الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما... «شراكة ندية» مع أفريقيا

5 يوليو 2013 22:16
كُرت شيلينجر محلل سياسي أميركي قبل خمسة عشر عاماً سافر كلينتون إلى أفريقيا حيث تحدث عن «شراكة جديدة». وبعد خمس سنوات على ذلك، سار على خطاه بوش الابن الذي شدد على«شراكة وثيقة» مع القارة. واليوم، ترك أوباما، الذي اختتم جولته الأفريقية الثلاثاء الماضي، توقيعه الخاص على العلاقات ما بين الولايات المتحدة وأفريقيا واصفاً إياها بأنها «شراكة ندية». من الناحية الخطابية، يمكن القول إن ذلك يليق بجولة إلى أفريقيا يقوم بها أول رئيس أميركي من أصل أفريقي. كما أن له رنيناً مغرياً بالنسبة للزعماء الأفارقة الحذرين من الشروط المربوطة بالمساعدات الاقتصادية الغربية والأولويات الأمنية. ولكن ما الذي يعنيه ذلك حقاً وكيف يمكن تحقيقه؟ الواقع أن قيام الزعماء الأميركيين بجولات في أفريقيا أضحى ميزة تميز الرئاسة الأميركية المعاصرة؛ وأخذ يبدو كعادة تقريباً يحركها واجب أخلاقي. وإذا كان أوباما قد أمضى 20 ساعة فقط في أفريقيا جنوب الصحراء خلال ولايته الأولى في البيت الأبيض، فإنه عاد بعد أربع سنوات على ذلك ليقوم بجولة دامت ستة أيام وشملت ثلاثة بلدان وفي جعبته مجموعة متواضعة من المبادرات العادية – التي يعد معظمها امتداداً لسياسات بدأها رؤساء أميركيون سابقون. ولكنه لا يرى حاجة إلى تنافس مع الصين على الموارد وحصص السوق في القارة. غير أن العديد من الأفارقة شعروا بأن أوباما عاملهم بنوع من الترفع والتعالي، هم الذين كانوا يتوقعون منه أن يجعل من أفريقيا واحدة من أولى أولوياته، وخاصة إذا علمنا أن كلينتون قام بفتح التجارة بين الولايات المتحدة وأفريقيا، وأن «بوش» قدم مساهمة مهمة من خلال برنامجه لمحاربة الإيدز. ولذلك، فإن تقديم أوباما لفكرة «الشراكة الندية» قد تجعل الأفارقة - على نحو يمكن تفهمه - يتساءلون بشأن ما يعنيه ذلك. فأن نقول إن الولايات المتحدة والدول الأفريقية أنداد هو، من حيث الأرقام، أمر غير معقول، إذ على الرغم من أن ستة من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم توجد في أفريقيا، فإن قائمة المشاكل الأفريقية تظل طويلة على نحو يبعث على الإحباط. ذلك أن أغلبية البلدان الأفريقية مازالت تحتل المراتب الأخيرة في تصنيف منظمة الشفافية الدولية للفساد. كما أن 39 من 54 دولة أفريقية مازالت تستورد الطعام؛ وثلاثة أرباع كل قوات حفظ السلام الدولية المنتشرة في العالم توجد في أفريقيا؛ ومتوسط أمد الحياة في أفريقيا جنوب الصحراء هو 52 عاماً. ثم إن حقوق الإنسان، والديمقراطية، وحكم القانون مازالت لم تحصل لها على موطئ قدم بعد في العديد من الدول الأفريقية. والأكيد أن أوباما يدرك كل ذلك. فلثاني مرة خلال رئاسته، اختار أوباما ألا يقوم بزيارة دولة إلى كينيا، بلد والده، تجنباً لإعطاء تأييد رسمي للعنف المدعوم من الدولة؛ ذلك أن الرئيس الكيني الجديد يواجه تهماً في المحكمة الجنائية الدولية تتعلق بأعمال عنف انتخابية أسفرت عن مقتل 1300 شخص ونزوح مئات الآلاف في عام 2007. كما حث أوباما السنغال، التي شكلت محطته الأولى وحيث تعتبر المثلية جريمة يعاقب عليها القانون، على أن تصبح أكثر تسامحاً. وفي جنوب أفريقيا، يعاني المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم – حزب نيلسون مانديلا– من انعدام الكفاءة والفساد. كما أن رئيسه، جاكوب زوما، واجه تهم الاغتصاب واتهامات متكررة تتعلق بالكسب غير المشروع. غير أن الأيام التي كانت توصف فيها أفريقيا بأنها قارة ميؤوس منها ولت. فحجم أسواقها ووفرة مواردها يضمنان أهمية أفريقيا كشريك اقتصادي على المدى الطويل؛ وموقعها في العالم يجعل منها شريكاً استراتيجياً مهماً في احتواء التهديدات الأمنية الدولية. والواقع أن لا شيء يضاهي زيارة دولة في التعبير عن تلك الشرعية والأمل، غير أن جولة أوباما الأفريقية الأخيرة تفرض عقد مقارنة لا مفر منها، ذلك أن تجارة الصين مع أفريقيا، مثلا، تمثل ضعف حجم التجارة الأميركية معها. كما أن الرئيسين الصينيين السابق والحالي قام بثماني زيارات دولة خلال فترة رئاسة أوباما؛ وبكين تتفوق على واشنطن في التجارة الثنائية مع تنزانيا (2?47 مليار دولار مقابل 360?2 مليون دولار)، ثم إن المبادرة الأفريقية الجديدة الرئيسية -7 مليارات دولار لمشاريع تتعلق بتوسيع شبكة الكهرباء في أفريقيا- مازالت أقل بملياري دولار من كلفة المرحلة الأولى فقط من مشروع طموح للطاقة الكهرومائية من المرتقب أن يبدأ في عام 2015 على نهر الكونجو. والحقيقة أن المساعدات الخارجية الأميركية إلى أفريقيا ارتفعت بين عامي 2006 و2010 أضعافا تقريباً. غير أن التركيبة السكانية تبرز الحاجة إلى تجاوز المقاربة القديمة التي تقوم على المساعدات. فبحلول عام 2025، من المرتقب أن يشكل الشباب في أفريقيا 25 في المئة من سكان العالم، ووفق الاتحاد الأفريقي، وهذا أمر يمكن أن يُنظر إليه كعبء ثقيل - أو كمورد مهم. إن الازدياد السريع في المنافسة الدولية على الأسواق والموارد الأفريقية يعني أن القارة يمكنها أن تراهن على تدفق مضطرد للأموال من عدد من الاتجاهات. وإذا كانت الولايات المتحدة قد أضاعت امتيازها في القارة خلال العقد الماضي، فإن الرسالة من وراء الشراكة الندية التي يقول بها أوباما ينبغي أن تتمثل أيضاً، هي كون الأفارقة يتحملون مسؤولية مشتركة عن الاستقرار الاقتصادي على القارة وعليهم أن يرفعوا مستوى اللعب ويحسنوا الأداء. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©