الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ثورة «أبينومكس».. تزلزل عملاقة الصناعة اليابانية

4 يوليو 2015 21:15
** أزمة الخسائر المتصاعدة وتدني الحصة السوقية العالمية تهدد كبرى المؤسسات الصناعية ** الحكومة تتصدى بشدة لمعارضة أكبر مجموعة ضغط يابانية وتصر على تنفيذ البرنامج ** بورصة طوكيو تنضم لحمة الإصلاح بإنشاء مؤشر للسلوك لقى ترحيباً من المستثمرين إعداد: حسونة الطيب أصدرت الحكومة اليابانية في الأول من يونيو 2015 قانون حوكمة الشركات، الذي يهدف لإحداث تغيير في مجالس إدارات الشركات من خلال تعيين أشخاص من الخارج، الشيء الذي تفتقر له العديد من الشركات في الوقت الحاضر. وهذه المرة الأولى التي تتدخل فيها حكومة يابانية في الشؤون الداخلية للشركات. وتعتبر هذه السياسة، واحدة من العناصر التي تشكل برنامج أبينومكس لرئيس الوزراء شينزو آبي، الخطة الرئيسية التي ترمي لإنعاش الاقتصاد الياباني. ويعتبر إصلاح الشركات بجانب سياسة التيسير النقدي لبنك اليابان، من أكثر العناصر المحسوسة في هذا البرنامج. وتصدت الحكومة بشدة لمعارضة كيدارين، أكبر مجموعة ضغط يابانية تقف ضد تنفيذ البرنامج. وسبق قانون الشركات، قانون آخر لمستثمري الشركات الذي بدأ العمل به في السنة الماضية، والذي يطالب الشركات بتحسين عائداتها. وانضمت بورصة طوكيو لحملة الإصلاح من خلال إنشاء مؤشر للسلوك، المبادرة التي وجدت ترحيباً كبيراً من قبل أفراد الشعب. ويرى المستثمرون اليابانيون والأجانب الآن، بوادر ثورة في طريقة تعامل الشركات مع حاملي الأسهم والعائدات. وينبغي أن يشجع ذلك هذه الشركات، على بذل الجهود الممكنة لتغيير استراتيجياتها. وتعتبر الشركات التي سلكت طريق التغيير الآن مثل «فانوك»، استثناءً وليس قانوناً، بصرف النظر عن تزايد عددها. ولا شك في أن اليابان في حاجة ماسة للتغيير. وأفرزت الحقبة الاقتصادية التي أعقبت الحرب شركات، مثل «سوني» و«شارب» التي أحكمت سيطرتها على الأسواق العالمية، رغم فقدان معظمها لهذه السيطرة في الوقت الحالي. وفي مجال الأجهزة المنزلية، قبعت هذه الشركات في المؤخرة تاركة المجال لشركات، مثل «آبل» الأميركية و«سامسونج» الكورية الجنوبية، و«هاير» الصينية. واحتلت الشركات اليابانية ولعدد من السنوات، مؤخرة القائمة لصالح شركات غربية، فيما يتعلق بمعايير الأرباح والعائدات والأسهم. وبدلاً من استثمار أرباحها بحكمة من أجل نمو أعمالها أو منح هذه الأرباح على الأقل للمساهمين، فضلت العديد من هذه الشركات تكديس السيولة النقدية في خزائنها. ومن المؤكد، أن اليابان ما زالت قادرة على تقديم شركات، مثل «يونيكلو» للأزياء التي تحقق نمواً مذهلاً، والشركات القوية التابعة لها، مثل «كينس» التي تعمل في إنتاج أدوات القياس عالية الدقة، يمكنها التربع على الصدارة. وتشير التقديرات إلى قلة الإقبال على ريادة الأعمال في ثالث أكبر اقتصاد في العالم، حيث لم تتعد نسبة الذين قاموا بإنشاء أعمالهم الخاصة في السنة الماضية، سوى 4% فقط، مقابل 14% في أميركا. ويسري شعور من الأزمة بين الشركات الكبيرة حول الخسائر المتصاعدة والتدني في حصة السوق العالمية، ما حث العديد منها على التفكير في مراجعة محافظها التجارية. وحولت «باناسونيك» تركيزها من الأجهزة المنزلية إلى تزويد مكونات السيارات والبيوت الذكية، بينما اتجه عدد كبير منها للخارج بحثاً عن فرص استحواذ. كما اتجهت العديد من الشركات للتخلي عن العرف الذي يقضي بتعيين مدراء من ذوي الخبرات الطويلة من داخل نفس الشركة، والاستعانة بخبرات خارجية أو حتى أجنبية. وكانت «هيتاشي» من أكثر الشركات التي استفادت من عمليات التغيير. وبينما سجلت في 2008 أكبر خسارة في تاريخ الشركات اليابانية، تمكنت وبفضل تغيير ثقافتها مثل تخصيص الأجور وفق الأداء وليس الأقدمية، والتحول من صناعة التلفزيونات ذات الشاشات المسطحة والهواتف النقالة وقطع الكمبيوتر، إلى بيع محطات الكهرباء وأنظمة السكك الحديدية، ارتفعت أرباحها التشغيلية في السنة المالية المنتهية في مارس الماضي، بنسبة قدرها 12% إلى 600 مليار ين (5 مليارات دولار). ويرى سيث فيشر، أحد المستثمرين النشطين، أن للدعم الحكومي تأثير كبير في تغيير سياسات الشركات، حيث يخطط للاستحواذ على شركتي كانون لصناعة الكاميرات، وكيوسيرا العاملة في إنتاج الأجهزة الإلكترونية والسيراميك. وساهمت الزيادة في نسبة الأسهم التي يملكها مستثمرون أجانب في شركات يابانية، في إرغام الشركات لتبني برامج التغيير. نقلاً عن: ذا إيكونوميست تكدس السيولة النقدية في الخزائن شراء الأسهم ورفع الفائدة.. أدوات جذب المستثمرين سلكت العديد من الشركات، غير المستعدة في الوقت الحالي لإحداث تغيير داخلي، طرقاً أخرى لجذب المستثمرين، من خلال إعادة شراء الأسهم ورفع الفائدة على عائداتها. وبلغ اجمالي إعادة شراء الأسهم في العام الماضي، نحو 3,7 تريليون ين، مسجلاً أعلى رقم منذ الأزمة المالية العالمية. ولا شك في أن طموح الحكومة، يتجاوز حث الشركات على توزيع جزء مما تكدسه من سيولة نقدية في خزائنها، حيث تتطلع لعودة قطاع الصناعة الياباني لساحة المنافسة العالمية. ويُلزم قانون حوكمة الشركات الجديد، المؤسسات على تعيين اثنين من الأعضاء على الأقل في مجلس الشركة من الخارج. وتقدمت خدمات حاملي أسهم المؤسسات، الهيئة الاستشارية للمديرين الأجانب واليابانيين بما يُعرف ب «تصويت الصناديق»، ضد المدراء في حالة فشل أي مؤسسة في تحقيق عائدات أسهم قدرها 5% على الأقل. لكن لم يتجاوز متوسط الشركات خلال الخمس سنوات الماضية، سوى 4,6%، ما حدا بالشركات المطالبة بخفض هذه النسبة. وفشلت نحو ربع الشركات المدرجة في مؤشر توبكس البالغ عددها نحو 1891 شركة، في تحقيق هذه النسبة في الوقت الحالي حتى الآن. وأكدت بعض المؤسسات الاستثمارية في اليابان مثل، الصندوق الحكومي لاستثمارات المعاشيين، على الاهتمام بالمؤشر الذي أصدرته بورصة طوكيو في العام الماضي الخاص بالسلوك، والذي تنضوي تحته 400 أفضل شركة من حيث عائدات الأسهم وبعض المعايير الأخرى. ولتفادي إساءة سمعة الشركة بإخراجها من المؤشر، بذل بعض مدراء الشركات جهوداً كبيرة بغية التغيير، حيث وعدت «أمادا» العاملة في صناعة الأدوات مثلاً، بتوزيع صافي أرباحها كافة على حاملي الأسهم على مدى العامين المقبلين. ويرى بعض الخبراء العاملين في قطاع الشركات اليابانية، أنه إذا اقتصر دور هذه الشركات على إعادة ضبط ميزانياتها من خلال عمليات مثل، إعادة شراء الأسهم، في الوقت الذي تفشل فيه في معالجة الأسباب التي أدت لسوء الأداء، سيعود عليها ذلك بخيبة أمل كبيرة. ومن ضمن ذلك، امتلاك هذه الشركات لمعدل كبير من الأسهم في شركات أخرى، الشيء الذي ساعد على حماية العديد من الشركات المتعثرة من مخاطر تعرضها للاستحواذ. وتعني هذه الأسباب فضلاً عن السلوك المعادي للحكومة اليابانية لحقوق حاملي الأسهم، قلة حجم عمليات الاندماج في اليابان بالمقارنة مع أميركا وبريطانيا. ويشدد تاكيشي نينامي، مدير شركة سنتوري للمشروبات، على ضرورة استفادة الشركات من هياكلها الضخمة واستغلال السيولة النقدية بحلول 2020 على أسوأ تقدير، وإلا فإنه لن يكن في مقدورها العودة لحلبة المنافسة مرة أخرى. مطالب بتسريح نصف المدراء الحاليين التعيين والأجور والترقيات.. في مرمى الحوكمة ربما يكون من أصعب مهام الإصلاح التي تواجه الشركات اليابانية، الطريقة التي يدار بها الأفراد. وتغيير ذلك، واحد من الأهداف الرئيسية لقوانين حوكمة الشركات التي أصدرتها الحكومة مؤخراً. وتقول الشركات، إنه ليس من المنطقي مطالبة الحكومة بتقديم عائدات سخية لحاملي الأسهم، في الوقت الذي تحظر فيه عدم تسريح فائض العمالة. وفي واقع الأمر، تساهم الشركات في اليابان، في جزء من رفاهية البلاد من خلال الاحتفاظ بأكثر من العدد المطلوب من العاملين. وتعلقت الشركات اليابانية بتقاليدها القديمة الخاصة بالعمل مدى الحياة في مكان واحد وترقية العاملين وتخصيص أجورهم وفق أقدميتهم، إيماناً منها بأن ذلك يعود عليها بالكثير من الفوائد. وفي حقيقة الأمر، ساعد ذلك في رفع مستوى الولاء، ومن ثم تشجيع الشركات على الاستثمار في تدريب الخريجين الجدد دون التخوف من الإغراءات التي ربما تقدمها لهم الشركات الأخرى المنافسة. ومع ذلك، ليس من الممكن خلق جيل من المدراء المطلوبين لإدارة قطاعات حديثة تعتمد على المعرفة والتقنيات الحديثة. ويقول أتول جويال، المحلل في مؤسسة جيفريز للوساطة المالية: "ليس من المنطقي على سبيل المثال أخذ مدراء من "جوجل" و"آبل" و"أمازون" ليحل محلهم آخرون تمت ترقيتهم وفقاً لقواعد طول مدة الخدمة بدلاً من المعرفة. وليس من المرجح لمثل هذه الشركات الاستمرار في مزاولة نشاطاتها بنجاح". وتبنت "هيتاشي"، التحول الذي يقضي بتحديد الأجور والترقيات حسب الأداء، الذي لم تعد تلعب فيه الجامعات المرموقة دوراً أساسياً. كما بدأت تسلك شركات أخرى تتضمن "تويوتا" و"سوني" و"باناسونيك"، نفس النهج. ويبدو أن الذين تسلقوا أعلى السلم الإداري في الشركات اليابانية، ليسوا من ذوي الأداء المميز، كما أن أجورهم أقل من مستوى نظرائهم في الدول الأخرى. وبينما بدأ عدد قليل من الشركات في التغيير، من المتوقع انتظار الطموحين من الشباب سنوات طويلة، حتى يتسنى لهم بلوغ قمة الهرم الوظيفي. وفي غضون ذلك، تظل الشركات اليابانية قابعة تحت قبضة الذين تم تعيينهم وفق التقاليد القديمة، الشيء الذي يثير حفيظة المدافعين عن إيجاد طرق أفضل للحوكمة والاستثمارات وقبول الدخول في المخاطر، بجانب ضرورة تسريح ما يقارب نصف مدراء الشركات الكبيرة الحاليين. وليس من المؤكد بعد، ما إذا كانت الشركات اليابانية مستعدة لاتخاذ الخطوات الضرورية الكفيلة باستعادة قوتها التنافسية في المحافل الدولية. وحتى الآن، يظل المناخ محفوفاً بالكثير من الشكوك. ويعود تاريخ آخر جهد حقيقي لفتح الشركات اليابانية لرؤوس الأموال والاستحواذات الأجنبية، لتسعينيات القرن الماضي وبداية الألفية الثانية، التي تلاشت في أعقاب انتهاء فترة رئيس الوزراء جونيشيرو كويزومي الذي اشتهر ببرامج الإصلاح. ونجحت الحكومة اليابانية هذه المرة في إقناع المستثمرين والشركات حتى الآن بضرورة التغيير. ومهما تكن حنكة الأجانب وقوة عزمهم، المحليون هم الذين يقررون ما إذا كان التغيير في مناخ أداء الشركات اليابانية، شيء دائم أم سحابة صيف عابرة. نقلاً عن: ذا إيكونوميست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©