الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عباد بن بشر .. صاحب العصا المضيئة

عباد بن بشر .. صاحب العصا المضيئة
22 يوليو 2014 15:10
صحابي جليل، عابد زاهد، من سادة الأوس، وأحد البدريين - أي شهد غزوة بدر - أسلم في المدينة المنورة قبل هجرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إليها، وكان إسلامه على يد مصعب بن عمير عندما أرسله النبي ليعلم الأنصار أصول الإسلام، ولم يتجاوز وقتها الخامسة والعشرين من عمره. هو عباد بن بشر بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل، بعد الهجرة النبوية إلى المدينة آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة رضي الله عنهما، وشهد جميع الغزوات مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأبلى فيها بلاء حسنا. قالت السيدة عائشة - رضي الله عنها -: «ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد يعتد عليهم فضلاً كلهم من بني عبد الأشهل سعد بن معاذ وعباد بن بشر وأسيد بن حضير»، وذات مرة تهجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت عائشة - رضي الله عنها - فسمع صوت عباد بن بشر فقال: «يا عائشة هذا صوت عباد بن بشر» قالت: نعم قال النبي: «اللهم اغفر له»، وعن أنس بن مالك أن أسيد بن حضير وعباد بن بشر كانا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ليلة ظلماء، فلما خرجا من عنده أضاءت عصا أحدهما، فكانا يمشيان في ضوئها، فلما تفرقا أضاءت عصا هذا وعصا هذا. وكان عباد - رضي الله عنه - أحد قتلة كعب بن الأشرف اليهودي، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات مزينة وبني سليم، وجعله على حرسه في غزوتي الأحزاب وتبوك، وكان كبير القدر والمقام عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعند جميع المسلمين. وقيل فيه عند حراسته لقبة الرسول في غزوة الأحزاب: من ينم فابن بشر سـاهر لم ينـم. 3 سهام في جسده وفي غزوة ذات الرقاع كان عباد وعمار بن ياسر - رضي الله عنهما - يحرسان المسلمين في الليل، وقد اتفقا على أن يحرس عباد الشطر الأول من الليل وياسر الشطر الأخير، وخلال حراسته قام ليصلي فرأى احد المشركين عباد من بعيد منتصباً على فم الشعب وعرف أن النبي بداخله وأنه حارس القوم، فوتر قوسه وتناول سهما من كنانته رماه به فوضعه فيه فانتزعه عباد من جسده، ومضى في تلاوته غارقاً في صلاته فرماه الرجل بآخر فوضعه فيه فانتزعه كما انتزع سابقه، فرماه بثالث فانتزعه كما انتزع سابقيه، وزحف حتى غدا قريبا من صاحبه ياسر وأيقظه قائلاً: انهض فقد أثخنتني الجراح، فلما رآهما الرجل ولى هارباً. والتفت عمار بن ياسر إلى عباد بن بشر فرأى الدماء تنزف غزيرة من جروحه الثلاثة، فقال له: سبحان الله هلا أيقظتني عند أول سهم رماك به؟ فقال عباد: كنت في سورة أقرأها فلم أحب أن أقطعها حتى أفرغ منها، وايم الله لولا خوفي أن أضيع ثغراً أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظه لكان قطع نفسي أحب إلى من قطعها. رؤيا استشهاده وفي حروب الردة، بعد وفاة الرسول - عليه الصلاة والسلام - حمل عباد مسؤولياته في استبسال منقطع النظير، وفي موقعة اليمامة التي واجه المسلمون فيها جيشاً من أقسى وأمهر الجيوش تحت قيادة مسيلمة الكذاب أحسّ عبّاد بالخطر الذي يتهدد الإسلام، وقبل أن تبدأ معركة اليمامة بيوم، رأى في منامه رؤيا. وقص أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - الرؤيا التي رآها عبّاد قائلاً: قال لي عباد بن بشر يا أبا سعيد رأيت الليلة، كأن السماء قد فرجت لي، ثم أطبقت عليّ، وإني لأراها إن شاء الله الشهادة. فقلت له: خيرا والله رأيت. وانني لأنظر اليه يوم اليمامة، وانه ليصيح بالأنصار: احطموا جفون السيوف، وتميزوا من الناس. فسارع إليه أربعمئة رجل، كلهم من الأنصار، حتى انتهوا إلى باب الحديقة، فقاتلوا أشد القتال، واستشهد عباد بن بشر رحمه الله، ورأيت في وجهه ضرباً كثيراً، وما عرفته إلا بعلامة كانت في جسده. وكان عباد - رضي الله عنه - حينها في الخامسة والأربعين من عمره. شديد الولاء لله ورسوله وكان عباد بن بشر - رضي الله عنه - شديد الولاء والحب لله، ولرسوله ولدينه، ومنذ سمع النبي - عليه الصلاة والسلام - يقول مخاطباً الأنصار وهو منهم: «يا معشر الأنصار أنتم الشعار، والناس الدثار فلا أوتيّن من قبلكم»، ظل يبذل روحه وماله وحياته في سبيل الله وفي سبيل رسوله، ففي مواطن التضحية والموت، يجيء دوماً أولاً، وفي مواطن الغنيمة والأخذ، يبحث عنه أصحابه في جهد ومشقة حتى يجدوه. وهو دائماً: عابد، تستغرقه العبادة، بطل تستغرقه البطولة جواد، يستغرقه الجود، مؤمن قوي نذر حياته للدفاع عن الإسلام.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©