السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشكلة الكهرباء... «أُم الأزمات» في العراق!

4 أكتوبر 2010 21:02
فيما تستعد القوات الأميركية للانسحاب النهائي من العراق بحلول عام 2011 مازال العراقيون يتساءلون عن الكهرباء وكيف سيتزودون بها عقب مغادرة الأميركيين؟ فبعد التعهدات التي قطعها بوش على نفسه عندما غزا العراق في عام 2003 بتوفير الخدمات الأساسية للعراقيين، بما فيها الكهرباء، يجد المواطنون أنفسهم بعد مرور سبعة أعوام من الاحتلال الأميركي أمام عجز حكومي واضح في تزويد المنازل بالكهرباء لتظل مشكلة الانقطاع المزمنة في العراق أحد المؤشرات القوية على الخلل المستمر في العمل الحكومي، ومصدراً لإحباط العراقيين المتواصل من تردي مستوى الخدمات إجمالاً وما يتعلق منها بالكهرباء بشكل خاص. وفي غياب محطات كهربائية مركزية يمكن الاعتماد عليها لتزويد المدن العراقية باحتياجاتها الأساسية تبرز المولدات الخاصة سواء تلك التي تزود المنازل منفردة وتعمل بالبنزين، أو التي توفر خدماتها لأحياء بكاملها وتعتمد على الديزل، بحيث يسمع صوت هذه المولدات بشكل ملموس في أنحاء المدن العراقية محدثة هديراً عاليّاً ما زال يذكر بحجم المشاكل العراقية المستعصية وبالوعود الأميركية التي لم تنفذ. والحقيقة أن انقطاع الكهرباء المستمر في العاصمة بغداد وغيرها من المدن، وما يترتب على ذلك من مكابدة العراقيين في تأمين احتياجاتهم الأساسية، يرجع إلى الفساد المستشري في دواليب الدولة وفشل السياسات التنموية، فضلاً عن تدهور الوضع الأمني وتصاعد حدة الهجمات التي تستهدف محطات توليد الطاقة، دون أن ننسى الصراعات الحكومية التي غالباً ما تغذيها عوامل طائفية تحد من قدرة الحكومة على توفير الخدمات الأساسية وترهنها للنزاعات السياسية. وعلى رغم إقالة وزير الكهرباء في شهر يونيو الماضي بعد تفاقم حالات انقطاع التيار وخروج الناس إلى الشارع احتجاجاً على قصور الأجهزة الحكومية وضعفها، فإن معاناة العراقيين لم تدرك نهايتها بعد، بل إن الوضع ظل على حاله. وفي هذا السياق يقول عادل البياتي (50 عاماً)، التاجر في مجال المولدات الكهربائية: "يتعين على العراقيين البحث عن بدائل أخرى للخروج من مأزق انقطاع التيار الكهربائي، ولن تكون هذه البدائل عند وزارة الكهرباء العراقية"! ويبدو أن البياتي وجد، بهذه الكيفية، طريقة جيدة لكسب رزقه مستغلاً قصور الأجهزة الحكومية في توفير الكهرباء للمواطنين، حيث يبيع مولدات كهربائية يتم تجميعها في العراق انطلاقاً من مكونات تجلب من مناطق مختلفة من العالم مثل قطع غيار أساسية تستورد من الصين ومحرك صغير لشركة "كيا" يجلب من الإمارات العربية المتحدة، وقد استطاع البياتي، عبر مراحل عديدة من التجربة والخطأ، التوصل إلى تجميع نموذج من المولدات قادر على تزويد الكهرباء لثلاثة منازل. ويبيع البياتي مولده في السوق العراقية بحوالي 2700 دولار وهو سعر جيد بالنسبة له وللمواطن العراقي العادي، ولاسيما أن تكلفته هي نصف تكلفة مولد مستورد بالكامل من الخارج. و في الأحياء الراقية من بغداد يعرض التجار مولداتهم التي يحرصون على وضعها في أقفاص قوية حتى لا تتعرض للسرقة، فيما تلجأ العائلات الأقل يسراً إلى الاشتراك في مولدات الأحياء التي تكلف بضعة دولارات في الشهر ضمن تعاونيات خاصة تابعة للأحياء. أما العائلات الفقيرة التي لا تستطيع توفير حتى تلك الدولارات فلا مناص لها من الاشتراك في شبكة تزويد الكهرباء الحكومية التي لا تضمن أكثر من ساعتين في اليوم! وعلى طول شارع الجمهورية في سوق سيد سلطان علي تمتد طاولات الباعة الذين يعرضون قطع الغيار الخاصة بالمولدات الكهربائية، وهو نشاط يشهد، حسب "محمد عباس ضيف"، أحد الباعة في السوق، ازدهاراً كبيراً بسبب إقبال الناس على إصلاح مولداتهم، ولكنه في الوقت نفسه يؤكد أن الوضع غير طبيعي، إذ يفترض في الحكومة تزويد المواطنين بالكهرباء. ويكسب "ضيف" البالغ من العمر 57 عاماً 25 ألف دينار في اليوم وهو ما يعادل 21 دولاراً، ومع أن المبلغ معقول بالمقاييس العراقية، إلا أنه يقول إنه يحن لحياته قبل عقد من الزمن عندما كان يستورد منتجات من لندن ويحمل بطاقة غرفة التجارة في بغداد، ويشتكي اليوم من أن المسؤولين يحاولون عرقلة عمله بدل تشجيعه. وعلى رغم الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة منذ عام 2005 لمساعدة العراق على مضاعفة إنتاجه من الكهرباء، إلا أن الطلب تزايد على نحو كبير بسبب ارتفاع الدخل الذي سمح للناس بشراء المكيفات والصحون اللاقطة وغيرها من الأدوات التي ضغطت على إمدادات الكهرباء، وتعمل وحدة المهندسين التابعة للقوات الأميركية في هذه الفترة على إكمال المشاريع المرتبطة بتوليد الكهرباء بتكلفة تصل إلى مئة مليون دولار. ولكن بعد إنفاق حوالي 6.4 مليار دولار على مشكلة الكهرباء في العراق دون جدوى بدأت الولايات المتحدة تتخلى عن مشاريع البنية التحتية الكبرى وتركز في مساعدتها الاقتصادية على مبادرات أكثر تواضعاً مثل تمويل القروض الصغيرة ودعم الشركات المتوسطة. ولا يخفي الجنرال "كيدال كوكس" الذي يشرف على وحدة المهندسين في العراق صعوبة توفير الكهرباء هنا، معترفاً بالوضع المتردي للخدمات والجهود التي يتعين على وزارة الكهرباء القيام بها، بل إنه أكد أن على العراقيين ألا ينتظروا رجوع الكهرباء لأربع وعشرين ساعة يوميّاً في أي وقت قريب. جانين زكري - بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©