الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العمل بأحكام الشرائع السابقة

العمل بأحكام الشرائع السابقة
22 يوليو 2014 20:00
لا خلاف إذا جاء في القرآن الكريم أو السنة الصحيحة حكم من الأحكام الشرعية التي شرعها الله لمن سبقنا من الأمم على ألسنة رسلهم ونص على أنها مكتوبة علينا، كما كانت مكتوبة عليهم فهي شرع لنا وقانون واجب اتباعه بتقرير شرعنا لها كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ. . . )، «سورة البقرة: الآية 183». ويقول الدكتور أحمد طه ريان - أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متعبداً بشرع من قبله، وكذلك أمته من بعده وهناك آيات كثيرة من القرآن الكريم تدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان مأموراً باقتفاء واتباع الأنبياء السابقين منها قوله تعالى: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ. . . )، «سورة الشورى: الآية 13»، تقرر هذه الآية وحدة الشرائع واتحاد أحكامها، فيجب العمل بأحكام الشرائع السابقة إلا فيما قام الدليل على أنه كان خاصاً بهم أو نسخ العمل به بشريعة الإسلام وقوله تعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ. . . )، «سورة النساء: الآية 163»، وقوله تعالى في سورة الأنعام بعد أن ذكر عدداً من الأنبياء والمرسلين: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ. . . )، «سورة الأنعام: الآية 90»، فقد أمره الله تعالى بالاقتداء بهدي الأنبياء السابقين وشرعهم من هديهم فوجب عليه اتباعه. وقال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)، «سورة المائدة: الآية 44»، ففي هذه الآية دلالة على أن أحكام التوراة قبل التحريف فيها هداية ونور ورحمة فما لم يصرح بنسخه منها يجب العمل به وقال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ. . . )، «سورة المائدة: الآية 48»، فكون القرآن مصدقاً لما قبله من الكتب يقتضي أن يكون ما جاء في هذه الكتب مما لم ينسخ صحيحاً ويجب العمل به على أن يؤخذ من مصادر الإسلام، حيث لم ينلها التحريف ولا التبديل، ولذا ختمت الآية الكريمة بقوله تعالى: (. . . فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ. . . )، «سورة المائدة: الآية 48»، فالذي نزل في التوراة من عند الله تعالى والذي حرفوه هم فهو الهوى الذي نوه عنه القرآن الكريم، ولذلك لما ترافع اليهود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الزاني المحصن سألهم عما في التوراة من حكم الزاني المحصن لا ليعرف الحكم وإنما ليلزمهم الحجة وليبين لهم أن شرع الله تعالى في هذه الجريمة لم يتغير. صيام يوم عاشوراء وروي في السنة النبوية المشرفة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك»، ثم تلا قوله تعالى: (. . . وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي)، «سورة طه: الآية 14»، وهو خطاب من الله تعالى لنبيه موسى عليه السلام فالاستدلال بهذه الآية الكريمة بعد ذكر الحديث يدل على أننا متعبدون بشرع موسى عليه السلام في هذه المسألة وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - في صيام يوم عاشوراء حين قدم المدينة ووجد اليهود يصومون هذا اليوم، فقال: «نحن أحق بموسى منكم وأمر بصيام هذا اليوم» وإن كان - صلى الله عليه وسلم - أمر بمخالفة اليهود في الشكل، حيث قال: «صوموا التاسع والعاشر ولا تشبهوا باليهود»، وهو نوع من الاستقلالية وعدم التبعية إلا أن محل الشاهد لا يزال قائماً وهو أصل الصيام. «خمساً لم يعطهن أحد قبلي» وجاء في حديث جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة» هذا الحديث الشريف يدل على أن أحكام الشرائع السابقة هي عدم حل الغنائم وعدم صحة الصلاة في غير المكان المعد لذلك وعدم صحة التيمم بالتراب الطاهر كل ذلك قد نسخ بالشريعة الإسلامية وأن كثيرا من الأحكام التي شرعها الله تعالى للأمم السابقة قد خفف الله عند التكليف بها لأن التكليف بها إنما كان نوعاً من العقاب بسبب بغيهم وعدوانهم ومن هنا أرشدنا سبحانه وتعالى إلى أن ندعوه بألا يحملنا إصراً ولا ثقلاً، كما كان في الأمم السابقة قال تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)، «سورة البقرة: الآية 286». (القاهرة - الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©