هل نعيد النظر؟

ما الذي يجعلنا نتشكك في مصداقية حارس مرمى النادي الأهلي عبيد الطويلة عند اعترافه، بأنه احتك بلاعب نادي العين؟، ما الذي يجعل أغلب الشارع الرياضي يجزم بأن الطويلة ما كان ليسجل اعترافه هذا، لو لم يكن فريقه قد خرج فائزاً بالمباراة؟، ما الذي يجبر عبيد على أن يذكر المشككين في مصداقيته بأن “تربيته تحتم عليه أن يكون صادقاً فائزاً كان أم مهزوماً”؟. هذه أسئلة قد يرى البعض بأنها ليست بالمهمة لدرجة أنها لم تخطر بباله قط، ولكن هناك من يأخذها على محمل الجد لدرجة تجعله يدرجها كأحد المحاور عندما يناقش قضية الهوية الوطنية. الذي يستغرب طرح مثل هذه الأسئلة يرى أن كرة القدم مجرد لعبة! يسود فيها منطق “الذي تكسب به، العب به” التي تردد كلما سقط لاعب يتلوى وإحدى عينيه مفتوحة تنظر للحكم للتأكد من أنه سيوقف اللعب، لعبة يعلو فيها شعار “من له حيلة فليحتال” التي يحيون بها لاعب خدع الحكم وحصل على ضربة جزاء، وآخر يوصف بأنه ذكي لأنه أوهم الحكم بأن منافسه اعتدى عليه ليتسبب في طرده، لعبة تمر فيها مرور الكرام عبارات تعتبر احترام اللاعب للحكم، وقراره اعتراف منه بأنه ارتكب الخطأ، في تحريض ـ لا فرق أن كان مقصوداً أم لا ـ على الاحتجاج على قرارات الحكم!. أما الذين يرون أن المسألة تحتاج إلى إعادة نظر فهم يرون كرة القدم ثقافة أو كما يعبر عنها “الفيفا” في رؤيته “أسلوب حياة”، وعلى كل شعب أن يمارسها ويتعاطى معها انطلاقاً من معتقداته وموروثاته ومنطلقاته الفكرية والأخلاقية السائدة، إضافة إلى التزامه بإطارها المهني الاحترافي الذي يعلي من شأنها وشأن المنتسبين إليها، كرة القدم ليست هي نفسها في كل مكان ومقولة “هذا يحدث في كل ملاعب العالم” مقولة ليست دقيقة، ويجب ألا نركن إليها ففي أوروبا مثلاً المستهجن في إنجلترا قد تراه مرفوضاً فقط في دوري آخر ومسكوتا عنه في بلد ثالث، ونحن شعب له قيمه وموروثاته التي يفاخر بها ويميزه بها الآخرون عن بقية الشعوب ومن واجبنا أن نبقى إماراتيون في كل الأحوال وفي كل المواقع وندرك أن كرة القدم أهم وأكبر بكثير من مجرد لعبة. عناوين من يتابع الدوري الإنجليزي يلاحظ أن اللاعب يعتبر تحايله عاراً لا يقبل أن يلصق به، والشارع الرياضي يعتبره ذنباً لا يغتفر . ثقافة كرة القدم حققت نصراً مشرفاً في الجولة الخامسة من الدوري، نصر رفع من شأن الإصرار والجد و”حب المهنة”، وكرم نجوماً اخلصوا لكرة القدم وقدروها حق قدرها. قذيفة فهد مسعود الصاروخية ورأسية غريب حارب الرائعة وهدفي محمد سرور الجميلين وهدف الكاس الأجمل لم تجتمع في نفس الأسبوع صدفة، فهذا بعض مما يمكن أن يفعله الاحتراف. Waleed67@eim.ae