الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رسالة رسولنا هدت أمة كانت تعبد الحجر والشجر

رسالة رسولنا هدت أمة كانت تعبد الحجر والشجر
17 يناير 2013 21:39
الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام، وشرح صدورنا للإيمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: في مثل هذا الشهر المبارك، شهر ربيع الأول، وُلِدَ سيدنا محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، فكان مولده بدءاً لتغيير مجرى التاريخ، وإصلاح الحياة، وإيذاناً بهداية البشرية. وُلِدَ رسول الإنسانية، ومنقذ البشرية صلى الله عليه وسلم، الذي هدى البشرية من الحيرة والضلال، وأخرج الناس من الظلمات إلى النور، ودعا إلى الخير والإصلاح، والعدالة والمساواة، ومن المعلوم أن مولده، صلى الله عليه وسلم، كان نعمة عظيمة على البشرية جمعاء، وعلى الأمة الإسلامية بصورة خاصة، كيف لا؟ والله عز وجل قد ذكر ذلك في كتابه الكريم «لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ»، سورة آل عمران، الآية 164. دعوة الإسلام ومن الجدير بالذكر أن رسولنا، صلى الله عليه وسلم، قد وُلِدَ في زمن اشتدت الحاجة إلى بعثته، حيث ساد الاختلال والفساد، وطغى الكفر والاستبداد، وكثرت الشرور والآثام، وعكف أكثر الخلق على عبادة الأصنام، فكانت الولادة المباركة، إيذاناً بانطلاقة الحق الإلهي، المتمثل في دعوة الإسلام، التي بُعِثَ بها سيدنا محمد، عليه الصلاة والسلام، فالصلاة والسلام عليك يا رسول الله، يا من أرسلك الله رحمة للعالمين. سلام عليك يا سيدي يا رسول الله، أنتَ دعوة سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام«رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ» سورة البقرة، الآية 129، فكنتَ أنت هذه الدعوة، وما أجملها وما أجلها!! وأنت بشارة أخيك عيسى - عليه الصلاة والسلام، «وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ»، سورة الصف، الآية 6، فكنتَ أنت يا سيدي يا رسول الله هذه البشارة. وعند دراستنا للسيرة النبوية الشريفة، فإننا نجد أن رسولنا، صلى الله عليه وسلم، قد جاء على أمة ممزقة مبعثرة تعبد الحجر والشجر، فجعلها قادة للبشر، وكانت ترعى الغنم فصارت قادة للأمم، كان زعيمهم وقتئذ يأتي على سيده من الأكاسرة أو القياصرة يقف بين يديه ذليلاً ليقول له: عبدك النعمان ماثل بين يديك، فأخذ بأيديهم من الذلة إلى العزة، ومن الضعف إلى القوة، ومن التفرق والشتات إلى الوحدة والقوة، وكما قال ربعي بن عامر - رضي الله عنه-: «لقد جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل وسماحة الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة»، فأصبحت هذه الأمة ذات شأن ومكانة في العالم أجمع. لقد كانت حاجة الدنيا إلى محمد، صلى الله عليه وسلم حاجة العين العمياء إلى البصر!! وحاجة القَدم المشلول إلى الحياة والحركة!! وحاجة الجسد السقيم إلى البُرْء والعافية!! التسامح والتعايش لقد أرسى رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، دعائم التسامح بين البشر، فالتسامح الذي عامل به الإسلام غيره، لم يُعْرف له نظير في العالم، ولم يحدث أن انفرد دين بالسلطة، ومنح مخالفيه في الاعتقاد كل أسباب البقاء والازدهار مثل ما صنع الإسلام، وفي أي مجتمع يضم أناساً مختلفي الدين، قد يثور نقاش بين هؤلاء وأولئك، وهنا نرى تعاليم الإسلام صريحة في التزام الأدب والهدوء «وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»، سورة العنكبوت، الآية 46. فالأخوة الإنسانية هي الأساس الذي تقوم عليه علاقات الناس، حيث إن القرآن الكريم وضع دستوراً للعلاقة بين المسلمين وغير المسلمين أياً كانت ديانتهم كما في قوله تعالى «لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» سورة الممتحنة،الآيات 8 - 9. ومن القواعد العظيمة التي أرساها دين الإسلام كذلك: احترام حقوق غير المسلمين، فالإسلام لا يفرق بين المسلم والذمي في المعاملات العامة لأن الجميع سواسية أمام القانون، لا تفضيل ولا محاباة حتى وإن كان أحد الخصمين مسلماً رفيع المكانة والآخر يهودياً أو مسيحياً. إكراه الناس وقد كثرت الأحاديث الخاصة بتحذير المسلمين من ظلم غير المسلم أو انتقاصه حقه أو إلحاق الأذى به، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من ظلم معاهداً أو انتقصه حقًا، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة»، أخرجه أبو داود. إن الحرية الدينية شيء شرعه وابتكره ديننا الإسلامي الحنيف، فصيحة «لي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ»، سورة يونس، الآية 41، هذه الصيحة لم تُعْرف إلا في كتابنا العظيم، كما وأن صيحة:«لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ»، سورة الكافرون، الآية 6، هذه الصيحة لم تُعْرف إطلاقاً في ملة أخرى. لقد كان العالم كله وقتئذ يعيش في برك من الدماء، وصراع آثم حول إكراه الناس على العقائد حتى جاء القرآن الكريم يقول للناس «لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ»، سورة البقرة، الآية 256. حماية حقوق الإنسان لقد حمل صلى الله عليه وسلم لواء العدل والمساواة وحماية حقوق الإنسان ذكراً كان أو أنثى، صغيراً كان أو كبيراً، وبغض النظر عن مكانته الاجتماعية أو مستواه المعيشي، فالإسلام كان سَبَّاقاً إلى الإقرار للإنسان بحقوقه، وإلى الحث على صون هذه الحقوق وحفظها، وإلى إحاطة هذه الحقوق بالرعاية وشمولها بالعناية، فحقوق الإنسان من الموضوعات الجوهرية في الشريعة الإسلامية، حيث ترتبط بوحدانية الله تعالى الذي خلق البشر وكرمهم وفضلهم على جميع مخلوقاته، ورسم لهم المنهج الذي يسيرون عليه في الحياة. حقوق قررها الله ما أحوجنا في هذه الأيام ونحن نسترشد بهديك يا رسول الله أن نتداعى إلى وحدة حقيقية، لنحقق بها خيرية هذه الأمة التي دَعَوْتَنا إليها، وألا نكون متفرقين في هذه الدنيا كما حذرتنا، حتى لا نصبح قصعة تتداعى عليها أيدي الأعداء، فما زال حديثك يا سيدي يا رسول الله يتردد على مسامعنا «تركتُ فيكم ما إنْ تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي». الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©