الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

راشد المزروعي يجمع 4200 مثل شعبي ويعكف على تحقيقها في أربعة أجزاء

راشد المزروعي يجمع 4200 مثل شعبي ويعكف على تحقيقها في أربعة أجزاء
7 يوليو 2013 08:53
يتعاظم دور الباحث في الفلكلور الشعبي الإماراتي نظراً لطبيعة المهمة الصعبة التي تستلزم البحث والتمحيص وتحري الدقة دون وضع اعتبار للهوى الشخصي، والدكتور راشد المزروعي مدير مركز زايد للدراسات والبحوث واحد من هؤلاء المهمومين بقضايا التراث وتدوين الموروث الشعبي، ليكون سجلاً حافلاً تنهل من معينه الأجيال وتحفظه في الصدور لتتحقق به معالم الهوية الوطنية على مر العصور وامتداد الزمن. أشرف جمعة (أبوظبي) - عبر سنوات عمله الطويلة في تحقيق أشعار أهل الإمارات، يشرع حالياً الباحث التراثي والشاعر والدبلوماسي الدكتور راشد المزروعي، الذي عمل في عدد من سفارات الإمارات في الخارج إلى إصدار «موسوعة الأمثال الشعبية في دولة الإمارات العربية»، هذا المؤلف الضخم الذي يتوزع على أربعة أجزاء ويجمع فيه المثل الشعبي المتوارد على ألسنة الناس عبر أزمان مختلفة، فهو يرى أن المثل الشعبي يختزل الحكمة ويؤرخ للشعوب والمجتمعات، ويعطي مضامين حية عن طبيعة الحياة، والتجارب والعلاقات بين الناس وبعضهم بعضاً. جذور الحكاية حول فكرة هذا العمل الذي ينتظر أن يرى النور خلال هذا العام، يقول الدكتور راشد: منذ عام 1998 م وأنا شغوف بهذا الإصدار وهذا الحلم والذي ظل يكبر في نفسي يوماً بعد يوم إلى أن حققت ما أريد بعد جهد مضن وعمل متواصل لم أغفل فيه ساعة عن أدق التفاصيل، لكن الحكاية لها جذور وموقف، ولا أنكر أن الفكرة ولدت من خلال جد أولادي لأمهم الذي كان في سياق حديثه للآخرين يضرب لهم الأمثال الشعبية البديعة وفي طلاقة عجيبة وشدني استحضاره المستمر للأمثولة الشعبية في كل كلامه، ما جعلني أشعر بأنني في حاجة إلى أن أدون هذه الأمثال خوفاً عليها من الضياع، وهي التي تعبر بدقة عن حالات إنسانية عميقة ترتبط بالحكمة وتؤصلها بشكل لافت للغاية، فضلاً عن أنها تتضمن العبرة والزجر والنهي والترغيب والترهيب أيضاً، فهي مثال حي علي مستوى تفكير الإنسان الإماراتي عبر تاريخه البعيد والقريب معاً. ويضيف أنه منذ هذه اللحظة التي انتبهت فيها إلى أن هذا الرجل يحمل كنوزا في صدره وأنا أدون كل «مَثل» يقوله ولازمني الورق في يدي والقلم حتى لا يفوتني شيء مما يقول، ومن المثير حقاً أن جد أولادي كان يسخر بشيء من الطرافة حين يراني أكتب ما يقول في مجالسه ويقول في أسلوب لا يخلو من فكاهة «لا يجد له عملاً فيكتب ما يقوله الناس»، ولم تكن تلك الكلمات تضايقني لكنها كانت تحفزني أكثر على المضي قدماً في هذا الطريق. الرواة الشعبيون وعن توسع فكرة جمع الأمثال الشعبي، يذكر المزروعي أنه قرر أن ينزل إلى الميدان ويطّلع على كتب الأمثال الشعبية الموجودة في الدولة، فوجدها متناثرة هنا وهناك ولا تسع طموحه، من هنا تحركت معه العائلة لتجمع أيضا الأمثلة الشعبية.. ويتابع: انتقل شغفي بالمثل الشعبي الإماراتي إلى أولادي فلكما سمع أحدهم مثلاً من شخص ما اتصل بي يستفسر عن أن كنت قد أحطت به أم لا، والحقيقة أنني كنت أدون ما ينقلونه لي ثم أتحقق من المثل بعد ذلك، وبعدها ذهبت إلى الرواة الشعبيين وكبار السن واستمعت إليهم في مناطق مختلفة من الدولة، والعجيب أنني عرفت أن وراء كل مثل حكاية وهو ما جعلني أشرح الأمثال فهناك العديد من المفردات التي يصعب على الكثيرين من أبناء الوطن معرفتها فرأيت إثاراً للمصلحة العليا أن أشرح حكاية المثل، ومن خلال مقابلاتي الكثيرة وما جمعت وجدت أنني حصلت على 4200 مثل شعبي من مختلف إمارات الدولة، من الواحات والجبال والبادية والمناطق الساحلية وغيرها. ويشير إلى أنه عام 2005 م قام بتوزيع الأمثال على حروف الأبجدية وأدهشه أن حرف اللام بلغ معه ما يقارب 1200 مثل وحرف الميم 800 مثل، وحرف الألف 600 مثل. معنى الكلمات وعن الصعوبات التي واجهها مدير مركز زايد للدراسات والبحوث الدكتور راشد المزروعي في أثناء رحلة البحث عن الأمثال الشعبية الإماراتية، يقول: من خلال تنقلي بين إمارات الدولة وجدت تضارباً في تفسير بعض الأمثال وهو ما اضطرني إلى التحقق من أكثر من شخص، وخصوصاً الثقات الذين يعرفون التراث ويفهمون معاني الكلمات والمواطن التي قيلت فيها، ولاحظت أن المثل لديهم ارتبط بالحكمة، وقد ضمنت في هذه الموسوعة أيضاً المصطلحات الشعبية والمصطلح ليس مثلاً شعبياً خالصاً ولا حكمة خالصة لكنه يقع بين الاثنين، لذا وجدت أنه من الضروري تضمينه في هذه الأجزاء ومن ضمن الأمثال «راعي الهين» وهو قول شعبي معناه راعي الهجن وكان الناس يقولون ذلك في البادية باعتزاز وافتخار لأن موطن الكلام اقتضى ذلك، ويلفت إلى أنه اكتشف أن الأمثال الشعرية الشعبية موجودة بغزارة في قصائد الشعراء مثل ابن ظاهر وهو شاعر إماراتي قديم موجود منذ 300 سنة، ولاحظت أن نحو 80 في المئة من شعره أمثال وحكم شعبية، وكذلك الشاعر سعيد هلال الظاهري، وهو من منطقة العين إذ وجدت في أبيات كثيرة كلمات تعبر عن المثل الشعبي بجدارة وهو يقول: العين تفزر في المغطاي.. وتعاف شيٍ ودم مكشوف»، وهذا مثل شعبي معروف على مستوى الإمارات وهو يرمز للفضول الذي جبل عليه الناس ويعبر عن فطرتهم. مجالس ونوادر ومن الصعوبات أيضاً التي واجهها الدكتور راشد هو عدم إدراك كبار السن لأهمية المثل الشعبي وضرورة أن يظل موجوداً لتتعرف عليه الأجيال الجديدة. ويضيف: لم يكن يذكر لي أحدهم عندما أطلب منه أن يمدني بما لديه من أمثال سوى القليل وهو ما جعلني اصطادها من على ألسنتهم في مجالسهم ونوادرهم، حيث كان المثل الشعبي ينثال من على ألسنتهم في المواقف الطارئة، إذ كان يأتي في سياقه تماماً ودون تكلف فضلاً عن أن بعض المناطق الجبلية كانت أمثلتها تحوي كلمات صعبة لا يمكن فهما مما جعلني أنأى عن ذكرها في الكتاب وكذلك الأمثال التي كانت تعبر عن زجر قارع وتتضمن أقوالاً بعيدة عن المألوف. مكتبة تراث الإمارات بالنسبة للمشروعات التي يعكف على دراستها في الفترة المقبلة، مشروع «مكتبة تراث الإمارات»، ويقول عنه المزروعي: هي مكتبة ضخمة تتضمن إصدارات المركز وتشمل كتباً في شتى دروب المعرفة على أن تقدم خدمات جليلة للباحثين الإماراتيين وتمنحهم خصومات كبيرة ومثلهم في ذلك طلاب الجامعات والمدارس، فضلاً عن أن هذا المشروع سيزخر بالفعاليات ويحفظ على تعلم اللغة العربية وإثرائها في عقول الناشئة والشباب، وسوف تتضمن ندوات شعرية وجوائز سنوية لتكون قبلة جميع المثقفين الإماراتيين والموهوبين. مقتطفات من موسوعة الأمثال الشعبية الإماراتية «الرديف أقرب عن لمباري» الرديف: الذي يركب خلف الراكب على الناقة.. لمباري: أصلها المباري، وهو الذي يسير بموازاتك، سواء كان راجلاً أو راكباً أيضاً على مركوبة خاصة به. ومعنى هذا المثل الشعبي أن الرديف أقرب إليك من المباري، حيث إن له حقوقاً عليك لأنه يتحمل ما يحصل لك من شرّ، أو غيره، أما المباري فهو فقط رفيق درب وليس ملزما بك ويمكن أن يتوقف أو يفارقك في أي لحظة. تضرب هذه الحكمة الشعبية تأكيداً على أحقية القريب وإعطائه الأولوية في مسائل الحقوق والمساعدة وغيره، لأن الأقرب أولى من القريب والأول أبدا من الثاني، وهكذا والحكمة العربية تقول «الأقربون أولى بالمعروف».- «ريت من يكفي، ما ريت من يشفّي» ريت: أي رأيت - يكفّي: يؤدي ويقوم أي أنني وجدت من يقوم بأعمالي فقط ومساعدتي في مهامي ولكنني لم أجد من يشفي حاجتي، ويؤدي ما أريده في نفسي من عمل مميز كالذي أقوم به. يضرب هذا المثل الشعبي انتقاداً لمن يؤدي لك عملاً، ولكن ليس بالطريقة التي تقنعك. - «ريحانتك سبع، وخادمك سبع، ورفيقك سبع، وعقب لك، وإلا عليك» الريحان: النبات العطري المعروف. - رفيقك: صاحبك وصديقك. - عقب: أي بعد ذلك. - سبع: أي سبع سنوات. قول شعبي خاص بتربية الأبناء. - «الزين يعجبني، والنقد يغلبني» الزين: الشيء الحسن. - النقد: المال. - يغلبني: يهزمني ومعناه هنا ينقصني. والمثل جاء على لسان رجلٌ فقير لا يكفي ما عنده لشراء حاجياته، فالبضائع المعروضة جميلة ولكن النقود تنقصه لشرائها. يضرب تسلية في القناعة عند عدم المقدرة على شراء سلعة غالية الثمن. - «زينه مغطّي شينه» زينه: أي طيبته وأخلاقه وأدبه واحترامه. - شينه: عيبه. أي أن طيبته وأخلاقه وأدبه يغطّي على أي خطأ أو تصرّف غير موفّق يقوم به. يضرب هذا القول الشعبي تغاضياً عن أخطاء البعض تقديراً لهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©