الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاقتصاد الصيني... وضغوط المرحلة

5 يوليو 2013 22:17
زخاري كارابيل مؤلف كتاب «الانصهار الفائق: كيف أصبحت الصين وأميركا اقتصاداً واحداً» خلال الجزء الأكبر من العقدين الماضيين، كان ينظر إلى النمو الصيني بتشكك كبير في العالم المالي، وبقدر لا يستهان به من عدم الثقة في حقل السياسة الخارجية. ومع ذلك، وعند كل منعطف، كانت الصين تتحدى المتشككين وتمضي قدماً في طريقها وتتوسع أكثر، وإن كان بمعدل أقل قليلاً من معدل النمو السابق الذي كان يقترب من رقمين عشريين، وقد استمر طوال العقد السابق. ولبعض الوقت، اعتقد الكثير من المراقبين وكذلك مسؤولو الحكومة في بكين أن نمو بلدهم كان أسرع قليلاً مما يجب. ومع ذلك فإن التغييرات الاقتصادية الأخيرة، عززت من الاعتقادات السائدة على نطاق واسع أن صعود الصين الاقتصادي، كان مجرد وهم مبني على أسس غير دقيقة، تقوم على الكثير جداً من العقارات، والكثير جداً من الائتمان، والكثير جداً من الإنفاق الحكومي على البنية التحتية. وفي الأسبوع الماضي تجسدت تلك الهموم التي ظلت كامنة في صورة انبثاق مفاجئ للذعر والخوف من أن تكون المعجزة الصينية على وشك التحطم. وكان السبب في ذلك هبوط البورصة الصينية، إلى معدل متدنٍّ قياسي لم يسبق لها أن هبطت إليه منذ حدوث الأزمة المالية عام 2009. والأكثر مدعاة للتشاؤم أن الأسواق العالمية تجاوبت بشكل سريع، ونظرت بجدية -وليس من دون ردة فعل على الإطلاق، إلى إمكانية أن يكون انفجار الاقتصاد الصيني من داخله قد بات وشيكاً. وقبل الدخول في التفاصيل الدقيقة لما حدث الأسبوع الماضي دعونا نقرر ما يلي: أن الصين قد تحدت التوقعات لأنها عثرت حتى الآن على معادلة وظيفية، اقتصادية، سياسية معينة بصرف النظر عما إذا كنا قد أحببنا تلك المعادلة أم لا. والأكثر من ذلك، وعلى رغم بعض المنازعات البسيطة حول الجزر مع اليابان والفلبين فإن قيادتها تجنبت اتخاذ أي خطوات جذرية خاطئة في مجال السياسة الخارجية، يمكن أن تعرقل أهدافها الاقتصادية الداخلية. وكان هناك سببان تقريبيان للهلع الأخير: الأول أن معدلات الإقراض بين البنوك الصينية قد ارتفعت إلى مستويات عالية، منذرة بالخطر بعد أن بادر البنك المركزي الصيني «بنك الشعب الصيني» بالتلميح إلى أن الإقراض قد خرج عن نطاق السيطرة، ويحتاج إلى تقليص. والسبب الثاني التصنيف الذي أعدته محللة في مؤسسة «فيتش» للتصنيفات تدعى «شارلين شو» للنظام الائتماني الصيني، وقد بينت من خلاله أن الأرقام الرسمية التي تنشرها الصين تخفي وراءها التوسع الكبير لما يعرف بـ«بنوك الظل»، والتوسع في الائتمان في الصين، وأن مستوى ذلك التوسع قد وصل إلى نقطة حرجة في الوقت الراهن. وهو تقييم جاء في أعقاب تصنيف «فيتش» الذي خفضت من خلاله تصنيف الائتمان الصيني. قد تتذكرون ما حدث منذ عامين عندما خفضت «ستاندارد آند بور» تصنيف الولايات المتحدة الائتماني حيث هبطت الأسواق، وأصبحت اللعبة السياسية في واشنطن أكثر رداءة وحزبية، وقفز العديد من اللاعبين الإقليميين على عربة «ألم نقل لكم ذلك» مشككين من خلال ذلك في متانة وصحة النظام السياسي الأميركي. من جوانب عديدة، يعتبر هبوط الصين الذي حدث هذا الأسبوع -مع ما ترتب عليه من هزات إقليمية مصاحبة- قصة شبيهة بذلك إلى حد كبير. وقد شنت «شو» هجوماً كاسحاً على النظام المالي الصيني لما ينطوي عليه ذلك من تلاعب بالأرقام والقواعد المحاسبية. وخلصت «شو» إلى أنه ومن خلال تطبيق القواعد المحاسبية السليمة فإن الدَّين الصيني يصل إلى 23 تريليون مقارنة بـ9 تريليونات فقط منذ أربعة أعوام. والجزء الأكبر من هذا الدَّين هو دين مؤسساتي تم ضخ معظمه عبر الحكومات المحلية وبنوكها، للمؤسسات الكبرى المملوكة من قبل الدولة. وقالت «شو» في مقابلة مع الديلي تلجراف «ليست هناك شفافية في نظام بنوك الظل ولاشك أن الخطر المنهجي الناتج على ذلك في تصاعد مستمر». وتبدو حكومة الرئيس «تشي جين بنج» ورئيس وزرائه «لي كه تشيانج» مصممة على فطام الاقتصاد الصيني عن الاعتماد على الديون الميسرة والحوافز الحكومية، تماماً مثلما فعل «برنانكي» في الولايات المتحدة. وهناك بالطبع فارق بين الرغبة في عمل شيء والاستعداد لقبول النتائج السلبية التي قد تترتب على ذلك. وفي الأيام القليلة الماضية حاول المسؤولون الصينيون ومصرفيو البنك المركزي الأميركي تهدئة الأسواق قائلين: «لا تقلقوا نحن نريد أن نقلل من الاعتماد على النقود السهلة ولكننا لسنا على وشك القيام بذلك الآن بالضبط، وإنما نحن نطرح البذور». وليس هناك شك في أن نمو الصين سيقل عندما تصبح الدولة أكبر، وأكثر ثراء تماماً، كما حدث مع الولايات المتحدة الأميركية، ولكن الاقتصاد الصيني -المدفوع بالطلب المحلي الهائل، حتى إذ ما تباطأ، سيظل يمثل قصة نمو قوية، تتيح الفرصة لمئات الملايين من الصينيين لتحسين ظروف حياتهم المادية، وتمكن الدولة الصينية من توفير العديد من الفرص التجارية على المستوى العالمي. وحقيقة أن الصين ظلت تنمو لعدة سنوات بالمعدل السابق، وحتى مع معدل نموها الجديد الأقل، تعكس في حد ذاتها أكبر قصة نجاح اقتصادي في التاريخ. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©