الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا اللاتينية... «وصفة» لتحقيق الرخاء

6 يوليو 2013 23:15
جيم يونج كيم رئيس البنك الدولي تمتعت أميركا اللاتينية بقرن جيد. فخلال العشر سنوات الماضية، نما اقتصاد القارة بنسبة 4.2 في المتوسط وخرج 70 مليون إنسان من دائرة الفقر. وساهم الاستقرار الذي حققه تطبيق سياسة «الاقتصاد الكلي» وسياسات التجارة المفتوحة، والمناخ التجاري الملائم للاستثمارات في دعم- النمو القوي وسيستمر في ذلك أيضاً خلال السنوات القادمة. الشيء البالغ الأهمية في هذا الشأن أن المكاسب الاقتصادية التي تحققت، قد تم تقاسمها على نطاق واسع. ففي تقرير حديث للبنك الدولي تبين أن الطبقة الوسطى في أميركا اللاتينية، قد نمت بنسبة 50 في المئة أو ما يقارب 50 مليون شخص خلال الفترة ما بين عامي 2003- 2009، وهو ما يعد إنجازاً يدعو للإعجاب في الحقيقة في قارة ذات تاريخ طويل من عدم المساواة في توزيع الثروات. أثناء جولتي في أميركا اللاتينية هذا الأسبوع، أُتيح لي أن أرى قارة قطعت شوطاً بعيداً في الخروج مما عرف بـ«القرن الضائع»، الذي عانت منه القارة في عقد الثمانينيات من القرن الماضي. تبرز أميركا اللاتينية الآن – وبشكل قوي- كمحرك من محركات النمو العالمي، ولكننا بحاجة، مع ذلك، لعمل الكثير من الأشياء، لضمان أن شعوب أميركا اللاتينية بأسرها، سيكون لها نصيب في ثروات قارتها المتنامية. وعلى الرغم من تقلص ظاهرة عدم المساواة في أميركا اللاتينية، فإنها تظل مع ذلك القارة الأكبر من حيث عدم المساواة في العالم: فخلال الفترة من 2008-2010 كانت ثماني دول من بين كل عشر دول ذات أكبر نسبة عدم مساواة في الدخل تنتمي لقارة أميركا اللاتينية، وفقا لمُعامل «جيني» (المعيار المستخدم لقياس عدم المساواة). يضاف لذلـك أن الحراك الجيلي في القارة ما زال محدوداً، فالخلفيـة الاقتصاديـة والاجتماعية لوالدي أي شاب في أميركا اللاتينية، وما إذا كانوا قد ولدوا في منطقة ريفية أو حضرية، ما زالت -ولحد كبير- تحدد مستقبله الاقتصادي. وإذا لم تتم معالجة ظاهرة عدم المساواة، فإنها ستستمر في المساهمة في تأجيج عدم الاستقرار في مختلف أنحاء القارة. علماً بأن السعي لتحقيق نمو مشترك، ليس هو الشيء الصائب الذي يتعين عمله من المنظورين الاجتماعي والاقتصادي، وإنما هو في جوهره حتمية اقتصادية. وتحقيق وعود النمو، سيتطلب من صناع السياسة في أميركا اللاتينية، بالتعاون مع نظرائهم في المنظمات المعنية بالنمو، بما في ذلك البنك الدولي، العمل من أجل ضمان أن المكاسب الاقتصادية تصب في منفعة جميع المواطنين. بعض الدول تبين لنا كيف تم تحقيق هذا الأمر، ففي البرازيل على سبيل المثال ، ساعدت الإصلاحات السياسية على تحقيق المساواة في التحصيل العلمي: ففي عام 1993 كان الطفل المولود لوالدين غير متعلمين يصل إلى الصف الرابع من التعليم الأساسي- في المتوسط -أما اليوم، فإن الغالبية العظمى من الأطفال البرازيليين بصرف النظر عن تعليم والديهم، يتمون ما بين 9 إلى 11 عاماً في التعليم الرسمي، وهو ما يمثل تقدماً يدعو للإعجاب في الحقيقة، على الرغم من أن الاحتجاجات الأخيرة في البرازيل أظهرت أن هناك المزيد مما يتعين عمله في هذا الصدد. بالإضافة لذلك، لعبت برامج التحويل النقدي المشروط، دوراً في تحقيق تكافؤ الفرص الاقتصادية. ففي عقد التسعينيات، تصدرت المكسيك والبرازيل هذه البرامج، التي كانت تقدم مدفوعات نقدية للفقراء في مقابل أنشطة إنتاجية. ونحن ندرك أن التغلب على تراث القارة المتعلق بعدم المساواة الاقتصادية أمر ممكن، ولكن السؤال هنا هو: ما الذي يتطلبه الأمر لتحقيق الرخاء المشترك للجميع؟ مطلوب الآتي: أولاً: أن تتأكد الحكومات من أن السوق لا يترك وراءه أشخاصاً، فالمكاسب القوية التي حققتها أميركا اللاتينية في مجال تقليص الفقر في العقد الماضي، نتجت عن زيادة الأجور، والسياسات الاجتماعية الأدق استهدافاً- وهو اتجاه يجب أن يتواصل. ويجب على قادة دول القارة التركيز على إنجاز السياسات التي تهدف تحسين مستوى التنافسية في مجال الأعمال وإلى زيادة الإنتاجية، فهذه هي الطريقة الأفضل لإدامة التقدم الاقتصادي والاجتماعي. ثانياً: يجب على صناع السياسة أن يقوموا بالمزيد لتزويد الأطفال المحرومين من الفرص بالتعليم الجيد. فالقيام بذلك سيساعدهم على اكتساب المهارات المطلوبة، للحصول على وظائف جيدة، وزيادة الإدماج الاجتماعي من خلال تمكين الأطفال الفقراء من المساهمة بشكل أكثر فعالية في اقتصاداتهم. واجتذاب خريجي الكليات الموهوبين لمهنة التدريس وجعل المدرسين مسؤولين عن أداء طلابهم، يمكن أن يقطع مسافة بعيدة في تحسين المخرجات التعليمية. ثالثاً وأخيراً: يجب على القادة تحسين قدرتهم على أداء الخدمات المطلوبة للفقراء. ومن دون ذلك فإنه حتى إذا افترضنا وجود أفضل السياسات، فإنها لن تعني الكثير بالنسبة للمنتفعين المقصودين، علماً بأن البنك الدولي يقدم دعماً حيوياً في هذا المجال. لقد حققت أميركا اللاتينية تقدماً هائلًا في السنوات الأخيرة، لكن هناك حاجة لتحقيق المزيد. وحتى في الوقت الذي يخرج فيه الملايين من دائرة الفقر، وينضمون للطبقة الوسطى الصاعدة، نجد أن الناس يطالبون- وعن حق- بخدمات أفضل، وفرص أكثر من قادتهم. وخلال رحلتي الحالية لأميركا اللاتينية، أتطلع لتعلم ما سيتطلبه الأمر، لضمان أن الفرص والرخاء سيتم توفيرهما لكافة شعوب أميركا اللاتينية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي.تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©