الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إزمير مدينة «البكوات» يسكنها التاريخ ويجاور شواطئها الترفيه

إزمير مدينة «البكوات» يسكنها التاريخ ويجاور شواطئها الترفيه
5 أكتوبر 2010 21:27
من حديد الشرفات المشغول فناً تبدأ عين السائح تتجول، لتتوقف مطولاً عند كل حجر قديم تركه الزمن في تركيا. ويظلم السائح هذه البلاد الثرية تنوعاً، إذا اختصرها بالعاصمة إسطنبول، ولم يترك لنفسه متعة التعرف إلى القرى والمدن المجاورة. هي مناطق تحتفظ على اختلاف تضاريسها ومفرداتها الاجتماعية بخيرات طبيعية ولوحات سياحية، لا يكتشفها إلا من قرر رصدها عن قرب. وعند خوض التجربة يشعر الزائر في كل مرة يغير وجهته شـمالاً أو جـنوباً أو نحو الداخل، أنه في بلد جديد. أو على الأقل يشتم من هذا المعلم أو ذاك مناظر مألوفة، حتى وإن لم يسبق لنظره أن شاهدها من قبل. كلمات محببة أحياء إزمير العتيقة المتجددة تلتقي فيها الأضداد، بدءاً من الأحرف اللاتينية عربية النطق. وهي قادرة بكل ما فيها على أن توفر للسائح أجمل المشاهد من أكثر الحضارات اختلافاً. وكأنها جامعة لنماذج متشابهة فيها من النمط الأوروبي في فن العمارة ورسم الشوارع، ومن سلوكيات الحياة اليومية للشعوب العربية. وهذا يظهر من الشوارع النابضة بحركة المسترزقين نهاراً ومحبي السهر ليلاً، ومن أصوات الباعة ينادون على رزقهم الممزوج برائحة “عرانيس” الذرة و”الكستناء” المشوية، وأنواع المكسرات والبوظة “المدقوقة” يدوياً. وما أكثر المرات التي يتلذذ فيها السائح العربي عندما تقع على مسمعه من أفواه تركية كلمات محببة مثل “تمام” و“أفندم” و“يوك”. الكوردون وصلنا إلى إزمير ثاني أكبر الموانئ التركية في العاشرة صباحاً بالتوقيت المحلي عبر رحلة داخلية من إسطنبول تستغرق أقل من ساعة. كان الجو مناسباً للخروج إلى “الكوردون”، وهو الكورنيش المطل على بحر إيجه. تمشينا على الرصيف العريض المزروع بأشجار النخيل، ومرت بنا صبيحة ذلك اليوم المشمس نتأمل هواة صيد السمك الذين يترددون مع أسرهم إلى هذه الرحاب في رحلات عشوائية ليس لها وقت محدد. وهناك قرأنا الكثير من اللوحات التي تؤرخ بالعبارات والصور لمختلف المراحل السياسية والاجتماعية التي مرت بها الدولة العثمانية. ومما فيها أن إزمير المعروفة بـ”لؤلؤة إيجه” لجمالها، كانت تدعى قديماً “سميرنا” باللغة اليونانية. ?عند الشارع المجاور لمحنا عربات الخيل المزركشة بأصناف المخمل الملون. جذبتنا إليها موسيقى النعال وهي تمشي الخيلاء، لكن طلب السياح المتزايد عليها جعلنا ننتظر دورنا طويلاً. وأخيراً فزنا بجولة فيها. وعلى طول الطريق رحنا نتأمل المطاعم المنتشرة عند الرصيف المقابل، والتي تطل كراسيها على البحر الممتد حتى السماء. عندها لمعت في بالنا فكرة عبقرية أن عشاءنا هذه الليلة، سوف يكون هنا لنحظى بمراقبة حركة “الكوردون”. فقد قيل لنا إنها تزدحم بالمارة وعروض الأرانب والموسيقى بدءاً من موعد الغروب. مجد الضيافة السوق التجاري لإزمير يدل على أنها مدينة عصرية فيها كل ما يشتهيه السائح العربي بدءاً من الأجواء العائلية المحافظة، إلى مراكز التبضع. وكذلك المطاعم التي تقدم أكلات حلالاً شبيهة بالمطابخ الشامية، حيث قوائم الطعام تتصدرها دائماً أصناف “الشاورما” و”الكبة” و“اللحم بعجين”. أما محال الحلوى، فهي تعرض منتجاتها على الواجهات وكأنها قطع مجوهرات تتلألأ بالـ”قطر” والسكريات المقرقشة. وعند زيارة هذه المدينة شهية الطعم، لا يفوتك أن تتذوق “اللقم” التركي بالجوز والتين والفستق والبندق والصنوبر والليمون واليقطين والزبيب. وعشرات الأصناف التي تباع مغلفة بورق الهدايا والشرائط الحريرية، كأجمل هدية يمكن أن تصطحبها معك من أرض فيها الكثير من الطيبات. في محيط الساحة الرئيسة للمدينة تقع الفنادق العريقة التي عاشت زمناً زاخراً للسياحة الداخلية والخارجية منذ أوائل الستينات من القرن الماضي. معالم الضيافة هناك، لا تزال في مكانها تحافظ على مجد قديم مع تعديلات كثيرة طرأت على بعضها، ومنها فندق “سويس أوتيل” الأرقى في المنطقة. قصة هذا الفندق الذي يستضيف الوفود الرسمية والمشاهير حول العالم، دفعتنا لزيارته والتعرف إلى ميزاته. اصطحبتنا مديرة المبيعات في الفندق باميلا تيتو في جولة بدأناها من أعلى شرفة فيه، تطل على معالم المدينة المتكئة على “كوردون” إيجه. من وحدات الضيافة الشاملة، وذلك المطعم ذي الواجهة الزجاجية الكاشفة، يتضح سبب استحواذ “سويس أوتيل” على أعلى نسبة إشغال. وأكثر من ذلك، فهو يضم منتجعاً صحياً، يختصر خدمة الحمامات التركية، بمفهومها المتطور. التقينا في صالة الاستقبال بضيفة عربية قالت إنها كلما ترددت على إزمير، تقصد هذا “السبا” بالتحديد لما يوفره من إشراقة جمال للمرأة، لا سيما تقنية تنظيف البشرة القائمة على مبدأ الكمادات الدافئة الأشبه باللمسات السحرية. هياكل وكنوز يحدثنا الدليل السياحي محمود بوينودليك عن إزمير التي تعمها المهرجانات الفنية على فترات متقاربة من السنة. ويشير إلى القسم الغربي من المدينة، حيث تمتد شبه جزيرة “جشمة” الشهيرة بمياهها الساخنة. وكذلك إلى مدينة “أفاس” التي تكشف أطلالها النقاب عن واحدة من أشهر المدن الأثرية منذ العهد الروماني. “أفاس” الفخورة بدورها البارز في العلم والثقافة والفنون، ترجع إلى 4 آلاف سنة قبل الميلاد. ولأهميتها أقيم في المدينة متحف يحمل اسمها فيه أكثر من 50.000 قطعة أثرية موزعة حسب الأماكن التي وجدت فيها. صالة لبيوت سفح الجبل وأخرى لفن العمارة، ومثلها للمقتنيات المعدنية والهياكل والكنوز، وركن للإمبراطور وآخر لـ”الأرتميسي”. وعلى قدر من الأهمية لمحبي التراث، تجدر في المحيط زيارة قصر “بيريجي تشاكر آغا” الواقع في قرية سلجوق “شيرينجه”. هو تحفة معمارية لتفرده بأسلوب بناء الطابق الأرضي من الحجر والطابقين العلويين من الخشب. اطلاعنا على هذا الجانب العريق الذي تحمله إزمير، نقلنا في اليوم التالي، من أجواء الترفيه إلى أغوار السياحة الثقافية المثقلة بالحجارة المعمرة عدة قرون قبل الميلاد.?اتجهنا شمالاً من المدينة في مشوار بالباص توقنا خلاله عند أكثر من معلم طبيعي وتاريخي. وما أجمل سجادات العشب الندية المنسدلة هناك، وحقول الفاكهة على طول الطريق. مزارع القطن استوقفتنا لالتقاط الصور مع زهراتها البيضاء، وبساتين العنب شهدت على تسللنا إليها وتذوقنا من عناقيدها. والاستراحة الاستثنائية على الدرب، كانت عندما نزلنا إلى أحد أكشاك الخضار، ونعمنا بفرصة شراء خيرات الأرض التركية التي قطفناها بأيدينا. قبل الوصول إلى منطقة “أكروبولس” ومعناها باللهجة المحلية الجبل العالي، مررنا بمراكز “التلفريك” التي تقـل الســياح إلى أعالي الجبل. واطلعنا من هذه النقطة على حمامات “بالتشوفا”. بريجامان الأثرية وأخيراً قطعنا تذكرة الدخول إلى مدينة “بريجامان” الأثرية. أكثر من ساعتين أمضيناها في تلك الربوع التي سكنتها الإمبراطورية الرومانية في القرن الثالث قبل الميلاد. الشمس الحارقة التي تنتصف النهار لم تفلح في جعلنا نتلكأ عن متابعة المسير بين الدهاليز وعند المسرح المفتوح والمدرجات العملاقة. لم نترك صخرة مطلة على سواحل “تشيشمة” إلا وتسلقناها. ومن تلة عمرانية إلى أخرى وطأت أقدامنا أخيراً باحة الهياكل في أعلى قمة. آثار نادرة تشبه إلى حد بعيد هياكل مدينة “بعلبك” لمن سبق له وزارها في لبنان، وهي من البيئة العمرانية نفسها للحضارة الرومانية. على مسافة غير بعيدة، يشعر من أنهى للتو زيارته لمدينة “بريجامان” بشيء من الجوع. ومع أن عنب السلطانية الذي يباع على العربات بكثرة وكرز “كمال باشا” وجبنة “برجاما”، كفيلة في منح السائح طاقة إضافية، غير أنه لا بد من إفساح المجال لتذوق “كفتة” إزمير في مطعم المصعد الأثري. مع إمكانية الاختيار بين كباب “أودميش”، أو معجنات “بويوز”، أو”القومرو”. ولا شيء يمنع من تناولها كلها دفعة واحدة. الطيران التركي تتحدث مديرة العمليات في الخطوط الجوية التركية عايشة ميسرلي ميرزا عن اهتمام السائح الإماراتي بزيارة المدن التركية في مختلف المواسم. وتؤكد حرص إدارتها على توفير أفضل سبل الراحة سواء على متن الطائرات، أو عبر توفير الحجوزات وكامل برامج الرحلات السياحية من دبي وأبوظبي إلى إسطنبول. وعن الرحلات الجوية داخل الأراضي التركية، تورد أن ترتيبها يتم تنظيمه من الإمارات، ولا تستغرق فترات الطيران من العاصمة التركية إلى أي من المدن المحلية الأخرى أكثر من ساعة وأحياناً 30 دقيقة كحد أقصى. وتتحدث ميرزا عن سهولة إجراءات التأشيرة التي تمنح للمواطن الإماراتي خلال دقائق عند “كاونترات” الجوازات التركية، والتسهيلات السياحية الأخرى، من توفير دليل مرافق وسائق خاص وحجز للفندق الملائم لبرنامج الرحلة.
المصدر: إزمير
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©