السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مجزرة «ميندناو» اختبار لقضاء الفلبين

4 أكتوبر 2010 21:03
استؤنفت يوم الأربعاء الماضي محاكمة أحد أخطر أمراء الحرب في الفلبين بتهمة القتل العمد لسبعة وخمسين شخصاً أواخر شهر نوفمبر الماضي في واحدة من أسوأ الجرائم السياسية التي تشهدها البلاد منذ عقود، وذلك وسط مخاوف من الوتيرة المتباطئة للمحاكمة ومدى القدرة على حماية الشهود في هذه القضية. ويبدو أن المحاكمة قد تحولت إلى اختبار حقيقي للسلطات في مانيلا، ومدى قدرتها على محاسبة مرتكبي الجريمة في إحدى المناطق الأكثر فقراً وانفلاتاً من القانون، وهي منطقة تضم شريحة كبيرة من المسلمين الذين يشكلون أقلية مهمة في البلاد. وعلى رغم مرور كل هذا الوقت على ارتكاب الجريمة ما زال أكثر من مئة متهم طلقاء بمن فيهم أعضاء من عائلة "أمباتوان" التي وجُهت لها تهم بقيادة المجزرة الرهيبة التي استهدفت العائلة المنافسة لها.كما تعرض شاهد رئيسي في القضية إلى إطلاق رصاص أودى بحياته بالإضافة إلى خمس حالات مماثلة تعرض فيها الشهود للقتل، وهو ما دفع السلطات الأمنية إلى فرض حراسة مشددة على باقي الشهود للإدلاء بإفاداتهم أمام المحكمة التي تعقد جلساتها في أحد السجون المحصنة بالعاصمة مانيلا. ومن ضمن الضحايا الذين سقطوا في الجريمة 32 صحفيّاً انضموا إلى موكب العائلة المنافسة لتغطية عملية تقديم طلب الترشح في الانتخابات التي كانت ستجري في ولاية ميندناو الجنوبية، حيث اتصلت إحدى الضحايا بزوجها قبل مصادرة المختطفين للهواتف النقالة، وبدء عملية القتل الجماعي، لتبلغه بأن ميلشيا مسلحة اعترضت سبيل الموكب وأوقفته. وحسب رواية الادعاء فقد بادر المسلحون بعدها باقتياد أفراد الموكب إلى حقل وأطلقوا عليهم الرصاص ثم رموا جثثهم في قبر جماعي. وهذه المجزرة التي أودت بحياة عدد كبير من الأشخاص أثارت ضجة كبيرة على الصعيد الوطني الفلبيني، وذلك لما أبرزته من تحكم العائلات الكبيرة في "ميندناو" ذات الأغلبية المسلمة، في الحياة السياسية واقترافها لأفظع الجرائم الممكنة لتكريس سلطتها وسطوتها. والمشكلة أن السلطات في العاصمة مانيلا اعتمدت لفترة طويلة على ولاء تلك العائلات للبقاء في السلطة، وهو ما كانت تقوم به الرئيسة السابقة، جلوريا أرويو، التي استندت إلى عائلة "أمباتوان" للحصول على أصوات المنطقة الخاضعة لسلطة تلك العائلة ونفوذها وتأمين فوز الرئيسة في انتخابات عام 2004 التي شابها العديد من الخروقات. وتتهم بعض الأطراف المعارضة الرئيسة السابقة، التي تركت السلطة في شهر يونيو الماضي، برد الجميل إلى العائلة القوية في الجنوب. واليوم تعهدت الرئيسة الجديدة، بيننجو أكوينو، بتطبيق العدالة وتقديم المتورطين في تلك الجريمة للمحاكمة، وهو أمر يستصعبه المراقبون بالنظر إلى حجم القضية نفسها والأعباء الملقاة أصلاً على عاتق الجهاز القضائي، فبعد توجيه التهمة لمائتي شخص تقريباً، والكشف عن مئات الشهود المحتملين، لم تستمع المحكمة حتى اليوم إلا إلى شاهدين اثنين. ولتسريع الموضوع تقدم محامو الدفاع بالعديد من العرائض قبل انطلاق المحاكمة التي تسائل في البداية 19 متهماً في القضية بمن فيهم قائد المجزرة "أندال أمباتوان"، حيث من المتوقع أن تعقد المحكمة جلسة كل أسبوع. ومع ذلك صرح عضو مخضرم في مجلس الشيوخ بالبرلمان الفلبيني أن المحاكمة، بالوتيرة الحالية قد تستغرق 200 سنة. يُشار إلى أن الصراعات الدموية بين العائلات المتنفذة في جنوب الفلبين ابتليت بها منطقة "ميندناو" لسنوات طويلة، ولبسط سيطرتها على الوضع أرسلت الحكومة مباشرة بعد انكشاف أمر الجريمة قواتها المسلحة إلى المنطقة، وأعلنت حالة الطوارئ، كما اعتقلت أعيان العائلة وسط مخاوف من اندلاع أعمال عنف بين العائلتين المتخاصمتين. ولكن "إسماعيل منجوداتو"، زعيم العائلة المنافسة الذي فقد زوجته بالإضافة إلى 24 من نساء العائلة الأخريات، قال إنه لن يسعى إلى الانتقام وإراقة المزيد من الدماء. وكان أفراد من عائلته قد توجهوا إلى أحد المعاقل الرئيسية لعائلة "أمباتوان" في 23 نوفمبر الماضي لتقديم طلب الترشح في المنطقة، حيث شُكل الوفد الذي زار المنطقة من النساء اعتقاداً بأن أحداً لن يقوم بإيذائهن، وقد أكد زعيم العائلة المتضررة أنه يعتمد على القانون. ومن بين الشهود الذين استندت إليهم المحكمة في بناء القضية رجل نحيل يدعى "لاكمودين ساليو" الذي أمضى 23 سنة يعمل في بيت عائلة "أمباتوان"، حيث سبق أن أدلى بشهادة قال فيها إن العائلة خططت للمجزرة على مائدة العشاء في 17 نوفمبر من عام 2009. وقد أشار في معرض شهادته إلى أن "أندال أمباتوان" قال "سنبيد عائلة منجوداتو إذا جاءوا إلى هنا"، وعندما ناول محامي الدفاع المصحف للشاهد "ساليو" ليقسم عليه، أمسكه هذا الأخير ووضعه عاليّاً قائلا: "أقسم بالله العظيم أن عائلة أمباتوان مسؤولة عن الجريمة". وعلى رغم الأدلة التي تشير إلى العائلة بأصابع الاتهام يرى المراقبون أن قوتها لم تنته بعد، بحيث ما زالت تسيطر مع حلفائها على ثلثي المجالس البلدية في ولاية ميندناو. كما أن العديد من المسؤولين المحليين يدينون بالولاء لأندال أمباتوان الأب المحتجز حاليّاً في مانيلا، هذا بالإضافة إلى الصعوبات المرتبطة بالجهاز الأمني نفسه في ظل ما تشير إليه الأدلة من تورط بعض أفراده في المجزرة ومشاركتهم فيها، وهو ما يعقد الوضع أكثر ويصعب مهمة الادعاء. سيمون مونتليك مانيلا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©