الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«سيدة اللوحات» ترسم أعماق الفنان

«سيدة اللوحات» ترسم أعماق الفنان
5 أكتوبر 2010 21:06
بوصفه كاتباً ومخرجاً في آنٍ معاً، يبني محمد عبدالله الحمادي العرض المسرحي “سيدة اللوحات” الذي أنجز كتابته مع الفنانة منال بن عمرو، على مستويات عدة، إنسانية واجتماعية وأخلاقية، كما يقوم على مستويات من الأداء الفني والرؤية في الإخراج، بما يتضمنه ذلك من العناصر المتمثلة في الإضاءة والديكور والموسيقى والملابس وسواها. العرض الذي قدمته جمعية عجمان للفنون الشعبية والمسرح، وقام بأدائه الممثلان عبدالله سعيد وهند باز، يبدأ تعدد مستوياته من انفتاح الستارة على ستارة ثانية تنفتح بدورها على فنان يقوم بالرسم، وسط أجواء موسيقية وإضاءة هادئة، ونجد خشبة مربعة بدلاً من المستطيلة، حيث اقتطع المخرج مساحة من الجانبين وحصر العمل في ثلثي الخشبة تقريباً. وإلى ذلك، فأحد مستويات العرض هو تقسيم الخشبة إلى قسم أمامي وقسم خلفي، وقسم سفلي وآخر علوي “نظام الفيلا” لأغراض إخراجية تتكشف دلالاتها في ما بعد. العمل يعالج قصة فنان تشكيلي في علاقته مع زوجته في مناسبة مرور عشر سنوات على زواجهما، الفنان يبدو منهمكاً بلوحته في مرسمه، حين تفاجئه زوجته بالمناسبة، وتدعي أنها ستقيم حفلاً دعت له الأهل والأصدقاء والإعلاميين، فيبدو الانزعاج على الفنان الذي يتكشف عن قدر من العزلة والابتعاد عن العالم، لكنه يتقبل على مضض فكرة الاحتفال، ويبدأ الانتظار، وفي هذه الأثناء تدور حوارات تتركز في شكوى الزوجة من أن زوجها لم يعد يهتم بها ويعاملها ببرود ولا يهتم سوى بلوحاته، ويجري تبادل الاتهامات ويحتد الجدل قبل أن يعود المخرج ويأخذ الزوجين إلى لحظة تعارفهما والحب الأول والغزل وسط أجواء رومانسية تساندها الموسيقى والإضاءة، ثم سرعان ما يعود الخلاف ويحتد ويكاد يبلغ التضارب بالأيدي، لكن فجأة ومن خلال جملة أو عبارة يأخذنا المخرج إلى المستوى الداخلي للمسرح الذي يمثل الماضي الجميل والحميم، وتتكرر القصة من خلال جملة تقود إلى تصعيد الخلاف، وفجأة ينقلنا المخرج عبر إضاءة موفقة إلى المستوى العلوي من المسرح، حيث غرفة نوم فاخرة وحمام “بانيو” والزوجة تقوم بتحميم الزوج الذي سرعان ما تستفزه كلمة حول الشهرة وكيف تكون، وهذا محور مهم في المسرحية، فيطلب منها تركه يكمل حمامه، فتنسحب مهزومة إلى مرآتها لتبوح أمامها بما تعاني من وحشة وعزلة، بينما هو يتذكر حبيبة غائبة، وبعد هذا الصراع كله نكتشف أن لا وجود لحفلة، بل لقد اخترعت الزوجة المشروع الوهمي لتكشف عن دواخل زوجها وأنانيته وعلاقته الزائفة بالفن. وحين تبدأ بتعريته وتكشف له أنها هي من صنعه من خلال أموال كانت دفعها لـ”صحافي مرتزق” كي ينفخ “هذا البالون” على حد تعبيرها، ثم تقوم بتمزيق لوحاته، يسقط في حالة انهيار، ويعترف بأنه تزوجها لتنقله إلى مجتمعها المخملي، ويدخل إلى عمق المسرح ليحكي لها عقدته منذ حبيبته التي لم يتزوجها، ثم يقوم بتمثيل حالة قتل لتلك الحبيبة، قبل أن يعود إلى لوحته التي كان مشغولا بها “نصف تفاحة”، فيقلبها ويبدأ الرسم من جديد بالأحمر القاني. على مستوى النص ربما لا يكون ثمة جديد في الموضوع، فهو مطروق لجهة الكشف عن طبيعة الحياة الزوجية بعد هذه السنوات، وحالة الفنان ليست مختلفة سوى من حيث بعض السمات النفسية التي تميزه. لكن هناك تكراراً في الحوارات كان يمكن اختصاره وتكثيف النص أكثر. أما على الصعيد الفني، فيحتشد العرض بالعناصر الفنية التي جرى توظيف بعضها بصورة معقولة، بينما جاءت عناصر أخرى لتشكل عبئاً على العمل، فهناك مبالغة في استخدام الإضاءة أحياناً وسوء استخدام لها أحياناً أخرى. وعلى مستوى الموسيقى والمؤثرات هناك عمل يتوازى مع الحوارات وطبيعتها ومستوى تصاعدها. المبالغة في الواقعية التي قام عليها العمل أضعفت منه، فقد أعطى المخرج مساحات زمنية فائضة عن الحاجة لبعض المشاهد، كمشهد الحمام الذي بدا نافراً وفائضاً عن الحاجة. المبالغة الثانية هي المتمثلة في المساحات المكانية التي بناها المخرج ولم يتم استغلالها. وبخصوص حركة الممثلين، فقد كانت تبتعد عن طبيعة اللحظة التي تعيشها الشخصية، وفائض الحركة كان بلا مبرر أحياناً. وهذه ملاحظات لا تقلل من أهمية الجهد المبذول للوصول إلى هذا العرض. يعرض اليوم يعرض في الثامنة من مساء اليوم على مسرح ندوة الثقافة والعلوم، مسرحية بعنوان “رحلة بوح”، من تأليف فهد الشحي وإخراج مبارك خميس، وإنتاج مسرح رأس الخيمة الوطني.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©