الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«داود» يحكم بين الخصمين بفصل الخطاب

22 يوليو 2014 20:00
وصف الله سبحانه نبيه داود عليه السلام، بأسمى ما توصف به الشخصية المثالية، ذكر ملكه وسلطنته على الجبال والطيور، على وجه يمثل أقوى طاقة نالها البشر طيلة استخلافه على الأرض، أخبر بأنه أوتي الحكمة وفصل الخطاب، الذي يعد القضاء الصحيح بين المتخاصمين من فروعه وجزئياته، وكان داود قد قسم الدهر ثلاثة أيام، يوم يقضي فيه بين الناس، ويوم يخلو فيه لعبادة ربه، ويوم يخلو فيه بأهله وأشغاله، وعندما كان في محرابه، أمر أن لا يدخل عليه أحد ذلك اليوم، فلم يشعر إلا بشخصين قد تسورا المحراب، احتاطا به، يسألانه عن شأنهما. يخبرنا الله عز وجل بالقصة، في قوله: (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ *إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ *إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ *قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ *فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ*يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ. . . )، «سورة ص: الآيات 21- 26». قال المفسرون، كان داود عليه السلام جالسا في غرفته، إذ دخل عليه شخصان بغير إذنه، وكانا أخوين يملك أحدهما تسعاً وتسعين نعجة ويملك الآخر نعجة واحدة، وطلب الأول من أخيه أن يعطيه النعجة التي تحت يده، مدعياً كونه محقاً فيما يقترحه على أخيه، وقد ألقى صاحب النعجة الواحدة كلامه على وجه هيج رحمة النبي داود وعطفه، فقضى طبقاً لكلام المدعي من دون الاستماع إلى كلام المدعى عليه، وقال: (قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ. . . )، «سورة ص: الآية 24»، ولما تنبه أن ما صدر منه كان غير لائق بساحته، وان رفع الشكوى إليه كان فتنة وامتحانا منه سبحانه بالنسبة إليه (. . . فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ)، «سورة ص: الآية 24»، قال ابن كثير، قد ذكر المفسرون قصة أكثرها مأخوذ من الإسرائيليات، ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب اتباعه، ولكن روى ابن أبي حاتم حديثا، لا يصح سنده، وضعيف الحديث عند الأئمة، فالأولى أن يقتصر على مجرد تلاوة هذه القصة، وأن يرد علمها إلى الله عز وجل، فإن القرآن حق، وما تضمن فهو حق أيضاً. وقال ابن حزم في «الفصل في الملل والأهواء والنحل»، إنما كان ذلك الخصم قوماً من بني آدم بلا شك مختصمين في نعاج من الغنم على الحقيقة بينهم بغى أحدهما على الآخر على نص الآية، ومن قال إنهم ملائكة معرضين بأمر النساء، فقد كذب على الله عز وجل وقوّله ما لم يقل، وزاد في القرآن ما ليس فيه، وأقر على نفسه الخبيثة أنه كذب الملائكة، لأن الله تعالى يقول: (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ. . . )، «سورة ص: الآية 21». ويدل سياق الآيات التي روت قصة داود، على تنزيه داود عن القصة الواهية التي ذكرها البعض، حيث ذكره الله في مقام العبودية، فقال سبحانه: (. . . وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ)، «سورة ص: الآية 17». وقال الخازن في تفسيره «لباب التأويل في معاني التنزيل»، في فصل في تنزيه داود عليه السلام عما لا يليق به وما ينسب إليه، اعلم أن من خصه الله - تعالى - بنبوته وأكرمه برسالته وشرفه على كثير من خلقه وائتمنه على وحيه لا يليق أن ينسب إليه ما لو نسب إلى آحاد الناس، فكيف يجوز أن ينسب إلى بعض أعلام الأنبياء والصفوة الأمناء. اتباع الهوى وقال الشنقيطي في «أضواء البيان»، قد أمر الله نبيه داود بالحكم بين الناس بالحق، ونهاه عن اتباع الهوى، وأن اتباع الهوى سبب للضلال عن سبيل الله. وقال القاضي ابن العربي، وأما القول إنه حكم لأحد الخصمين قبل أن يسمع من الآخر، فلا يجوز على الأنبياء، كما أن هذا يتنافى مع ما وصف به من أنه أوتي فصل الخطاب. ويرجح العلماء، أن داود كان منفردا في محرابه للعبادة، وأن وقته هذا لا يدخل فيه عليه أحد، فلما دخل عليه الخصمان من غير المدخل - حيث تسورا المحراب - وفي غير وقت جلوسه للحكم، فزع منهما ظانا أنهما جاءا لقتله، فلما اتضح له أنهما في خصومة، ولم يقع ما كان ظنه استغفر من ذلك الظن، وخر ساجدا، فغفر الله له ذلك الظن. تحريم لحوم الحيوانات الميتة وقد تنتقل الكائنات الدقيقة للإنسان عن طريق الحيوانات، لذلك حرم الإسلام لحوم الحيوانات الميتة والدم ولحم الخنزير، والسباع والطيور الجارحة، والتي تتغذى على القاذورات، وقد أثبت العلم أن هذه الحيوانات ولحومها تشكل بؤرا لتجمعات هائلة وخطيرة من الكائنات الدقيقة الفتاكة بالإنسان. وقد كان عالم الكائنات الدقيقة غيباً في زمن النبوة وبعده حتى القرن الماضي، لكن التوجيهات الإسلامية في الطهارة والوضوء والغسل والنظافة في الملبس والمسكن وأماكن التجمعات، والتوجيهات في المأكل والمشرب والسلوك، لتشير كلها إلى هذه العوالم الخفية التي تعيش داخل أجسادنا وفوقها وحولها وتهاجمنا وتهددنا، موجودة وتتكاثر بأعداد فائقة وتصيب ملايين البشر. خارج الحدود عما إذا كان إخراج الزكاة باليد لمستحقيها أفضل أم عن طريق الجهات المعنية بتوزيعها، يذكر الحداد أن الأصل في أداء الزكاة أن يخرجها الإنسان بنفسه، ولأهل البلد الذين يشاهدون المال ويتطلعون إلى نيل شيء منه لسد حاجتهم، وهو ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لمعاذ رضي الله عنه: «تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم». وذهب الجمهور من أهل العلم، إلى صرفها لأهل البلد، حتى لا يتهم بعدم إخراجها، لكن أجاز بعضهم إخراجها خارج البلد إن كان إخراجها لمن هم أشد حاجة وفقراً، ولكن يتعين أن يكون ذلك عبر قنوات رسمية يؤمن معها أن تصل إلى مستحقيها ولا تخطئ هدفها. ومن أراد أن يخرج زكاته خارج البلد فليكن عن طريقه، إلا أن يكون للمرء أقارب ومعارف محتاجين وأمكنه ذلك بنفسه فهو أولى. الصدقة للقريب يؤكد الحداد أن الأقارب غير الأصول والفروع من الإخوان والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات وكل من لم تجب عليك نفقته يجوز أن يعطى من الزكاة إذا كان مستحقاً لها بأحد أوصافها الثمانية، وهم أولى من غيرهم في هذه الحالة، فإن الصدقة للقريب لها أجران، أجر الصدقة وأجر الصلة. استغفار داود وسجوده تشير الآيات إلى استغفار داود وسجوده:«وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ»، فالأنبياء عليهم السلام أولى الناس بهذه الأفعال الكريمة، والاستغفار فعل خير لا ينكر من ملك، ولا من نبي، ولا من مذنب، ولا من غيره، فالنبي يستغفر الله لمذنبي أهل الأرض، والملائكة يستغفرون للذين آمنوا (. . . رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ)، «سورة غافر: الآية 7»، وأما عن قوله تعالى: (. . . وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ. . . )، «سورة ص: الآية 24»، فقد ظن داود أن يكون ما آتاه الله من سعة الملك العظيم فتنة، فاستغفر الله من هذا الظن فغفره له إذ لم يكن ما آتاه من ذلك فتنة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©