علاء المشهراوي (غزة)
أبهر الطفل الفنان محمد محمود قريقع الجميع بموهبته المتميزة في الرسم مجسداً بريشته معاناة شعب فلسطين لا سيما في غزة من خلال لوحاته الفنية المبدعة، حيث أطلقت عليه وكالة دولية لقب بيكاسو الشرق الأوسط .
ومن داخل مرسمه البسيط المتمثل بغرفة على سطح منزل العائلة المتواضع في أحد أزقة حي الشجاعيّة شرق مدينة غزّة القديمة، قال محمد في حديثه الطفولي العذب لـ «الاتحاد»: لقد تمكنت حتى اللحظة من رسم أكثر من 500 لوحة فنية عُرض جزء كبير منها في معارض محلية ودولية نقلت للعالم معاناتنا كلوحة اللاجئين والأسرى وسلسة لوحات أحلام الطفولة للصلاة في رحاب المسجد الأقصى المبارك».
ويشار إلى أن محمد ابن عائلة من الطبقة الوسطى تقطن في حي الشجاعيّة وله ثلاث شقيقات وخمسة أشقاء يصفه شقيقه الأكبر مالك بالقول «موهبة محمد كفنان، ممتازة، أما موهبته كطفل يبلغ من العمر 12 عاماً، فهي خارقة للعادة».
البداية
وبرزت موهبة محمد، في الخامسة من عمره على يد شقيقه الأكبر مالك «25 عاماً» الذي لم يصدّق ما رسمه شقيقه الصغير وذلك عندما كان «يشخبط» بقلمه الرصاص على ورق دفتره فتخرج لوحة فنيّة، فساعده في الرسم وفي إيجاد أفكار للوحاته التي كان يرسمها بأقلام الرصاص والفحم فقط لتبدأ بعدها رحلة فنان مميز ومبدع في الرسم.
وتميزت موهبة محمد بعد ذلك برسوماته المتنوعة مستخدماً الفحم والألوان المائية والزيتية في رسم الصور الشخصية والطبيعية وثلاثية الأبعاد والتشكيلية، وساهم مالك شقيقه الأكبر في تعزيز الثقة في نفسه عبر دعمه بكل السبل وتطوير أفكاره التي ساهمت في توصيل رسائل مصورة ومعبرة تختصر آلاف الكلمات للناس وللعامة.
كما شارك الفنان الصغير في عدد من المبادرات الخيرية لمساعدة الأطفال عبر عرض عدد من لوحاته للبيع لمساعدة بيوت فقيرة ومشاركته في حملة للرسم على وجوه الأطفال المرضى في عدد من مستشفيات قطاع غزة لإدخال البهجة على محياهم.
الواقع الفلسطيني
ويؤكد قريقع أنه يأمل أن يمثل أطفال فلسطين في فنه ولوحاته، موضحاً يحرص على عكس صورة جيدة عن الواقع الفلسطيني خلال أعماله، حيث ظهر الرسام الصغير بشكل لافت خلال العرس الجماعي لأربعمائة عريس وعروس الذي رعته ومولته مؤسسة خليفة الإنسانية، حيث أبهر آلاف الحضور برسم صورة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، حيث استغرق رسمها 3 ساعات، وتعد من أكثر اللوحات التي يعتز بها، وهي تأتي تعبيراً منه وتقديراً من أهل غزة لمساهماته الإنسانية ومكرماته الأصيلة لأهالي قطاع غزة ولدور الإمارات الداعم لفلسطين.
ورسم الفنان قريقع صوراً شخصية لمعظم الشخصيات الوطنية والاعتبارية التي كان لها تأثير كبير في القضية الفلسطينية على مختلف الصعد، كما رسم ،رغم إمكانياته المتواضعة، العشرات من اللوحات الفنية التي تجسد الواقع الفلسطيني الصعب من احتلال وحصار وعدوان في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة، إلى جانب رسمه جانب التفاؤل والأمل الذي يحياه الشعب الفلسطيني.
نصف مليون إعجاب
ويفتخر محمد قريقع ببعض اللوحات المميزة التي كان رسمها في السنوات التسع الماضية منها لوحة الرجل العجوز ولوحة عصفور الدويري- الدوري- والتي حازت كلا منها أكثر من نصف مليون إعجاب.
وبدا الإرهاق على الفنان الصغير، وهو يسرد للاتحاد مسيرته الفنية حتى أن الذاكرة خانته في تذكر التفاصيل والتواريخ لإفراطه في العمل والسهر والتركيز في الرسم، حيث يسابق الزمن لتجهيز معرضه الذي سينطلق خلال أيام ليطوف العالم بالتنسيق مع وزارة الثقافة الفلسطينية. ويقول محمد وهو يرسم ابتسامة على وجهه الهادئ المكسو ببراءة طفولة ما زالت عالقة به «أنام وأصحو وأنا أحلم برسومات جديدة.. حياتي الآن أصبحت رسوماتي ولوحاتي.. كل ما هو حولي أفكار للوحات قديمة أو جديدة».
وشارك الفنان الصغير في 30 معرضاً منفرداً ومشتركا مع آخرين في قطاع غزّة، معظمها من تنظيم مؤسسات أهليّة وحكوميّة إضافة إلى معرض في العاصمة اللبنانيّة بيروت أقامته السفارة الفلسطينيّة هناك، وفي معرض آخر في جنوب أفريقيا من خلال عرض صور للوحاته فقط، حيث انه لم يستطع الذهاب شخصياً ولم يتمكّن كذلك من إرسال لوحاته.
مشاركة
ولم يُمنح الطفل الفنان تصريحاً للعبور إلى مدينة بيت لحم للمشاركة في رسم «جداريّة السلام في عيون الأطفال في ظل الاحتلال» في عام 2012، ما حرمه من مشاركة مجموعة من الأطفال الفلسطينيّين والأجانب في رسم الجداريّة، وتتمحور معظم رسومات محمد الورقيّة حول تجسيد شخصيات كرتونيّة يشاهدها على التلفاز، كذلك يحاول أن ينتج قصصاً خاصة به من خلال ابتكار شخصيات ورسمها وكتابة حوارات لها على شكل قصص مصوّرة قصيرة للأطفال.
ويحاول محمد بمساعدة شقيقه مالك التعلم عن طريق الإنترنت الطرق الجديدة في الرسم، وإيجاد أفكار ليجسدها في لوحاته من أجل تطوير إمكاناته في الرسم من خلال اطلاعه على رسومات فنانين آخرين،إضافة إلى متابعة مستمرة لتسجيلات فيديو متوفّرة على موقع «يوتيوب» تشرح طرق رسم شخصيات وأشكال ثلاثيّة الأبعاد «رسم المجسمات الحقيقيّة الموجودة في الطبيعة مع تبيان أبعادها الثلاثة»، ويعشق محمد العديد من الفنانين العالميّين، حيث يعتبر الفنان الهولندي فان غوخ ملهماً له، والفنان الأسباني بيكاسو مثله الأعلى لا سيما أنه يتشارك معه الرسم باليد اليسرى.
كادر// محمد.. وأحلام العالمية
يشتكي الفنان محمد محمود قريقع من عدم رعاية موهبته من قبل المؤسسات الرسميّة والأهليّة وقلّة الإمكانات الماديّة، التي تحرمه من شراء مستلزمات الرسم نظراً لارتفاع ثمنها، ما يدفعه إلى انتظار المؤسسات التي تطلب منه رسم لوحات لشرائها منه، لا سيما أن الظروف الأمنية والسياسية الاقتصاديّة الصعبة التي يعيشها السكان في قطاع غزّة جعلت الاهتمام بالفن أمراً ثانوياً يدخل في باب الرفاهية.
ولا ينسى محمد من خلال ملامح وجهه البريء وحركاته المفعمة بالنشاط أن يعرب عن أمنيته، لأن يُصبح فناناً عالمياً، كي يرفع صورة الوطن الجريح فلسطين في عنان السماء، وذلك ورغم صعوبات البيئة المحيطة فإن طموح الفنان الصغير، هو أن يدرس الفنون الجميلة في الكلية كي يطوّر من إمكاناته وموهبته ليصبح فناناً عالمياً.
ويضيف قائلاً : «أتمنى أن أعيش في خارج فلسطين، في مكان يتمّ فيه تقدير الفن والرسم.. مكان ألتقي فيه بفنانين عالميّين، ومشهورين».
كادر// على طريق الكبار
جدير بالذكر أن الفنان الطفل محمد قريقع غزة تم اختياره قبل عامين ضمن عشرين شخصية عربية إبداعية، حيث اختارته وكالة «scoopempire» في تصنيف حديث لعشرين شخصية عربية تحت سن العشرين عاماً مبدعة، وذلك من خلال عمله في قناة الكتاب الفضائية.
وتقول الوكالة وهي متخصصة بكل ما هو إبداعي ومميز إن قريقع يلقب ببيكاسو الشرق الأوسط بسبب موهبته الفنية المميزة رغم إنه لم يتجاوز ال 12 عاماً آنذاك، وفقد شارك في العديد من الأعمال الفنية التي أنتجتها قناة الكتاب الفضائية ضمن الفريق الفني العامل في القناة والتي كان آخرها مشاركتها في كليب مصر وغزة روح وجسد.
عدد اليوم
