الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العراق وخيارات واشنطن العسكرية

23 يوليو 2014 01:15
لا شك في أن حل أعمال العنف المتفاقمة في العراق سياسي وليس عسكرياً. ولكن إذا أمكن تشكيل حكومة مناسبة في بغداد، عندئذ يتعين على الولايات المتحدة التفكير ملياً في خياراتها العسكرية. وكي يكون حضور / وجود القوات الأميركية في العراق فعّالاً ومؤثراً لابد أن يتجاوز مئات من مستشاري قوات العمليات الخاصة الذين أعلن الرئيس باراك أوباما عن إرسالهم حتى الآن. وبالتأكيد، لا ينبغي أن يتوقع أحد أن الولايات المتحدة، بعد جهودها العسكرية الضخمة خلال الأعوام الـ 12 الماضية، ستعيد نشر وحداتها الرئيسية المقاتلة في العراق في محاولة لمواجهة تقدم التنظيم المتطرف المعروف باسم «الدولة الإسلامية» على الأرض. كما أن المساعدة العسكرية الأميركية لا تبدو منطقية أيضاً في ضوء غياب حكومة جديدة تشمل سياسيين سُنة وأكرادا في تقاسم فعلي للسلطة. ويعتبر الآن كثير من العراقيين السُنة أن رئيس الوزراء نوري المالكي «صدام شيعي»، ويمقتونه حتى أكثر من تنظيم «الدولة الإسلامية»، ولن يتعاونوا مع بغداد أو معنا، وبالتالي، فإن إدارة أوباما محقة في التركيز أولاً وقبل كل شيء على الواقع السياسي العراقي في الوقت الراهن. ولكن ما هي المساهمة الأميركية الملائمة في الحملة العسكرية التي يقودها العراق ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»؟ . . ربما ستكون الطائرات من دون طيار أداة مفيدة، لكن من المستبعد أن تكون كافية. وفي الواقع لا يبدو تاريخ محاولة إحداث اختلاف على الأرض من خلال توجيه ضربات من السماء في حروب مثل هذه مشجعاً. وعلاوة على ذلك، كان لدينا طائرات حربية وأخرى من دون طيار في العراق منذ عام 2003 وحتى 2006، ورغم ذلك كنا نوشك على خسارة الحرب هناك إلى أن حدثت الصحوة السُنية مع وصول التعزيزات العسكرية الأميركية لتحول الواقع على الأرض. ومنذ ذلك الحين، لم تطرأ أية تطورات في تكنولوجيا الطائرات من دون طيار تفضي إلى تغيير الحقائق الأساسية؛ إذ لا يزال من الصعب جداً تحديد هدف كبير وتدميره من الجو في غياب معلومات استخباراتية جيدة يتم الحصول عليها من على الأرض، وفي غياب القدرة على حماية الحلفاء من هجمات العدو الانتقامية. ولا تحتاج القوات الأميركية محاولة فعل مثل هذه الأشياء مرة أخرى. ولكن يمكن أن يكون من بين خياراتنا العسكرية المساعدة على استعادة قدرات الجيش العراقي على فعل ذلك. ومن حسن الحظ، أن هناك كثيراً من الخيارات بين الضربات الجوية المحدودة والاجتياح متكامل الأركان. وكافة الخيارات التي أعتبرها منطقية لن تقتضي وجود أكثر من عشرة آلاف جندي أميركي في العراق على أقصى تقدير. . وهو تقريباً العدد نفسه الذي كانت الولايات المتحدة قد خططت بداية لإبقائه في العراق بعد عام 2011، وهو كذلك العدد الذي تعتزم إدارة أوباما إبقاءه في أفغانستان العام المقبل. وفي حين أن ذلك سينطوي على تكاليف ومخاطر حقيقية على الجنود الأميركيين، لكن الأعداد لن تكون كبيرة. ومن بين الخيارات نشر عدد كبير من فرق العمليات الخاصة إلى جانب مئات المستشارين الأميركيين الذين أرسلوا إلى العراق خلال الشهر الماضي. وإذا كان تنظيم «الدولة الإسلامية» لديه عشرة آلاف مقاتل يجب على الوحدات الأميركية والعراقية هزيمتهم في ميدان المعركة، فإن التجارب في العراق وأفغانستان أثناء العقد الماضي تشير إلى أننا نحتاج إلى القيام بآلاف الغارات المدعومة بمعلومات موثوقة لمواجهة التهديد، على أن تهاجم القوات الأميركية والعراقية في البداية بقوة في أية عملية للحيلولة دون تمكن العدو من تعديل وضعه، وينبغي تنفيذ كثير من هذه الغارات والمداهمات في الأشهر الأولى. وسيتطلب ذلك وجود عشرات من فرق الكوماندوز الأميركية في العراق أو تمركزهم في دول مجاورة، ومن الضروري أن تصل أعدادهم إلى ما يتراوح بين ألف وخمسة آلاف جندي، من أجل مهمة تستمر بضعة أشهر في قمة ذروتها. وثمة خيار ثانٍ، هو تشكيل نوع من الوحدات العسكرية التي تم تكوينها خلال السنوات الأخيرة في أفغانستان، والتي تعرف باسم «فريق مساعدة القوات الأمنية». وتتألف هذه المجموعة من عشرة إلى عشرين جندياً أميركياً يصبحون جزءاً لا يتجزأ من القوات المحلية ضمن تشكيل وحدات صغيرة. ونظراً لأن الجيش العراقي تفكك في بعض الحالات، فإن الفرق الاستشارية هذه، التي تعيش وتنتشر في الميدان إلى جانب القوات المحلية، يمكن أن تكون مهمة في استعادة التكتيكات الجيدة وتماسك الوحدات وثقة القيادات والترابط الضروري للوحدات العراقية. وإذا افترضنا أنهم ربما ينتشرون مع غالبية كتائب الجيش العراقي، فمن الممكن أن تكون هناك حاجة إلى نحو مئة من تلك الفرق تستمر لبضعة أشهر وحتى لعام أو عامين على الأكثر. وإضافة إلى الدعم اللوجستي والمعلومات الاستخباراتية لهذه الفرق، فمن الممكن أيضاً أن تساعدهم وحدات الرد السريع إذا تعرضوا لمشكلة، وسيصل العدد مرة أخرى إلى بضعة آلاف. ولن يروق أي من هذه الخيارات للأميركيين الذين سئموا التدخلات الخارجية بشكل عام، والحرب على الإرهاب بشكل خاص، والعراق أكثر من أي شيء آخر. وقد توصل تقييم عسكري سري تحدثت عنه صحيفة «نيويورك تايمز» مؤخراً إلى أن متطرفين سُنة أو جنوداً شيعة مدعومين من إيران تسللوا إلى بعض وحدات الجيش العراقي، ما يجعل من الصعب على القوات الأميركية العمل مع بعض منها، على الأقل في البداية. ولكن قبول بعض المخاطر أمر ضروري. وربما يكون البديل أن نرى جماعات وحشية تسعى لإقامة الخلافة على جزء كبير من الشرق الأوسط، وتواصل تجنيد وأسر عقول آلاف المقاتلين ممن يحملون جوازات سفر غربية. ولعل هذا الاحتمال لا يتوافق مع مصالح الأمن القومي الأميركي. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©