المدنيين، وحكرها على قتلاهم وجرحاهم، وهو الأمر الذي يضاعف من مأساة الوضع الصحي

نهب موارد الدولة
ومع قرب تحرير الحديدة عملت ميليشيات الحوثي الإيرانية على سحب الأموال من البنوك، وتهريبها إلى صنعاء لنهبها وتسخيرها للمجهود الحربي، وإفراغ البنوك من السيولة النقدية، ونهب أدوات الميناء.
وتعتمد ميليشيات الحوثي على نهب إيرادات ميناء الحديدة الذي يعد ثاني أكبر الموانئ اليمنية، والبوابة الرئيسة للبحر الأحمر التي تستقبل السفن التجارية والإغاثية، ويتم عبره جلب 70% من الواردات إلى البلاد، وتبلغ عائدات الميناء المالية التي تنهبها ميليشيات الحوثي سنوياً نحو 45 مليار ريال، (أي ما يعادل 150 مليون دولار أميركي)، تعمل على تسخيرها لأعمالها الحربية وتخريب البلاد.

نهب المساعدات الإغاثية
من استهداف السفن الإغاثية في المياه الإقليمية، مروراً بإحراق شاحنات المساعدات أو نهبها، وصولاً إلى اقتحام مستودعات الإغاثة وخطف عاملين فيها، تتكشف الممارسات الإجرامية لميليشيات الحوثي ضد الأعمال الإنسانية بطريقة ممنهجة تفرض حصارها التجويعي على المستضعفين من أبناء الشعب، لتحرضهم على التحالف من جهة، ومن جهة أخرى تستغلهم لتنال بغيتها منهم. وكانت آخر الأعمال التي استهدفت فيها ميليشيات الحوثي الأعمال الإغاثية هو استهداف قاطرة إغاثة تابعة لبرنامج الغذاء العالمي، أواخر أغسطس الماضي، أثناء عبورها في الخط الرملي صوب مديرية التحيتا في محافظة الحديدة، وفي يونيو 2018م اقتحمت مخازن منظمة الغذاء العالمي، وقامت بنهب المخازن وخطف اثنين من عمالها.
وسبق أن استهدفت ميليشيات الحوثي 7 سفن إغاثية وتجارية في البحر الأحمر، واحتجزت أكثر من 85 سفينة إغاثية وتجارية ونفطية، وأعاقت إفراغ معظم حمولتها حتى أتلفت أطناناً كبيرة منها، بالإضافة لنهب ومصادرة 700 قافلة إغاثية في المناطق المسيطرة عليها، وتحويلها للمجهود الحربي.

حصار وتجويع وإجرام
تعاني محافظة الحديدة منذ أكثر من ثلاث سنوات حصار وتجويع وإجرام ميليشيات الحوثي، وبات سكانها ومع تصاعد جرائم وانتهاكات الميليشيات يواجهون خطر المجاعة، بل إن المئات منهم يعيش المجاعة وأطفالها مصابون بسوء التغذية، ناهيك عن ضحايا القصف والقنص والألغام.
ويتفاقم الوضع المعيشي في الحديدة، والذي بلغ حد التجويع، وظهور المئات من حالات سوء التغذية، جراء تعمد ميليشيات الحوثي إعاقة وصول المساعدات الإنسانية عبر ميناء الحديدة، واستهداف ونهب المساعدات التي تصل إلى مناطق سيطرتها، وبيعها لمصلحة المجهود الحربي، وحرمان المواطنين منها، وتبرير جرائمهم وانتهاكاتهم بحق النساء والأطفال والأبرياء تحت يافطات محاربة أمريكا وإسرائيل.

الأهمية الإنسانية لتحرير الحديدة ومينائها
مع تصاعد جرائم وانتهاكات ميليشيات الحوثي الإيرانية في مدينة الحديدة بحق المواطنين، والحصار الذي تفرضه على بقية المواطنين في مناطق سيطرتها، تتفاقم المعاناة الإنسانية، ما يهدد بكوارث إنسانية، سيما مع إعاقة الأعمال الإغاثية وتعطيل عملها.
ويرى محللون عسكريون أن تحرير الحديدة بات أمراً مهماً لا يحتمل التأخير، فالوضع الكارثي داخل المدينة يتطلب من التحالف العربي الحسم العسكري العاجل، والتدخل لإنقاذ الوضع الإنساني في المحافظة، ووقف الممارسات والانتهاكات غير الإنسانية بحق المواطنين، وكذلك تحرير ميناء الحديدة الذي يحتل أهمية كبرى بالنسبة للجانب الإنساني.
واعتبر المحللون أن تحرير ميناء الحديدة يفقد الميليشيات ما يحصلون عليه من إيرادات وضرائب، كما أنه سوف يساهم في تسهيل وصول المساعدات الإنسانية التي يصل معظمها عبر ميناء الحديدة، سيما والمليشيات تعمل على ابتزاز السكان المدنيين عبر استخدامهم المشين للمساعدات الإنسانية التي تصل عبر الحُديدة ولايجدها المدنيون في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، فتارة تمنع وصولها، وتاره تبيعها لمصلحة ما تسميه بالمجهود الحربي.

الألغام تحصد أرواح الأبرياء
وفي الوقت الذي تواصل فيه الألغام التي زرعتها ميليشيات الحوثي الإيرانية حصد أرواح الأبرياء في مناطق الساحل الغربي، والتي كان آخرها ضحاياها أسرة بأكملها في مديرية الدريهمي قتل كل أفرادها الأسبوع الماضي جراء انفجار لغم أرضي زرعته ميليشيات الحوثي قبل فرارها من المديرية، يبذل التحالف العربي جهوداً كبيرة لنزع الألغام وأبعاد الخطر الذي تشكله على المواطنين في مناطق الساحل الغربي التي أكدت مصادر عاملة أن نحو 90% من الألغام إيرانية الصنع.
وسبق وأعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن أن فرقها الهندسية انتزعت وفجرت أكثر من 20 ألف لغم وعبوة ناسفة خلال ثمانية أشهر، منذ منتصف 2017 وحتى فبراير 2018، من مختلف مناطق الساحل الغربي لليمن فقط، ويضاف إلى ذلك أن دولة الإمارات عملت مؤخراً على تدريب 65 شخصاً للعمل في مجال نزع الألغام.
كما تمكن مشروع «مسام» الذي أطلقته المملكة العربية السعودية، لنزع أكثر من مليون لغم في عموم مناطق اليمن، تمكن خلال شهرين من نزع 3549 لغماً مضاداً للمركبات، و169 عبوة ناسفة و65 قذيفة، و150 لغماً مضاداً للأفراد، في مأرب والساحل الغربي.
كما نقلت مصادر حكومية يمنية عن تمكن التحالف العربي من حصر 130 ألف لغم بحري مضاد للزوارق والسفن، وهي من الألغام المحرمة دولياً.
من جانبها، نزعت فرق هندسية تابعة لألوية العمالقة، الآلاف من الألغام خلال عمليات الساحل الغربي، كما ضبطت في 22 أغسطس الماضي قارب صيد يحمل 273 برميلاً من مادة البارود شديدة الانفجار قادمة من أحد موانئ الصومال كانت في طريقها إلى ميليشيات الحوثي في الحديدة.
وحسب آخر الإحصائيات الرسمية للحكومة اليمنية، والتي كشف عنها وزير حقوق الإنسان الدكتور محمد عسكر مطلع الشهر الجاري، فقد بلغ عدد ضحايا ألغام ميليشيات الحوثي 1593 قتيلاً، و1413 مصاباً، بينهم حالات إعاقة دائمة، في عموم محافظات اليمن.
جهود إماراتية ريادية
المناطق المحررة في الساحل الغربي، وبعد جهود تأمينها ونزع الألغام، وتنفيذ عدد من المشاريع في مجالات الصحة والتعليم والخدمات، أضحت الأوضاع فيها أكثر استقراراً، وعاد النازحون إلى منازلهم، وعاد الصيادون إلى عملهم، والمزارعون إلى مزارعهم، والطلاب إلى مدارسهم.
وتشكل مدينتا المخا والخوخة أنموذجاً لهذا الاستقرار، وتطبيع الحياة الذي يؤكد أن الحياة عادت إلى طبيعتها، بل وبصورة أفضل مما كانت عليه سابقاً. ولعبت دولة الإمارات دوراً ريادياً في تحقيق هذا الاستقرار، عبر تنفيذ العديد من المشاريع الخدمية والتنموية ومساعدة المواطنين. ودشنت الإمارات مطلع سبتمبر الجاري، وضمن مبادرة «سقيا الإمارات»، مشروع حفر 23 بئراً ارتوازية تعمل بالطاقة الشمسية ومزودة بمحطات تحلية، يستفيد منها 58 ألف مواطن في الساحل الغربي، والتي تعاني شح المياه وانعدامها، وفي 13 أغسطس، افتتحت هيئة الهلال الأحمر الإماراتية 4 مخابز خيرية في مدينة الخوخة بمحافظة الحديدة، لتوفر أكثر من 12 ألف رغيف خبز يومياً توزع مجاناً على المواطنين.
وفي مدينة الخوخة، تم افتتاح عدد من المشاريع، منتصف مايو من العام الجاري، بتمويل من الهلال الأحمر الإماراتية، ضمن مشاريعها في الساحل الغربي لليمن، مثل إعادة الكهرباء للمدينة بتوفير مولدات كهربائية وصيانة خطوط النقل الضغط المنخفض، واستكمال مشروع مياه مركز مديرية الخوخة. وبذلت الإمارات وعبر ذراعها الإنسانية الهلال الأحمر، جهوداً خيرة في المخا وجعلت منها أنموذجا، كما عملت الهيئة على إعمار ما يقارب 25 منزلاً في المخا على مرحلتين وتسليمها للعوائل اليمنية ضمن المرحلة الأولى من إعادة إعمار المخا، إلى جانب إعادة تأهيل محطة المخا الكهربائية، وإعادة تأهيل شبكة المياه وترميم المستشفى مع سكن الأطباء ومبنى الأمومة والطفولة وترميم 4 مدارس، بالإضافة لتوزيع المعونات الإغاثية للآلاف من الأسر في المدينة.
وقوبل دور الإمارات الإنساني في نزع الألغام بالساحل الغربي، بإشادات محلية ودولية، كان آخرها إشادة الأمم المتحدة عبر مدير مكتب مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية في عدن، والتي قال إنها أسهمت في الحفاظ على أرواح المدنيين.

إشادات يمنية بجهود الإمارات
أشاد مسؤولون يمنيون بجهود الإمارات في تطبيع الأوضاع بالساحل الغربي، حيث أوضح محافظ الحديدة الدكتور حسن الطاهر، أن الدور الإماراتي كان بارزاً سواء في الجانب العسكري والإنساني في تأمين المناطق المحررة ومساعدة السلطة المحلية في تطبيع الأوضاع ونزع الألغام والعبوات الناسفة، لتمهيد الطريق لعودة النازحين إلى ديارهم، كما ثمن الجهود التي تقدمها قوات التحالف العربي في معركة تأمين الساحل الغربي.
وبدوره، أشاد مدير مديرية التحيتا بمحافظة الحديدة الأستاذ أسامة عزالدين محمد بجهود الإمارات وذراعها الإنسانية هيئة الهلال الأحمر، التي قال إنها كانت خير سند وداعم للمواطنين في الساحل الغربي، وقال في تصريح لـ«الاتحاد»: «نشكر الهلال الأحمر الإماراتية على نزوله للمديرية لإغاثة المواطنين بالمئات من السلل الإغاثية والمواد الغذائية، حيث لم تبخل هذه المنظمة الكريمة منظمة الهلال الأحمر الإماراتية، ودولة الإمارات على المواطنين في الساحل الغربي، وكانوا لنا خير عون وسند، وخير جوار لنا بعد أن عبثت بنا وببلادنا هذه الجماعات الحوثية».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©