السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شيخة المنصوري..41 عاماً في رحاب التراث

شيخة المنصوري..41 عاماً في رحاب التراث
5 يوليو 2015 20:14
خديجة الكثيري (أبوظبي) شيخة محمد المنصوري، إحدى السيدات الرائدات في عمل المشغولات التراثية الإماراتية، حيث احترفت الحرف اليدوية منذ أكثر من 41 عاماً، وأصبحت بفضل خبرتها ومهاراتها، إحدى أهم السيدات اللواتي يشرفن ويقمن بتدريب وتعليم العديد من النساء والفتيات الراغبات في تعلم العديد من مهن المشغولات المختلفة التي كانت سائدة أيام الجدات، وكان الاعتماد عليها أكثر من الوقت الحالي. وتعمل شيخة في مركز الصناعات التراثية والحرفية، التابع للاتحاد النسائي العام، وصالت وجالت عبر مشاركاتها المختلفة بالمعارض التراثية، التي يشارك بها الاتحاد النسائي داخل الدولة وخارجها، مما أكسبها خبرة طويلة، وجعلها إحدى الوجوه الإماراتية الأصيلة، التي توحي بمجرد رؤيتها أنها الأم والجدة والمربية والعاملة وحاضنة التراث والمحافظة عليه والمعتزة بهويتها الإماراتية، وتعكسها من خلال عملها المميز ومهنتها شديدة الإتقان في الحرف اليدوية التراثية. المهن الحرفية وتسرد الوالدة شيخة بدايات تعلمها لصناعات المشغولات اليدوية، حيث ذهبت إلى الماضي الجميل، وبالتحديد قبل نحو نصف قرن، عندما كانت طفلة ترافق والديها في حلهم وترحالهم، عبر تلال ليوا ورمالها الذهبية، مسقط رأسها ومكان نشأتها في بدايات عمرها، وتحكي تفاصيل الحياة الصعبة بشح مواردها وقلة إنتاجها، وتعود لتؤكد أنها على الرغم من ذلك، كانت حياة بسيطة ويعيشها الناس بطيب وسعادة وتآلف، بل وكما تقول: «كنا أهلاً وجيران مثل الأخوة المتلاحمين، نعرف بعضنا بعضاً ونلتقي في المناسبات السعيدة والشديدة، ونتعاون مع بعضنا بعضاً في «اليسر والعسر»، وكل منا يكمل ما ينقص الآخر، ويساعد الآخر ولا يشعره بالوحدة مهما غاب عنه أهله من الرجال بحثاً عن الرزق. وتضيف: «كانت النساء تعمل من خلالها بيوتهن باستخدام من حباه الله تعالى الأرض في ذلك الوقت من الزمن، ويستعن بالدواب والنخل سواء في الأكل أو السكن أو اللباس، فكنا يأخذن من الدواب سواء الجمال أو الغنم ما يحتجهن من اللبن واللحم للأكل، ومن صوفها ما يستخدمنه من ملابس، كما يستخدمن النخل بكل ما يحويه من خوص وجذوع وسعف، يصنعن منه الكثير الذي يساعدهن في بناء المنازل وبناء الأدوات التي تعينهن في الحياكة، وغيرها». حرف يدوية وتتابع: «كنت أراقب أمي وهي (تخدم)، أي تعمل على جميع الحرف اليدوية، من غزل وخياطة وتطريز وعمل وقرض البراقع، وأهم هذه الحرف التي تعلمتها وأتقنتها من أمي وجدتي هي صناعة التلي، التي تعد أشهر الحرف النسائية في الماضي، وأكثرها تميزاً وحضوراً وطلباً في الوقت الحالي، وذلك لجمال إنتاجه وسهولته». وعن كيف عمل التلي، قالت شيخة المنصوري إن التلي يستخدم في تزيين الملابس النسائية، وهو عبارة عن مجموعة من الخيوط الملونة المتداخلة ببعضها بعضاً، وتتوسطها بين مجموعة وأخرى خيوط الخوص، بلونها الفضي أو الملون حسب «الذوق»، ويتم تثبيت تلك الخيوط باستخدام «الكاجوجة»، وهي قطعة معدنية، توضع عليها «وسادة» صغيرة بيضاوية الشكل، ليسهل على السيدة لف بكرات الخيوط أثناء العمل، وقديماً كانت تلك القطع المعدنية عير متوافرة فكانوا يصنعون الكاجوجة من الخشب. وتختص شيخة بعمل (البادلة)، وهي إحدى أهم منتجات «التلي»، موضحة أن مهنة البادلة، تحتاج دقة وتركيزاً ومهارة، وذلك لكثرة عدد الخيوط المستخدمة فيها، وما يميز البادلة هي تلك النقوش  الهندسية المتنوعة والزاهية التي ترسم عليها، فيتم بها تزيين الملابس النسائية، والتي يعطيها شكلاً جميلاً وفخماً. تطور المهنة وتقول: «امتهنت العمل التراثي اليدوي والحرفي منذ كنت صغيرة، وواصلت العمل به حتى التحقت بمركز الصناعات بالاتحاد النسائي العام منذ إنشائه في أواخر السبعينيات، وهناك طورت من مهنتي الأصيلة، وأضفت إليها الكثير من الحداثة، نظراً لتوافر أدوات الخياطة والحياكة المتطورة، فضلاً عن أنواع الخيوط والألوان التي توافرت حديثاً، فكنت أتصدر المشاركات في جميع المحافل الوطنية والتراثية التي يتم فيها عرض الحرف اليدوية من أعمالنا، وأذكر أني سافرت إلى الكثير من الدول لنعرض فيها هويتنا التراثية ومشغولاتنا الأصيلة التي تتميز بها دولة الإمارات، حتى أنني أحببت السفر سواء لدول أوروبية أو آسيوية وحتى تركيا والدول العربية، إلا أنني ومع كل (سفرة) أتذكر بلادي وهواها، وأجزم أنني ما رأيت أجمل من بلادي وأمنها وأمانها في أي دولة أخرى». رمضان أجمل الشهور وذكرياته لا تفارق الأذهان ذكريات رمضان في عودة لشيخة المنصوري إلى أيام رمضان في الماضي تقول «كان رمضان وما زال أجمل وأفضل شهور العام، ففيه الصفاء الروحاني الذي يحسه الإنسان المسلم ويحياه، وفيه من المظاهر الحياتية والاجتماعية التي لا تنتعش بكثرة إلا مع كل الشهر الكريم. ولكن تظل تفاصيل الحياة في رمضان الماضي هي المظاهر الإنسانية العفوية والحقيقية التي يبقى عبقها يظلل الحاضر، ويضفي عليه من طيب عيشها وبساطته، ما يجعله ذكرى عالقة في الأذهان لا ننساها ونتذكرها مع كل شهر رمضان». وتضيف «أذكر الكثير عن شهر رمضان في الماضي حيث كنا نستعد له استعداداً جيداً، فنحضر المؤن (المونه)، ونجهز أماكن التجمع والسمر، ومعامل الطبخ ، فكان رمضان شهر الخير والتراحم والتواصل والتجمع بشكل دائم». بناتنا غير تقول شيخة المنصوري: كنا نساعد أمهاتنا وجداتنا في التحضير، بل كنا نطبخ ونعمل في سن لا تتعدى العشر سنوات، أما بناتنا لا يعرفن مما تعلمناه نحن سوى ما يسمعنه منا، فنادراً ما نرى فتيات اليوم يعرفن الغزل، أو الحياكة، أو معامل التلي، حيث شغلتهم الحداثة والتكنولوجيا، حتى ملابسهن نادراً ما يزينها بالتلي، أو يستخدمن البادلة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©