الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«عبدالرازق» سلاح أفغاني ذو حدين!

5 أكتوبر 2010 21:04
عندما يسير الكولونيل الأفغاني عبدالرازق -من شرطة الحدود الأفغانية- في شوارع مدينة سبن بولداك الواقعة على الحدود المشتركة مع باكستان، يهتف الكثير من المتجمهرين في الأسواق والمحال التجارية النشطة باسمه ولقبه الشرطي "جنرال عبدالرازق" بينما يركض الصبية الصغار وراءه طلباً لصورته الشخصية. أما كبار السن من الرجال، فلا يكفون عن الإصرار على دعوته لتناول كوب من الشاي أو القهوة معهم. كما يرفض التجار وأصحاب المحال التي يدخلها قبول أي مال منه مقابل الأشياء التي يحتاجها من محالهم. فإن أراد قنينة من عطر الكولونيا أو رطلاً من السكر أو الشاي أو الاثنين معاً، فله ما يريد مجاناً! غير أن للمسؤولين الأميركيين رأياً آخر فيه. فهم يرون فيه ضابطاً صغير السن -لا يزيد عمره على 32 عاماً- وغير متعلم، ويتهمونه بالإشراف على شبكة واسعة للفساد لا يتوقف نشاطها على جباية الضرائب غير القانونية من المواطنين فحسب، بل يشمل كذلك تسهيل تجارة وتصدير الممنوعات. لكنه تمكن على رغم هذه الاتهامات من توفير قدر من الاستقرار والأمن في هذه المدينة، عجزت عنهما القوات الأميركية في مناطق ومدن أفغانية أخرى. فقد استطاعت قوته الشرطية المؤلفة من نحو 3 آلاف جندي نظامي، إضافة إلى آلاف آخرين من رجال الميليشيات المتعاونة مع قوات الأمن الأفغاني ملاحقة عناصر "طالبان" وكنسها، ما جعل من مدينة "سبن بولداك" إحدى أكثر مدن الجنوب الأفغاني أمناً وازدهاراً اقتصادياً. وعلى رغم اتهامات المسؤولين الأميركيين له -التي ينفيها باستمرار- يمثل هذا الجنرال نموذجاً لأفضل ما تتطلع إليه إدارة أوباما من قادة أمنيين أفغان قادرين على بسط الأمن في هذا الجزء الأكثر أهمية واضطراباً في أفغانستان. فهدوء هذه المدينة يمكن القادة العسكريين الأميركيين من توظيف طاقات الجنود والموارد الحربية في أنحاء أخرى من أفغانستان. كما أن للدور الحيوي الذي يقوم به هذا الجنرال الأفغاني أهمية حاسمة في تنفيذ تعهد أوباما بسحب جنوده بحلول موسم صيف العام المقبل. وعن الاستفادة من مثل هذه القيادة الأمنية الوطنية تساءل الميجور جنرال البريطاني "نك كارتر" -وهو أحد كبار قادة حلف الناتو هناك- بالقول: هل يمثل دور هذا الجنرال الأفغاني حلاً بعيد المدى للمشكلة الأمنية؟ ويجيب عن سؤاله قائلاً: "هذا ما أترك التعليق عليه للآخرين. ولكن لا شك أن الجنرال عبد الرازق أفغاني جيد بما يكفي". ومن جانب آخر بدأ مسؤولون أميركيون ومن قيادات قوات "الناتو" في أفغانستان، خطة طموحاً تهدف إلى إصلاح سلوكيات الجنرال عبد الرازق، على أمل تحويله إلى قائد أمني وطني أقوى وأفضل. وتشمل الخطة تحفيز الجنرال وتحسين سلوكياته، ووضع قواعد جديدة منظمة لأدائه، حتى يرغم على الامتناع من "ابتلاع" المال العام لصالحه الشخصي، وإيداع مبالغ أكبر مما يجبيه من ضرائب ويجمعه من أموال في الخزانة العامة الأفغانية. وعلى حد قول الكولونيل "روبرت والترماير"-من القوات الخاصة الأميركية، ويتولى إدارة مركز أمني حدودي بالتعاون مع ممثلين للقوات الأمنية والباكستانية بالمدينة-: فنحن نسعى إلى تشجيعه على استقامة السلوك عن طريق مراقبته باستمرار وعن كثب، دون أن نمنعه من القيام بالدور الإيجابي الذي يؤديه في بسط الأمن في هذه المدينة الحدودية المهمة. واحتار المسؤولون الأميركيون ونظراؤهم في حلف "الناتو" في أفغانستان مما يفعلونه مع عبد الرازق. فمنهم من دعا إلى فصله من الخدمة، حتى يكون درساً قاسياً لمعاقبة الفساد في صفوف الأمن الوطني الأفغاني. ومنهم من دعا إلى تركه لحاله، طالما أن قوته الأمنية تعادل خمسة أمثال الوجود العسكري الأميركي في المدينة، وقادرة على القيام بمهامها على أحسن ما يكون. ويقول دعاة هذا الرأي الأخير: "بدلاً من فصله من الخدمة، علينا الاعتماد على قدراته القيادية الكبيرة. كما أن علينا ألا ننسى أهمية الدور الذي يمكن أن تؤديه قوته عندما تتجه قوات الناتو لشن حملتها الواسعة على قندهار". يذكر أن عبد الرازق لا يتصف بكونه قائداً شرطياً بارزاً فحسب، بل إنه زعيم لقبيلة "أشاكزاي" وهي إحدى القبيلتين الرئيسيتين في هذا الجزء من جنوب أفغانستان. وكان ممكناً لمنصبه الزعامي القوي هذا أن يتسبب في إثارة ذلك النوع من النزاعات القبلية التي دفعت بعض الأفراد والعشائر إلى التحالف مع حركة "طالبان" في أجزاء أخرى من أفغانستان. غير أن الجنرال تمكن من توزيع ما يحصل عليه من أموال وغنائم بقسمة عادلة بين الجميع، تجنباً لتمرد قبيلة "نورزاي" المنافسة لقبيلته. وهذا السلوك هو ما دفع الجنرال "أندرو جرين" -قائد كتيبة مشاة أميركية في مدينة سبن بولداك- إلى تشبيه عبد الرازق بأنه مثل "روبن هود" الذي يظهر فجأة في مكان ما من العدم، ويسطو على الأموال من الأغنياء والمقتدرين، ليلبي بها حاجة الفقراء المحتاجين. واستطرد الجنرال "جرين" في القول: "وعلى رغم أن لعبد الرازق "سياسة تفضيلية" بين الذين يوزع عليهم الأموال، فإنه من الذكاء إلى درجة مكنته من تفادي كثرة أعدائه المحيطين به. وهذه صفة لا تنطبق على الكثيرين من وسطاء السلطة الأفغان". يذكر أن عبدالرازق بدأ توسيع عملياته التي تستهدف عناصر "طالبان" صوب قندهار، وهي ثاني أكبر مدينة في الجنوب، وتمثل هدفاً لحملة عسكرية رئيسية تعتزم القوات الأميركية شنها ضد "طالبان". فقد شارك العشرات من قواته في عمليات أمنية شنتها القوات الأفغانية بهدف طرد عناصر "طالبان" من المواقع الآمنة التي ينطلقون منها في شمالي وجنوبي المدينة. كما أثنى مسؤول أفغاني محلي رفيع المستوى، على أداء قوة الجنرال عبد الرازق، قائلاً إنها نموذج لحسن أداء القوات الأمنية الوطنية. وعزا المسؤول حسن أداء أفراد قوة عبدالرازق إلى ارتفاع مستوى دخلها المالي، مقارنة بالكثير من الوحدات الأخرى التابعة للقوات الوطنية. راجيف شاندراسيكران - أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©